مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد

كلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد في احتفال افتتاح مبنى الجمعيات 2012م

السادة العلماء.. سعادة السفير.. الأخوة والأخوات جميعاً.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأعز المرسلين، سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وآله الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، والصلاة والسلام على جميع أنبياء الله المرسلين.
أولاً أطلب أن تغفروا لي رداءة صوتي بسبب (الكريب) وأن تغضوا النظر قليلاً عن بعض الطبقات الصوتية الغير جيدة.
أولاً أشكر الله سبحانه وتعالى بالتوفيق لي في المشاركة في حفل افتتاح هذا المبنى لمجموعة الجمعيات التي استمعنا إليها، وأشكر أيضا الأخوات وبالذات الحاجة عفاف الحكيم التي اختارتني -وإن شاء الله يكون اختيارها صحيحاً- في أن أشارك في هذا الحفل، ولكن بصراحة أنا مدعو إلى احتفال بعد أربعة أو خمسة أيام تقريباً، بمناسبة عيد الغدير، وكنت قد كتبت وحضرت بحثاً كاملاً عن هذا الموضوع، ولكن لم يكن وارداً بذهني أن تقترب المناسبة من هذا الاحتفال أو يقترب هذا الاحتفال من هذه المناسبة، فمن باب الأدب والوفاء أن لا أتجاوز الحديث عن الغدير، سأختار مقطعاً من ما كتبته للاحتفال القادم وأقوله في هذا اللقاء إن شاء الله، ثم سأتحدث عن عمل الجمعيات، وبعد ذلك سأتحدث بشكل سريع عن بعض المسائل السياسية وخصوصاً في المرحلة الأخيرة.
أولاً: هناك مراتب تحدث عنها الإسلام في المنظومة العقائدية والإمامية هي:
- المرتبة الأولى هي مرتبة الألوهية: وفي مرتبة الألوهية البشرية تستطيع أن تدّعي ما تشاء من الإيمان بالله، من الحب لله، وهذا الموضوع مفتوح على ادّعاءات واسعة وكبيرة، ونحن لا نستطيع أن نحدّد صدق هذه الدعوة من كذبها، ولسنا ملزمين أصلاً بأن نتحدث عن صدق هذه الدعوة؛ يعني إذا أتى أخ أو أخت ويقول لنا أنني أنا مؤمن بالله، وإيماني بالله كبير وموجود في قلبي، وأنا أحب الله كثيراً، لا نستطيع أن نستنكر هذا الموضوع.
- المرتبة الثانية هي مرتبة النبوة.
- المرتبة الثالثة هي مرتبة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
- والمرتبة الرابعة هي مرتبة الموالين لمحمد وآل بيت محمد(ص).
في المرتبة الأولى يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: «بسم الله الرحمان الرحيم* إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» لم يترك الله سبحانه وتعالى موضوع الإيمان أن يأخذ مداه الفلسفي، أو مداه الماورائي دون أن يكون له ترجمة، أو تجسيد، أو تصديق، أو إثبات، والقرآن الكريم يتحدث عن أنّ طاعة الرسول هي التعبير الحقيقي عن الإيمان بالله أولاً، وتعبير حقيقي عن الطاعة لله سبحانه وتعالى ثانياً، فأنا أؤكد هنا أنّ طاعة الرسول(ص) هي تعبير عن صدق الإيمان أولاً وعن صدق العلاقة والطاعة ثانياً؛ لأن المحور اتبعوني، فلا مكان لادّعاء الإيمان خارج إطار اتبعوني، فلا يستطيع كل واحد أن يطيع الله على طريقته، المحور الأساسي هو اتبعوني، هذا في موضوع النبوة.
وأما في موضوع الإمامة فهو موجود في القرآن الكريم أيضاً، وفي الأحاديث الشريفة الهائلة، فادّعاء العلاقة مع الرسول(ص)، وادّعاء الحب للرسول(ص) أيضاً معياره وصدقه موجود في الحب، والولاء، والطاعة لآل محمد(ص)، لا مكان لمن يدّعي حب الرسول(ص) ثم يبغض آل محمد(ع)، ليس من الممكن، بغض آل محمد في المعنى الحقيقي للعقيدة فهو كفر بالنبوة، لأنّ معيار العلاقة مع النبوة هو الحب والطاعة والولاية لآل بيت محمد(ع).
أما الموضوع الذي أريد أن أتكلم عنه هو الموضوع الثالث بالحقيقة، هو موضوع الموالين لمحمد وآل محمد(ص)، يمكن أن تستغربوا هذا الكلام.
