مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الشباب و

الشباب و"فيسبوك".. هل أصبح "اكتساب الثقافة" مُختَزلاً بأيقونة "أعجبني"؟

أكثر من (ترليون) ضغطة على زر الإعجاب منذ عام 2009م قام بها ليس أقلّ من (مليار) مستخدم يستخدمون موقع التواصل الاجتماعي الشهير (فيس بوك) شهريًّا، ويبلغ متوسط أعمارهم (22عامًا).
وإن عرفنا أن اللغة العربية هي سابع لغة من حيث الاستعمال على (الأنترنت)؛ فمن البَدَهِيِّ أن تتبادر إلى أذهاننا التساؤلات عن دور (الإنترنت) -خاصة مواقع التواصل الاجتماعي- في بناء ثقافة الشباب.
في هذا التقرير "فلسطين" تبحث هذه القضية مع عددٍ من الناشطين "الفيسبوكيين" والمهتمين.
مصادر مفتوحة:
يرى أحمد عوني الكريري (24 عامًا) الإعلامي والمدوِّن والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أن "مصادر الثقافة اليوم مفتوحة وأكثر غزارة من أي وقت مضى، ومع غزارتها يصعب الانتقاء، وتلتقي المتشابهات لتخلق التشويش في كثير من الأحيان".

ويضيف: "الحالة الثقافية أعمق من أن نصِفَ مواردها، إلا أن الكثير يرون (الأنترنت) أكثر موارد الثقافة زخمًا؛ لما يوفره من وقت وجهد وجودة".
أحمد الكريري:

ومع تنامي ظاهرة القراءة الرقمية على الحاسوب يجدُ أحمد متعة القراءة مع الكتاب الذي ينسج معه علاقةً حميمة، بعيدًا عن كل ما يلتصق بـ(التكنولوجيا)؛ لينصب كل التركيز على ما بين يديه.
قراءة إلكترونية:

أما غالب عيسى حرباوي السيد (25 عامًا) -وهو مبرمج حاسوب من مدينة الخليل ويدَوِّن إلكترونيًّا- فتحتل القراءة الإلكترونية النسبة الأعلى لديه؛ لسهولة التوصل إليها في أي وقت وأي مكان، فضلًا عن أن بعضها مجاني.
ويعتمد غالب في أكثر مصادر ثقافته على المصادر الأجنبية، وعن القراءة الإلكترونية فيرى أنها تتميز عن الورقية بخاصية المشاركة والتفاعل وإبداء الرأي؛ ليصبح الأمر أكثر حيوية.
ويشير غالب إلى أن القراءة الورقية تحتل نسبةً من الاهتمام لدى الشباب مازالت جيدة؛ لاحتوائها على ما هو حصريّ، يوافقه في ذلك أحمد الحريري الذي لا يلجأ للقراءة الإلكترونية إلا في حال تعذر توفر ما يريده ورقيًّا.
ثقافة الصورة:
وعلى ضفةٍ من ضفاف مواقع التواصل الاجتماعي تقف المصورة سارة جمال الخضري (21 عامًا)، مقلّبةً صفحات (الأنترنت) المتنوعة، قاضيةً ما لا يقل عن 6 ساعاتٍ يوميًّا على موقع (فيس بوك).
وتقول سارة: "أغلب وقتي على (الأنترنت) أقضيه فيما يخص الصور والتصوير"، مؤكدةً أهمية الصورة في ترسيخ نصوص الثقافة المكتوبة وتوثيقها وحفظها.
سارة الخضري:

ورغم ذلك ترى أن القراءة الورقية لها طعهما الخاص، عادّةً الكتب شيئًا رائعًا وغذاء للروح والعقل، مستدركةً: "إن كثيرًا من الشباب يقضون معظم أوقاتهم على (الأنترنت)، مبتعدين عن الكتب".
المحتوى فقير

وتشير سارة إلى نقطة مهمة، وهي قلة المحتوى الثقافي العربي على (الأنترنت)، قائلة: "ولو توافر محتوى أكبر فسيقضي الشاب معظم وقتهم على (الأنترنت) في قراءة الكتب"، وهذا ما يفعله حقًّا الشاعر محمد حامد عيسى (23 عامًا) ومقدم البرامج الإذاعية الأدبية.

