كلمة مديرة حوزة السيدة الزهراء(ع) في بعلبك الحاجة أم زهراء خاتون في ذكرى ولادة السيدة الزهراء(ع) في مبنى الجمعيات 2013م
السلام عليكنّ أخواتي الكريمات ورحمة الله وبركاته..
أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم وأفضل السلام وأتمّ السلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين...
طبعاً في البداية نهنئ الجميع ونبارك للجميع هذه الأيام العطرة، أيام ولادة أعظم من في هذا الوجود فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهم أجمعين وعلى آله الأطهار..
في هذه الدقائق القليلة المتاحة أحب أن أركّز على نقطة واحدة قدر الوقت أنه عندما نريد أن نتحدث عن إنسانٍ عظيم، الإنسان العظيم لا يستطيع أن يعرفه وأن يقدّمه إلّا العظيم وإلّا العظماء، عندما نريد أن نتحدث عن العظماء يجب أن ننهل من حديث وكلام العظماء عنهم.
في زيارة من الزيارات نتوجه بها إلى الإمام صاحب الزمان(ع) نخاطبه بقولنا: "السلام عليك سلام مَن عَرَفَك بما عرّفَك به الله ونعتك". نسلّم على الإمام المعصوم سلام مَن يعرفه بما عرّفه الله، سلام مَن يعرفه بتعريف الله وتوصيف الله -عز وجل- له، فالعظيم لا يستطيع أن يعرفه وأن يعرّفه إلّا مَن خَلَقه وإلّا العظماء أمثاله؛ لذلك علماؤنا الأفاضل، مراجعنا العظماء دائماً يؤكّدون على هذه المقولة عند الحديث عن المعصومين، عند الحديث عن السيدة الزهراء يجب أن نتوجه إلى كلام الله -عز وجل- ماذا يقول، يجب أن نتوجه إلى أحاديث رسول الله(ص) ماذا يقول في الزهراء(ع)، وإلى أحاديث الأئمة المعصومين(ع) ماذا يقولون عن الزهراء(ع)، القرآن، الله سبحانه وتعالى يصف آل بيت الرسول «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(سورة الأحزاب، الآية: 33)، الله سبحانه وتعالى يصف بيت فاطمة وعلي في مسجد رسول الله يقول: الرسول ينطق بهذه الآية: « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ..»(سورة النور، الآيات:36- 37) إلى آخر الآية.
يسأله من في المسجد: بيت مَن هذا يا رسول الله، يقول هي بيوت الأنبياء، يشير إلى بيت علي، السائل يشير إلى بيت علي وفاطمة في داخل المسجد يا رسول الله هل هذا البيت منها؟ يقول: هذا من أفاضلها.
عندما نريد أن نتحدث عن الزهراء(ع) يجب أن نرجع إلى الأحاديث، الله سبحانه وتعالى بلسان جبرائيل في حديث الكساء، هذا الحديث المتواتر عند كل المسلمين سنة وشيعة، يقول جبرائل عندما يتنزل ليكون بينهم، بين أصحاب الكساء، وبعد أن يستأذن، يقول، ينقل جبرائيل: يقول الله عز وجل يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضاً مدحية، ولا قمراً منيرا، ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري، ولا فُلكاً يسري إلّا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء، فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، كلنا في هذا الوجود خُلق من أجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء.
في الحديث القدسي: يا محمد لولاك ما خلقت الأفلاك، ولولا علي ما خلقتك، ولولا فاطمة ما خلقتكما.
رسول الله(ص) يقول في الزهراء: لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ فاطمة أكثر، أشرف أهل الدنيا، أو أعظم أهل الدنيا شرفاً وعنصراً وكرماً. الرسول(ص) يقول عن الزهراء: "هي بضعة مني، هي روحي التي بين جنبَي"، هي روح رسول الله، يقول فيها: "إنّ الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة"؛ يعني رضا الله وغضب الله يدوران مدار رضا فاطمة وغضب فاطمة، يعني من يريد رضا الله عز وجل عليه أن يطلب رضا فاطمة، ومن يريد أن يتجنب سخط الله سبحانه وتعالى وغضب الله عليه أن يتجنب سخط الزهراء وسخط فاطمة. أحد المراجع الكبار يقول يكفي هذا الحديث للدلالة على عصمة الزهراء الكبرى؛ لأنّ غضب الله يدور ورضا الله يدور على رضا فاطمة وغضب فاطمة.
