مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

نبيلة اللبّان: العكاز الذي أمسكه بيدي لم يقلل من أداء واجباتي

نبيلة اللبّان: العكاز الذي أمسكه بيدي لم يقلل من أداء واجباتي

نبيلة اللبان تنقش وتحفر على الخشب:
"الإعاقة حرمتني"، أو "الإعاقة قيدت حركتي"، أو "لم أعد قادرة على التحمل" كلمات ليس من الغريب علينا أن نسمعها تخرج من أفواه يائسة قد يكون نال منها العجز، ليعيقها عن تأدية وظائفها اليومية، لكن إن وُجِد العجز فإن أول ما يحتاج إليه إرادة قوية؛ للوقوف في وجهه؛ حتى لا يصبح إعاقة بحق، فلا إعاقة مع الإرادة، أفلا يجدر بالشخص الذي يعاني من أي نوع من أنواع الإعاقة الحركية أن يمتلك إرادة قوية وعزيمة يتغلب بهما على عجزه؟!، بلى، وخير دليل على ذلك رفيقة صفحتنا لهذا الأسبوع "نبيلة يوسف اللبان".
بروح ملؤها التفاؤل والأمل، خطت على ملامح وجهها السعادة وحب العمل الجماعي، قارب عمرها على بلوغ العقد الرابع، من سكان منطقة الرمال بغزة، لازمتها الإعاقة في أشهرها الأولى منذ أن أبصرت عيناها نور الحياة، إذ أصيبت بارتفاع في درجة الحرارة بسبب فيروس، أدى إلى إصابتها بشلل في الطرف السفلي الأيمن.
وتقول: "كون الإنسان خلق للإعمار في الأرض، وكونه يعيش مع مجتمع بأشكاله المختلفة؛ كان من الواجب عليه أن يستغل أي فرصة أمامه حتى لا يصبح عالة على أحد، يستطيع أن يعتمد على نفسه؛ فلا يشعر بنقصٍ بل يشعر بأنه إنسان طبيعي".
وتسترجع اللبان طفولتها المؤلمة التي فقدت فيها والدتها، وبسبب مضاعفات حالتها الصحية والصعوبات التي كانت تواجهها في ذهابها وإيابها للمدرسة؛ لم تُسعَف في الاستمرار بركب الدراسة والتعليم، فتوقفت عنه عند الصف التاسع.
محاولات عديدة:
تنقلت اللبان من فرصة تدريب لأخرى ومن مشروعٍ لآخر، فحصلت على (شهادة دبلوم) خياطة، وعملت به مدة معينة، لكن بسبب الظروف والأوضاع التي نعيش فيها وتتبدل وتتغير باستمرار توقفت عن العمل، وحصلت من بعدها على شهادات لدورات في: الرسم على الزجاج، والفنون والحرف، والتطريز.[...]

أعظم نقوش اللبان حروف نصرة الرسول:
"قررت بعدها أن أُخرج نفسي مما أنا فيه، لأتعامل مع الناس؛ فالضعف والانعزال شيء كريه لم يرق لي، فالتحقت بجمعية الشابات المسلمات، وتعلمت أحكام التجويد ولجأت لخير ونيس وجليس وهو القرآن الكريم الذي حفظت منه خمسة أجزاء؛ لأكسر (روتين) حياتي الذي مللت منه، فكان المصحف ونيسًا لي في اكتئابي، وأعاد لي الطاقة والأمل، فانتقلت لمرحلةٍ هي أجمل مراحل حياتي وأحلاها".
وتتابع اللبان حديثها: "وهذا إن دلّ فإنما يدل على مدى عزيمتي وإرادتي في استغلال الفرص".
حبها للتعليم:
تكمل حديثها: "فلما كانت تتوافر أمامي فرصتان: فرصة للتعليم، وفرصة للعمل؛ كنت أتخلى عن الأخيرة مقابل الأولى"، وتتعلم الحاجة الأربعينية حاليًّا فن الحفر على الخشب، ضمن مشروع "إرادة" الذي أطلقته الجامعة الإسلامية، لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، بدعم من الحكومة التركية.

بإرادة قوية وعزيمة عالية لم تعجز ولم تتوانَ "نبيلة" -ولو لحظة- عن مشاركتها في مشروع "إرادة"، محاولة منها لإثبات ذاتها في كل مرة، وإثباتها للناس العاديين أنها ليست أقل منهم في العطاء، على الرغم من معارضة والدها للمشاركة فيه، لكن بحبها لتعلم كل ما هو جديد أقنعته.
وتجلس اللبان على طرف الطاولة، ممسكة بيد اللوحة الخشبية، وبالأخرى التي تبدو واثقة منشار (الأركت) لتحفر وتنقش به بعض الصور التعبيرية أو المقولات التي تروق لها، فحفرت لوحة خشبية كتبت عليها: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"؛ لنصرة رسول الله.
وختمت حديثها بوصف شعورها الذي يكنه صدرها: "أشعر بارتياح؛ لأني أخرج من البيت، لأني بذلك أشعر بأني إنسان منتج في ظل مجتمع يحترم الأشخاص ذوي الإعاقة"، متمنية أن تكون قد أثبتت للناس الذين قد يسخرون منها قدرتها على العمل والعطاء أكثر من الأشخاص العاديين، وأردفت: "فـالعكاز الذي أمسكه بيدي لم يقلل من أداء واجباتي".

المصدر: وكالة فلسطين اليوم.

التعليقات (0)

اترك تعليق