النساء المذكورة أسماؤهنّ في كتاب "أعيان الشيعة" للسيد محسن الأمين(5)
93- خدامة بنت وهب:
ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول(ص) وفي منهج المقال الأصح جذامة.
في أسد الغابة وغيره هي جذامة بنت وهب الأسدية من أسد بن خزيمة ولا ذكر لخدامة في الكتب المؤلفة في الصحابة فكان الأصح ما في المنهج.
94- خديجة بنت خويلد:
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية أم المؤمنين صلوات الله وسلامه ورضوانه عليها، مولدها ووفاتها ومدفنها ومدة عمرها روى في تاريخ دمشق أنها ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وتوفيت في شهر رمضان سنة عشر من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين أو أربع أو خمس.
وفي المستدرك للحاكم عن أبي معشر أنها توفيت قبل الهجرة بسنة.
قال ابن الأثير في أسد الغابة والأول هو الصواب بعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير وقيل بسنتين وعمرها 65 سنة.
وفي المستدرك للحاكم أنه قول شاذ والذي عندي أنها لم تبلغ ستين سنة.
وفي الاستيعاب توفيت وهي بنت 64 سنة وستة أشهر ودفنت بالحجون ونزل رسول الله(ص) في حفرتها ولم تكن يومئذ سنت صلاة الجنازة وتوفيت هي وأبي طالب في عام واحد، توفي أبو طالب ثم توفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقال ابن الأثير في "الكامل" توفي أبو طالب في شوال أو ذي القعدة وكانت خديجة ماتت قبله بخمسة وثلاثين يوما، وقيل كان بينهما خمسة وخمسون يوما، وقيل ثلاثة أيام فعظمت المصيبة على رسول الله(ص) بهلاكهما آه، وسمى رسول الله(ص) ذلك العام عام الحزن.
وقال ابن إسحاق فتتابعت على رسول الله(ص) المصائب، موت خديجة وأبي طالب كان يسكن إليهما، وإذا صح أن موتها في شهر رمضان وموت أبي طالب في شوال أو ذي القعدة كان الصواب تقدم موتها على موته والله أعلم.
أمها في الاستيعاب ومقاتل الطالبيين وغيرهما: أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، بن هرم، بن رواحة، بن حجر، بن عبد، بن معيص، بن عامر، بن لؤي، وفي الاستيعاب: الأصم اسمه جندب، وفي الاستيعاب عن ابن إسحاق أمها فاطمة بنت زائدة وأمها هالة بنت عبد مناف.
كنيتها:
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: تُكنى أم هند، وفي ذيل المذيل (صفحة 2) كانت تكنى أم هند، وهند ابن لها من أبي هالة بن النباش ابن زرارة زوج كان لها قبل النبي(ص) كنيت به، وفيه أيضا (ص 65) كانت تُكنّى أم هند بابنة لها ولدتها من عتيق بن عائذ بن عبد الله بن مخزوم يقال لها هند، وبابن لها ولدته من أبي هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غوي بن جذوة بن أسيد بن عمر بن تميم يقال له هند.
تزوج النبي(ص) بها:
في ذيل المذيل وغيره. هي أول امرأة تزوجها رسول الله(ص) وأولاده كلهم منها غير إبراهيم بن مارية، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت. في تاريخ دمشق روى محمد بن عباس أن مهرها كان 12 أوقية وكذلك كان مهر نسائه مقدار عمرها وعمر النبي(ص) يوم تزوجه بها وإقامتها معه.
في الاستيعاب كانت عند تزوجه بها بنت أربعين سنة والنبي(ص) ابن إحدى وعشرين، وقيل خمس وعشرين، وهو الأكثر وقيل ثلاثين فأقامت معه 24 سنة وتوفيت.
وعن مجمع البحرين كانت عند تزوجها به بنت أربعين سنة وستة أشهر.
وفي المستدرك للحاكم عن محمد بن إسحاق كان لها يوم تزوجها 28 سنة.
وفي تاريخ دمشق روي من طريق الزبير بن بكار أنّ عمرها كان يوم زواجها ثلاثين سنة. قال وروى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس أنّ عمرها كان يومئذ 28 سنة.
هل تزوجت قبل النبي(ص)؟
المعروف بين المؤرخين أنها تزوجت أولا وثانيا وولد لها، ثم تزوجت بالنبي(ص)، وأنكر صاحب كتاب الاستغاثة تزوجها قبله(ص)، وقال إن ما نسب إليها من الأولاد هم أولاد أختها وحكي مثل ذلك عن المرتضى في الشافي وأحمد البلاذري في كتابه وأبي جعفر في التلخيص، حكي عن صاحب البحار حكاية ذلك عنهم والله أعلم.
القائلون بتزوجها قبله:
في مقاتل الطالبيين: تزوجت خديجة(ص) قبل رسول الله(ص) رجلين يقال لأحدهما عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وولدت له بنتا يقال لها هند، ثم توفي عنها، فخلف عليها أبو هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن حرزة بن أسيد بن عمرو بن تميم وولدت له ابنا يقال له هند. روى عن النبي(ص) وروى عنه الحسن بن علي(ع) حديث صفة رسول الله(ص) المشهورة وقال فيه: سألت خالي هند بن أبي هالة عن صفة رسول الله(ص) وكان له وصافا.
وفي الاستيعاب كانت خديجة تحت أبي هالة بن زرارة بن نباش بن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي هكذا نسبه الزبير، وقال الجرجاني النسابة كانت عند أبي هالة هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، فقد وقع اختلاف بين المقاتل وذيل المذيل، وكلام الزبير بن بكار والجرجاني في أسماء آباء من تزوجها كما ترى وبعضه سببه التصحيف، قال ثم اتفقا أي الزبير والجرجاني فقالا ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله(ص)، وقال قتادة كانت أولا تحت عتيق ثم خلف عليها أبو هالة والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى.
القول بأنها لم تتزوج قبله(ص):
في تكملة نقد الرجال عن كتاب الإغاثة أو الاستغاثة تأليف الشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي المتوفي سنة 352 وإن نسبه هو في ترجمة علي بن الحسين الأكبر إلى كمال الدين ميثم البحراني تبعا لغيره. وإنه أنكر فيه كون خديجة تزوجت قبل رسول الله(ص) بغيره، وقال قد صحت الرواية عندنا بأنه كان لها أخت من أمها تسمى هالة قد تزوجها رجل من بني تميم يقال له أبو هند فأولدها ابنا اسمه هند بن أبي هند وابنتين زينب ورقية، ومات أبو هند وقد بلغ ابنه مبالغ الرجال والابنتان طفلتان وكانت موجودتين حين تزوج رسول الله(ص) خديجة بنت خويلد(ع) ورسول الله(ص) حين تزوج بها، وماتت هالة بعد ذلك بمدة يسيرة وخلفت الطفلتين زينب ورقية في حجر رسول الله(ص)، وحجر خديجة وكان من سنة العرب في الجاهلية أنّ من يربي يتيما ينسب ذلك اليتيم إليه ولا يستحل التزوج بمن يربيها؛ لأنها كانت عندهم يزعمهم بنتا لمربيها، فلما ربّى رسول الله(ص) وخديجة هاتين البنتين نسبتها إليهما وهما بنتا أبي هند زوج هالة أخت خديجة، ولم تزل العرب على هذه الحالة إلى أن ربي بعض الصحابة يتيمة بعد الهجرة فقالوا لو سألت رسول الله(ص) هل يجوز في الإسلام تزويج اليتيمة بمن ربّاها فأنزل الله جل ذكره «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» الآية فأطلق الله سبحانه في الإسلام تزويج اليتيمة لمن يربيها، فكان رسول الله(ص) في نسب ابنتي أبي هند كما وصفناه في سنة العرب في الجاهلية، فدرج نسبهما عند العامة كذلك، ثم نسب أخوهما هند إلى خديجة وكان اسم خديجة نابها معروفا، وكان اسم أختها خاملا مجهولا، فظنوا لما غلب اسم خديجة على اسم هالة أختها، ثم نسب هند إليها، أن أبا هند كان متزوجا بخديجة قبل رسول الله(ص)، وأنّ هندا كان قد عمر حتى لحق أيام الحسين(ع) فقتل بين يديه وهو شيخ، فذكر أنه قتل قبل قتل الحسين هند التميمي، وأنه كان هند ابن خالة فاطمة بنت الحسين قال ولما وقع بيني وبين من نسب إلى هند من ولده مجاوبات ومناظرات فيما ينسبون إليه من خديجة وما يجهلون من جدتهم هالة ولما عرفتهم الصحيح اشتد عليهم وجادلوني أشد مجادلة أنهم من ولد خديجة فأعلمتهم أن ذلك جهل منهم بنسبهم، وأن خديجة لم تتزوج غير رسول الله(ص)، وذلك أنّ الإجماع من الخاص والعام، ومن أهل الآثار ونقله الأخبار على أنه لم يبق من أشراف قريش ومن ساداتهم وذوي الجدة منهم أحد إلا خطب خديجة ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم، فلما تزوج بها رسول الله(ص) غضب عليها نساء قريش وهجرنها، وقلن لها خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم وتمتنع من سائر قريش وأشرافها.