الرسول(ص) يقول هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة، الأئمة المعصومين، الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه يقول: نحن -أي الأئمة-، "نحن حجج الله على خلقه، وجدتنا فاطمة حجة الله علينا"، الأئمة المعصومين هم حجج الله على الخلق، على البشر وغير البشر، لكن فاطمة الزهراء تبقى هي حجة الله على الأئمة. ما هذه المكانة العظيمة للسيدة الزهراء، لذلك عندما نريد أن نتحدث عن الزهراء إذا أردنا أن نصفها بلساننا، بأوصافنا، فإننا ننزّل الزهراء عن مقامها، عن مكانتها التي رتبها الله سبحانه وتعالى لها، لذلك مرجعنا هو أحاديث المعصومين، أحاديث العظماء عن هذه السيدة العظيمة التي يقول عنها رسول الله: "هي والله سيدة النساء من الأولين والآخرين، هي والله مريم الكبرى، متى قامت في محرابها يتنزل عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين، ينادونها بما كانوا ينادون به مريم سلام الله عليها أن يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين".
هذه السيدة العظيمة التي يقول عنها الإمام الصادق(ع) على ما أظن: "ما تكاملت نبوة نبي حتى يُقر أو حتى أقرّ بفضلها ومحبتها، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى".
وفيها يقول إمامنا صاحب العصر والزمان: "إنّ لي في أمي فاطمة أسوة"، هو يتأسى بأمّه الزهراء.
أحببت أن أنقل رواية لأن الوقت ضيق، الإمام الخميني قدس سره ينقل هذه الرواية عن مصحف فاطمة. طبعاً الإمام الخميني له تعابير عظيمة بحق السيدة فاطمة، مرة يكون في محفل نسائي، قبل يوم يخاطب النساء يقول لهنّ غداً يوم المرأة التي يفخر بها التاريخ، غداً يوم المرأة التي وقفت ابنتها، ويحكي عن الزهراء وعن تربيتها لابنتها زينب، غداً يوم المرأة التي وقفت ابنتها أمام طاغية من طواغيت العالم توبّخه وتقول له كلاماً لم يسمع له مثيلاً من قبل، وقفت في وجه طاغية لو تنفس الرجال لقتلهم جميعاً.
في موضع آخر يقول الإمام الخميني قدس سره أنّ السيدة فاطمة عليها السلام، هذه السيدة العظيمة التي اجتمعت فيها كل الكمالات، كل كمالات الأنبياء اجتمعت في فاطمة الزهراء(ع)، لو كانت رجلاً لكانت نبيا.
الإمام الخميني قدس سره يقول –سأنقل قوله بحذافيره- أنا بالنسبة إلى حضرة الصدّيقة سلام الله عليها أرى نفسي قاصراً حتى عن ذكرها إلّا أنني أكتفي برواية فقط وردت في الكافي الشريف ونُقلت بسند معتبر وهي يقول الإمام الخميني تكفي هذه الرواية ينقلها ويقول هذه الرواية سندها معتبر، سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن مصحف فاطمة، فقال: إنّ فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله(ص) خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرائيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانته ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي عليه السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة.
هذه الرواية يرويها الإمام الخميني عن الإمام الصادق ثمّ يعلّق عليها ويقول ظاهر الرواية أن تردد جبرائيل طيلة هذه الخمسة والسبعين يوماً كان كثيراً، كان كتيراً ما يتنزّل على السيدة الزهراء، ويتحدث كثيراً، أريد أن أختصر، ينقل هذا الكلام الإمام الخميني وقول: مسألة مجيء جبرائيل إلى شخص ليست مسألة عادية، لا نتصور أنّ جبرائيل يأتي إلى أي شخص أو من الممكن أن يأتي، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بين روح ذلك الشخص الذي يأتي جبرائيل إليه وبين مقام جبرائيل الذي هو الروح الأعظم. هذا التناسب -يعني ليس أيّ أحد كان يتنزل عليه جبرائيل- هذا التناسب كان قائماً بين جبرائيل والدرجة الأولى من الأنبياء كرسول الله وموسى وعيسى وإبراهيم وأمثالهم. يقول الإمام الخميني أنّ جبرائيل كان يتنزل ليس على كل الأنبياء، ليس من الممكن أن يتنزل على كل الأنبياء، بل كان يتنزل على الرتبة العليا من الأنبياء كنبينا محمد(ص) وموسى وعيسى وإبراهيم.
