مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة حرم سعادة سفير الجمهورية الإسلامية في لبنان

كلمة حرم سعادة السفير الإيراني في لبنان في احتفال بذكرى انتصار الثورة وأسبوع المقاومة

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
الأخوات الكريمات..
السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته..
أرحب بكنّ جميعاً في هذا اللقاء الطيب الذي نجتمع فيه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران على يد العبد الصالح الإمام روح الله الموسوي الخميني قدس سره فإليكم وللشعب اللبناني الكريم ومقاومته الباسلة أطيب التهاني والتبريك والتمنيات بهذه المناسبة العظيمة.
أخواتي للعزيزات.. للمرأة في ثقافتنا الإسلامية مقام التكريم والعناية والخصوصيّة. وهذا فرعُ ما أمرت به عقيدتنا السامية، حيث جعلت هذا المقام أصلاً من الأصول التكوينية للخلق الإلهي.
في ثقافتنا الإسلاميّة المعاصرة ما يشهد على سمو مكانة المرأة كإنسان، وأم، وزوجة، ومربية ومجاهدة، وعلى دورها الفعال والحاسم في كل حقول النشاط الاجتماعي والسياسي والفكري. ولعل في التجربة الفتية للجمهورية الإسلاميّة في إيران ما يكشف كل غموض عن النشاط الخلّاق للمرأة في الميادين الحضاريّة والتنمويّة المختلفة. فلقد أعاد قائد الأمة الإمام الراحل الخميني الكبير، الاعتبار للأسس الإسلامية المحمدية الأصيلة في التعامل مع قضية المرأة، بوصفها قضية الدين والقرآن ومعيار المجتمع الإسلامي السليم.
ولسوف يترسخ هذا الفهم حين نسمع السيد القائد الخامنئي(دام ظله) يقول: "إنّ للمرأة في معيار الأسرة حقاً أعظم من الرجل، لأنّ النساء يتحملن العناء والمشاق أكثر من الرجال. فكلما كان العناء والمشقة أكثر كان الحقّ أعظم" وهكذا فإنّ التحرك باتجاه الإقرار بحقوق النساء في المجتمع الإسلامي وفي مجتمعنا الإيراني بصورة خاصة هو أمر لا بدّ منه، لكن يجب أن يكون على أساس إسلامي وبهدف إسلامي واضح المعالم.
أيتها السيدات.. أيها الحفل الكريم..
إنّ فهمنا الإسلامي للمرأة وحقوقها ينطلق من أسس عقائدية إلهية لا تشوبها شائبة، فالقرآن الكريم لم يفرّق أبداً بين جناحي النوع البشري، بل هو قدّم صورة الإنسان الواحد المتعدد الأدوار في حمل الأمانة الإلهية، فليس هناك من تمييز بين المرأة والرجل في المشروع الحضاري العام، وأما التمايز فهو يقع ضمن دائرة التوزيع الطبيعي بينهما، فالدور الخاص للمرأة في تربية الأسرة والإنجاب إنّما هو أحد مقتضيات التخطيط الرباني لمسيرة التكامل البشري. من هنا نفهم سر إجلال الأم في القرآن الكريم. ذلك أنّ الأم هي إحدى مرتكزات الإرادة الإلهية في تدبير الخلق، وهي إدامة واستمرار حياة النوع الإنساني ليواصل مسيرته نحو كماله وتحقيق نجاته في الدنيا والآخرة.
على هذه القاعدة الإلهية القرآنية تأسست ثقافتنا الإسلاميّة حيال المرأة، حيث استطاعت هذه القاعدة أن تدحض مزاعم وأوهام ثقافة الغرب حول حقوق المرأة، وهي المزاعم التي تنكشف بوضوح حين ظهرت صورة المرأة في الغرب كمجرد سلعة مادية في تطور حركة رأس المال والمجتمعات الصناعيّة، فلقد بدا للملأ أنّ حق المرأة في الغرب محصور في انخراطها كطاقة في الإنتاج على حساب البناء الأخلاقي لوحدة الأسرة وتماسكها.
أيتها الأخوات.. المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر لم يقصر دور المرأة على الجانب الأنثوي، فقد وضعها ضمن مسيرته لكي تشارك في عملية البناء والتقدم واكتساب وإنتاج العلوم على اختلافها. في الغرب وحتى في مجتمعاتنا هناك من كانوا يزعمون أنّ المرأة في المجتمع الإسلامي لا يمكن أن تصبح عالمة وأن تشارك في بناء الحياة مع وجود الحجاب، لكن الواقع الذي نعيشه اليوم سواء في إيران أو في كثير من المجتمعات الإسلامية يثبت بطلان هذه المزاعم، ذلك أنّ المرأة في مجتمعنا تشارك في كل المجالات الحضارية في التعليم والعلوم التجريبية والطبية والعلوم الإنسانية وكذلك في ساحات الجهاد.
إنّ القيادة الراشدة في إيران تدرك عميق الإدراك، أنّ المساعي نحو تحقيق حرية المرأة وبلوغ حقوقها الكاملة يجب أن تكون منطلقة من الأساس الأخلاقي للإسلام الحنيف.
إنّ الزمن العالمي الراهن يفترض التمسك أكثر من أي يوم مضى بقدسية حق المرأة في البناء والجهاد. الأمر الذي يرتب على المرأة كإنسان وكفاعل في المجتمع والأمة أن تتمسك بعفافها باعتباره أساس حريتها وحضورها، وكذلك دورها الجوهري في تربية العائلة الصالحة التي تشكل أساس العملية الحضارية برمتها.
ختاماً.. أحيي الأخوات الكريمات، آملةً لكن التوفيق في أعمالكن وجهادكن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات (0)

اترك تعليق