تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
"علية السنديانة العامليّة.. تقديم راية الإمام الرضا عليه السلام للحاجة عفاف الحكيم تكريماً لها حفل توقيع كتب "علية السنديانة العامليّة"، "دار سكنة" و "ذات أحلام وسفر" حفل توقيع كتابي "دَار سُكنة"و"ذاتَ أحلامٍ وسَفَرَ" جديدنا "ذاتَ أحلامٍ وَسَفَر" "دار سُكنة.. [أيقونة جبشيت] سيرة والدة الشهيد القائد الشيخ راغب حرب" تقرير مشروع رداء النور بمناسبة ولادة الإمام الحسن (ع) رئيسة الجمعيات الحاجة عفاف الحكيم تشارك في "مؤتمر الدولي السيدات والقدس الشريف" الذي عُقد نهار الخميس بتاريخ 06 أيار 2021م بيان استنكاري من الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي بالتفجير الإرهابي الذي حصل في كابول في 6 أيار 2021 تقرير مشروع  "رداء النور" بمناسبة ولادة الإمام المهدي (عج) في منطقة حام، زبود، الجوبانية ورام..
بأقلامكم خدمة RSS صفحة البحث تواصل معنا الصفحة الرئيسة

 




 

 
فلاشات إخبارية
الضوابط الأخلاقية للسلوك الجنسي
الجنس... علاقة طاهرة أم خطيئة في الأصل؟
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