قال: ثم قلت لمن يجادلني منهم ليس ما ذهب عنكم وجهلتموه من معرفة جدتكم أهي خديجة أم أختها هالة بأعجب مما لحق ولد الحسين من الاختلاف في نسبهم الذي هو أشرف الأنساب في الدنيا وأرجاها سعادة في الآخرة، فلم يمنعهم شرفهم وعظم قدرهم من اختلافهم فيه على فرقتين، وذلك أنه كان للحسين(ع) ابنان كل منهما يُسمى بعلي، أحدهما أكبر من الآخر قتل أحدهما بكربلاء وبقي الآخر، والعقب كله من الباقي بغير خلاف، ثم اختلف فيه ما بين الأصغر والأكبر، فمن كان من ولد الحسين قائلا بالإمامة بالنصوص يقول أنه من ولد علي بن الحسين وأنه الباقي بعد أبيه والمقتول هو الأصغر منهما، وهذا هو قولنا وبه نأخذ وعليه نعول، وأن علي بن الحسين الباقي كان يوم قتل أبيه الحسين من أبناء ثلاثين سنة، وأنّ ابنه محمد بن علي بن الحسين الباقر كان يومئذ من أبناء خمس عشرة سنة، وكان المقتول هو علي بن الحسين الأصغر من أبناء اثنتي عشرة سنة(1).
والفرقة الأخرى وهم جميع من يقول بمذهب الزيدية منهم من يقول إن العقب من الأصغر، وأنه في اليوم الذي قتل فيه الحسين(ع) من أبناء سبع سنين، ومنهم من يقول أربع سنين،.
وعلى هذا النسابون من العوام وهو عندنا قول فاسد، ومشايخنا كلهم من أهل العلم من الإمامية من العلوية وغيرهم من الشيعة على خلاف هذه الأقوال فلينظر ذوو الفهم إلى الاختلاف الذي وصفناه من ولد الحسين(ع) مع جلالة نسبهم وعظم قدرهم في جميع ولد آدم، وقربه من عدد الآباء فلم يكن فيهم من الحفظ لهذا النسب العالي الشريف الذي يتمنى جميع الناس أن يكونوا منه، ولا يتمنى أهله أن يكونوا من أحد من البريات ما يحيطون بمعرفته على حقيقته حتى لا يجهلوا جدهم الذي ينتسبون إليه في الأخوين من الأكبر إلى الأصغر، وإنما الأكثر ما بينهم الآباء إلى عصرنا هذا من ستة آباء أو سبعة، فذهب عنهم أو عن أكثرهم معرفة من ولده من الأخوين مع ما وصفناه من قربه وشرفه، أتعجب أن يذهب على ولد أبي هند معرفة جدتهم حين جهلوها من أختين فلا يعرفونها أهي خديجة أم هالة، هذا مع ما كان من سلفهم فيه من الرغبة في الافتخار، والشرف على قومهم وغيرهم بمناسبة رسول الله(ص)، فانتساب منتسبهم إلى خديجة لتثبت له خؤولة ولد الرسول(ص) قصدا منه وتعمدا طلبا للافتخار أو جهلا من المنتسب الأول منهم، بنسبته على ما وصفناه ليس بأعجب من جهل أكثر ولد الحسين(ع) معرفة نسبهم في علي بن الحسين، وهذا غير منكر عند ذوي الفهم، لغلبة الجهل على عوام الناس، وقلة معرفة كثير منهم بالأنساب، حتى أن اليمن كلها مجتمعة في نسبها إلى قحطان بن عابر لا يدرون من ولد عابر، حتى قالوا أنّ عابر هو هود النبي،.
وزعمت اليمن والنسابون من العوام أنّ إسماعيل بن إبراهيم تعلم العربية من جرهم، قبيلة من اليمن كانت نازلة بمكة وحولها وقد ألف في ذلك كتاب المبتدأ، فخرجوا بهذا القول الفاسد بينهم إسماعيل بن إبراهيم وولده من العرب وهم لا يعلمون، وكان قائل هذا موجبا لإخراج رسول الله(ص) من العرب، وفي هذا الكفر بالله وبرسوله فقد بطل قول القائل بذلك وثبت قول علماء أهل البيت أنّ أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم(ع)، وأن قحطان بن عابر تفسيره بلسان قوم هود في زمن عاد هود فقدر من وقف على ذلك أن هذا عابر ولد قحطان وهو هود النبي فأخطأ، وليس أحد من اليمن اليوم ينتسب إلى إسماعيل بن إبراهيم، ولو قيل لهم ذلك أنكروه أشد نكرا، وهذا من اشتباهات العامة، وإنّ العامة لتروي جميعا أنّ الرسول(ص) انتسب إلى معد ثم قال عند ذلك كذب النسابون لأنها إذا جاوزت في النسب الرسول(ص) لم يحل حالكم من أن يكون ما قاله الرسول من تكذيب النسابين حقا أو باطلا، والأول شهادة على من تجاوز في النسب باستعمال الكذب، والثاني كفر، وقد روينا من طريق علماء أهل البيت(ع) أنّ قوما ينسبون إلى قريش وليسوا من قريش، وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحد عبد فأراد أن يلحقه بنسبه فعل ذلك، وجاز عندهم وزوجه كريمة من العرب فيلحقه بنسبها، فكان هذا من سنن العرب، وقد فعل ذلك رسول الله(ص) بزيد بن حارثة الكلبي، فما أظهر رسول الله(ص) الدعوة سارعت خديجة إلى الإسلام، فسارع زيد إليه فاستوهبه الرسول(ص) من خديجة ليعتقه ففعلت، فبلغ أباه خبره فأتى مكة في طلبه، وكان أبوه من وجوه بني كلب، فصار إلى أبي طالب في جماعة من العرب، فحمل بهم على رسول الله(ص) في أن يرد عليه ابنه زيدا ببيع أو عتق، فقال هو حر فليذهب حيث شاء، فقال له أبوه يا بني الحق بقومك ونسبك، فأبى وقال يا معاشر قريش والعرب إني قد تبرأت من زيد، فليس هو ابني ولا أنا أبوه، فقال الله(ص) يا معاشر قريش زيد ابني وأنا أبوه، فدعي زيد بن محمد على رسمهم الذي كان في الجاهلية، فلما تزوج رسول الله(ص) بامرأة زيد أنكر ذلك جماعة من الجهال فخاضوا فيه، فنزلت «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ» الآية، «وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ» الآية، ثم ذكر العلة «فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا» انتهى.
ما أردنا نقله من كلام صاحب الاستغاثة، وهو كلام يدل على تبحره ومهارته في إقامة الحجج، سواء أسلمنا له ما قاله، أم لم نسلم، وإن صلح ما قاله كان قول الحسن(ع) المتقدم. سألت خالي هند بن أبي هالة مبينا على الظاهر.
