مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

النساء المذكورة أسماؤهنّ في كتاب

النساء المذكورة أسماؤهنّ في كتاب "أعيان الشيعة" للسيد محسن الأمين(6)

99- الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الكوفية في كتاب بلاغات النساء:
قال عيسى بن مهران حدثني العباس بن بكار، حدثني محمد بن عبد الله عن الشعبي. قال وحدثني أبو بكر الهذلي عن الزهري قال حدثني جماعة من بني أمية ممن يسمر مع معاوية. وذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد ربه بن القاسم بن يحيى بن مقدم اخبرني محمد بن فضل الضبي أخبرنا إبراهيم بن محمد الشافعي صاحب الري عن أبيه محمد بن إبراهيم عن خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي، قال: سمر معاوية ليلة فذكر الزرقاء بنت عدي بن غالب، امرأة كانت من أهل الكوفة، وكانت ممن يعين عليا(ع) يوم صفين، فقال لأصحابه أيكم يحفظ كلام الزرقاء فقال القوم كلنا نحفظه يا أمير المؤمنين، قال فما تشيرون علي فيها، قالوا نشير عليك بقتلها، قال بئس ما أشرتم علي به، أيحسن بمثلي أن يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعد ما ملكت وصار الأمر لي، ثم دعا كاتبه في الليل فكتب إلى عامله في الكوفة أن أوفد إلي الزرقاء ابنة عدي مع ثقة من محرمها وعدة من فرسان قومها، ومهّد لها وطاء لينا، واسترها بستر حصيف.
فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فأقرأها الكتاب، فقالت أما أنا فغير زائغة عن طاعة وإن كان أمير المؤمنين جعل المشيئة إلي لم أرم من بلدي هذا، وإن كان أحكم الأمر فالطاعة له أولى بي، فحملها في هودج وجعل غشاءه حبرا مبطنا بعصب اليمن، ثم أحسن صحبتها.
وفي حديث المقدمي فحملها في عمارية جعل غشاءها خزا أدكن مبطنا بقوهي، فلما قدمت على معاوية، قال لها مرحبا وأهلا قدمت خير مقدم قدمه وافد، كيف حالك يا خالة وكيف رأيت مسيرك، قالت خير مسير كأني كنت ربيبة بيت أو طفلا ممهدا له، قال بذلك أمرتهم فهل تعلمين لم بعثت إليك قالت سبحان الله أنّى لي بعلم ما لم أعلم، وهل يعلم ما في القلوب إلا الله، قال بعثت إليك أن أسألك ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين بين الصفين توقدين الحرب وتحضين على القتال فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين إنه قد مات الرأس وبتر الذنب وبقي الذنب خ والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر والأمر يحدث بعده الأمر، قال لها صدقت فهل تحفظين كلامك يوم صفين قالت ما أحفظه، قال ولكني أحفظه لله أبوك لقد سمعتك تقولين أيها الناس إنكم في فتنة غشيتكم جلابيب الظلم وجرت بكم عن قصد المحجة، فيا لها من فتنة عمياء صماء يسمع لقائلها ولا ينظر لسائقها، أيها الناس إن المصباح لا يضيء في الشمس وإن الكوكب لا يقد في القمر، وإن البغل لا يسبق الفرس، وإن الزف(1) لا يوازن الحجر، ولا يقطع الحديد إلا الحديد، ألا من استرشدنا أرشدناه، ومن استخبرنا أخبرناه، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها، فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار فكان قد اندمل شعث الشتات والتأمت كلمة العدل وغلب الحق باطله فلا يعجلن أحد، فيقول كيف وأنى ليقضي الله أمرنا كان مفعولا، ألا إن خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدماء، والصبر خير في الأمور عواقبا.
أيها(2) إلى الحرب قدما غير ناكصين فهذا يوم له ما بعده، ثم قال معاوية والله يا زرقاء لقد شاركت عليا في كل دم سفكه، فقالت أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين وأدام سلامتك مثلك من بشر بخير وسر جليسه، قال لها وقد سرك ذلك قالت نعم والله لقد سرني قولك، فإنى لي بتصديق الفعل، فقال معاوية والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب إلي من حبكم له في حياته، اذكري حاجتك قالت يا أمير المؤمنين إني قد آليت على نفسي أن لا أسال أميرا أعنت عليه شيئا أبدا ومثلك من أعطى عن غير مسألة وجاد عن غير طلب، قال صدقت فأقطعها أرضا أغلتها في أول سنة عشرة آلاف درهم وأحسن صفدها وردها ومن معها مكرمين اهـ.
وأورد خبر الزرقاء هذه صاحب كتاب المستطرف مرسلا مع بعض التفاوت عما هنا، وما هنا أصح وأثبت ويستفاد من هذا الخبر أن الزرقاء من أشد الناس ولاء لأمير المؤمنين(ع) ويدل فعل معاوية معها أنها من بيت جلالة ورياسة، ولذلك كان خطابه معها غير خطابه مع دارمية الحجونية وأمثالها الذي لا يخرج عن كلام السفلة فإنه كان يظهر الحلم حيث يخشى عاقبة الانتقام في الدنيا، أو يريد أن يتخذ يدا عند من يخافون ويرجون وينتقم حيث يأمن مغبة الانتقام في الدنيا، والزرقاء كانت ذات عشيرة تخاف وترجى.
100- زينب بنت أبي سلمة: تأتي بعنوان زينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد.
101- زينب امرأة ابن أبي مسعود: ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول(ص).
102- زينب بنت جحش: قال الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول(ص) زينب بنت جحش. وفي نهج البلاغة كلام خاطب به أمير المؤمنين(ع) بعض أصحابه قائلا يا أخا بني أسد ولك بعد ذمامة الصهر وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 475 إنما قال له ذلك لأن زينب بنت جحش زوج رسول الله(ص) كانت أسدية ثم حكى عن القطب الراوندي أنه قال في شرحه كان أمير المؤمنين(ع) قد تزوج في بني أسد ورد عليه بأن عليا لم يتزوج في بني أسد البتة، ثم عدد أولاده وأمهاتهم وقال ليس فيهم أحد من أسدية ولا بلغنا أنه تزوج في بني أسد ولم يولد له.

