مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

41 طفلاً استشهدوا في عدوان غزة الأخير: حتى لا يصبحوا مجرّد أرقام من فلسطين!

41 طفلاً استشهدوا في عدوان غزة الأخير: حتى لا يصبحوا مجرّد أرقام من فلسطين!

في الحروب الطويلة الأمد، يتحوّل الضحايا، وبدون قصد، في كثير من الأحيان، إلى أرقام. ومهما اجتهد المتعاطفون في شخصنة تلك الأرقام، تبقى آلة القتل و"سُنّة" الحروب، الطويلة الأمد، أقوى منهم.
تعج مقابر فلسطين المحتلة، كما مقابر الفلسطينيين حول العالم، بالأرقام. تضيع فيها الأسماء والأعمار، وتمحي تفاصيل حياة الضحايا: عجائز وشباب وأطفال، كأنما لم يكونوا هناك يوماً.
لكن الموت يظلّ مؤلماً، ثقيل الوقع على ذوي الضحايا الذين تطاردهم وجوه من يحبون، ثم تصبح وطأته لا تحتمل عندما يكون الشهيد طفلاً. حينها يعجز العقل عن استيعاب كيف تُقتل ابتساماته وأحلامه، وحتى شقاوته، بهذه الطريقة الوحشية.
في الواقع، لا تقتصر خسائر حروب إسرائيل على من يموت من الأطفال، فهناك من يُشوّه من إخوة الشهيد وهناك من يفقد أعضاء من جسمه...  وهناك من يعيش هلِعاً طوال حياته.
في عملية "عمود السحاب" الإسرائيلية الأخيرة على غزة، قُتل 41 طفلاً فلسطينياً، وهو عدد حاول "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" توثيقه وشخصنته عبر شهادات حية قدمها ذوو الضحايا عن لحظات الاغتيال وما تلاها. وفيما اشتهرت بعض أسماء الشهداء خلال العملية، مثل أطفال عائلة الدلو الخمسة يارا (15 عاماً) وسارة (7 أعوام) وجمال (5 أعوام) ويوسف (4 أعوام) وإبراهيم (عامان)، بقيت أسماء كثير من الأطفال مغمورة. من هنا حاول المرصد توثيق ضحايا ما أسماه بـ"أوسع اعتداء على غزة منذ العام 2008"، على امتداد 76 صفحة.
ويتبيّن في خلاصة التقرير، الذي تضمن شهادات حيّة لذوي الضحايا والكوادر الطبيّة، أن 21 من الأطفال كانوا دون العاشرة من العمر، وسبعة منهم هم من الرضع.
كما اعتبر المرصد أن أكبر جريمة ضدّ الإنسانية خلال النزاعات المسلحة تتمثّل في قتل الأطفال بالقصف المباشر بطائرات ذات تقنيات عالية، مندّداً بـ"استهتار إسرائيل التام بموجبات الحماية الخاصة التي يوفرها القانون الدولي للأطفال".
وفيما كشف عن مساع لتشكيل قاعدة بيانات حول الانتهاكات الصهيونية للقانون الدولي في الفترة الواقعة بين 14 و21 تشرين الثاني 2012، أكد أن ذلك سيكون منطلقاً لمحاسبة دولية للقادة الصهيونيين المتورطين، داعياً اللجان المختصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي والجهات الأممية إلى تحقيق فوري بشأن الاستخدام المفرط للقوة.
وفي التالي، نبذات عن 10 أطفال سقطوا في الاعتداء الأخير، مع اعتذار مسبق من الـ31 الآخرين، إذ غابت أسماؤهم لضرورات فنية:
1 ـ عمر جهاد علي نمر المشهراوي (11 شهراً):
أصيب عمر بحروق بالغة، عندما دوت انفجارات عنيفة في 14 تشرين الثاني عند الخامسة مساء، فحاولت والدته برفقة ابنها علي (4 أعوام) وعمر وشقيق زوجها وزوجته هبة الهروب إلى الحديقة، لكن كتلة من اللهب سبقتهم، فقتلت عمر وهبة (19 عاماً).
تقول والدة عمر إن "أطفالي غير قادرين على نسيان عمر. وشقيقه علي دائم السؤال عنه، ويُصاب بنوبات هلع من أي صوت خارج المنزل، حتى مكابح السيارة".
2- حنين خالد أحمد طافش (10 أشهر):
قتلت الطفلة حنين بشظايا صاروخ سقط بجوار منزل ذويها، وذلك حوالي الحادية عشرة ظهراً من 15 تشرين الثاني. عندما سقط الصاروخ، هرع والدها من حديقة المنزل إلى غرفة الطفلة لإنقاذها، لكن الشظايا كانت أسرع منه فأصابت حنين في رأسها وأنحاء جسدها، كما أصابت والدتها (21 عاماً) في ظهرها ويدها.