سبب اتصالها برسول الله(ص) وتزوجها به:
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر قال استأجرت خديجة رضوان الله عليها رسول الله(ص) سفرتين إلى جرش كل سفرة بقلوص. هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفي أسد الغابة كان سبب تزوجها برسول الله(ص) ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق قال كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغه عن رسول الله(ص) ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله منها، وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام فنزل في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة، فقال هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم باع رسول الله(ص) سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلا إلى مكة، فباعت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فبعثت إلى رسول الله(ص) أني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، وكانت أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، فذكر ذلك رسول الله(ص) لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله(ص). وهذه الرواية تدل على أن أباها هو الذي زوجه إياها.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة قبل ذلك زوجه إياها عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وإن أباها كان قد مات، وحكى ذلك عن الزبير بن بكار وغيره، وأن عمها عمرا قال حين أراد تزويجها من رسول الله(ص): محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنت خويلد، هذا الفحل لا يقذع أنفه.
وفي المستدرك بسنده عن الزهري أنكحها أبوها خويلد بن أسد.[...]
أما أولادها من رسول الله(ص):
ففي الاستيعاب: لم يختلفوا في أن ولد النبي(ص) كلهم من خديجة حاشا إبراهيم، وقال: أجمعوا على أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرت زينب وهي أكبرهن تزوجها أبو العاص بن الربيع ابن أخت خديجة، وفاطمة الزهراء(ع) وهي أصغرهن تزوجها علي بن أبي طالب(ع)، وانحصرت ذرية الرسول(ص) في ولدها، ورقية وأم كلثوم تزوجها عثمان واحدة بعد الأخرى، وأجمعوا على أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم وبه كان يكنى. قال الزبير بن بكار وهو أكبر ولده مات بمكة، وهو أول من مات من ولده وعاش حتى مشى، وولدت بعده زينب، واختلفوا في سواه، فعن بعض العلماء ما نعلمها ولدت له من الذكور إلا القاسم، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر، وقيل ولدت له عبد الله مات صغيرا وكان يقال له الطيب، ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة، وقيل ولد له القاسم والطاهر والطيب ماتوا بمكة.
وقال مصعب الزبيري أن عبد الله هو الطيب والطاهر؛ لأنه ولد بعد الوحي له ثلاثة أسماء، وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة القاسم أكبر أولاده ثم زينب، وقال الكلبي زينب، ثم القاسم، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، ثم عبد الله يقال له الطيب والطاهر. قال هذا هو الصحيح وغيره تخليط.
وفي المستدرك للحاكم بسنده عن ابن عباس قال ولدت خديجة لرسول الله(ص) غلامين وأربع نسوة: القاسم وعبد الله وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: روى الزبير بن بكار عن ابن عباس في سبب نزول «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» أنّ خديجة ولدت عبد الله بن رسول الله(ص) ثم أبطأ عليها الولد من بعد، فبينما رسول الله(ص) يكلم رجلا والعاص بن وائل والد عمرو بن العاص ينظر إليه، إذا قال له رجل من هذا، قال هذا الأبتر، فأنزل الله تعالى «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ» أي مبغضك هو الأبتر، الذي بتر من كل خير، ثم ولدت له زينب، فرقية، فالقاسم، فالطاهر، فالمطهر، فالطيب، فالمطيب، فأم كلثوم، ففاطمة، وكانت أصغرهم، وكانت خديجة، إذا ولدت ولدا دفعته لمن يرضعه، فلما ولدت فاطمة لم ترضعها أحدا غيرها وجميع أولاده(ص) من خديجة إلا إبراهيم، ويقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله، ويقال إنّ الطيب والمطيب ولدا في بطن، والطاهر والمطهر في بطن، فتحصل من ذلك أقوال خمسة:
1- إنه لم يولد لها من النبي(ص) ذكر إلا القاسم.
2- إنها ولدت له القاسم والطاهر.
3- إنها ولدت القاسم وعبد الله والثاني يلقب بالطيب والطاهر.
4- إنها ولدت القاسم والطيب والطاهر.
5- إنها ولدت عبد الله، ثم زينب، فرقية، فالقاسم، فالطاهر، فالمطهر، فالطيب، فالمطيب، ولا يبعد كون الطيب والمطيب والطاهر والمطهر ألقابا فظن البعض أنهما أسماء فعداهما من الأسماء.
إسلامها:
في الاستيعاب مسندا عن جماعة أنها أول من آمن بالله ورسوله من الرجال والنساء، صلى رسول الله(ص) يوم الاثنين وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وذكر أنه روي مسندا عن ابن عباس: كان علي بن أبي طالب أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة اه.
والذي ترويه الشيعة أن عليا(ع) أسلم قبل خديجة، ثم أسلمت خديجة لكنهم رووا أن رسول الله(ص) بُعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء، فإن صح الخبر المتقدم أن خديجة أسلمت آخر يوم الاثنين كان إسلامها متقدما على إسلامه بليلة، والاعتبار يقضي بأن لا يتقدم إسلامها؛ لأنها، وإن كانت زوجته، لم تكن أشد خلطة به من علي، ولا أطوع له منه، ولم يكن ليؤخر رسول الله(ص) دعوته لعلي إلى الإسلام، ولم يكن علي ليتأخر عن إجابته إلى ذلك، ولعل رواية تقدم إسلامها كانت ممن لم يتركوا وسيلة للغض من علي إلا توسلوا بها، وكيف كان فخديجة أول من أسلم من النساء وعلي أول من أسلم من الرجال، ولم يسبق عليا وخديجة أحد إلى الإسلام، فلم يكن في الأرض من يعبد الله إلا ثلاثة: رسول الله(ص)، وعلي(ع)، وخديجة رضوان الله عليها، فكان يصلي رسول الله(ص) وعلي عن يمينه متأخرا عنه وخديجة عن يمين علي متأخرة عنه.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عفيف بن عمرو أو ابن قيس كنت امرأ تاجرا، وكنت صديقا للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية، فقدمت لتجارة فنزلت على العباس بمنى، فجاء رجل فنظر إلى الشمس حين مالت فقام يصلي، ثم جاءت امرأة فقامت تصلي، ثم جاء غلام حين راهق الحلم فقام يصلي، فقلت للعباس من هذا، فقال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي يزعم أنه نبي ولم يتابعه على أمره غير هذه المرأة وهذا الغلام، وهذه المرأة خديجة بنت خويلد امرأته، وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب(ع).
قال عفيف الكندي وأسلم وحسُن إسلامه، لوددت أني كنت أسلمت يومئذ فيكون لي ربع الإسلام. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد معتبر من أولاد عفيف بن عمرو.
وروى الحاكم في المستدرك وابن إسحاق واللفظ للثاني بسنده عن عروة عن عائشة أول ما بدئ به رسول الله(ص) من الوحي الرؤيا الصادقة، لا يرى من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح.[...].
أقوال العلماء في حقها:
في سيرة ابن هشام ج 2 ص 19 كانت لرسول الله(ص) وزير صدق على الإسلام.
وفي الاستيعاب: كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة.
وفي الإصابة عن الزبير بن بكار كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة.
وفي السيرة الهشامية عن ابن إسحاق: آمنت خديجة برسول الله(ص) وصدّقت بما جاء به من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن نبيه(ص) لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، وخديجة هي التي قامت تنصر رسول الله(ص) ما استطاعت، وتحملت الأذى في سبيل نصره، ولما أنزل عليه «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» وأعلن بالدعوة، وآذاه قومه، وأخرجوه ذهبت خديجة وعلي بن أبي طالب يطلبانه الخبر.
وقال ابن إسحاق كانت وزيرة صدق على الإسلام، وقام الإسلام بأموال خديجة وسيف علي بن أبي طالب(ع)، وكانت خديجة من أهل الثروة والغنى فورثها رسول الله(ص) وولدها فكان ينفق من ذلك ما أراد في سبيل نشر الدعوة، ولما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة أوصى من يشتري ناقتين له ولصاحبه فقال صاحبه عندي ناقتان يا رسول الله فأبى أن يأخذهما إلا بثمنهما، وأمر عليا فنقده الثمن، فسئل الراوي من أين كان له المال، فقال وأين ذهبت أموال خديجة، وقد ورثها هو وولده كما مر في السيرة النبوية، وكان يذبح الشاة فيفرقها على صديقات خديجة، ولما قالت له عائشة غيرة منها على خديجة بعد موتها. والغيرة والحسد تنطفي جمرتها بعد الموت: والله ما كانت إلا عجوزا حمراء الشدقين وقد أبدلك الله خيرا منها، غضب وقال والله ما أبدلني الله خيرا منها. وذلك حينما سمعته يطريها مرارا ويكثر الثناء عليها، فغاظها ذلك منها وهي ميتة وقد أبان هذا القول من الرسول(ص) أنها أفضل نسائه.