103- زينب بنت الحسين بن علي بن أبي طالب(ع):
ذكرناها في المجالس السنية ولا أعلم الآن من أين نقلت ذلك ولم يذكرها المفيد في الإرشاد وربما دل كلام المسعودي الآتي في زينب الكذابة على وجود زينب بنت الحسين(ع).
104- زينب الكذابة:
ويناسب هنا ذكر خبر زينب الكذابة قال المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 425 عند ذكر خلافة المعتز ما لفظه: وقد ذكرنا خبر علي بن محمد بن موسى رضي الله عنه مع زينب الكذابة بحضرة المتوكل ونزوله إلى بركة السباع وتذللها له ورجوع زينب عما ادعته من أنها ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) وأن الله تعالى أطال عمرها إلى ذلك الوقت في كتابنا أخبار الزمان.
وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان زينب الكذابة قال المسعودي ادعت في عهد المتوكل العباسي أنها بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وأنها عمرت إلى ذلك الوقت في خبر مكذوب ادعته فأحضر المتوكل علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فكذبها علي فيما ادعت فجرت له معها قصة ذكرها المسعودي في مروج الذهب قال ثم وجدت قصتها في شرف المصطفى(ص) لأبي سعيد النيسابوري.
قال ذكر محمد بن عاصم التميمي المعروف بالحزنبل عن أحمد بن أبي طاهر عن علي بن يحيى المنجم قال لما ظهرت زينب الكذابة وزعمت أنها بنت فاطمة وعلي قال المتوكل لجلسائه بعد أن أحضرت كيف لنا أن نعلم صحة أمر هذه فقال له الفتح بن خاقان أحضر ابن الرضا يخبرك حقيقة أمرها فحضر فرحب به وسأله فقال المحنة في ذلك قريبة إن الله حرم لحم جميع ولد فاطمة على السباع فألقها للسباع فإن كانت صادقة لم تعرض لها وإن كانت كاذبة أكلتها فعرض ذلك عليها فأكذبت نفسها فأديرت على جمل في طرقات سر من رأى ينادي عليها بأنها زينب الكذابة وليس بينها وبين رسول الله(ص) رحم ماسة، فلما كان بعد أيام قال علي بن الجهم يا أمير المؤمنين لو جرب قوله في نفسه لعرفنا حقيقته فجربه وألقه في مكان فيه السباع مطلقة فلم تعرض له فقال المتوكل والله لئن ذكرتم هذا لأحد من الناس لأضربن أعناقكم والله سبحانه وتعالى أعلم.
105- زينب بنت عبد الله بن أحمد الرخ بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد الله الباهر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع). في عمدة الطالب ص 226 ظهر أبوها عبد الله في أيام المستعين فاخذ وحمل إلى سر من رأى بعد خطب وفي جملة عياله بنته زينب فأقاموا مدة مات فيها عبد الله وصار عياله إلى الحسن بن علي العسكري فبارك عليهم ومسح يده على رأس زينب ووهب لها خاتمه وكان فضة فصاغت منه حلقة وماتت زينب والحلقة في أذنها وبلغت مائة سنة وكانت سوداء شعر الرأس هذا كلام الشيخ أبو الحسن العمري.
106- زينب بنت عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب(ع):
قال ابن الأثير في تاريخه ج 5 ص 261 في حوادث سنة 145 إنه لما قتل عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى أخذ أصحاب محمد فصلبهم فبقوا ثلاثا ثم أمر بهم عيسى فألقوا على مقابر اليهود ثم ألقوا بعد ذلك في خندق في أصل ذباب فأرسلت زينب بنت عبد الله أخت محمد وابنة فاطمة إلى عيسى إنكم قد قتلتموه وقضيتم حاجتكم منه فلو أذنتم لنا في دفنه فأذن لها فدفن بالبقيع.
ولله در أبي فراس الحمداني حيث يقول:
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت * تلك الجرائم إلا دون نيلكم