الجنس... علاقة طاهرة أم خطيئة في الأصل؟


يكون غريباً عنّدنا نحن المسلمين الذين نعتقد بأنّ العلاقة الزوجية هي من إحدى الدلائل البارزة لوجود الله سبحانه وتعالى(1)، أن نقرأ أو نسمع بأنّ هناك شرائع تعتبر العلاقة الجنسية شراً في الأصل، أو تصور المقاربة حتى بين زوجين شرعيين أو قانونيين بأنّها سبب للضياع والسقوط!
والأعجب من هذا ادّعاؤهم بأنّ القدماء قد ساد عندهم هذا الوهم ففي هذا المجال يقول الفيلسوف الاجتماعي المشهور برتراند راسل بوجود: "مذاهب في العصور القديمة خالفت مبدأ الجنس. وإنّ هذه الفكرة كانت تلقي رواجاً بالأخص في المناطق التي سادت فيها الديانتان المسيحية والبوذية. وأنّ "سرتارك" يذكر لنا نماذج من نوع هذا التفكير العجيب القائل بأنّ الخبث والضياع أمران ملازمان لكل علاقة جنسية.
وفي المناطق التي عاشت بعيدة عن تأثير الديانتين البوذية والمسيحية ظهرت مذاهب ووجد رهبان دعوا أيضاً إلى التبتّل والعزوبة. ومثال ذلك "الأسنيتيون" عند اليهود. وبرزت على هذا المنوال حركة عامة في العصر القديم دعت إلى التنسك والزهد. واحتلت طريقة الكلبيين محل طريقة أبيقور في اليونان وفي روما المتحضرتين. كما أنّ أتباع أفلاطون الجدد انكبّوا على الرياضة الروحية والتنسك بقدر ما فعل الكلبيون في هذا المجال.
وانتشرت من إيران نحو الشرق عقيدة أنّ المادة هي أسس الضياع. كما ظهر إزاءها الاعتقاد بأنّ كلّ علاقة جنسية هي غير طاهرة. كما أنّ الكنيسة المسيحية تبنت هذا الرأي مع إجراء بعض التعديلات عليه"(2).
لقد عانت ضمائر أعداد عظيمة من البشر ولعدة قرون من التأثير الرهيب والكريه لهذا الاعتقاد، كما يعتقد الباحثون النفسيون بأنّ ذلك أدى إلى كثير من حالات الاضطراب النفسي والأمراض العصبية التي يندر أن يكون لها مثيل.
إذنّ ما هو الأصل في ظهور مثل هذه الأفكار والعقائد؟ ما الذي يدفع بالجنس البشري أن يسيئ الظنّ بشيء يحبّه ويميل إليه، بل في الحقيقة يدين بجزء من وجوده إليه؟ لقد حاول المفكرون تفسير ذلك ولسنا الآن بصدد البحث فيه. وقد يكون لأسباب مختلفة دخل في تمسك البشر بمثل هذه الأفكار.
وعلى ما يبدو فإنّ فكرة خبث "العلاقة والمقاربة الجنسية" راجت عند المسيحيين لهذا الحدّ بسبب تفسير من جانب الكنيسة في بداية تأسيسها حول حياة العزوبة التي عاشها عيسى المسيح. فقد قيل بأنّ المسيح عاش أعزباً بسبب الخبث الذاتي الموجود في العلاقة الجنسية. ولذلك فإنّ رجال الدين المسيحيين عرفوا الارتقاء إلى المراتب الروحية العالية بعدم المخالطة مع المرأة طيلة حياة الفرد، كما أنّ البابا يجب أن ينتخب من بين أناس لم يخالطوا النساء مطلقاً. ورجال الكنيسة يعتقدون بأنّ التقوى تقتضي من الفرد الابتعاد عن الزواج. وفي هذا الصدد يقول "راسل": نجد في رسائل القديسين وصفين أو ثلاثة أوصاف جميلة عن الزواج ولكن رجال الكنيسة قد ذكروا الزواج بأقبح الأوصاف 
وكان الهدف من الرياضة الروحيّة إعداد رجال متقين، وعلى هذا الأساس كان يجب أن يُعدم الزواج الذي يحمل طبيعة دنيئة. "اقلعوا بالفأس شجرة الزواج" هذه عقيدة راسخة يتبنّاها "سن جروم" فيما يخص هدف التقدس(3).
إنّ الكنيسة تُبيح الزواج من أجل الإنجاب. ولكن هذا لا يكفي لإزالة الخبث الذاتي عن عملية الزواج أو "العلاقة الجنسية" في نظر الكنيسة.
أمّا السبب الآخر لإباحة الزواج، هو اختيار أهون الشرين للحيلولة دون العلاقات الجنسية المتحللة بين الرجال والنساء.
وبهذا الخصوص يقول راسل: "إنّ نظرية "سن بول" رأت في الإنجاب هدفاً ثانوياً للزواج، وإنّ الأصل فيه هو منع الفسوق، أيّ إنّ الهدف الحقيقي للزواج هو دفع الأفسد بالفاسد"(4).
ورأت الكنيسة أنّ الزواج عقد غير قابل للفسخ، ولهذا نفت الطلاق. ويقال أنها أرادت بهذا الإجراء أن تحيط الزواج بهالة من القدسية فتقلل عنه صفة الاحتقار التي تلازمه. ويمكن أن الكنيسة أرادت من ذلك أن تخصص غرامة أو عقاباً لمن طردوا من فردوس العزوبة وذالك بتشريع منع الطلاق.
لقد وجدت عقائد احتقرت المرأة، وذلك بين الشعوب والقبائل القديمة، فكانت تنظر إليها على أنها إنسان ناقص، وأنها شيء بين الإنسان والحيوان، أو أنها لا تمتلك نفساً ناطقة، وأنها محرم عليها دخول الجنة وما إلى ذالك كثير.
إن هذه العقائد والآراء، وفي حدود مسألة تقييم المرأة، لا تعكس من الناحية النفسية غير غرور الرجل واعتزازه بنفسه والشعور نتيجة لذالك باحتقار المرأة. إلا أنّ الاعتقاد بأنّ العلاقة أو المقاربة الجنسية شر، ليس من شأنه غير إثارة الاضطراب في نفس الرجل والمرأة بصورة متساوية وتامة. كما أنه سيؤدي إلى صراع مرير في نفس الإنسان بين غريزته الفطرية وما يعتقد به من دين. وهذا الصراع سيكون سبباً في اختلالات عصبية لا تخلو من عواقب وخيمة على الإنسان. ولهذا أصبحت هذه المسألة مثار بحث علماء النفس والباحثين في هذا المجال بصورة كبيرة.