أما أم سلمة فكانت على العكس من ذلك لم تأخذها غيرة ولا حسد لخديجة حين جعل النبي(ص) يثني على خديجة في خبر زفاف فاطمة، بل قالت هنأها الله ما أعطاها وأكثرت من الثناء عليها كما مر هناك.
مناقبها وفضائلها:
كفاها فضلا أنها أسبق نساء الأمة إلى الإسلام والإيمان.
وفي أسد الغابة بسنده عن أنس قال رسول الله(ص) خير نساء العالمين مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد(ص)، وبسنده عن ابن عباس خط رسول الله(ص) في الأرض أربعة خطوط، قال أتدرون ما هذا، قالوا الله ورسوله أعلم، فقال أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
ورواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وفي أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن جعفر سمعت علي بن أبي طالب(ع) يقول سمعت رسول الله(ص) يقول خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران، وأشار الراوي إلى السماء والأرض.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله(ص) يقول خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة اتفق الشيخان على إخراجه. وبسنده عن عروة قالت عائشة لفاطمة بنت رسول الله(ص) ألا أبشرك أني سمعت رسول الله(ص) يقول سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران وفاطمة بنت رسول الله(ص) وخديجة بنت خويلد وآسية.
ولا ينافي هذه الروايات ما ورد من أن فاطمة الزهراء(ع) سيدة نساء العالمين فإن الذي في هذه الروايات أنّ هذه النساء أفضل نساء أهل الجنة، أما إن أيهن أفضل من الأخرى فلم يذكر فيها، وأما الرواية الأخيرة فيحمل ما فيها على إرادة نساء أهل زمانهما كما ذكر في بعض الروايات فلا منافاة أيضا.
وفي أسد الغابة عن عائشة: ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها أي والحال أني لم أكن أدركتها، وما ذاك لكثرة ذكر رسول الله(ص) وإن كان ربما يذبح الشاة يتبع بها صدائق خديجة فيهديها لهن. وبسنده عن عائشة كان رسول الله(ص) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، ذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت، هل كانت إلا عجوزا فقد أبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء الحديث. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر قالت عائشة: كان رسول الله(ص) إذا ذكر خديجة لم يكد يسام من الثناء عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم فأحمتني الغيرة فقلت لقد عوضك الله من كبيرة السن، فرأيت رسول الله(ص) غضب غضبا شديدا إلى أن قال كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت منها الولد إذ حرمتهن مني، فغدا وراح بها علي شهرا؛ أي بقي شهرا يذكر ذلك غدوة ورواحا.nوروى الحاكم في المستدرك بسنده عن وعوة عن عائشة: ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة وما تزوجني رسول الله(ص) إلا بعد ما ماتت وبالموت تنطفي جمرة الحسد وذلك أن رسول الله(ص) بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وبسنده عن عروة عن عائشة: ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه(ص) أشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي أسد الغابة بسنده: دخل رسول الله(ص) على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال بالكره منى ما أتى عليك يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا الحديث.
95- خديجة بنت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(ع):
ذكرها المسعودي في مروج الذهب في عداد أولاده(ع)، ولم يذكر من أحوالها شيئا، ومر ذكرها في عداد أولاده في السيرة العلوية.
96- خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع):
روى الكليني في أصول الكافي في باب ما يفرق به بين دعوى المحق والمبطل لسنده عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري: أتينا خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) نعزيها بابن بنتها فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناها، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر الرائية قولي فقالت:
ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول(ص) وفي منهج المقال الأصح جذامة.
في أسد الغابة وغيره هي جذامة بنت وهب الأسدية من أسد بن خزيمة ولا ذكر لخدامة في الكتب المؤلفة في الصحابة فكان الأصح ما في المنهج.
94- خديجة بنت خويلد:
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية أم المؤمنين صلوات الله وسلامه ورضوانه عليها، مولدها ووفاتها ومدفنها ومدة عمرها روى في تاريخ دمشق أنها ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وتوفيت في شهر رمضان سنة عشر من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين أو أربع أو خمس.
وفي المستدرك للحاكم عن أبي معشر أنها توفيت قبل الهجرة بسنة.
قال ابن الأثير في أسد الغابة والأول هو الصواب بعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير وقيل بسنتين وعمرها 65 سنة.
وفي المستدرك للحاكم أنه قول شاذ والذي عندي أنها لم تبلغ ستين سنة.
وفي الاستيعاب توفيت وهي بنت 64 سنة وستة أشهر ودفنت بالحجون ونزل رسول الله(ص) في حفرتها ولم تكن يومئذ سنت صلاة الجنازة وتوفيت هي وأبي طالب في عام واحد، توفي أبو طالب ثم توفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقال ابن الأثير في "الكامل" توفي أبو طالب في شوال أو ذي القعدة وكانت خديجة ماتت قبله بخمسة وثلاثين يوما، وقيل كان بينهما خمسة وخمسون يوما، وقيل ثلاثة أيام فعظمت المصيبة على رسول الله(ص) بهلاكهما آه، وسمى رسول الله(ص) ذلك العام عام الحزن.
وقال ابن إسحاق فتتابعت على رسول الله(ص) المصائب، موت خديجة وأبي طالب كان يسكن إليهما، وإذا صح أن موتها في شهر رمضان وموت أبي طالب في شوال أو ذي القعدة كان الصواب تقدم موتها على موته والله أعلم.
أمها في الاستيعاب ومقاتل الطالبيين وغيرهما: أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، بن هرم، بن رواحة، بن حجر، بن عبد، بن معيص، بن عامر، بن لؤي، وفي الاستيعاب: الأصم اسمه جندب، وفي الاستيعاب عن ابن إسحاق أمها فاطمة بنت زائدة وأمها هالة بنت عبد مناف.
كنيتها:
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: تُكنى أم هند، وفي ذيل المذيل (صفحة 2) كانت تكنى أم هند، وهند ابن لها من أبي هالة بن النباش ابن زرارة زوج كان لها قبل النبي(ص) كنيت به، وفيه أيضا (ص 65) كانت تُكنّى أم هند بابنة لها ولدتها من عتيق بن عائذ بن عبد الله بن مخزوم يقال لها هند، وبابن لها ولدته من أبي هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غوي بن جذوة بن أسيد بن عمر بن تميم يقال له هند.
تزوج النبي(ص) بها:
في ذيل المذيل وغيره. هي أول امرأة تزوجها رسول الله(ص) وأولاده كلهم منها غير إبراهيم بن مارية، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت. في تاريخ دمشق روى محمد بن عباس أن مهرها كان 12 أوقية وكذلك كان مهر نسائه مقدار عمرها وعمر النبي(ص) يوم تزوجه بها وإقامتها معه.
في الاستيعاب كانت عند تزوجه بها بنت أربعين سنة والنبي(ص) ابن إحدى وعشرين، وقيل خمس وعشرين، وهو الأكثر وقيل ثلاثين فأقامت معه 24 سنة وتوفيت.
وعن مجمع البحرين كانت عند تزوجها به بنت أربعين سنة وستة أشهر.
وفي المستدرك للحاكم عن محمد بن إسحاق كان لها يوم تزوجها 28 سنة.
وفي تاريخ دمشق روي من طريق الزبير بن بكار أنّ عمرها كان يوم زواجها ثلاثين سنة. قال وروى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس أنّ عمرها كان يومئذ 28 سنة.
هل تزوجت قبل النبي(ص)؟
المعروف بين المؤرخين أنها تزوجت أولا وثانيا وولد لها، ثم تزوجت بالنبي(ص)، وأنكر صاحب كتاب الاستغاثة تزوجها قبله(ص)، وقال إن ما نسب إليها من الأولاد هم أولاد أختها وحكي مثل ذلك عن المرتضى في الشافي وأحمد البلاذري في كتابه وأبي جعفر في التلخيص، حكي عن صاحب البحار حكاية ذلك عنهم والله أعلم.
