ركعت إلي جنب تابوتك..
كان الجميع موجودين..
فانثنيت بهدوء وقبّلت وجهك الضاحك..
انتقل جفاف مدهش إلي شفتي..
واجتاح إحساس العطش كل كياني..
فتحت زرين من أزرار ثوبك صعدت فانيلتك التي كانت قد تثقبت..
فكانت الرصاصة مستقرة تماماً في قلبك..
لم أرغب في عدم لمس قلبك فانثنيت وقبلت قلبك الدامي..
ومرة أخرى أحاط بي إحساس العطش..
نظرت إلى شفتيك المتفطّرتين ومرة أخرى أحسست العطش..
وقفت إلى جانب تابوتك بشكل هادئ... فكان الجميع ينتظر كلامي..
- مهدي عطشان..
لقد كان عطشاناً عند استشهاده...
كنت قد آتيت لي عطر الياس من مشهد..
كان ذلك العطر معي..
أعطيته لأحد الأفراد الموجودين حولي..
- عطروا جسم ولدي العطشان.
كان جسمك قد تعطّر كعطر طيور حرم الإمام الرضا (ع). وفي لحظة واحده عندما نظرت إلي وجهك مرة أخرى شاهدت ضحك شفاتك... الضحكة التي كانت ممزوجة بالارتواء.
عندما كان أبوك يعطي زجاجة العطر الفارغة قلت له:
مهدي عطشان.. عطروا شفتيه.
- ما هذا الكلام يا امرأة.
- قسماً بالله استشهد ولدي عطشاناً.
وذهب والدك بين الحشد. لعله لم يقبل كلامي..
لكني كنت واثقة.. حتى جاءتني أختك فاطمة يوم تشييع رفاتك وكأنها كانت تحمل خبراً ساراً.
- تتعهدين لي بعدم الانزعاج؟
- أتعهد لك بأن لا أنزعج.
- شاهدت مهدي في المنام كان نائماً، بثوب نومه، فجلست إلى جانبه..
كانت له حالة خاصة..
يسطح منه النور..
كان واضحاً من تصرفاته بأنه كان ينتظر قدومي..
فقال لي أهلا وسهلاً بك..
وبعد لحظات قال لي: فاطمة قلت له: نعم قال: اخرجي لسانك من فمك.
سألته باندهاش لماذا؟
قال ضاحكاً: ضعيه على لساني لأني عطشان.
وضعت لساني على لسانه، وبعد فترة قال ارفعي لسانك..
لقد زال عطشي..
لقد أفرحت فاطمة قلبي بروايتها حلمها..
فرح قلبي لأنك كنت قد ارتويت..
وما ذلك العطر...