وقال الآخر:

تالله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فعلت بنو العباس

107- زينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال وتلقب برة:
ولدت بأرض الحبشة وكان أبوها هاجر بأمها أم سلمة إلى أرض الحبشة في الهجرتين فولدت له زينب هناك وولدت له بعد ذلك سلمة وعمر ودرة بني أبي سلمة. وزينب هي ربيبة رسول الله(ص) من زوجته أم سلمة هند بنت أبي أمية سهيل زاد الراكب بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
كان أبو سلمة قد خرج إلى أحد مع النبي(ص) فرمي بسهم في عضده فداواه فبرئ ثم انتقض عليه فمات منه 8 جمادي الآخرة سنة 4 من الهجرة وتزوجها رسول الله(ص) في أواخر شوال سنة 4 هكذا في ذيل المذيل للطبري ص 72.
كانت زينب كامها أم سلمة من أخلص الناس في ولاء علي(ع) وقصة أم سلمة مع عائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة معروفة وكذلك خبرها يوم تزويج الزهراء معروف ولما ولي أمير المؤمنين(ع) الخلافة ولي ابنها عمر بن أبي سلمة وقال ابن الأثير:
لما بلغ عائشة قتل علي قالت:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر


ثم قالت من قتله فقيل رجل من مراد فقالت:

فإن يك نائيا فلقد نعاه * نعي ليس في فيه التراب


وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين وغيره من المؤرخين إنه لما جاء عائشة نعي أمير المؤمنين(ع) فقالت:
فإن يك نائيا فلقد نعاه * غلام ليس في فيه التراب

قالت لها زينب: ألعلي تقولين هذا، فقالت: إني أنسى فإذا نسيت فذكروني
وفي مسودة الكتاب كانت زينب بنت أبي سلمة أفقه نساء زمانها وعمرت طويلا.

108- زينب بنت علي بك الأسعد:
توفيت حوالي سنة 1331 هي من بيت آل علي الصغير الشهيرين الذين كانت لهم إمارة القسم الأكبر من جبل عامل، وكانت معروفة بجودة الرأي ورجاحة العقل، تجيد نظم الشعر مع عدم معرفتها بالنحو، لكنها مقلة منه تنظم البيتين والثلاثة فما فوقها.
ذكرها صاحب مجلة العرفان في مجلته في المجلد 6 ص 272 وأورد من شعرها ما يأتي، فقال أراد كامل بك الأسعد إرسال تهنئة في العيد إلى بكوات النباطية فكلفها نظم بيتين من الشعر واشترط أن تجمع فيهما أسماءهم فقالت:

عيدي ومحمود أوقاتي وبهجتها * وجودكم يا أخلائي مدى الزمن
إن جاد ما جاد دهري لا أريد سوى فضل وكامل فوز في بني حسن
ورغب إليها خليل بك الأسعد في نظم بيتين ليكتبا على رسم له أراد إهداءه إلى سليم بك ثابت فقالت:
إن هذا الرسم يهدي * صورة القلب السليم
من خليل لسليم * ثابت العهد القديم

وذكرها في المجلد 8 ص 362 نقلا عن مراسل له لم يسمه فقال كانت كثيرا ما تراسل ولدها محمد بن السهيل وهو في المكتب السلطاني في بيروت وتصدر رسائلها إليه ببعض أبيات من الشعر منها:
بني رعاك الله قلبي في لظى * غلت لم تسكن حرها أدمع سجم وأصبو
لريح هب من نحو أرضكم * وأرصد نجما فوق مصركم يسمو

ومنها:
شوقي لقبلة عارضيك شديد * والعيش لا يحلو وأنت بعيد
يا من رمى قلبي بأسهم بعده * رحماك شق بأدمعي أخدود
إن كنت تنكر ما بقلبي من أسى * فنحول جسمي والدموع شهود
ومنها:
يا راحلين وشخصكم * نصب العيون بلا رفيق
قولوا لوجد حل بي * كن لي بوالدتي رفيق
فالقلب لازم ركبكم * كي تقبلوه لكم رفيق
قلب به شبه الحديد * لغيركم ولكم رقيق

ومنها ما كتبت به إليه حين توجهه لمدرسة حمص:
لانت منى نفسي من الناس كلها * وقرة عيني بل ضياها ونورها
فيا غائبا عني وفي القلب شخصه * ترفق بأحشاء نواك يضيرها
أتت منك يا من جاور القلب شقة * أزيلت بتسكاب الدموع سطورها
ولي مهجة لا تحمل البعد والنوى * لك الله هل من مهجة أستعيرها
بني الا ليت الرياح تشيلني * لحمص وتغدو بي إليك طيورها
عساك ترى جسما أذيب بجذوة * من النار لا يطفى بدمعي سعيرها
هجرت بيروت العلية معهدا * به رحبت ساحاتها وقصورها
ذهبت إلى حمص وخلفت مهجتي * تنازعها أيدي النوى وزفيرها
وأيقظت عيني والعيون هواجع * وكم رحت أرعى البدر وهو سميرها
وأصبح كالنشوان ان عن ذكركم * بفكري ولا خمر ولا من يديرها
لك الله اني كنت كاف وكافل * يقيك العدى مهما أثيرت شرورها

ولها في الحكم من موجز الكلم بحسب نقل مراسل العرفان:
1- الحياة السعيدة لا تكون إلا بالأخلاق الحميدة.
2- إنك وإن عظم محتدك وكثر سؤددك لا تعيش سعيدا إلا بحسن خلقك.
3- لا خوف إلا ممن لا يخاف ربه.
4- المعروف يستعبد الأحرار.
5- العفاف شمائل الاشراف.
6- إن حاربت نوائب الدهر فبسلاح الصبر.