القائلون بتزوجها قبله:
في مقاتل الطالبيين: تزوجت خديجة(ص) قبل رسول الله(ص) رجلين يقال لأحدهما عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وولدت له بنتا يقال لها هند، ثم توفي عنها، فخلف عليها أبو هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن حرزة بن أسيد بن عمرو بن تميم وولدت له ابنا يقال له هند. روى عن النبي(ص) وروى عنه الحسن بن علي(ع) حديث صفة رسول الله(ص) المشهورة وقال فيه: سألت خالي هند بن أبي هالة عن صفة رسول الله(ص) وكان له وصافا.
وفي الاستيعاب كانت خديجة تحت أبي هالة بن زرارة بن نباش بن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي هكذا نسبه الزبير، وقال الجرجاني النسابة كانت عند أبي هالة هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، فقد وقع اختلاف بين المقاتل وذيل المذيل، وكلام الزبير بن بكار والجرجاني في أسماء آباء من تزوجها كما ترى وبعضه سببه التصحيف، قال ثم اتفقا أي الزبير والجرجاني فقالا ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله(ص)، وقال قتادة كانت أولا تحت عتيق ثم خلف عليها أبو هالة والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى.
القول بأنها لم تتزوج قبله(ص):
في تكملة نقد الرجال عن كتاب الإغاثة أو الاستغاثة تأليف الشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي المتوفي سنة 352 وإن نسبه هو في ترجمة علي بن الحسين الأكبر إلى كمال الدين ميثم البحراني تبعا لغيره. وإنه أنكر فيه كون خديجة تزوجت قبل رسول الله(ص) بغيره، وقال قد صحت الرواية عندنا بأنه كان لها أخت من أمها تسمى هالة قد تزوجها رجل من بني تميم يقال له أبو هند فأولدها ابنا اسمه هند بن أبي هند وابنتين زينب ورقية، ومات أبو هند وقد بلغ ابنه مبالغ الرجال والابنتان طفلتان وكانت موجودتين حين تزوج رسول الله(ص) خديجة بنت خويلد(ع) ورسول الله(ص) حين تزوج بها، وماتت هالة بعد ذلك بمدة يسيرة وخلفت الطفلتين زينب ورقية في حجر رسول الله(ص)، وحجر خديجة وكان من سنة العرب في الجاهلية أنّ من يربي يتيما ينسب ذلك اليتيم إليه ولا يستحل التزوج بمن يربيها؛ لأنها كانت عندهم يزعمهم بنتا لمربيها، فلما ربّى رسول الله(ص) وخديجة هاتين البنتين نسبتها إليهما وهما بنتا أبي هند زوج هالة أخت خديجة، ولم تزل العرب على هذه الحالة إلى أن ربي بعض الصحابة يتيمة بعد الهجرة فقالوا لو سألت رسول الله(ص) هل يجوز في الإسلام تزويج اليتيمة بمن ربّاها فأنزل الله جل ذكره «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» الآية فأطلق الله سبحانه في الإسلام تزويج اليتيمة لمن يربيها، فكان رسول الله(ص) في نسب ابنتي أبي هند كما وصفناه في سنة العرب في الجاهلية، فدرج نسبهما عند العامة كذلك، ثم نسب أخوهما هند إلى خديجة وكان اسم خديجة نابها معروفا، وكان اسم أختها خاملا مجهولا، فظنوا لما غلب اسم خديجة على اسم هالة أختها، ثم نسب هند إليها، أن أبا هند كان متزوجا بخديجة قبل رسول الله(ص)، وأنّ هندا كان قد عمر حتى لحق أيام الحسين(ع) فقتل بين يديه وهو شيخ، فذكر أنه قتل قبل قتل الحسين هند التميمي، وأنه كان هند ابن خالة فاطمة بنت الحسين قال ولما وقع بيني وبين من نسب إلى هند من ولده مجاوبات ومناظرات فيما ينسبون إليه من خديجة وما يجهلون من جدتهم هالة ولما عرفتهم الصحيح اشتد عليهم وجادلوني أشد مجادلة أنهم من ولد خديجة فأعلمتهم أن ذلك جهل منهم بنسبهم، وأن خديجة لم تتزوج غير رسول الله(ص)، وذلك أنّ الإجماع من الخاص والعام، ومن أهل الآثار ونقله الأخبار على أنه لم يبق من أشراف قريش ومن ساداتهم وذوي الجدة منهم أحد إلا خطب خديجة ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم، فلما تزوج بها رسول الله(ص) غضب عليها نساء قريش وهجرنها، وقلن لها خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم وتمتنع من سائر قريش وأشرافها.
قال: ثم قلت لمن يجادلني منهم ليس ما ذهب عنكم وجهلتموه من معرفة جدتكم أهي خديجة أم أختها هالة بأعجب مما لحق ولد الحسين من الاختلاف في نسبهم الذي هو أشرف الأنساب في الدنيا وأرجاها سعادة في الآخرة، فلم يمنعهم شرفهم وعظم قدرهم من اختلافهم فيه على فرقتين، وذلك أنه كان للحسين(ع) ابنان كل منهما يُسمى بعلي، أحدهما أكبر من الآخر قتل أحدهما بكربلاء وبقي الآخر، والعقب كله من الباقي بغير خلاف، ثم اختلف فيه ما بين الأصغر والأكبر، فمن كان من ولد الحسين قائلا بالإمامة بالنصوص يقول أنه من ولد علي بن الحسين وأنه الباقي بعد أبيه والمقتول هو الأصغر منهما، وهذا هو قولنا وبه نأخذ وعليه نعول، وأن علي بن الحسين الباقي كان يوم قتل أبيه الحسين من أبناء ثلاثين سنة، وأنّ ابنه محمد بن علي بن الحسين الباقر كان يومئذ من أبناء خمس عشرة سنة، وكان المقتول هو علي بن الحسين الأصغر من أبناء اثنتي عشرة سنة(1).
والفرقة الأخرى وهم جميع من يقول بمذهب الزيدية منهم من يقول إن العقب من الأصغر، وأنه في اليوم الذي قتل فيه الحسين(ع) من أبناء سبع سنين، ومنهم من يقول أربع سنين،.
وعلى هذا النسابون من العوام وهو عندنا قول فاسد، ومشايخنا كلهم من أهل العلم من الإمامية من العلوية وغيرهم من الشيعة على خلاف هذه الأقوال فلينظر ذوو الفهم إلى الاختلاف الذي وصفناه من ولد الحسين(ع) مع جلالة نسبهم وعظم قدرهم في جميع ولد آدم، وقربه من عدد الآباء فلم يكن فيهم من الحفظ لهذا النسب العالي الشريف الذي يتمنى جميع الناس أن يكونوا منه، ولا يتمنى أهله أن يكونوا من أحد من البريات ما يحيطون بمعرفته على حقيقته حتى لا يجهلوا جدهم الذي ينتسبون إليه في الأخوين من الأكبر إلى الأصغر، وإنما الأكثر ما بينهم الآباء إلى عصرنا هذا من ستة آباء أو سبعة، فذهب عنهم أو عن أكثرهم معرفة من ولده من الأخوين مع ما وصفناه من قربه وشرفه، أتعجب أن يذهب على ولد أبي هند معرفة جدتهم حين جهلوها من أختين فلا يعرفونها أهي خديجة أم هالة، هذا مع ما كان من سلفهم فيه من الرغبة في الافتخار، والشرف على قومهم وغيرهم بمناسبة رسول الله(ص)، فانتساب منتسبهم إلى خديجة لتثبت له خؤولة ولد الرسول(ص) قصدا منه وتعمدا طلبا للافتخار أو جهلا من المنتسب الأول منهم، بنسبته على ما وصفناه ليس بأعجب من جهل أكثر ولد الحسين(ع) معرفة نسبهم في علي بن الحسين، وهذا غير منكر عند ذوي الفهم، لغلبة الجهل على عوام الناس، وقلة معرفة كثير منهم بالأنساب، حتى أن اليمن كلها مجتمعة في نسبها إلى قحطان بن عابر لا يدرون من ولد عابر، حتى قالوا أنّ عابر هو هود النبي،.
