مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

نساء عشن الثورة: لولا الإمام الخميني لبقينا في حضرة الغياب

نساء عشن الثورة: لولا الإمام الخميني لبقينا في حضرة الغياب

عاش يتيماً محروماً من وجود أمه، من وجود امرأة إلى جانبه في طفولته ترأف به وتحنو عليه، ولكنه مع ذلك قدّم للمرأة ما لم تنله على مدى العصور السابقة، ورفع مقامها إلى مقام أقدس المقدسات، القرآن الكريم، حين قال: "المرأة كالقرآن كلاهما أوكل إليهما مهمة صنع الرجال". إنه الإمام روح الله الموسوي الخميني، قدّس الله ثراه الطيبة، الذي قلب حياة معاصريه رأسا على عقب، وفي مقدمتهم المرأة المسلمة، سواء في إيران أو غيرها. في لبنان كانت التجربة جميلة رافقت نساء كثيرات تأثرن بفكر الإمام(قده) وتعاليمه، وتعرفّن على الإسلام الأصيل من خلاله محاضراته وخطبه وأقواله، التي كانت تهز العروش في كراسيها..
عن المرأة ومعها كان مثالاً وقدوة عن فكر أئمة أهل البيت(ع) في تعامله معها في دفعها إلى الأمام وفي تشجيعها لتنال حقوقها وفق ما رسمها لها الإسلام.. في هذا المقام نحكي، في موقع المنار، قصة ثلاث نسوة تأثرن بفكر الإمام الراحل(قده) وتغيرت حياتهن على أساسها.. في كل واحدة منها قصة تروي بنبض الحب والعشق مسيرتها مع الإمام الخميني..

أميرة برغل: كان لفتاواه أثر كبير على توجيه حركة عملي الإسلامي:

الناشطة والباحثة الإسلامية الحاجة أميرة برغل، عرفتها أستاذة لنا في "ثانوية البرج الرسمية للبنات"، في منطقة برج البراجنة، عرفتها مرشدة ومربية مع كونها معلمة "كيمياء" لكنها كانت تملك روحاً إسلامية اقتبستها من ذلك العملاق الكبير الإمام الخميني(قده)، عاصرت ثورته وتأثرت بها وغيرت حياتها.. تقول لي: "هكذا تأثرت بآية الله الخميني(قده): "بدأت قصتي مع الإمام قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، حيث كنت أبحث بحماس عن سبب الهزيمة المدوية للعرب أمام اليهود سنة 1967م وقادني بحثي إلى جواب واحد: الحل بالعودة إلى الإسلام. حينها وقع بين يدي كتاب، لفت عنوانه نظري، فأخذت أقرأه بشغف. لقد كان كتاب "الحكومة الإسلامية"، وحينها لم أكن قد سمعت من قبل باسم الإمام الخميني،  أُعجبت بأفكار الكتاب كثيراً ووجدت فيه طرحا منطقياً يجيب على الكثير من أسئلتي وأخذت أستشهد به حيث ما وُجدت، وقد هالني في حينها كلام سمعته من أحد الأقارب المسنين يشكك في أصالة تديُّن الإمام ويتهمه بالتأثر بالشيوعيين.
لم أكترث لهذا الكلام كثيراً، فقد كنت على ثقة بأن الإسلام بحقيقته الثورية لا يفهمونه هؤلاء الكبار. ومرت الأيام وإذ بهذا الرجل المغمور في بلادنا يلمع اسمه في الأفاق ويحقق نصراً إلهياً عظيماً ويقيم دولة إسلامية... فكانت فرحتي كبيرة لا يمكن أن توصف... كانت فرحتي فرحتين: فرحة النصر الذي طالما حلمنا به كإسلاميين ثوريين، وفرحة إحساسي بأنني كنت على حق حينما لم أشك لحظة في أن ما ورد في كتاب الحكومة الإسلامية هو عين الإسلام.
تأثرت بحركة وكلام الإمام الخميني(قده) تأثراً كبيراً على كل الأصعدة وخاصة على صعيد موقفه من المرأة، فهذه أيضاً مفارقة أخرى تميز بها فكر الإمام عن غيره من معاصريه، ولقد وفقني الله لاستفتاء المكتب الشرعي لسماحته حول جملة من الفتاوى والأحكام المتعلقة بالحدود الشرعية لعمل المرأة المتزوجة في المجتمع، والتي كانت محل جدل ونقاش واسع بين العاملين للإسلام وزوجاتهم، وقد كانت لفتاواه أثر كبير على توجيه حركة عملي الإسلامي في المسار الصحيح.
تأثرت أيضاً بفكر الإمام السياسي وطريقة تعبئته للجماهير وثقته بهم وقد استفدت منها في عملي الإسلامي وعلاقتي بالكوادر التي كنت أقودها. وتأثرت ثالثاً بسيرته مع عائلته وكيفية تقسيمه لأوقاته وبإرادته الحديدية في الالتزام ببرنامجه العبادي الذي قرره لنفسه.
وتأثرت رابعاً بمضمون وصيته الخالدة وخاصة بمقدمتها التي اعتبرتها بمثابة خارطة طريق لكل مجاهد يروم التمهيد لإقامة حكومة الله العالمية على وجه الأرض.
تأثرت.... وتأثرت.... بكل كلمة وحادثة نقلت عنه(قده) إلاَّ أن أهم ما تأثرت به من هذا الإمام العظيم هو أن أتعلم كيف أكون موحدَّة حقيقية على صعيد الأفعال والصفات وكيف "أكتب بقلم العقل على صفحة القلب أن لا مؤثر في الوجود إلاَّ الله".
رحم الله إمامنا العظيم وأعلى درجاته وألحقه بمن أحب من الأنبياء والصالحين بالزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها.
ولاء حمود: أهداني ثقتي بنفسي عندما رأى المرأة كالقرآن:
الكاتبة والأديبة ولاء حمود، كانت في السادسة عشر من عمرها عندما تعرّفت الإمام الخميني(قده).. وعندما التقيت بها وكانت في الثلاثين كان لا يفارق ثغرها كلمات الإمام عن المرأة واعتزازها بها.. تروي لي بحب فياض: "استحوذت شخصية الإمام الخميني العظيم على وجدان وشاعر ابنة الستة عشرة سنة التي كنتها أدهشني تماسك ابن الثمانين المتكئ على عصاه في مواجهة أعتى قوى الاستكبار العالمي..... أذهلني قوله يوماً انه ما عرف الخوف قط أهداني ثقتي بنفسي عندما رأى المرأة كالقرآن لأن كليهما أوكلت له مهمة صنع الرجال.... هذا الإمام العظيم  الذي أيقظ فجر أمتنا وزين سماءها بزينة الكواكب. هذا الإمام العظيم بلغ تأثيره علي وعلى معظم بنات جيلي إني كنت موؤدة فأحياني حتى دون عناء السؤال والآن لا يسعني في ذكراه إلا أن أشكر الله الخالق القدير الذي منحني سبحانه نعمة الوجود في زمن الخميني العظيم.
ليلى مزبودي : أحسب نفسي أنني ما كنت لألتزم هذا الخط لولاه:
الكاتبة والإعلامية ليلى مزبودي أعرفها زميلة في ميدان العمل تتحرك بحماس شديد وكلماتها كلها ثورة.. عندما كنا نطلب منها أن تهدأ قليلا كانت تجيب الإمام الخميني علّمنا أن الثورة في كل شيء.. اليوم تروي لي بكلماتها الخاصة حكايتها مع هذا الإمام(قده):
"تحار عند تحديد الخصائص التي تلفتك في الإمام الخميني: هو الذي أقحم الإسلام، كل الإسلام،  في القرن العشرين، بعد أن كان أصبح، في أحسن الحالات، مجرد طقوس انفصلت فيها العبادات عن غاياتها، وفي أسوئها تراثا فكريا يزين المكتبات. هو الذي أعاد تصويب البوصلة للأمة الإسلامية التي تكاثرت عليها الاتجاهات حتى انتهى بها المطاف إلى أن تهادن، ومن ثم أن تحابي أعداءها وتعادي أبناء جلدتها.
هو الذي جعل من القدس قضية الإسلام الأولى، بعد أن أصبحت (ولا تزال للأسف) ضحية الزعماء الأولى، على مذبح سلطة لم يصبغوها بكفاءتهم فلم تمنحهم هيبتها.... وكذلك الأمر بالنسبة إلى دور المرأة، إذ هو حرر لها دورها الذي قلصته تفسيرات حبيسة الزمن، حفز مسؤولياتها الاجتماعية والسياسية والعلمية فضلا عن تقديره لوظيفتها العائلية (تربية الرجال وليس تلبية الرجال)، من دون أن يرى تضاربا بينهما. أحيا لها حقوقا منحها لها الإسلام، ثم أغفلت طويلا. وبالأخص أعاد الاعتبار للستر والحجاب، مكرساً إنسانيتها...
قبل الإمام، كانت المرأة المسلمة غائبة عن المكان، خارجة عن الزمان، وقد خلت الساحة للكفر ونسائه، وللرجال فقط. بعده، اقتحمت الحاضر والمستقبل. ليس في الأمر امتيازات، بل كله مسؤوليات. عندما يكون الإسلام في خطر، كل الأمة مسؤولة. أدركها الإمام، هو الذي يجيد قراءة آفات الزمن وطرح الحلول الإسلامية. وقد جعل الإسلام يواكب الإنسانية (وليس العكس).
لهذا كله تعرفت إلى الإمام الخميني ومن خلاله إلى الإسلام المحمدي الأصيل ومنه إلى الله. أحسب نفسي أنني ما كنت لألتزم هذا الخط لولاه. ولا زلت أرى فيه الأب الروحي، ولا زلت أنهل منه. لم أطل عليه فقط من مقاربته لموضوع المرأة، لأنني إنسانة قبل أن أكون امرأة، كما أن مقاربته المنصفة لموضوع المرأة يمنح طروحاته الأخرى مصداقية بالنسبة لي. ما يبهرني في نظرته للمرأة أنه يتوجه إليها كإنسانة قبل كل شيء. وكمسؤولة بالدرجة عينها. يضعها أمام مسؤولياتها تجاه الله في كافة المجالات دون استثناء.
وكما كانت انتفاضته ضد الشاهنشاهية، كانت نظرته للمرأة، ثورةً حقيقية، نفض من خلالها قروناً من الأفكار الخاطئة والممارسات الظالمة... لولا الإمام الخميني، لكانت المرأة المسلمة لا تزال اليوم في حضرة الغياب!.



المصدر: موقع قناة المنار 

التعليقات (0)

اترك تعليق