109- زينب بنت علي بن حسين بن عبد الله بن حسن بن إبراهيم بن محمد بن يوسف آل فواز العاملية التبنينية المصرية:
هكذا ذكر نسبها في أول الدر المنثور ولدت في تبنين من قرى جبل عامل حوالي 1262 وتوفيت في مصر سنة 1332 عن عمر ناهز السبعين فيما يظن.
ذكرها صاحب العرفان في عدة مواضع من مجلته وكتب إلينا ترجمة لها مفصلة وأكثر ما يأتي مأخوذ مما كتبه إلينا ومما ذكره في المجلد 8 ص 445 وغيره ولدت في تبنين كما مر وكان لآل علي الصغير حكم قسم من جبل عامل ومقر إمارتهم قلعة تبنين وحاكمها يومئذ علي بك الأسعد فاتصلت بزوجته السيدة فاطمة بنت أسعد الخليل والدة محمد بك وخليل بك التي ترجمتها في الدر المنثور ترجمة حسنة وتولت خدمتها وقضت شطرا من صباها في قلعة تبنين ملازمة لنساء آل الأسعد لا سيما السيدة فاطمة المذكورة التي كان لها مشاركة حسنة في الأدب واستفادت منها كثيرا ثم اتصلت بأخيها الأصغر خليل بك في بلدة الطيبة وتزوجت برجل من حاشيته كان صقارا عنده وهو الذي يتولى أمر الصقور التي يصطاد بها قال صاحب العرفان رأيته منذ خمس عشرة سنة في دار كامل بك الأسعد وهو يومئذ في سن السبعين وأخبرنا كامل بك ان هذا الخادم الشيخ تزوج بزينب فواز ثم طلقها لعدم امتزاج طبعيهما وتباعد أخلاقهما وسافرت إلى دمشق فتزوجها أديب نظمي الكاتب الدمشقي ثم طلقها فتزوجت بأمير الآي عسكري مصري وصحبها معه لمصر وهناك ساعدتها البيئة على اظهار مواهبها فكتبت عدة رسائل في صحف مصر الكبرى ونالت شهرة في الكتابة والشعر وألفت روايتين نالت بهما زيادة في الشهرة وألفت الدر المنثور في طبقات ربات الخدور فنالت به شهرة واسعة قال صاحب العرفان وبالإجمال فإن زينب فواز كانت في عصرها نسيجة وحدها وفريدة عصرها مع ما كان في كتبها وكتاباتها وشعرها من الأغلاط ولم يكن اشتهر غيرها من النساء في مصر بالكتابة والشعر والتأليف وكتب حمدي يكن في بعض المجلات أنه لم يسمع في مصر الا باثنتين من الكاتبات عائشة التيمورية وزينب فواز.
مؤلفاتها:
1- الرسائل الزينبية وهي مجموعة مقالات ورسائل وبعضها شعرية كتبتها في الجرائد المصرية ثم جمعتها في كتاب واحد سمته الرسائل الزينبية وأكثر أبحاث هذه الرسائل في المرأة وحقوقها ومكانتها الاجتماعية.
2- رواية الملك كوروش.
3- رواية حسن العواقب أو غادة الزاهرة وقد أودعتها كثيرا من العادات العاملية لا سيما عادات الأسرة التي قضت مدة في خدمتها.
4- كشف الإزار عن مخبئات الزار والزار شعوذة من شعوذات شيخات مصر وصنف من تدجيلهن حضرته ووصفته في ذلك الكتاب.
5- الدر المنثور في طبقات ربات الخدور في 552 أو 426 صفحة بالقطع الكبير يحتوي على 456 ترجمة لمشهورات النساء من شرقيات وغربيات متقدمات ومتأخرات وفيه ترجمة واحدة لامرأة عاملية هي السيدة فاطمة بنت أسعد بك الخليل زوجة علي بك الأسعد وهو أكبر مؤلفاتها وأحسنها.
وكتبت في أول الكتاب هذين البيتين:
كتابي تبدى جنة في قصورها * تروح روح الفكر حور التراجم
خدمت به جنسي اللطيف وانه * لأكرم ما يهدى لغر الكرائم
وقد قرظ الكتاب جملة من أدباء وأدبيات مصر منهم

