كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في إفطار عام 2002
كلمة سماحة حجة الإسلام والمسلمين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، التي ألقاها في الإفطار السنوي التاسع للجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي الذي ضم سبعمائة من الشخصيات والفعاليات ورئيسات الجمعيات الأهلية والمؤسسات التربوية من مختلف المناطق اللبنانية: البقاع والجنوب والشمال، والجبل خصوصاً مدن: طرابلس وصيدا وصور وبعلبك في 7/11/2002م الموافق 1رمضان 1423هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم إلى قيام يوم الدين
السلام عليكم إخواني وأخواتي جميعاً ورحمة الله وبركاته..
أولاً أنا أبارك لكم جميعاً حلول وبداية هذا الشهر العظيم والمبارك، الذي هو عند الله سبحانه وتعالى أفضل الشهور كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، وبالتالي هو شهر الله سبحانه وتعالى، اختص الله به نفسه، مع العلم أن كل الزمان هو لله (عز وجل) ولكن هناك زمان خاص يختاره الله وينتخبه الله سبحانه وتعالى، ويجعله مناسبة وفرصة لإطلالة الرحمة والبركة والجود والعطاء على عباده، كل عباده، فهم في ضيافته وفي محل كرامته، وهو يعطيهم من جوده ومن كرمه ومن عطائه بلا حدود، يقبل منهم التوبة ويمن عليهم بالرحمة، ويفتح أمامهم الكثير من الأبواب والكثير من الآفاق، عندما نعود إلى شهر رمضان المبارك، لدينا في الحقيقة أهم مستند أو وثيقة للعودة إلى هذا الدين، ولفهم حقيقة ما يطلبه هذا الدين، الذي جعل وانتخب، أو كان لشهر رمضان عنده هذه الموقعية وهذه الكرامة وهذه الحالة، لنسأل أو لنعرف ماذا يريد هذا الدين؟ ماذا يريد الإسلام من أتباعه في شهر رمضان المبارك؟ ومن خلال شهر رمضان المبارك؟ والى أين يريد أن يصل بهم؟
أهم وثيقة هي خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بداية شهر رمضان، التي ألقاها في أصحابه الكرام (رضوان الله تعالى عليهم)، وهذا النص محفوظ ومكتوب ومختصر، ولكنه مليء وغني بالتوجيهات الإيمانية والأخلاقية والعبادية والإنسانية الراقية..
بكلمة مختصرة: من جملة الأبعاد التي يؤكد عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته، هو لا يتحدث فقط عن الصيام وإن كان من أهم معالم شهر رمضان المبارك هو الصيام يعني أن المسلمين يصومون في هذا الشهر المبارك، وهي العبادة الأوضح والأبرز والأعلى في شهر رمضان المبارك، ولكن عندما نقرأ ماذا يطلبه رسول الله من المسلمين الصائمين، سوف نجد هناك جوانب عبادية، وهناك جوانب ترتبط بالأبعاد الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية وبالتالي الصوم هنا يصبح محوراً أساسياً، يصبح: الباب، المدخل، العنوان الرئيسي والعامل الذي يساعد في التزام بقية التوجيهات. على سبيل المثال – وأنا أذكر هذه الأمثلة لأصل إلى نتيجة، النتيجة التي أريد أن أصل إليها هي: أنّ الإسلام أراد في شهر رمضان المبارك من خلال توجيهاته وتعليماته وإرشاداته – بشرط التزام أتباعه بها – تقوية هذا الجانب الإنساني في الإنسان المسلم، هذا الجانب الأخلاقي في الإنسان المسلم، وهذا الجانب الاجتماعي في الإنسان المسلم، وبالتالي أن يجعل هذا الإنسان مترجماً أو مجسداً أو معبراً عن معاني شهر رمضان المبارك. يعني الإسلام لا يريد أن تكون الرحمة هي من الله للإنسان الفرد، لهذا الإنسان، ولذاك الإنسان، لا يريد أن يتحدث عن الرحمة فقط في إطار ثنائي بين العبد وبين الله لوحده، لا يريد أن يتحدث عن الضيافة بين العبد وبين ربه، لا يريد أن يتحدث عن اللقاء والاتصال والوصل بين العبد وبين ربه فقط، لا يريد أن يتحدث عن المحبة والصدق والعلاقة والشوق بين العبد وبين ربه فقط، هو يريد من الإسلام أن يترجم ما أراده بينه وبين الله وما قابله الله به، هذه هي النقطة، أن يترجمه في علاقته مع الإنسان الآخر. هذه هي النقطة الأساسية لذلك في شهر الرحمة التي نكون فيها هي ضيافة الله (سبحانه وتعالى).
عندما نأتي لخطاب النبي ماذا يقول؟ إنكم أنتم في ضيافة الله، ولكن أنتم إذا استضفتم الناس ودعيتموهم إلى موائدكم وفطرتم الصائمين، هذا له من البركات والأجر، في بعض الكلمات "براءة من النار"، يعني فضل كبير وعظيم جداً. هنا لا يتحدث عن إطعام الفقراء، عندما يقول "مَن فطّر صائماً مؤمناً" لا يتحدث عن الفقير، الفقير له عنوان آخر، يتحدث عن الأعمّ، عن جيرانه، أرحامه، أقاربه، أصدقائه وأصحابه، نفس هذه الدعوة إلى الإفطار من قِبل الإنسان لإخوانه أو أخواته أو لأرحامه أو لجيرانه أو لأصدقائه أو لمن يعملون معه أو لمن يعملون عنده، أو.. أو.. باختلاف وتفاوت الأوضاع الاجتماعية، هي في الحقيقة بادرة تعزز وتنمّي وتقوّي العلاقات العاطفية والإنسانية بين هذا الإنسان وبين أولئك الذين دعاهم إلى مائدته، وبين أولئك المدعوين فيما بينهم أيضاً.
حسناً، في شهر رمضان الله (سبحانه وتعالى) يتصدّق على الناس، والنبي يقول
اترك تعليق