مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

يوم في مركز التكافل

يوم في مركز التكافل

كعادتهن كل صباح خميس، في مركز التكافل الخيري التابع للجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي، تنتظرن "البيك أب" المحمل بالخضار لتقمن بتفريغه وتوضيبه إلى حصص توزع لاحقاً على العائلات المستفيدات من المركز.
"أم علي" وأخريات هن أيضاً من المستفيدات، ولكن في مقابل هذه الاستفادة يقدمن خدمات إلى المركز كتوضيب الخضار والحصص التموينية, ترتيب الثياب المقدمة إلى المركز والمحافظة على نظافة المركز.
وعن سبب قيامهن بذلك تتفق "أم علي" و"أم قاسم" و "أم إبراهيم" على أنهن يأملن كسب الأجر و الثواب من وراء عملهن هذا، بدلاً من تضييع الوقت فيما لا يفيد.
ورغم الظروف المادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها هؤلاء الأخوات فإنك تلمح بسمة الأمل والرضا على وجوههن أملاً بأن يأخذ الله بأيديهن ويرفع عنهن الأيام الصعبة.
ﻔ "أم علي" أم لثلاثة أولاد، بنتان وصبي، أكبرهم في العاشرة، وأصغرهم في السادسة من العمر، أصيب زوجها بكسر في ظهره جراء سقوطه عن إحدى أعمدة الكهرباء، مما أعاق عمله وضيق عليه وعلى عائلته ظروفهم المعيشية. صغر سن أولاد "أم علي" منعها من الالتزام بأية وظيفة، فبادرت إلى العمل في المنازل علّها تسد جوع أولادها.
بينما "أم قاسم" و"أم إبراهيم" فقدتا زوجيهما منذ أكثر من ثماني سنوات، تاركين على كاهلهما همّ إعالة عائلتهما المكونة من أربعة أو خمس أولاد.
فأولاد "أم قاسم" مازالوا قاصرين، أكبرهم في سن الرابعة عشر. بينما أولاد "أم إبراهيم" تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والثانية والعشرين، الصغار ما زالوا في المدرسة، فيما لم تسنح الفرصة للكبار بتكملة تعليمهم فاكتفوا بالشهادة المتوسطة.
كان قد توفي زوج "أم قاسم" جراء سكتة قلبية، فقام إخوته بالاستيلاء على حصة أخيهم في المحل الذي كانوا يعملون فيه سويةً، تاركين أولاد أخيهم في مهب الريح بلا أي مدخول. فقامت "أم قاسم" بتربية أولادها معتمدةً على مساعدة إحدى المؤسسات الخيرية التي احتضنت الأولاد مع مساعدة أهلها والجيران.
أما "أم إبراهيم" فقد لجأت للعمل في المنازل لتربية وإعانة أطفالها الأربعة، لكنها توقفت منذ سنة بسبب المرض، وحالياً تعتمد على المساعدة القليلة من معاش ولديها، الذي بالكاد يصل إلى الحد الأدنى من الأجور.
عندما يُسألن: "هل حصة الخضار هذه تكفي, هل تسد حاجة؟
فتتفق النسوة الثلاثة على الإجابة بأنها مهمة في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها، فتشرح "أم علي" ذلك قائلة: "الحصة مؤلفة من البطاطا والبندورة والخضار مثل البقدونس والخس والنعنع والفجل، وهي تكفيني لثلاثة أيام فأول يوم يتم طبخ البطاطا مع البندورة, واليوم الثاني "للفتوش" مع الكثير من الخبز، أما اليوم الثالث ﻔ "بطاطا مع بيض". وتوافقها بالرأي "أم قاسم" و"أم إبراهيم" وتُضفن: "نحن ننتظر هذه الحصة أسبوعياً، وشكراً لله على هذه النعمة".
مع العلم أن ما يأكلنه خلال ثلاثة أيام هو جزء من وجبة واحدة لغيرهم.
وإضافة إلى هذه الحصة الأسبوعية، يقوم المركز بتفريغ الحصص التموينية وحصص اللحوم لما يقارب المئة والخمسين عائلة أو ما يزيد، التي يقوم المركز بكفالتها، وهذه الحصص تزداد وتيرتها كلما ازدادت التبرعات المقدّمة إلى المركز والتي هي المورد الأساسي له.
هذا إضافة إلى درس أسبوعي ثقافي تقدمه إحدى الأخوات المبلغات. وبهذا نجد أن العمل في مركز التكافل الخيري يتكامل بين الدعم المعنوي والروحي والدعم المادي الحياتي للعوائل التي يرعاها المركز.


موقع ممهدات

التعليقات (0)

اترك تعليق