أعود وأذكّر، في مثل هذه الأيام، وفي هذا العيد نستحضر ما قاله رسول الله(ص) في خطبة الغدير، يوم غدير خم: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه"، مولى لمن؟
هذا معناه أنّ الطاعة للرسول(ص) هي ولاية لعلي(ع)، ولكن أنا أدعوكم لأن تدقّقوا قليلاً في العبارة الأخرى "اللهم والي من والاه"، عن ماذا يتكلم؟ "والي من والاه"؛ يعني يتكلم عن الموالين لعلي(ع)، هذه المرتبة الرابعة، "وعادي من عاداه، وانصر من نصره" كل هذه الفقرة الأخيرة ليس لها علاقة بعلي(ع)، وإنما لها علاقة بالذين يوالون علياً(ع)، وليس لعلي(ع). الصعوبة هنا، التحديد هنا، المصداقية هنا، الرسول(ص) يدعو ويقول "اللهم وال من والاه"، في اللحظة التي حصلت مراسم تنصيب علي(ع) رسميّاً، في آخر خطبة للولاية والإمامة، في نفس المراسم، كان هناك تنصيب آخر للموالين لعلي ومحمد وآل بيته(ع). هذا عجيب!
بعد مرور الفترات الطويلة من وجود الأئمة(ع)، ونحن الآن نعيش في ظل وبركات ورحمة الإمام الحجة(عج)، أقول  إنّ المعيار الآن في من يريد أن يوالي الحجة يوالي من يحب محمداً وآل بيت محمد، هذه القيمة الكبرى والمهمة والأساسيّة للموالين. وقد ورد في بعض  الأدعيّة "اللهم ارزقني حبهم وحب من أحبهم".
هناك نقطة أخرى أريد أن أتكلم عنها في السياسة؛ لها علاقة بقاعدة سياسية، جاء في حديث (مضمون الحديث) أنه تأتي جماعة إلى الإمام الصادق(ع) وتسأله، تقول له: يا ابن رسول الله إنّ هؤلاء الجماعة -يعني أن هناك جماعة يعيشون بينهم- لا يظهرون لكم العداوة، ولا ينصبون لكم العداوة، ماذا نفعل معهم؟ نحبهم، لا نحبهم، ماذا نفعل؟ فقال لهم الإمام أيحبونكم؟ لم يسألهم إن كانوا يحبونه هو أم لا، بل سألهم أيحبونكم؟ فإذا كانوا يحبونكم فأحبّوهم[...]
ما هي قيمة الموالين لمحمد وآل محمد(ص) عند محمد وآل محمد؟
نحن نتحدث عن قيمتهم عندنا، هم يتحدثون عن قيمتنا عندهم، المهم عندهم أنّ الناس تحبنا، أنّ الناس تنفعنا، يعني لو كان هناك أناس كفار، ومشركين، وظالمين، و فاسدين، ونحن نعيش في ظروف سياسية معينة، وكان هؤلاء ينفعون مسيرة محمد وآل بيت محمد ندعوا لهم؛ لأن المعيار هو الأشخاص وليست الكلمات، المعيار هو النبي(ص)، المعيار هو الإمام(ع)، المعيار هم الموالون، المحبّون، هذا هو المعيار، ليست المسائل مسائل لها علاقة فقط بالمبادئ، فالحديث عن المبادئ سهل جداً، وأما كيف ندير الصراع، وكيف ندير العلاقات بما ينفع هذه المبادئ، أو بما يُقوّي هذه المبادئ، أو بما يُقوّي مسيرة الإسلام، ومسيرة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، تحتاج إلى أولويات كثيرة، إلى دراسات كثيرة، إلى فهم دقيق للظروف السياسية، حتى يستطيع الإنسان أن يأخذ موقفاً.
الموضوع ليس بهذه البساطة! يجب أن نحدّد من نحن؟ وما هي المصلحة المتوخاة من وجودنا؟ أنا أتحدث عن الموالين، الموالين المحبين، فالموالين هم الذين أخذوا على عاتقهم أن ينصروا خط محمد وآل بيت محمد(ص).
