وجبــة المدرسـة: بِمَ تزوِّدين ابنك؟
يعتاد الأطفال تناول ما يحلو لهم من طعام وشراب وحلويات في الوقت الذي يريدونه وبالطريقة التي يختارونها خلال سنواتهم الثلاث الأولى، التي يقضونها في أحضان عائلتهم، وما إن يأتي وقت انفصالهم عن البيت والخروج إلى العالم الخارجي، والذي يتمثل بداية بالمدرسة، حتى تبدأ مشاكل الأكل عندهم، وبالتالي معاناة الأهل معهم لإقناعهم بتناول السندويشات أو ما يرسلونه معهم من مختلف أنواع الأطعمة والحلويات والفواكه.
نلقي الضوء على هذا الموضوع الغذائي، من خلال عدد من الأهالي الّذين تحدّثوا عن مشاكلهم ومعاناتهم مع أطفالهم، كما أجرينا مقابلة مع أخصّائية التّغذية مايا مهدي التي أجابت عن تساؤلات الأهل وأعطت بعض النصائح في هذا الإطار.
تأكل جيداً ولكن...
"شهيّة ابنتي مفتوحة دائماً حتى منذ كانت طفلة، ولطالما اعتبرها الآخرون أكبر من عمرها بسبب وزنها وطولها الذي يفوق الحدّ الطبيعي". هكذا بدأت السيدة حوراء حديثها معنا، مضيفة "ولكن رغم حبّها للطعام إلا أنها ومنذ دخولها إلى المدرسة تغيّرت شهيتها على الطعام، رغم أنّني أنوّع لها في السندويشات وفي الشوكولا والسكاكر التي تشتريها، ولا أعلم ما علي فعله لإقناعها بتناول طعامها".
على عكس ابنة السيدة "حوراء" التي تحب الطعام، تعاني السيدة "سهى" مع ولدها وتتعب معه ليتناول طعامه كلما حان وقت تناول الوجبات ما جعلها تقلق عليه، وتقول: "كيف يمكن لي أن أطمئنّ على ولدي خلال وجوده في المدرسة، إن كان قد تناول طعامه أو لا؟"، طالبة بعض النصائح التي يمكن اتباعها معه.
لديها عاداتها الخاصة:
في السياق نفسه، وفي عرض لبعض المشاكل الغذائية التي قد يعاني منها الأهل مع أطفالهم خلال سنتهم الدراسية الأولى، أشارت السيدة أم علي إلى أن ابنتها (سنتين ونصف)، لديها عادات غذائية خاصة بها فهي لا تحب مثلاً الألبان والأجبان وتحب تناول البيض المقلي فقط على الفطور، وأضافت: "كل ما تحب تناوله صباحاً هو إما البيض أو المناقيش، وعلى الرغم من محاولتي المتكررة للتنويع لها في طعامها، إلا أنها ترفض تناول أي شيء أقدّمه لا يتلاءم ومزاجها".
توازن الغذاء مهم للأطفال:
المزاجية في تناول الأطعمة أو عدم الشهية لتناولها، مخاوف وأسئلة توجهنا بها إلى أخصّائية التغذية "مايا مهدي" التي بدأت بالقول: "إنّ عمر الثلاث سنوات من مرحلة الطفولة هو مرحلة النمو للأطفال، فالخلايا تتجدّد والطفل يزداد طوله ووزنه ما يحتّم علينا الاهتمام أكثر، ومراقبة الفيتامينات والبروتينات التي يتناولها، سواء الحيوانية الموجودة في اللّحوم والدّجاج والأسماك، أم النباتية والموجودة في البقوليات والحبوب، مشدّدة في الوقت نفسه على أن البروتين الحيواني ذو قيمة غذائية أعلى من البروتين النباتي. لذا، يجب أن يتمّ تناوله كلّ يوم بينما النّوع الثاني مرّة أو مرّتين أسبوعياً".
المهم الأكل باعتدال:
أما بالنسبة إلى السعرات الحرارية اللازمة للأطفال في هذا العمر، فقد أكدت الأخصائية "مايا" على ضرورة الحرص على حصول الطفل على السّعرات الحراريّة اللّازمة لنمو جسمه، مضيفة: "في حال حصل الطفل على أقلّ من المطلوب فإن جسمه سيبدأ بالصّرف من المخزون الموجود في جسده وعضلاته. وفي حال حصل على أكثر من المطلوب، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى زيادة وزنه، وقد يصل إلى السمنة، لذلك يجب الاعتدال في هذا الشأن، وضرورة معرفة كيفية حصول الطفل على هذه السعرات والتي تأتي عادة من النشويات، الكاربوهيدرات، والسكريات، ووجوب عدم طغيان أي فئة على الأخرى بالطبع".