وزعمت اليمن والنسابون من العوام أنّ إسماعيل بن إبراهيم تعلم العربية من جرهم، قبيلة من اليمن كانت نازلة بمكة وحولها وقد ألف في ذلك كتاب المبتدأ، فخرجوا بهذا القول الفاسد بينهم إسماعيل بن إبراهيم وولده من العرب وهم لا يعلمون، وكان قائل هذا موجبا لإخراج رسول الله(ص) من العرب، وفي هذا الكفر بالله وبرسوله فقد بطل قول القائل بذلك وثبت قول علماء أهل البيت أنّ أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم(ع)، وأن قحطان بن عابر تفسيره بلسان قوم هود في زمن عاد هود فقدر من وقف على ذلك أن هذا عابر ولد قحطان وهو هود النبي فأخطأ، وليس أحد من اليمن اليوم ينتسب إلى إسماعيل بن إبراهيم، ولو قيل لهم ذلك أنكروه أشد نكرا، وهذا من اشتباهات العامة، وإنّ العامة لتروي جميعا أنّ الرسول(ص) انتسب إلى معد ثم قال عند ذلك كذب النسابون لأنها إذا جاوزت في النسب الرسول(ص) لم يحل حالكم من أن يكون ما قاله الرسول من تكذيب النسابين حقا أو باطلا، والأول شهادة على من تجاوز في النسب باستعمال الكذب، والثاني كفر، وقد روينا من طريق علماء أهل البيت(ع) أنّ قوما ينسبون إلى قريش وليسوا من قريش، وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحد عبد فأراد أن يلحقه بنسبه فعل ذلك، وجاز عندهم وزوجه كريمة من العرب فيلحقه بنسبها، فكان هذا من سنن العرب، وقد فعل ذلك رسول الله(ص) بزيد بن حارثة الكلبي، فما أظهر رسول الله(ص) الدعوة سارعت خديجة إلى الإسلام، فسارع زيد إليه فاستوهبه الرسول(ص) من خديجة ليعتقه ففعلت، فبلغ أباه خبره فأتى مكة في طلبه، وكان أبوه من وجوه بني كلب، فصار إلى أبي طالب في جماعة من العرب، فحمل بهم على رسول الله(ص) في أن يرد عليه ابنه زيدا ببيع أو عتق، فقال هو حر فليذهب حيث شاء، فقال له أبوه يا بني الحق بقومك ونسبك، فأبى وقال يا معاشر قريش والعرب إني قد تبرأت من زيد، فليس هو ابني ولا أنا أبوه، فقال الله(ص) يا معاشر قريش زيد ابني وأنا أبوه، فدعي زيد بن محمد على رسمهم الذي كان في الجاهلية، فلما تزوج رسول الله(ص) بامرأة زيد أنكر ذلك جماعة من الجهال فخاضوا فيه، فنزلت «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ» الآية، «وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ» الآية، ثم ذكر العلة «فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا» انتهى.
ما أردنا نقله من كلام صاحب الاستغاثة، وهو كلام يدل على تبحره ومهارته في إقامة الحجج، سواء أسلمنا له ما قاله، أم لم نسلم، وإن صلح ما قاله كان قول الحسن(ع) المتقدم. سألت خالي هند بن أبي هالة مبينا على الظاهر.
سبب اتصالها برسول الله(ص) وتزوجها به:
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر قال استأجرت خديجة رضوان الله عليها رسول الله(ص) سفرتين إلى جرش كل سفرة بقلوص. هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفي أسد الغابة كان سبب تزوجها برسول الله(ص) ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق قال كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغه عن رسول الله(ص) ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله منها، وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام فنزل في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة، فقال هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم باع رسول الله(ص) سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلا إلى مكة، فباعت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فبعثت إلى رسول الله(ص) أني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، وكانت أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، فذكر ذلك رسول الله(ص) لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله(ص). وهذه الرواية تدل على أن أباها هو الذي زوجه إياها.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة قبل ذلك زوجه إياها عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وإن أباها كان قد مات، وحكى ذلك عن الزبير بن بكار وغيره، وأن عمها عمرا قال حين أراد تزويجها من رسول الله(ص): محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنت خويلد، هذا الفحل لا يقذع أنفه.
وفي المستدرك بسنده عن الزهري أنكحها أبوها خويلد بن أسد.[...]
أما أولادها من رسول الله(ص):
ففي الاستيعاب: لم يختلفوا في أن ولد النبي(ص) كلهم من خديجة حاشا إبراهيم، وقال: أجمعوا على أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرت زينب وهي أكبرهن تزوجها أبو العاص بن الربيع ابن أخت خديجة، وفاطمة الزهراء(ع) وهي أصغرهن تزوجها علي بن أبي طالب(ع)، وانحصرت ذرية الرسول(ص) في ولدها، ورقية وأم كلثوم تزوجها عثمان واحدة بعد الأخرى، وأجمعوا على أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم وبه كان يكنى. قال الزبير بن بكار وهو أكبر ولده مات بمكة، وهو أول من مات من ولده وعاش حتى مشى، وولدت بعده زينب، واختلفوا في سواه، فعن بعض العلماء ما نعلمها ولدت له من الذكور إلا القاسم، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر، وقيل ولدت له عبد الله مات صغيرا وكان يقال له الطيب، ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة، وقيل ولد له القاسم والطاهر والطيب ماتوا بمكة.
وقال مصعب الزبيري أن عبد الله هو الطيب والطاهر؛ لأنه ولد بعد الوحي له ثلاثة أسماء، وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة القاسم أكبر أولاده ثم زينب، وقال الكلبي زينب، ثم القاسم، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، ثم عبد الله يقال له الطيب والطاهر. قال هذا هو الصحيح وغيره تخليط.
وفي المستدرك للحاكم بسنده عن ابن عباس قال ولدت خديجة لرسول الله(ص) غلامين وأربع نسوة: القاسم وعبد الله وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: روى الزبير بن بكار عن ابن عباس في سبب نزول «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» أنّ خديجة ولدت عبد الله بن رسول الله(ص) ثم أبطأ عليها الولد من بعد، فبينما رسول الله(ص) يكلم رجلا والعاص بن وائل والد عمرو بن العاص ينظر إليه، إذا قال له رجل من هذا، قال هذا الأبتر، فأنزل الله تعالى «إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ» أي مبغضك هو الأبتر، الذي بتر من كل خير، ثم ولدت له زينب، فرقية، فالقاسم، فالطاهر، فالمطهر، فالطيب، فالمطيب، فأم كلثوم، ففاطمة، وكانت أصغرهم، وكانت خديجة، إذا ولدت ولدا دفعته لمن يرضعه، فلما ولدت فاطمة لم ترضعها أحدا غيرها وجميع أولاده(ص) من خديجة إلا إبراهيم، ويقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله، ويقال إنّ الطيب والمطيب ولدا في بطن، والطاهر والمطهر في بطن، فتحصل من ذلك أقوال خمسة:
1- إنه لم يولد لها من النبي(ص) ذكر إلا القاسم.
2- إنها ولدت له القاسم والطاهر.
3- إنها ولدت القاسم وعبد الله والثاني يلقب بالطيب والطاهر.
4- إنها ولدت القاسم والطيب والطاهر.
5- إنها ولدت عبد الله، ثم زينب، فرقية، فالقاسم، فالطاهر، فالمطهر، فالطيب، فالمطيب، ولا يبعد كون الطيب والمطيب والطاهر والمطهر ألقابا فظن البعض أنهما أسماء فعداهما من الأسماء.
إسلامها:
في الاستيعاب مسندا عن جماعة أنها أول من آمن بالله ورسوله من الرجال والنساء، صلى رسول الله(ص) يوم الاثنين وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وذكر أنه روي مسندا عن ابن عباس: كان علي بن أبي طالب أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة اه.