حسن حسني باشا الطويراني صاحب جريدة النيل وعائشة عصمت تيمور الشاعرة المصرية المعروفة فقالت من أبيات:
هنوا ذوات الخدر بالفوز الذي * يعلو على هام السهى ويطول
ولقد علت طبقاتهن وزانها * بالفخر من بعد الخمول قبول
وقال الطويراني:
بدا درها المنثور بالفضل زينب * فيا حبذا الدر النثير المرتب
جلت لعيون الفكر آثار حكمة * عرائسها تزهو وبالفضل تخطب
حكى الفلك الاعلى فكل صحيفة * به أفق فيها من الزهر موكب
حوى حسنات الدهر بين سطوره * وقومها ذاك اليراع المهذب
فلا برحت للفضل بالفضل زينب * تقول مقل الفاضلين وتكتب
وقرظة عبد الله فريج بأبيات مطلعها:
الشرق لا تعجبوا ان عمر النور * الشرق بالنور منذ الدهر مشهور
وجاء في اخرها تاريخ الكتاب الهجري والميلادي:
أبهى كتاب سما جاها لفاضلة * بالسعد فيه بهي الدر منثور
وهذه الكتب الخمسة كلها مطبوعة 6 مدارج الكمال في تراجم الرجال 7 ديوان شعر مطبوع. كتاب لها جوابا عن كتاب في مجلة العرفان المجلد 16 ص 284 أرسلت الأمريكية رئيسة قسم النساء في معرض شيكاغو كتابا إلى زينب فواز تسألها فيه بعض الأسئلة فذكرت في جوابها أولا ما هو المتعارف من المجاملة، ثم قالت سؤالك لي عن السبب الذي يمنعني عن الحضور إلى المعرض في ديانتنا الاسلامية وها أنا أشرحه لك شرحا موجزا وأبدأ أولا بذكر العادات الاسلامية التي نشأنا عليها ونحن نجدها من الفروض الواجبة ونتوارثها فنتلقاها بغاية الانشراح حتى أن المرأة منا لو أجبرت على كشف وجهها الممنوع عندنا لوجدته من أصعب الأمور مع أن كشف الوجه واليدين ليس محرما في قول فريق عظيم من العلماء ولكن منعته العادة قطعيا وهي التي توارثناها إذ إن البنت منا لا تتجاوز الثانية عشرة من عمرها إلا وهي داخل الحجاب، وإن من عادتنا المحترمة عندنا عدم حضور المرأة في المجتمعات العامة التي يجتمع إليها الرجال ولكن للنساء محافل خصوصية تختص بهن ليس للرجال فيها محل حتى أن الرجل لا يجوز له أن يدخل دائرة إلا بإذن عند الحاجة. والحجاب عندنا مأمور به في الدين بنصوص الكتاب الكريم كقوله تعالى وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن إلخ الآية وأما عدم إباحة السفر لنا فعلى ما يفهم من أقوال بعض العلماء الأعلام لأن عندنا في شريعتنا الغراء لا يباح مس جسم المرأة لرجل أجنبي عنها ولو حل النظر فيها في مثل الوجه مثلا على رأي من قال بأنه ليس بعورة فإنه يحل النظر إليه دون الشعر ولكن لا يحل مسه الا لذي محرم ولا يحل لها السفر الا بصحبة أحد ذوي قرباها إن لم يكن الزوج وأعني بذوي قرباها محارمها الذين لا يجوز لها التزوج بهم المذكورين في قوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم» الخ فإذا سافرت المرأة مسافة ثلاثة أيام فأكثر يلزم أن يكون معها أحد المذكورين في الآية الشريفة كالأب والابن والأخ والعم والخال أو الزوج لأنه إذا مس جسمها في وقت الركوب والنزول لا يكون محرما بخلاف غيرهم من ذوي القربى الذين لا يحرم الزواج بينها وبينهم كابن العم وابن الخال وابن العمة وابن الخالة فإنها تحتجب عنهم فلذلك لا تسافر مع أحدهم من حيث المسألة مبنية على المس فمتى جاز المس جاز السفر فهذا الذي يمنعني من الحضور إلى المعرض من وجه والوجه الآخر ما تقدم من عدم تعودنا على الخروج إلى المجتمعات العامة إذ ان المرأة منا لا يجوز لها الخروج إلى خارج المنزل إلا مؤتزرة بإزار يسترها من الفرق إلى القدم وبرقع يستر وجهها.
شعرها:
قد عرفت إن لها ديوان شعر مطبوع وذكر لها صاحب مجلة العرفان في مجلته ج 2 ص 289 أبياتا تخاطب بها قلعة تبنين أرسلتها إليه من مصر فقالت ذكرتني يا صاحب العرفان ما لا أنساه من معالم أوطاني فنطق لساني مخاطبا لقلعة تبنين التي أفنت الأجيال لم يؤثر على أسوارها الدهر فقلت:
يا أيها الصرح إن الدمع منهمل * فهل تعيد لنا يا دهر من رحلوا
وهل بقي فيك من ينعى معي فئة * هم المقاديم في يوم الوغى الأول
قد كنت للدهر نورا يستضاء به * أخنى عليك البلي يا أيها الطلل
كم زينتك قدود الغيد رافلة * بالعز تسمو ووجه الدهر مقتبل
أبكيك يا صرح كالورقاء نادبة * شوقا إليهم إلى أن ينتهي الأجل
قد كنت مسقط رأسي في ربى وطني * إن الدموع على الأوطان تنهمل
تبنين إن كنت في بعدي على حزن * فعند قربي الحشي بالوجد يشتعل
وقفت وقفة مشتاق بها شغف * علي أرى أثرا يحيا به الأمل
إذ الأحبة قد سارت رحالهم * فزاد شوقي كما قلت بي الحيل
فالنفس شاكية والعين باكية * والكبد دامية والقلب مشتعل أعلى
هيوسنت أبراجا لها عجبا * تقارع الدهر لا ضعف ولا ملل