يقول الإمام الخميني إنني أعتبر هذه الفضيلة للزهراء(ع) على الرغم من عظمة كل فضائلها الأخرى، أعتبرها أعلى فضائلها حيث لم يتحقق مثلها لغير الأنبياء، بل لم يتحقق مثلها لجميع الأنبياء وإنما للطبقة العليا منهم، ولأعظم الأولياء الذي هي من مرتبتهم أو هم على مرتبتهم ولم تتحقق لشخص آخر، وهذه من الفضائل المختصة بالصدّيقة فاطمة سلام الله عليها.
لأنو عم نحكي عن مصحف فاطمة بختم الكلام بهذه الرواية. ما هو مصحف فاطمة الزهراء؟ أبو بصير من صحابة الإمام الباقر(ع) بيسأل الإمام الباقر بقلو، بيسألو عن مصحف فاطمة ما هو، يجيبه الإمام الباقر(ع) بكلام طويل من جملته أنّ صحيفة فاطمة، هذا المصحف فيه خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماءٌ سماء، كل سماء بما فيها، وعدد ما في السماوات من الملائكة وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل -يعني كل الأنبياء والمرسلين- وأسماء من أُرسل إليهم وأسماء من كذّب ومن أجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين، وأسماء البلدان وصفة كل بلد من شرق الأرض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين، وعدد ما فيها من الكافرين، وصفة كل من كذّب، وصفة القرون الأولى، ومن ولي من الطواغيت ومدى ملكهم وعددهم، وأسماء الأئمة وصفتهم، وما يملك كل واحد واحد، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء الذين يدخلون الجنة وهؤلاء الذين يدخلون النار، وفيه علم القرآن كما أُنزل، وعلم التوراة كما أُنزلت، وعلم الإنجيل كما أُنزل وعلم الزبور إلى آخر الرواية، إلى أن يصل الإمام الباقر إلى كيفية نزول هذا المصحف يقول: لما أراد الله عز وجل أن يُنزّله عليها أمر جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوه فنزلوا به عليها وذلك في ليلة الجمعة من كذا الثلث الثاني من الليل فهبطوا به وهي قائمة تصلي فما زالوا حتى قعدت فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام ودفعوا المصحف إليها -هذه الصحيفة- فقالت الله السلام ومنه السلام وإليه السلام وعليكم رسل الله السلام ثمّ عرجوا إلى السماء، قلت -يقول أبو بصير- قلت للإمام(ع) جُعلت فداك فلمن صار مصحف فاطمة -أين هو الآن- يجيبه الإمام(ع) دفَعَتْهُ إلى أمير المؤمنين(ع) فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر.
صحيفة فاطمة فيها علم ما كان وما يكون إلى يوم الساعة، هذا ما علمها إياه جبرائيل ونصّه أمير المؤمنين وهو عند صاحب هذا الأمر.
أكتفي بهذا القدر من الكلام لأقول دائماً عندما نريد أن نتحدث عن فاطمة أو أي معصوم من المعصومين يجب أن نتحدث من خلال كلام المعصومين العظماء الأطهار؛ لأنهم وحدهم كما يقول رسول الله: "يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت ولا يعرفني إلا الله وأنت ولا يعرفك إلا الله وأنا".
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعرّفنا أئمتنا الأطهار، أن يعرّفنا سيدة نساء العالمين، نسأل الله سبحانه وتعالى بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها أن يعيد هذه المناسبة على الجميع، عليكنّ أخواتي، على جميع الأمة باليمن والنصر والبركة والخيرات، نسأله بحقنا أن يلحقنا بالصالحين ممن مضى وأن يسلك بنا سبيل الصالحين، أن ينصر الدولة الإسلامية المباركة الجمهورية الإسلاميّة في إيران، أن يحفظ السيد القائد ويعزه وينصره، أن يحفظ السيد حسن نصرالله ويحفظه ويعزه، وأن يعز المؤمنين الصلحاء، نسأله أن لا يسلط علينا من لا يرحمنا وأن ينصرنا على أعدائنا وأن تكون عاقبة أمورنا وأمور الجميع إلى الخير والحمدلله رب العالمين.
