السيدة خديجة عليها السلام.. المرأة المضحية
نعم،... اجتمع شمل محمد وخديجة، وتأسّست الأسرة، وبني البيت الذي يغمره الحبّ والسعادة والحنان والدفء العائلي والتفاهم، فقد كانت خديجة أوّل من آمن بدعوة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وبذلت كلّ ما بوسعها من أجل أهدافه المقدّسة، وجعلت ثروتها بين يدي الرسول صلّى الله عليه وآله وقالت: جميع ما أملك بين يديك وفي حكمك، اصرفه كيف تشاء في سبيل إعلاء كلمة الله وترويج دينه.
يقول هشام: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يودّها ويحترمها ويشاورها في أموره كلّها، وكانت وزير صدق، وهي أول امرأة آمنت به، ولم يتزوّج في حياتها أحداً(1).
ويروى عن الرسول صلّى الله عليه وآله إنه قال: ((... وخير نساء أمتي خديجة بنت خويلد))(2).
وفي الصحيحين أن عائشة قالت: ما غرت على أحد من نساء رسول الله ما غرت على خديجة، وما رأيتها قطّ، ولكن كان رسول الله يكثر ذكرها، وربّما ذبح الشاة فيقطع أعضاءها ويبعث بها إلى صدائق خديجة. فأقول: كأنّه لم يكن في الدنيا امرأة إلاّ خديجة؟
فيقول: إنّها كانت، وكان لي منها الأولاد.
وفي رواية عن عائشة قالت: فأدْرَكَتْني الغيرة يوماً فقلت: وهل كانت إلاّ عجوزاً قد أخلف الله لك خيراً منها، قالت: فغضب حتى اهتزّ مقدّم شعره وقال: والله ما أخلف لي خيراً منها، لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وصدّقتني إذ كذبني الناس، وأنفقتني مالها إذ حرمني الناس ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء.
قالت: فقلت في نفسي: والله لا أذكرها بسوء أبداً(3).
وقد ورد في الرواية أن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: يا محمد، هذه خديجة قد أتتك، فأقرأها السلام من ربّها، وبشّرها ببيت في الجنة من قصب(4) لا صخب فيه ولا نصب))(5).
الهوامش:
(1) تذكرة الخواص تأليف سبط بن الجوزي طبعة النجف ١٣٨٣ ص ٣٠٢.
(2) تذكرة الخواص تأليف سبط بن الجوزي طبعة النجف ١٣٨٣ ص ٣٠٢.
(3) المصدر السابق، تذكرة الخواص ص ٣٠٣.
(4) القصب: الجواهر المستطيلة، الزمرد.
(5) المصدر السابق، تذكرة الخواص ص ٣٠٢.
المصدر: من كتاب فاطمة الزهراء المرأة النموذجية في الإسلام، الشيخ إبراهيم الأميني، ترجمة: علي جمال الحسيني.
