في ذكرى ولادة الزهراء(ع).. الإمام الخامنئي يحيي المرأة المسلمة ويفخر بها
نبارك لصاحب العصر والزمان(عج) ولوليِّ الأمر في غيبته (دام ظله الوارف) بولادة الصدِّيقة الكبرى السيّدة فاطمة الزهراء(ع). وفيما يلي مقتطفات من كلام سماحة الإمام الخامنئي(دام حفظه) في هذه المناسبة المباركة:
إنّ الإنسان كلّما فكّر وتدبّر أكثر في أحوال الزهراء الطاهرة(ع) يحتار أكثر، وحيرة الإنسان ليست ناجمة عن كيفية تمكّن هذا الكائن الإنساني من نيل هذه الرتبة من الكمالات المعنوية والمادّية في سنين الشباب ـوهي بالطبع حقيقة تثير الحيرة أيضاًـ بل من القدرة العجيبة التي استطاع الإسلام بها أن يبلغ بتربيته الرفيعة الى درجة تُمكِّن إمرأة شابّة كسب هذه المنزلة العالية في تلك الظروف الصعبة. فعظمة هذا الكائن وهذا الإنسان الرفيع تثير العجب والحيرة وكذلك عظمة الرسالة التي أظهرت هذا الكائن عظيم القدر وجليل المنزلة.
إنّ حياة فاطمة الزهراء(ع) في جميع الأبعاد كانت مليئة بالعمل والسعي والتكامل والسمو الروحي للإنسان، وكان زوجها الشاب دائماً في الجبهة وميادين الحرب، وكانت مشاكل المحيط والحياة قد جعلت فاطمة الزهراء(ع) مركزاً لمراجعات الناس والمسلمين.
وقد أمضت البنت المعينة للنبي(ص) حياتها بمنتهى الرفعة في تلك الظروف، وقامت بتربية أولادها الحسن والحسين وزينب وإعانة زوجها علي(ع) وكسب رضى أبيها النبي(ص)، وعندما بدأت مرحلة الفتوحات والغنائم لم تأخذ بنت النبي ذرّة من لذائذ الدّنيا وزخرفها ومظاهر الزينة والاُمور التي تميل لها قلوب الشابّات والنساء. وكانت عبادة فاطمة الزهراء(ع) عبادة نموذجية، يقول الحسن البصري الذي كان أحد العبّاد والزهّاد في العالم الإسلامي حول فاطمة الزهراء(ع) بأنّ بنت النبي عبدت اللّه ووقفت في محراب العبادة الى درجة (تورَّمت قدماها).
إنّ جهاد تلك المكرّمة في الميادين المختلفة هو جهاد نموذجي، في الدفاع عن الإسلام وفي الدفاع عن الإمامة والولاية، وفي الدفاع عن النبي(ص) وفي المعاشرة مع أكبر القادة الإسلاميين وهو أمير المؤمنين(ع)؛ هذه هي شخصية فاطمة الزهراء(ع) الجامعة للأطراف. إنها اُسوة للمرأة المسلمة.
إنّ على المرأة المسلمة أن تسعى في طريق الحكمة والعلم وفي طريق التهذيب المعنوي والأخلاقي للنفس وتكون طليعة في ميدان الجهاد والكفاح (بكلّ أنواعه) ولا تهتمّ بزخارف الدنيا ومظاهرها الرخيصة وتكون عفّتها وعصمتها وطهارتها بدرجة بحيث تدفع عنها نظر الأجنبي تلقائياً، وفي البيت سكينة للزوج والأولاد وراحة للحياة الزوجية، وتربّي في حضنها الحنون والرؤوف وبكلماتها الطريفة والحنينة أولاداً مهذّبين بلا عقد، وذوي روحيّة حسنة وسليمة، وتربّي رجالاً ونساءاً وشخصيات المجتمع. إنّ الاُمّ هي أفضل من يبني، فأكبر العلماء قد يصنعون أداة إلكترونية معقّدة جدّاً مثلاً، أو يصنعون أجهزة للصعـود الـى الفـضاء أو صـواريخ عـابرة للقـارات، ولكن هذا كلّه لا يعادل أهمّية بناء إنسان رفيع، وهو عمل لا يتمكن منه إلاّ الاُمّ، وهذه هي اُسوة المرأة المسلمة.
إنّ العالم الاستكباري الغارق في الجاهلية يُخطئ عندما يتصوّر إنّ قيمة واعتبار المرأة هو في تجمّلها أمام الرجل حتى تنظر إليها العيون الطائشة وتتمتع برؤيتها وتصفّق لها. والذي يطرح اليوم من قبل الثقافة الغربية المنحطّة بعنوان حرّية المرأة قائم على هذا الأساس. إنّ التربية الاسلامية والثورية للمرأة المسلمة تدعو إلى فخر وتباهي الجمهورية الإسلامية. ونحن نفخر بنسائنا المسلمات، ونفخر عندما تظهر النساء بحجاب كامل في الصور التي تلتقط للمسيرات، وهنّ يحملن أطفالهن ويخرجن إلى المسيرات في الظروف الصعبة لإعلان موقف سياسي، أو يحضرن في صلاة الجمعة -وهي أمر عبادي سياسي- ويدلين بأصواتهن لانتخاب المرشحين السياسيين.
إنّ الجمهورية الإسلامية تفخر ويرتفع شأنها عندما تحصل نساؤها على درجات عالية في الجامعات أو يحصلن على الرتبة الاُولى والثانية في الفروع المختلفة للامتحانات الوزارية، وهذا فخر لأحكام الإسلام النورانية.
وفي هذا العالم الذي تتحرّك فيه موجات الاعلام المنحرف الخاطئ من كلّ الجوانب استطاعت المرأة المسلمة إثبات وجودها بهذه الشجاعة وبهذا الرأي المستقل. نرجو أن يشملكم اللّه تعالى برحمته ورعايته ويتلطّف عليكم الوجود المقدّس لولي العصر أرواحنا فداه وترضى عنكم الروح المقدّسة لإمامنا الكبير.
المصدر: قناة المنار.
اترك تعليق