والسلام عليكم.
أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم وأفضل السلام وأتمّ السلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين...
طبعاً في البداية نهنئ الجميع ونبارك للجميع هذه الأيام العطرة، أيام ولادة أعظم من في هذا الوجود فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهم أجمعين وعلى آله الأطهار..
في هذه الدقائق القليلة المتاحة أحب أن أركّز على نقطة واحدة قدر الوقت أنه عندما نريد أن نتحدث عن إنسانٍ عظيم، الإنسان العظيم لا يستطيع أن يعرفه وأن يقدّمه إلّا العظيم وإلّا العظماء، عندما نريد أن نتحدث عن العظماء يجب أن ننهل من حديث وكلام العظماء عنهم.
في زيارة من الزيارات نتوجه بها إلى الإمام صاحب الزمان(ع) نخاطبه بقولنا: "السلام عليك سلام مَن عَرَفَك بما عرّفَك به الله ونعتك". نسلّم على الإمام المعصوم سلام مَن يعرفه بما عرّفه الله، سلام مَن يعرفه بتعريف الله وتوصيف الله -عز وجل- له، فالعظيم لا يستطيع أن يعرفه وأن يعرّفه إلّا مَن خَلَقه وإلّا العظماء أمثاله؛ لذلك علماؤنا الأفاضل، مراجعنا العظماء دائماً يؤكّدون على هذه المقولة عند الحديث عن المعصومين، عند الحديث عن السيدة الزهراء يجب أن نتوجه إلى كلام الله -عز وجل- ماذا يقول، يجب أن نتوجه إلى أحاديث رسول الله(ص) ماذا يقول في الزهراء(ع)، وإلى أحاديث الأئمة المعصومين(ع) ماذا يقولون عن الزهراء(ع)، القرآن، الله سبحانه وتعالى يصف آل بيت الرسول «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(سورة الأحزاب، الآية: 33)، الله سبحانه وتعالى يصف بيت فاطمة وعلي في مسجد رسول الله يقول: الرسول ينطق بهذه الآية: « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ..»(سورة النور، الآيات:36- 37) إلى آخر الآية.
يسأله من في المسجد: بيت مَن هذا يا رسول الله، يقول هي بيوت الأنبياء، يشير إلى بيت علي، السائل يشير إلى بيت علي وفاطمة في داخل المسجد يا رسول الله هل هذا البيت منها؟ يقول: هذا من أفاضلها.
عندما نريد أن نتحدث عن الزهراء(ع) يجب أن نرجع إلى الأحاديث، الله سبحانه وتعالى بلسان جبرائيل في حديث الكساء، هذا الحديث المتواتر عند كل المسلمين سنة وشيعة، يقول جبرائل عندما يتنزل ليكون بينهم، بين أصحاب الكساء، وبعد أن يستأذن، يقول، ينقل جبرائيل: يقول الله عز وجل يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضاً مدحية، ولا قمراً منيرا، ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري، ولا فُلكاً يسري إلّا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء، فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، كلنا في هذا الوجود خُلق من أجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء.
في الحديث القدسي: يا محمد لولاك ما خلقت الأفلاك، ولولا علي ما خلقتك، ولولا فاطمة ما خلقتكما.
رسول الله(ص) يقول في الزهراء: لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ فاطمة أكثر، أشرف أهل الدنيا، أو أعظم أهل الدنيا شرفاً وعنصراً وكرماً. الرسول(ص) يقول عن الزهراء: "هي بضعة مني، هي روحي التي بين جنبَي"، هي روح رسول الله، يقول فيها: "إنّ الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة"؛ يعني رضا الله وغضب الله يدوران مدار رضا فاطمة وغضب فاطمة، يعني من يريد رضا الله عز وجل عليه أن يطلب رضا فاطمة، ومن يريد أن يتجنب سخط الله سبحانه وتعالى وغضب الله عليه أن يتجنب سخط الزهراء وسخط فاطمة. أحد المراجع الكبار يقول يكفي هذا الحديث للدلالة على عصمة الزهراء الكبرى؛ لأنّ غضب الله يدور ورضا الله يدور على رضا فاطمة وغضب فاطمة.