3 ـ وليد محمود عبد الفتاح العبادلة (عامان و7 أشهر):
استهدفه صاروخ عندما كان يلعب في حقل زيتون مجاور لمنزلهم في خان يونس، وأصيب مباشرة في الرأس. وأعقب ذلك صاروخ آخر من "أف 16" إسرائيلية أصابه بحروق شديدة، في 15 تشرين الثاني الساعة الثالثة عصراً.
4 ـ عدي جمال عبد الكريم ناصر (15 عاماً و7 أشهر):
في 15 تشرين الثاني، وعند الحادية عشرة مساء، سقط صاروخ على بعد 30 متــراً من منزل عدي ناصر، فسقط المنزل على رؤوس أهله من شدة الضربة. يقول والد عدي: "أصيب ولدي بشظية في بطنه خرجت من ظهره وقتلته على الفور. فجأة صحيت، ما لقيت الدار، وولادي بيصرخوا ودمي بينزل... حاولت إسعاف عدي بإجراء التنفس الاصطناعي، فامتلأ فمي بدمه".
أما شقيقه الأصغر فيتحدث عن "تفوق عدي ورغبته بدخول القسم العلمي"، فيما تروي جدته كيف "جاب العلامة الكاملة قبل استشهاده، وكيف كافأه والده بمعطف جديد رفض ارتداءه قبل دخول المدرسة". أمه تكتفي بالقول: "هو مختلف... غالي كثيراً، إنه أغلاهم".
5 ـ فارس أحمد دياب البسيوني (8 أعوام و7 أشهر):
استشهد فارس في الاعتداء ذاته الذي استشهد فيه عدي ناصر. أصابته شظية في رأسه مباشرة، جعلت عظام جمجمته تظهر.
في وقت أصيب أخوه نادر (14 عاماً) إصابات بالغة في وجهه وقدميه. فارس في الصف الثالث الابتدائي في بيت حانون، وهو محبوب إلى درجة أن معلمته منهارة ولم تتجاوز صدمة غيابه لغاية الآن.
تقول والدته: "كان يحب اللعب بالكرة وعلى الحاسب الآلي، كانت له أمنيات كثيرة لكنه لم يعش ليطالها".
6 ـ محمود رائد محمد سعد الله (3 أعوام):
"كان ذكياً ومرحاً وشقياً وكل الجيران يحبونه. كان شاطراً ولم أكن أطيق بعده عني. من بين كل إخوته هو الوحيد الذي كان ينام في حضني. لم نكن نرفض له طلباً. اليوم أقول الحمد لله إننا كنا نحضر كل ما يطلبه"، هذا ما تردّده والدة محمود منذ استشهاد طفلها.
محمود استشهد عندما كان يلعب في أحد شوارع جباليا. سمعت الأم صوت الانفجار فهرعت لتجده بين يدي شقيقه مالك (11 عاماً) وهو أشلاء. لا يعرف من كانوا في المنزل أو الجيران نوع الصاروخ الذي قتل محمود، لكنهم يقدرون أنه من طائرة "أف 16" حربية.
مالك ما زال تحت تأثير الصدمة، ولا ينفك يردّد: "ليتني مُتُّ مثل محمود. ماذا هنالك في حياتنا يستحق العيش من أجله؟ إنها سوداء".
7- تامر أبو سعيفان وشقيقته جمانة (3 أعوام وعامان):
ولد الطفلان بعد سنوات طويلة من العلاج خاضها والداهما من أجل الإنجاب. لكن هذه"النعمة" سُرقت سريعاً من يديهما، وخطف الصاروخ الإسرائيلي حياة الطفلين، بعد أن استشهدا في انفجار استهدف المنزل في جباليا في 18 تشرين الثاني.
8- إياد يوسف أبو خوصة (عام و7 أشهر):
كان إياد يلعب برفقة أخيه وأولاد عمه، عندما سقط صاروخ إسرائيلي على الباحة فقتله على الفور فيما أصيب أخوه (7 أعوام) وابنة عمه سارة (5 أعوام) إصابات بالغة. تقول أمه: "كان واضحاً أنهم يريدون استهداف الأطفال، لقد كانوا يلعبون في ساحة مكشوفة، ولا بدّ أن طائرات الاستطلاع المتطورة التقطت وجودهم".
9- تسنيم زهير محمد النحال (9 أعوام):
تسنيم استشهدت بشظية صاروخ أصابت رأسها أثناء ذهابها لشراء بعض الحاجيات. يقول أهلها إنها كانت طفلة ذكية، وصوتها جميل للغاية. تعشق الموسيقى وتسجل الأناشيد على جوال أبيها.
10- راما عماد محمد الشندي (عام و7 أشهر):
راما، الابنة الوحيدة، لوالدها والثالثة لأمها. استشهدت عند الساعة الثالثة فجراً بعدما قصف صاروخ منزل أهلها في تل الهوى. أما سبب الوفاة فكان "توقف قلبها جراء صدمة قوية".

المصدر: جريدة السفير.

التعليقات (0)

اترك تعليق