ويقول محمد: "أستطيع الوصول لأي كتاب إلكترونيًا دون تعب أو أموال؛ فالعديد من الكتب الأدبية خلال دقائق يمكنني أن أتصفحها إلكترونيًّا".
أما عندما يعدُّ حلقات برامجه فإنه يستفيد من (الأنترنت) و(فيس بوك) حسب موضوع الحلقة، إلا أن المشكلة -في نظره- هي فيمن "ينشر المعلومة وما هي مدى صحتها ومصداقيتها".

وعندما يتحدث محمد عن (الأنترنت) بشكل عام فإنه لا ينسى أنه يسهل النشر والإبداع، لافتًا إلى أنه نشر ديوانه الأول "شفة القمر" إلكترونيًّا بانتظار نشره ورقيًّا.
مفتاح واحد فقط:
وبالعودة إلى أحمد الكريري الذي يقدم برامجه عبر قناة الكتاب الفضائية نجده يقول: "المطالعة "الفيسبوكية" لا تشكل حصيلةً ثقافية، ولكنها مفتاح لأحد أبواب الثقافة، والشرارة الأولى الدافعة إلى البحث والعمل في حقل معين".

وإضافة إلى ذلك يرى أن (فيس بوك) يشكل مصدرًا آنيًّا للأحداث، وجسًّا لنبض الواقع وهموم الشباب ومشاكلهم، التي يطرحها بما يتناغم مع المصداقية والحقيقة.
وحين يأتي الحديث عن المستقبل يعتقد أنه سيكون هناك عودة إلى مسار القراءة الورقية واقتناء الكتب، قائلًا: "هذه ثورة بدأنا نشهدها الآن فعلًا".
أي مستقبل بالانتظار:

ومستقبل اعتماد الشباب في بناء ثقافتهم على (الأنترنت) ومواقع التواصل الاجتماعي الذي يتخيله غالب حرباوي يرى أنه سيختلف حسب نشاط هذه الوسائل، ومدى مصداقيتها وفعاليتها واهتمام الشباب بها.

ويبين غالب أنه ينشط "فيسبوكيًّا" ويدوّن "إلكترونيًّا" عبر مدونة "عالم الإبداع"، محاولًا إثراء المحتوى العربي على (الأنترنت) بكل ما هو "علمي وشبابي وثقافي وإبداعي ملهم".

ويشير غالب إلى اعتقاده أن القراءة الإلكترونية التي تشكل المدونات جزءًا رئيسًا منها ستشهد اهتمامًا كبيرًا في المستقبل، منوّهًا إلى مشابهتها الكبيرة للكتب الورقية.
الفتيات وغد (الأنترنت):

وبالحديث عن مستقبل (الأنترنت) في نظر الفتيات الشباب تلفت سارة الخضري إلى أن الفتيات يقضين على (الأنترنت) وقتًا أكثر مما يقضي الشباب.

الثقافة التي تكتسبها سارة من (الأنترنت) تشكل النسبة الأكبر من ثقافتها حاليًّا ومستقبلًا كما مثيلاتها من الفتيات حسب قولها، عازيةً ذلك إلى أن ما يبحثن عنه إلكترونيًّا يصعب إيجاده في الكتب والمصادر الثقافية الأخرى.
محمد عيسى:

أما محمد عيسى فيؤكد أن (فيس بوك) أصبح أساسيًّا في الحياة، متخيلًا أن يصبح أداة الاتصال في المستقبل، مضيفًا: "في ظل توسع مصادر الثقافة وتنوعها، يمتلك الجيل تلو الجيل ثقافة أوسع من ثقافة الجيل الذي سبقه، ويصبح أكثر وعيًا وفهمًا"


المصدر: وكالة فلسطين.

التعليقات (0)

اترك تعليق