الرسول(ص) يقول هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة، الأئمة المعصومين، الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه يقول: نحن -أي الأئمة-، "نحن حجج الله على خلقه، وجدتنا فاطمة حجة الله علينا"، الأئمة المعصومين هم حجج الله على الخلق، على البشر وغير البشر، لكن فاطمة الزهراء تبقى هي حجة الله على الأئمة. ما هذه المكانة العظيمة للسيدة الزهراء، لذلك عندما نريد أن نتحدث عن الزهراء إذا أردنا أن نصفها بلساننا، بأوصافنا، فإننا ننزّل الزهراء عن مقامها، عن مكانتها التي رتبها الله سبحانه وتعالى لها، لذلك مرجعنا هو أحاديث المعصومين، أحاديث العظماء عن هذه السيدة العظيمة التي يقول عنها رسول الله: "هي والله سيدة النساء من الأولين والآخرين، هي والله مريم الكبرى، متى قامت في محرابها يتنزل عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين، ينادونها بما كانوا ينادون به مريم سلام الله عليها أن يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين".
هذه السيدة العظيمة التي يقول عنها الإمام الصادق(ع) على ما أظن: "ما تكاملت نبوة نبي حتى يُقر أو حتى أقرّ بفضلها ومحبتها، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى".
وفيها يقول إمامنا صاحب العصر والزمان: "إنّ لي في أمي فاطمة أسوة"، هو يتأسى بأمّه الزهراء.
أحببت أن أنقل رواية لأن الوقت ضيق، الإمام الخميني قدس سره ينقل هذه الرواية عن مصحف فاطمة. طبعاً الإمام الخميني له تعابير عظيمة بحق السيدة فاطمة، مرة يكون في محفل نسائي، قبل يوم يخاطب النساء يقول لهنّ غداً يوم المرأة التي يفخر بها التاريخ، غداً يوم المرأة التي وقفت ابنتها، ويحكي عن الزهراء وعن تربيتها لابنتها زينب، غداً يوم المرأة التي وقفت ابنتها أمام طاغية من طواغيت العالم توبّخه وتقول له كلاماً لم يسمع له مثيلاً من قبل، وقفت في وجه طاغية لو تنفس الرجال لقتلهم جميعاً.
في موضع آخر يقول الإمام الخميني قدس سره أنّ السيدة فاطمة عليها السلام، هذه السيدة العظيمة التي اجتمعت فيها كل الكمالات، كل كمالات الأنبياء اجتمعت في فاطمة الزهراء(ع)، لو كانت رجلاً لكانت نبيا.
الإمام الخميني قدس سره يقول –سأنقل قوله بحذافيره- أنا بالنسبة إلى حضرة الصدّيقة سلام الله عليها أرى نفسي قاصراً حتى عن ذكرها إلّا أنني أكتفي برواية فقط وردت في الكافي الشريف ونُقلت بسند معتبر وهي يقول الإمام الخميني تكفي هذه الرواية ينقلها ويقول هذه الرواية سندها معتبر، سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن مصحف فاطمة، فقال: إنّ فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله(ص) خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرائيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانته ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي عليه السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة.
هذه الرواية يرويها الإمام الخميني عن الإمام الصادق ثمّ يعلّق عليها ويقول ظاهر الرواية أن تردد جبرائيل طيلة هذه الخمسة والسبعين يوماً كان كثيراً، كان كتيراً ما يتنزّل على السيدة الزهراء، ويتحدث كثيراً، أريد أن أختصر، ينقل هذا الكلام الإمام الخميني وقول: مسألة مجيء جبرائيل إلى شخص ليست مسألة عادية، لا نتصور أنّ جبرائيل يأتي إلى أي شخص أو من الممكن أن يأتي، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بين روح ذلك الشخص الذي يأتي جبرائيل إليه وبين مقام جبرائيل الذي هو الروح الأعظم. هذا التناسب -يعني ليس أيّ أحد كان يتنزل عليه جبرائيل- هذا التناسب كان قائماً بين جبرائيل والدرجة الأولى من الأنبياء كرسول الله وموسى وعيسى وإبراهيم وأمثالهم. يقول الإمام الخميني أنّ جبرائيل كان يتنزل ليس على كل الأنبياء، ليس من الممكن أن يتنزل على كل الأنبياء، بل كان يتنزل على الرتبة العليا من الأنبياء كنبينا محمد(ص) وموسى وعيسى وإبراهيم.