وبالنظر إلى ما ذكر فإن المنطق الإسلامي الرفيع يلفت الانتباه إلى أنّ الإسلام لم تبدر منه أقل إشارة إلى خبث الرباط الجنسي المشروع أو الآثار الناجمة عنه. وبالعكس فقد سعى الإسلام جهده لتنظيم هذه العلاقة.
فالإسلام يرى أنّ مصلحة المجتمع الحاضرة أو الأجيال القادمة هي وحدها التي تحدد مسألة العلاقات الجنسية. وفي هذا المجال عمل الإسلام على وضع أسس لن تؤدي إلى الشعور بالحرمان، أو بالإحباط، أو كبت الغريزة الجنسية.
مما يثير الأسف أن يتجاهل مفكرون من أمثال "برتراند راسل" رأي الإسلام وهم ينتقدون الديانتين المسيحية والبوذية فيما يخص العلاقات الجنسية. وفي كتابه "الزواج والأخلاق" نقرأ فقط قول راسل: "إنّ جميع مؤسسي الديانات ما عدا محمد وكونفشيوس (لو صح إطلاق اسم الديانة على طريقة كونفشيوس) لم يلتفتوا إلى المبادئ السياسية والاجتماعية بل انصبّ جل همهم في تحقيق التكامل الروحي عن طريق الإشراق والتفكر والفناء)(5). وعلى أي حال فإنّ الإسلام بالإضافة إلى رأيه في عدم وجود تناقض بين العلاقات الجنسية النظيفة والمبادىء المعنوية والروحية فإنه أيضاً رأى هذه العلاقات كجزء من طبائع الأنبياء وأخلاقهم.
ونقرأ في أحد الأحاديث: "من أخلاق الأنبياء حب النساء"(6) فالرسول الأكرم(ص) والأئمة الطاهرون(ع) لم يخفوا ميلهم وحبهم المشروع للمرأة. كما أنهم لم يتوانوا في استنكار سلوك بعض الأشخاص الذين كانوا يميلون إلى الرهبانية استنكاراً شديداً.
وكان أحد أصحاب الرسول(ص) واسمه "عثمان بن مظعون" قد وصلت به العبادة إلى درجة أنه كان يصوم كل يوم، وكان يمضي ليله كله بالصلاة، فنقلت زوجته حالته هذه إلى الرسول الأكرم(ص)، فقام الرسول(ص) من مكانه والغضب باد على وجهه وتوجه إلى عثمان بن مغظون وقال له: يا عثمان إعلم بأنّ الله لم يبعثني لنشر الرهبانية بل بعثت لنشر الحنيفية السمحاء: فأنا إنسان أصلي وأصوم وأقارب زوجتي. ومن أراد أن يتّبع ديني عليه أن يقبل سنتي، والزواج والنكاح بين النساء والرجال من سنتي. 
إن المسائل التي ذكرت حول خبث العلاقة الجنسية والآثار الناجمة عنها تتعلق بماضي العالم الغربي. أما التحول الذي طرأ في الغرب بالنسبة للأخلاق والضوابط الجنسية في الوقت الحاضر يختلف عن ماضي الزمان 180 درجة! فاليوم يتكلم الجميع هناك عن قدسية العلاقات الجنسية وضرورة إطلاق الحرية الجنسية ورفع القيود والموانع كافة في هذا المجال. فكل ما قيل عن الجنس في السابق كان ينسب إلى الدين، واليوم يجري هذا التحول لدى الغربيين باسم العلم والفلسفة. 
ولسوء الحظ لم نكن نحن المسلمون في مأمن من ضرر أفكار الغربيين القديمة، بالرغم من ضعف وسائل الاتصال بين الشعوب، فقد نفذت بيننا بصورة أو بأخرى. بينما تنساب أفكارهم الجديدة إلينا في الظروف الحالية انسياب السيل. وسنتناول في القسم الثاني من هذا البحث الأفكار الجديدة التي ظهرت في العالم حول العلاقات الجنسية.
في الصفحات السابقة تطرقنا بإيجاز إلى الاعتقاد القديم الذي كان يسود العالم حول خبث العلاقة الجنسية بصورة مطلقة، والأثر العميق السيء الذي كان يخلفه هذا الاعتقاد في إيجاد الاضطراب الوجداني لدى البشر. كما أشرنا إلى المنطق الإلهي السامي في هذا المجال. وفي [المقال اللاحق] سنشير إلى آراء المفكرين الجدد في المجال نفسه والتي تعاكس صراحةً آراء أسلافهم وسنتناول هذه الآراء بالبحث والدراسة. 

الهوامش:
1-    «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، سورة الروم، الآية: 21.
2-    كتاب "زناشوئي وأخلاق"، ص 25 و 26.
3-    كتاب "زناشوئي وأخلاق"، ص 30.
4-    كتاب "زناشوئي وأخلاق"، ص 31.
5-    كتاب "زنا شوئي وأخلاق"، ص 86.
6-    كتاب "وسائل"، الجزء الثالث، ص 3.

المصدر: مرتضى مطهري، الضوابط الخلقية للسلوك الجنسي من خلال نظرتي الإسلام والغرب. ط1، دار الرسول الأكرم(ص) للطباعة والنشر، بيروت لبنان، 1408 هـ- 1988م. 


 

22-01-2020 | 15-02 د | 604 قراءة
الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد

http://www.momahidat.org/pagedetails.php?pid=37
http://www.momahidat.org/pagedetails.php?pid=12
 
 

malafmoatamar




 
 
موقع ممهدات*** متخصص في دراسات المرأة والأسرة والطفل آخر تحديث: 2022-11-02

انت الزائر رقم: 12442191