إذا في المرتبة الرابعة، هنا ليس لها علاقة بالمراتب الأخرى، بل لها علاقة بالمرتبة الأخيرة، فالمرتبة الأخيرة هي التي تُوصل إلى المرتبة الأولى، لا نبدأ من المرتبة الأولى بل نبدأ من هنا، نبدأ من التعاطي مع الموالين لمحمد وآل محمد(ص)، بعد ذلك نتعاطى مع محمد وآل بيت محمد(ص)، ونتعاطى مع الله عز وجل، ما هي قيمتنا؟ ما هي قيمة الذي يقول أنا أؤمن بالله، مَنْ أنت؟ هناك أشخاص لهم الحق أن يقولوا هذا الكلام، مثل أمير المؤمنين(ع) الذي يقول: "أنا أفتخر بأن أكون عبداً لله"، ويقول: "لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً".
هؤلاء يتحدثون عن المعرفة، وعن اليقين، وعن العلاقة، وعن المرتبة، وعن القرب من الله سبحانه وتعالى.
الله سبحانه وتعالى سهّل علينا الطريق، قال لنا ماذا تريدون من هذه المسائل، إذا كنتم تحبونني أطيعوا رسول الله فتحبونني فعلاً، الآية غريبة عجيبة، الآية تقول «إن كنتم تحبون الله فاتبعوني»، كان يجب أن يقول فاتبعوني إن كنتم تحبون الله، فاتبعوني تكونون بذلك تحبّون الله، ولكن الآية لم تتحدث عن هذا، وإنما قالت يحببكم الله.
يتحدث الرسول عن الله سبحانه وتعالى ويقول أنا أضمن لكم أن يحبكم الله ولا يقول لكم أن تحبوا الله، كيف؟ أنا أضمن لكم أنّ يحبكم الله إذا أطعتموني، هذه قيمة أساسية منها أريد الدخول إلى موضوع الجمعيات. أقول بشكل واضح على مستوى الإعداد، وعلى مستوى التربية، وعلى مستوى البناء، يجب أن نكون لائقين في العلاقة مع الرسول(ص) وأهل بيته(ع).
هناك حديث جميل جداً، يتحدث عن مواصفات الشيعة، يتحدث عن من الذي يليق ومن الذي لا يليق، مَن الجدير ومَن ليس جديراً، يقول (الحديث)، إذا كان في ضيعة من الضيع أو في مدينة من المدن، الشيعي هو الذي لا يوجد في المدينة أتقى منه، هو الأول بالتقوى، هذا يعني الجدارة، هذا يعني النموذج. نحن في كل أعمالنا، في كل حركاتنا، المطلوب منا أن نحافظ على لياقتنا وجدارتنا بهذه العلاقة.
هناك أحاديث كثيرة سمعتموها تقول شيعتنا من يفعل كذا.. شيعتنا من يفعل ذلك.. شيعتنا من أطاع الله.. شيعتنا كذا.. شيعتنا كذا.. يعني الجدارة واللياقة بهذه العلاقة (العلاقة مع محمد وآله)؛ لأنه إذا فقد الإنسان لياقته وجدارته في العلاقة مع محمد وآل بيت محمد يخرج من دائرة المرتبة الرابعة، التي هي معيار الإيمان بأهل البيت(ع)، ومعيار الإيمان بالنبوة، ومعيار الإيمان بالله، وهي حب ونفع الموالين المحبين لمحمد وآل بيت محمد.
أما في موضوع الجمعيات:
أولاً:
أسأل الله تعالى أن يبارك لكم هذا المبنى الجديد وأيضاً هذا النصر الجديد، فهو من جملة النصر الذي حصل في حرب تموز؛ لأن إعادة البناء من قبيل "فوالله لن تمحو ذكرنا"، فنحن قلنا لإسرائيل عند إعادة البناء "فوالله لا تمحو ذكرنا". مبارك هذا البناء إن شاء الله.
ثانياً: أسأل الله أن يتقبل جهودكم السابقة وجهودكم الحالية والمستقبلية.
ثالثاً: عندما يسمع الإنسان ويشاهد الريبورتاج يشعر بخجل من التقصير الكبير الذي من الممكن أن يكون حاصلاً، على الأقل من جهتي، أنا لا أتكلم عن الأخوة الآخرين، فمن الممكن أنني كنت أستطيع أن أساعد الأخوات في هذا النشاط  ولم أفعل ذلك أو أفيدهم في أي شيء آخر، إذا كان قد حصل تقصير من قبلي أسأل الله الغفران لذلك، والتوفيق لعدم التقصير في المراحل القادمة.
إنطلاقاً مما قاله الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه: "إن المسجد متراس المؤمن"، انطلاقاً من هذا الكلام أقول للأخوة والأخوات حياتنا كلها في صراع، نحن في معركة مفتوحة، معركة الإيمان والكفر، معركة العدالة والظلم، معركة الحرية، معركة الكرامة، معركة الأخلاق، معركة مفتوحة مع كل الجبهات، في كل الأماكن،[...]