هيوسنت صاحب طبرية هو باني قلعة تبنين سنة 1107 م وجعلها معقلا لغزو صور وما يليها ولها قصيدة مذكورة في مجلة العرفان ج 1 ص 281 انتخبنا منها هذه الأبيات:
لولا احتمال عنا وبذل دماء * لم يرق شخص ذروة العلياء
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * الا بسفك دم على الارجاء
هذا مقال الأقدمين ولم تجد * بدا لنا من شرعة القدماء
إن لم نشيد ما أقاموا أسه * فلنجتنب قصدا لهدم بناء
يا حسرة الاباء في أجداثهم * ان أخجلتهم خيبة الأبناء
يا حسرة الأموات لو نشروا فلم * يجدوا الذي ظنوه في الاحياء
يا خجلة الأحباب لو فخروا بنا * إذ ينظرون شماتة الأعداء
ويها رجال الشرق صرنا عبرة * بين الورى من سامع أو رائي
وهناك في الأصلاب قوم بعدنا * يحصون ما يمضي من الأنباء
لم ينزل الرحمن داء في الورى * الا وجاد له بخير دواء
ولئن بنا السيف الصقيل ففي النهى * والعلم سيفا حكمة ودهاء
ولئن كبا الطرف الجواد فلم يزل * للعقل ميدان لنيل علاء
ولئن أبى ذو الحقد نيل رجائنا * فالرأي يضمن نيل كل رجاء
هيهات ما العميان كالبصراء * كلا ولا الجهلاء كالعلماء
نروي عن الماضين ما فعلوا فما * يروي بنو الآتي عن الاباء
وفي العرفان المجلد 37 ص 245 جرت مناظرة حادة بينها وبين كاتب مصري يدعى أبو المحاسن فكتبت إليه تهزأ به:
أولست أرسطاليس إن * ذكر الفلاسفة الأكابر
وأبو حنيفة ساقط * في الرأي حين تكون حاضر
وكذاك إن ذكر الخليل * فأنت نحوي وشاعر
من هرمس من سيبويه * من ابن فورك إن تناظر

ولها مشطرة هذين البيتين:
وما من كاتب الا سيبلى * ويبلغ بدء غايته
انتهاء وتمحوه الليالي في سراها * ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب يمينك غير شئ * به يرض لك الزلفى الإله
ولا تعمل سوى عمل مفيد * يسرك في القيامة إن تراه

وقرظ كتابها حسن العواقب محمد بك غالب وهو في الرابعة عشرة من سنيه فقالت تمدحه من جملة أبيات:
يا واحدا في علاه * لك الثناء المؤبد
وخاطبتك المعالي * اهنأ وسد يا محمد
لا زلت تعلو وترقى * لكل مجد وسؤدد

وقالت في تاريخ ولادة من اسمها فاطمة:
زها أفق العليا بشمس منيرة * لها منبت تروي الليالي مكارمه
وجاء باقبال فقلت مؤرخا * الا وافت البشرى بميلاد فاطمة

وقال صاحب مجلة المنار في مجلته:
لنادرة العصر وأميرة النظم والنثر السيدة زينب فواز حفظها الله تشطير هذين البيتين ولكننا لم نرتض التشطير فتركناه.
ومصباح كان النور منه * محيا من أحب إذا تجلى
أغار على الدجى بلسان أفعى * فشمر ذيله فرقا وولى
قال: ولها أمد الله في حياتها تشطير هذين البيتين:
أمنت إلى ذا وذاك فلم أجد * من الناس من أرجوه في اليسر والبؤس
وما رمت من أبناء دهر معاند * أخا ثقة الا استحال إلى العكس
فأصبحت مرتابا بمن شط أو دنا * وألفيت أهل اليوم مثل بني أمس
وأيقنت ان لا خل في الكون يرتجى * من الناس حتى كدت ارتاب من نفسي


الهوامش:
1- الزف بالكسر صغار ريش النعام.
2- أيها: كلمة إغراء.

المصدر: أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، ج7.

التعليقات (0)

اترك تعليق