يقول الإمام الخميني إنني أعتبر هذه الفضيلة للزهراء(ع) على الرغم من عظمة كل فضائلها الأخرى، أعتبرها أعلى فضائلها حيث لم يتحقق مثلها لغير الأنبياء، بل لم يتحقق مثلها لجميع الأنبياء وإنما للطبقة العليا منهم، ولأعظم الأولياء الذي هي من مرتبتهم أو هم على مرتبتهم ولم تتحقق لشخص آخر، وهذه من الفضائل المختصة بالصدّيقة فاطمة سلام الله عليها.
لأنو عم نحكي عن مصحف فاطمة بختم الكلام بهذه الرواية. ما هو مصحف فاطمة الزهراء؟ أبو بصير من صحابة الإمام الباقر(ع) بيسأل الإمام الباقر بقلو، بيسألو عن مصحف فاطمة ما هو، يجيبه الإمام الباقر(ع) بكلام طويل من جملته أنّ صحيفة فاطمة، هذا المصحف فيه خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماءٌ سماء، كل سماء بما فيها، وعدد ما في السماوات من الملائكة وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل -يعني كل الأنبياء والمرسلين- وأسماء من أُرسل إليهم وأسماء من كذّب ومن أجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين، وأسماء البلدان وصفة كل بلد من شرق الأرض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين، وعدد ما فيها من الكافرين، وصفة كل من كذّب، وصفة القرون الأولى، ومن ولي من الطواغيت ومدى ملكهم وعددهم، وأسماء الأئمة وصفتهم، وما يملك كل واحد واحد، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء الذين يدخلون الجنة وهؤلاء الذين يدخلون النار، وفيه علم القرآن كما أُنزل، وعلم التوراة كما أُنزلت، وعلم الإنجيل كما أُنزل وعلم الزبور إلى آخر الرواية، إلى أن يصل الإمام الباقر إلى كيفية نزول هذا المصحف يقول: لما أراد الله عز وجل أن يُنزّله عليها أمر جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوه فنزلوا به عليها وذلك في ليلة الجمعة من كذا الثلث الثاني من الليل فهبطوا به وهي قائمة تصلي فما زالوا حتى قعدت فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام ودفعوا المصحف إليها -هذه الصحيفة- فقالت الله السلام ومنه السلام وإليه السلام وعليكم رسل الله السلام ثمّ عرجوا إلى السماء، قلت -يقول أبو بصير- قلت للإمام(ع) جُعلت فداك فلمن صار مصحف فاطمة -أين هو الآن- يجيبه الإمام(ع) دفَعَتْهُ إلى أمير المؤمنين(ع) فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر.
صحيفة فاطمة فيها علم ما كان وما يكون إلى يوم الساعة، هذا ما علمها إياه جبرائيل ونصّه أمير المؤمنين وهو عند صاحب هذا الأمر.
أكتفي بهذا القدر من الكلام لأقول دائماً عندما نريد أن نتحدث عن فاطمة أو أي معصوم من المعصومين يجب أن نتحدث من خلال كلام المعصومين العظماء الأطهار؛ لأنهم وحدهم كما يقول رسول الله: "يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت ولا يعرفني إلا الله وأنت ولا يعرفك إلا الله وأنا".
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعرّفنا أئمتنا الأطهار، أن يعرّفنا سيدة نساء العالمين، نسأل الله سبحانه وتعالى بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها أن يعيد هذه المناسبة على الجميع، عليكنّ أخواتي، على جميع الأمة باليمن والنصر والبركة والخيرات، نسأله بحقنا أن يلحقنا بالصالحين ممن مضى وأن يسلك بنا سبيل الصالحين، أن ينصر الدولة الإسلامية المباركة الجمهورية الإسلاميّة في إيران، أن يحفظ السيد القائد ويعزه وينصره، أن يحفظ السيد حسن نصرالله ويحفظه ويعزه، وأن يعز المؤمنين الصلحاء، نسأله أن لا يسلط علينا من لا يرحمنا وأن ينصرنا على أعدائنا وأن تكون عاقبة أمورنا وأمور الجميع إلى الخير والحمدلله رب العالمين.
والسلام عليكم.
اترك تعليق