المتراس الأول، لا تقدر الأم في الأسرة أن تسقط متراسها الأسري وتذهب إلى متراس آخر، لا تقدر أن تفتح أسرتها للعدو كي يحتلها، حتى لو قالت أنها تريد أن تحارب في متراس آخر، هذا خطأ كبير، المتراس الأول هو الأسرة، ثم تأتي المراكز الأخرى، كالمحل، والمدرسة، والمعاهد، هذه المعاهد قيمتها أنها متاريس إعدادية، متاريس بناءة، موجِّهة، متاريس تُجهّز الإنسان، تجهّز الإنسانة في أن تحضر في متاريس الحياة بقوة وجدارة، هذا العمل ليس مفصولاً عن مجمل المعركة، عن كل المعركة، هو موقع من مواقع المعركة، يمكن أن يقول بعض الأخوة والأخوات أننا نحن موجودون في هذا المعهد، في هذا المحل ولكن عملنا لا يفيد، ليس له قيمة، لا أحد يلتفت إلى عملنا، لا أحد.. لا، هذا الشعور ليس صحيحاً:
كن كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

هذا الجبل الذي اسمه جبل المقاومة والنصر هو الجزئيات العملية التي يقوم بها أي فرد في هذا المجتمع.
هذا عمل جبار، عمل كبير، عمل له قيمة، قيمته بعلاقته وليس بحجمه، قيمته بعلاقته مع المعركة الكبرى، بارتباطه بالنصر، بارتباطه بالقوة [...]
مراتب العلاقة مع الله ورسوله وأهل بيته.
إننا جزء من معركة كبرى على كل صعيد، خصوصاً المعركة الأسرية، أو المعركة الأخلاقية، أو المعركة الثقافية. هذا متاح للجميع فالكل يقدر أن يكون فيه، إنه عمل مهم، أسأل الله أن يبارك لكم ويتقبل منكم هذه الأعمال المباركة إن شاء الله في هذه الجمعيات وفي غيرها من مواقع العمل.
أما في الموضوع السياسي لقد شهدنا في المرحلة الأخيرة نوع من الأحداث، التطورات، تحمل كثيراً من المؤشرات، من جهة هي مؤشرات فشل، من جهة أخرى هي مؤشرات سقوط، مؤشرات إرباك، سأرجع لهذه النقطة ولكن هناك نقطة قد نسيتها أريد أن أقولها للأخوات. من أخطر المعارك الموجودة اليوم في هذا العصر ليست المعارك مع الكفر، ليست مع أمريكا، ليست مع "إسرائيل"، أنا أقول لكم مسبقاً المعركة مع أمريكا على المستوى الثقافي والأخلاقي قد ربحناها منذ زمن، ليس هناك معركة ثقافية وأخلاقية بيننا وبين إسرائيل، هذا الموضوع انتهى.
إنّ المعركة الثقافية الكبرى هي معركة مع البنية الداخلية للمسلمين، مع البناء الداخلي للمسلمين، ببساطة أقول على مستوى المرأة أنتم معنيين بهذا الموضوع، ويجب أن تعرفوا قيمة هذا الموضوع. لقد قدّم الإمام رضوان الله تعالى عليه، من خلال الثورة الإسلامية في إيران إلى العالم نموذجاً، وقال للعالم إن الإسلام يرى في المرأة في هذا العالم، هذه القيمة وهذا النموذج، وهذا العطاء، وهذه القيمة الإنسانية الحضارية المتقدمة والعلمية.
هذا نموذج الثورة الإسلامية في إيران، هذا نموذج الإسلام الذي قدمه الإمام(قده) في إيران، أي ثقافة وأي قيمة يمكن أن تهزم قيمة المرأة التي قدمها الإمام الخميني؟
الغرب اليوم، خطه البياني في التحول الثقافي والاجتماعي عند النساء نزولاً وليس صعوداً، هذا يعني أنه لا يقدر، هو غير جدير بأن يواجه نموذج الإمام. لكن أي نموذج اليوم يتقدم لمستوى النموذج الذي قدّمه الإمام؟ نموذج التكفيريين، نموذج القاعدة. يوجد صورتان للمرأة يتقدمان اليوم في العالم باسم الإسلام، أنا لا يعنيني أن تُقدّم أمريكا نموذجاً للمرأة باسم أمريكا، المشكلة اليوم أننا نعيش مرحلة تُقَدّم المرأة بنموذج إلى جانب نموذج الإمام الخميني باسم الإسلام، وهذا شيء خطير، نحن معنييون في حركتنا، وفي ثقافتنا، وفي عملنا، بأن نكسر هذا النموذج؛ لأن هذا النموذج لا يقل خطورة عن ما فعله الغرب وعن ما فعله الكفر، نحن نعتز ونفتخر بأننا ننتمي لهذا الفكر الإسلامي الذي قدّمه الإمام؛ فهو قد قدّم نموذجاً جميلاً، وراقياً، وحضارياً عن الإسلام.