والذي ترويه الشيعة أن عليا(ع) أسلم قبل خديجة، ثم أسلمت خديجة لكنهم رووا أن رسول الله(ص) بُعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء، فإن صح الخبر المتقدم أن خديجة أسلمت آخر يوم الاثنين كان إسلامها متقدما على إسلامه بليلة، والاعتبار يقضي بأن لا يتقدم إسلامها؛ لأنها، وإن كانت زوجته، لم تكن أشد خلطة به من علي، ولا أطوع له منه، ولم يكن ليؤخر رسول الله(ص) دعوته لعلي إلى الإسلام، ولم يكن علي ليتأخر عن إجابته إلى ذلك، ولعل رواية تقدم إسلامها كانت ممن لم يتركوا وسيلة للغض من علي إلا توسلوا بها، وكيف كان فخديجة أول من أسلم من النساء وعلي أول من أسلم من الرجال، ولم يسبق عليا وخديجة أحد إلى الإسلام، فلم يكن في الأرض من يعبد الله إلا ثلاثة: رسول الله(ص)، وعلي(ع)، وخديجة رضوان الله عليها، فكان يصلي رسول الله(ص) وعلي عن يمينه متأخرا عنه وخديجة عن يمين علي متأخرة عنه.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عفيف بن عمرو أو ابن قيس كنت امرأ تاجرا، وكنت صديقا للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية، فقدمت لتجارة فنزلت على العباس بمنى، فجاء رجل فنظر إلى الشمس حين مالت فقام يصلي، ثم جاءت امرأة فقامت تصلي، ثم جاء غلام حين راهق الحلم فقام يصلي، فقلت للعباس من هذا، فقال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي يزعم أنه نبي ولم يتابعه على أمره غير هذه المرأة وهذا الغلام، وهذه المرأة خديجة بنت خويلد امرأته، وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب(ع).
قال عفيف الكندي وأسلم وحسُن إسلامه، لوددت أني كنت أسلمت يومئذ فيكون لي ربع الإسلام. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد معتبر من أولاد عفيف بن عمرو.
وروى الحاكم في المستدرك وابن إسحاق واللفظ للثاني بسنده عن عروة عن عائشة أول ما بدئ به رسول الله(ص) من الوحي الرؤيا الصادقة، لا يرى من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح.[...].
أقوال العلماء في حقها:
في سيرة ابن هشام ج 2 ص 19 كانت لرسول الله(ص) وزير صدق على الإسلام.
وفي الاستيعاب: كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة.
وفي الإصابة عن الزبير بن بكار كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة.
وفي السيرة الهشامية عن ابن إسحاق: آمنت خديجة برسول الله(ص) وصدّقت بما جاء به من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن نبيه(ص) لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، وخديجة هي التي قامت تنصر رسول الله(ص) ما استطاعت، وتحملت الأذى في سبيل نصره، ولما أنزل عليه «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» وأعلن بالدعوة، وآذاه قومه، وأخرجوه ذهبت خديجة وعلي بن أبي طالب يطلبانه الخبر.
وقال ابن إسحاق كانت وزيرة صدق على الإسلام، وقام الإسلام بأموال خديجة وسيف علي بن أبي طالب(ع)، وكانت خديجة من أهل الثروة والغنى فورثها رسول الله(ص) وولدها فكان ينفق من ذلك ما أراد في سبيل نشر الدعوة، ولما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة أوصى من يشتري ناقتين له ولصاحبه فقال صاحبه عندي ناقتان يا رسول الله فأبى أن يأخذهما إلا بثمنهما، وأمر عليا فنقده الثمن، فسئل الراوي من أين كان له المال، فقال وأين ذهبت أموال خديجة، وقد ورثها هو وولده كما مر في السيرة النبوية، وكان يذبح الشاة فيفرقها على صديقات خديجة، ولما قالت له عائشة غيرة منها على خديجة بعد موتها. والغيرة والحسد تنطفي جمرتها بعد الموت: والله ما كانت إلا عجوزا حمراء الشدقين وقد أبدلك الله خيرا منها، غضب وقال والله ما أبدلني الله خيرا منها. وذلك حينما سمعته يطريها مرارا ويكثر الثناء عليها، فغاظها ذلك منها وهي ميتة وقد أبان هذا القول من الرسول(ص) أنها أفضل نسائه.
أما أم سلمة فكانت على العكس من ذلك لم تأخذها غيرة ولا حسد لخديجة حين جعل النبي(ص) يثني على خديجة في خبر زفاف فاطمة، بل قالت هنأها الله ما أعطاها وأكثرت من الثناء عليها كما مر هناك.
مناقبها وفضائلها:
كفاها فضلا أنها أسبق نساء الأمة إلى الإسلام والإيمان.
وفي أسد الغابة بسنده عن أنس قال رسول الله(ص) خير نساء العالمين مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد(ص)، وبسنده عن ابن عباس خط رسول الله(ص) في الأرض أربعة خطوط، قال أتدرون ما هذا، قالوا الله ورسوله أعلم، فقال أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
ورواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وفي أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن جعفر سمعت علي بن أبي طالب(ع) يقول سمعت رسول الله(ص) يقول خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران، وأشار الراوي إلى السماء والأرض.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله(ص) يقول خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة اتفق الشيخان على إخراجه. وبسنده عن عروة قالت عائشة لفاطمة بنت رسول الله(ص) ألا أبشرك أني سمعت رسول الله(ص) يقول سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران وفاطمة بنت رسول الله(ص) وخديجة بنت خويلد وآسية.
ولا ينافي هذه الروايات ما ورد من أن فاطمة الزهراء(ع) سيدة نساء العالمين فإن الذي في هذه الروايات أنّ هذه النساء أفضل نساء أهل الجنة، أما إن أيهن أفضل من الأخرى فلم يذكر فيها، وأما الرواية الأخيرة فيحمل ما فيها على إرادة نساء أهل زمانهما كما ذكر في بعض الروايات فلا منافاة أيضا.
وفي أسد الغابة عن عائشة: ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها أي والحال أني لم أكن أدركتها، وما ذاك لكثرة ذكر رسول الله(ص) وإن كان ربما يذبح الشاة يتبع بها صدائق خديجة فيهديها لهن. وبسنده عن عائشة كان رسول الله(ص) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، ذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت، هل كانت إلا عجوزا فقد أبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء الحديث. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر قالت عائشة: كان رسول الله(ص) إذا ذكر خديجة لم يكد يسام من الثناء عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم فأحمتني الغيرة فقلت لقد عوضك الله من كبيرة السن، فرأيت رسول الله(ص) غضب غضبا شديدا إلى أن قال كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت منها الولد إذ حرمتهن مني، فغدا وراح بها علي شهرا؛ أي بقي شهرا يذكر ذلك غدوة ورواحا.nوروى الحاكم في المستدرك بسنده عن وعوة عن عائشة: ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة وما تزوجني رسول الله(ص) إلا بعد ما ماتت وبالموت تنطفي جمرة الحسد وذلك أن رسول الله(ص) بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وبسنده عن عروة عن عائشة: ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه(ص) أشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي أسد الغابة بسنده: دخل رسول الله(ص) على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال بالكره منى ما أتى عليك يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا الحديث.
95- خديجة بنت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(ع):
ذكرها المسعودي في مروج الذهب في عداد أولاده(ع)، ولم يذكر من أحوالها شيئا، ومر ذكرها في عداد أولاده في السيرة العلوية.
96- خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع):
روى الكليني في أصول الكافي في باب ما يفرق به بين دعوى المحق والمبطل لسنده عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري: أتينا خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) نعزيها بابن بنتها فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناها، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر الرائية قولي فقالت:
أعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الإله(2) وثالثا عباسا
واعدد علي الخير(3) * واعدد جعفرا
واعدد عقيلا بعده الرؤاسا
فقال أحسنت وأطربتني زيديني فاندفعت تقول:واعدد علي الخير(3) * واعدد جعفرا
واعدد عقيلا بعده الرؤاسا
ومنا امام المتقين محمد * وحمزة منا والمهذب جعفر
ومنا علي صهره وابن عمه * وفارسه ذاك الإمام المطهر
فأقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيء، ثم قالت خديجة سمعت عمي محمد بن علي(ص) وهو يقول إنما تحتاج المرأة في المآتم إلى النوح لتسيل دمعتها، ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا ينبغي أن تؤذي الملائكة بالنوح، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة، فتذاكرنا اختزال منزلها من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد(4)، قال فقال(5) هذه دار تسمى دار السرقة(6)، فقالت هذا ما اصطفى مهدينا، تعني محمد بن عبد الله بن الحسن تمازحه بذلك، ثم حكى أن موسى بن عبد الله هذا ذكر لهم خبر مجيء أبيه إلى الصادق(ع) عند خروج ابنه محمد وما دار بينهما، وما أخبره به الصادق(ع) ونهيه إياهم عن الخروج وعدم قبولهم منه، ووقوع كلما أخبر به.