الوجبة المدرسيّة:
عندما ينتقل الطفل من جو المنزل إلى المدرسة في عامه الأول فالأمر يختلف بالطبع، وفي هذا الإطار تقول الأخصائية "مهدي": "عند ذهاب الطفل إلى المدرسة فإنّ الأم لم تعد مع طفلها. لذلك، عليها أن تؤمّن له في وجبته المدرسيّة كل الغذاء الّذي قد يحتاجه، ولا سيما أنّ الوقت الذي يقضيه الطّفل في المدرسة طويل. لذلك، يجب أولاً أن يتناول الطّفل الفطور في المنزل قبل مغادرته صباحاً، مع التّشديد على أهمية شرب الحليب. كما عليه أن يأخذ معه وجبة أخرى إلى المدرسة".
كما أكدت الأخصائية أنّ على الطفل أن يحصل من وجبته الغذائية المدرسيّة على البروتينات التي تأتي من الأجبان والألبان، مع التأكيد على ضرورة حصوله على الفاكهة وتزويده بما يحب.
المزاجية في تناول الأطعمة:
أشارت الأخصائية إلى أن بعض الأطفال لديهم عادات غذائية معينة، أو يحبون صنفاً معيّناً من الطعام، قد يكون من الصعب تناوله في المدرسة. عندها، يكون على الأم أن تبحث عن بديل. فمثلاً، إذا كان الطفل يحب تناول البيض المقلي صباحاً، ولا يستطيع في أيام المدرسة لضيق الوقت، يجب على الأم أن تبحث عن طعام يمتلك نفس القيمة الغذائية ويرغبه الطفل مثل "الكورن فليكس" وتزوّده به إلى المدرسة، مضيفة: "على الأم الاحتيال على طفلها، إذ عليها أن تبحث عن طعام ذي ألوان مميزة، تجذب الطفل، أو إعطاؤه أطعمة موضوعة في أكياس ملونة، أو تدع الطفل يختار علبة الطعام الخاصة به ويساعد في ترتيب العلبة. هكذا، يصبح أكثر رغبة في تناول ما بداخلها". وتلفت الأخصائية "مهدي" إلى ضرورة اهتمام المدرسة بالتنسيق مع الأهل بأن يكون طعام التلاميذ متشابهاً فيما بينهم حتى لا يرفض الطفل تناول طعامه، لأنه يريد ما يتناوله رفيقه.
وفي إطار آخر شدّدت الأخصائية "مهدي" على ضرورة أن تساعد الأم طفلها في تغيير عاداته الغذائية بما يتلاءم مع عامه الدراسي الأول:
أولاً: عبر حرصها على عدم حصوله على أي حلويات أو شوكولا قبل الأكل لأن هذا الأمر قد يقطع شهيته عن تناول أي طعام آخر. وثانياً: عبر تغيير بعض العادات الغذائية، غير المساعدة، الموجودة في المنزل، والتي انتقلت بطبيعة الحال إلى الطفل، مؤكدة أنه مع الوقت وبالتدرج تتغير هذه العادات.
ولفتت الأخصائية إلى أن العصير الطبيعي إذا أرسل إلى المدرسة مع الطفل، فإنه يخسر خلال النهار فوائده وخصائصه الغذائية، ناصحة الأهل بتزويد أطفالهم العصير المعلّب المدعّم بالفيتامينات والحديد، وليس العصير التجاري المعلّب.
وفي الختام أكددت الأخصائية "مهدي" على ضرورة اهتمام المدرسة، بالتالي المعلمة في الصف، بإطعام الأطفال، حيث يكون هناك عادة أكثر من معلمة في الصف الواحد، مع إعطاء الوقت الكافي للأكل، مطمئنة الأمهات اللّواتي يقلقن على أطفالهن بالقول: "على الأم أن لا تقلق في حال أرجع طفلها طعامه من المدرسة، شرط أن لا يظهر تأثير هذا الأمر في وزن الطفل ونموّه، عندها يتحتّم علينا استشارة طبيب تغذية مختصّ".
المصدر: مجلة بقية الله، العدد 257
إعداد: هبة عباس
اترك تعليق