اليوم، في إيران يبحثون في الأعمال والمواقع الكبرى والأساسية في الدولة التي تستطيع المرأة أن تعمل فيها، في أماكن أخرى، في الخليج مثلاً يبحثون في مسألة هل تستطيع المرأة أن تقود السيارة أم لا؟ وهناك أسوأ من هذا النموذج مثلاً طالبان والقاعدة نرى نماذج أخرى.
عليكم أن تأخذوا بعين الاعتبار وأنتم تعملون أو تقيمون علاقات مع الآخرين أنكم تقدمون أنفسكم كنموذج حتى لو لم تقولوا للناس نحن نموذج؛ لأنّ الناس تنظر إليكم كنموذج، ولكن نموذج مَن؟ إما نموذج طالبان في هذا العصر وإما نموذج الإمام الخميني(قده) والذي هو نموذج محمد وآل بيت محمد.
مؤشرات السقوط، أو الهزيمة، أو الضعف، أو الإرباك، أو التشتت الذي حصل في المرحلة الأخيرة من الأحداث في لبنان، والتي تمثلت بكل السلوك الذي رأيتموه جميعاً، هي مؤشرات خطرة، وذلك لأننا أمام فريق من الناس، ونموذج من الناس، لا يرف له جفن إذا رأى هذا البلد يحترق، نحن أمام مؤشر خطر في أنّ هؤلاء ليس عندهم مانع أبداً أن يأخذوا البلد إلى الدمار، إلى الخراب، إلى الفتنة، إلى الصراع الداخلي، إلى الحرب الأهلية، فهم قد فعلوا في الإعلام كل ما يدل على أنهم مع الحرب الداخلية، فالذي يسمع إعلامهم يقول عنهم أنهم دعاة حرب أهلية، وما فعلوه على الأرض يعني أيضاً أنهم يدعون الأطراف الأخرى إلى الاشتباك لتتحقق الحرب الأهلية والفتنة، وأقول بكل وضوح الذي منع ذهاب البلد إلى الخراب، وإلى الصراع، وإلى الفتنة المذهبية ليس هم، وإنما الأطراف الأخرى التي كانت حريصة على عدم خراب البلد، ولم تستجب، وصبرت صبراً أكبر من طائرة أيوب حتى لا نقع في الفتنة، ونحن لسنا عاجزين بل نحن الأقوياء، الضعفاء في هذا البلد أرادوا أن يأخذوا البلد إلى الخراب، والأقوياء في هذا البلد أرادوا أن يأخذوه إلى الوحدة والتحصين والاستقرار. مؤشر خطر.
من المؤشرات الخطرة أيضاً أنهم مقابل الوصول إلى السلطة، ليس لديهم مانع بأن يفعلوا أي شيء، أن يقولوا أي شيء، أن يسبّوا، أن يشتموا، أن يتّهموا... ، نحن مع فريق من هذا النوع، في نفس الوقت نقول الحمد لله أن وفق الله سبحانه وتعالى وساعد وسدّد في أن يمر لبنان ويعبر هذه المرحلة الخطيرة والسيئة. لقد غاظهم السكوت، والصبر، غاظهم هذا الهدوء للمقاومة في لبنان. لم يخجلوا ولم يستحوا وأخرجوا من داخلهم مكامن أحقادهم وتحدثوا بها مع الناس، لكن من المؤشرات الإيجابية الكبرى أنّ الناس في لبنان، حتى الذين حرّضوهم، ليسوا معهم في الذهاب إلى الفتنة المذهبية، هذا موضوع سيُبنى عليه إن شاء الله في المستقبل، ونأمل أن تكون العلاقات في ما بين اللبنانيين أفضل، وأحسن، وأوضح، وأسرح، وأكثر إخلاصاً من أجل بناء لبنان، واستقرار لبنان، ومن أجل مستقبل لبنان، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله.

التعليقات (0)

اترك تعليق