وقال موسى بن عبد الله في تتمة حديثه السابق فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا عشرين ليلة أو نحوها حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن، وعلي بن حسن، وسليمان بن داود بن حسن، وحسن بن حسن، وإبراهيم بن حسن، وداود بن حسن، وعلي بن إبراهيم بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وطباطبا إبراهيم بن حسن، وعبد الله بن داود، فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها، وانطلقوا بهم حتى أوقفوا عند باب مسجد رسول الله(ص).
قال عبد الله بن إبراهيم الجعفري فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما أوقفوا عند باب المسجد الباب الذي يقال له باب جبرئيل اطلع عليهم أبو عبد الله(ع) وعامة ردائه مطروح بالأرض ثم اطلع من باب المسجد وقال ذاما الأنصار: ما على هذا عاهدتم رسول الله(ص) ولا بايعتموه أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي الليل والنهار حتى خفنا عليه. فهذا حديث خديجة ومما مر يستفاد مكانة خديجة هذه في قومها وعشيرتها، وروايتها الحديث عن عمها الباقر(ع) وفي قولها هذه دار إلخ دلالة على صحة عقيدتها.
97- خديجة بنت محمد الباقر بن علي بن الحسين(ع):
ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر(ع).
98- خديجة بنت الإمام محمد الجواد بن علي الرضا أخت علي الهادي(ع):
كانت عارفة جليلة القدر قائلة بإمامة الاثني عشر، عالمة بالأخبار.
روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الكليني عن محمد بن جعفر الأسدي قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال دخلت على خديجة بنت محمد بن علي الرضا(ع) سنة 262 فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها، فسمت لي من تأتم بهم، ثم قالت فلان ابن الحسن فسمته فقتل لها جعلني الله فداك معاينة أو خبرا، فقالت خبرا عن أبي محمد(ع) كتب به إلى أمه إلى أن قال ثم قالت إنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين(ع) يقسم ميراثه وهو في الحياة.
قال وروى هذا الخبر التلعكبري عن الحسن بن محمد النهاوندي، عن الحسن بن جعفر بن مسلم الحنفي، عن أبي حامد المراغي قال سألت خديجة بنت محمد أخت أبي الحسن العسكري وذكر مثله.
الهوامش:
1- هكذا في الأصل والذي ذكرناه في الجزء 4 من هذا الكتاب أن عمر علي بن الحسين زين العابدين(ع) يوم كربلاء كان 24 سنة على الأكثر و22 سنة على الأقل وأن ابن سعد قال كان عمره 23 سنة وذكرنا هناك أن عمر(ع) كان يوم كربلاء أربع سنين أو ثلاث سنين وأن عمر المقتول بكربلاء كان 19 سنة أو 18 أو 25 ولعله وقع تحريف في الأصل المنقول عنه والله أعلم -المؤلف-.
2- هو حمزة بن عبد المطلب.
3- هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وذكر الصالح المازندراني في الحاشية في تفسير علي الخير ما يضحك الثكلى -المؤلف-.
4- قال الفاضل الصالح في الحاشية سميت بذلك لوقوع السرقة ونهب الأموال فيها لما في نفس هذا الحديث من أن محمد بن عبد الله بن الحسن لما حبس الصادق(ع) اصطفى ما كان له ولقومه من مال ممن لم يخرج من محمد ولم يبايعه (اه) ويمكن كون هذه إشارة إلى دارها لا إلى دار الصادق(ع) كما أن قولها هذا إشارة إلى ذلك.- المؤلف-.
ومنا علي صهره وابن عمه * وفارسه ذاك الإمام المطهر
فأقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيء، ثم قالت خديجة سمعت عمي محمد بن علي(ص) وهو يقول إنما تحتاج المرأة في المآتم إلى النوح لتسيل دمعتها، ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا ينبغي أن تؤذي الملائكة بالنوح، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة، فتذاكرنا اختزال منزلها من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد(4)، قال فقال(5) هذه دار تسمى دار السرقة(6)، فقالت هذا ما اصطفى مهدينا، تعني محمد بن عبد الله بن الحسن تمازحه بذلك، ثم حكى أن موسى بن عبد الله هذا ذكر لهم خبر مجيء أبيه إلى الصادق(ع) عند خروج ابنه محمد وما دار بينهما، وما أخبره به الصادق(ع) ونهيه إياهم عن الخروج وعدم قبولهم منه، ووقوع كلما أخبر به.
وقال موسى بن عبد الله في تتمة حديثه السابق فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا عشرين ليلة أو نحوها حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن، وعلي بن حسن، وسليمان بن داود بن حسن، وحسن بن حسن، وإبراهيم بن حسن، وداود بن حسن، وعلي بن إبراهيم بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وطباطبا إبراهيم بن حسن، وعبد الله بن داود، فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها، وانطلقوا بهم حتى أوقفوا عند باب مسجد رسول الله(ص).
قال عبد الله بن إبراهيم الجعفري فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما أوقفوا عند باب المسجد الباب الذي يقال له باب جبرئيل اطلع عليهم أبو عبد الله(ع) وعامة ردائه مطروح بالأرض ثم اطلع من باب المسجد وقال ذاما الأنصار: ما على هذا عاهدتم رسول الله(ص) ولا بايعتموه أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي الليل والنهار حتى خفنا عليه. فهذا حديث خديجة ومما مر يستفاد مكانة خديجة هذه في قومها وعشيرتها، وروايتها الحديث عن عمها الباقر(ع) وفي قولها هذه دار إلخ دلالة على صحة عقيدتها.
97- خديجة بنت محمد الباقر بن علي بن الحسين(ع):
ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر(ع).
98- خديجة بنت الإمام محمد الجواد بن علي الرضا أخت علي الهادي(ع):
كانت عارفة جليلة القدر قائلة بإمامة الاثني عشر، عالمة بالأخبار.
روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الكليني عن محمد بن جعفر الأسدي قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال دخلت على خديجة بنت محمد بن علي الرضا(ع) سنة 262 فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها، فسمت لي من تأتم بهم، ثم قالت فلان ابن الحسن فسمته فقتل لها جعلني الله فداك معاينة أو خبرا، فقالت خبرا عن أبي محمد(ع) كتب به إلى أمه إلى أن قال ثم قالت إنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين(ع) يقسم ميراثه وهو في الحياة.
قال وروى هذا الخبر التلعكبري عن الحسن بن محمد النهاوندي، عن الحسن بن جعفر بن مسلم الحنفي، عن أبي حامد المراغي قال سألت خديجة بنت محمد أخت أبي الحسن العسكري وذكر مثله.
الهوامش:
1- هكذا في الأصل والذي ذكرناه في الجزء 4 من هذا الكتاب أن عمر علي بن الحسين زين العابدين(ع) يوم كربلاء كان 24 سنة على الأكثر و22 سنة على الأقل وأن ابن سعد قال كان عمره 23 سنة وذكرنا هناك أن عمر(ع) كان يوم كربلاء أربع سنين أو ثلاث سنين وأن عمر المقتول بكربلاء كان 19 سنة أو 18 أو 25 ولعله وقع تحريف في الأصل المنقول عنه والله أعلم -المؤلف-.
2- هو حمزة بن عبد المطلب.
3- هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وذكر الصالح المازندراني في الحاشية في تفسير علي الخير ما يضحك الثكلى -المؤلف-.
4- قال الفاضل الصالح في الحاشية سميت بذلك لوقوع السرقة ونهب الأموال فيها لما في نفس هذا الحديث من أن محمد بن عبد الله بن الحسن لما حبس الصادق(ع) اصطفى ما كان له ولقومه من مال ممن لم يخرج من محمد ولم يبايعه (اه) ويمكن كون هذه إشارة إلى دارها لا إلى دار الصادق(ع) كما أن قولها هذا إشارة إلى ذلك.- المؤلف-.
المصدر: أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، ج6.
اترك تعليق