الطرق المثلى في علاج الحمّى عند الأطفال
الحمّى، هي ارتفاع درجة حرارة الجسم عن معدلها الطبيعي الذي يتراوح بين 36.4م و37.3م بمتوسط 37م. وهي ليست مرضاً بل هي عرض لأكثر من مائة مرض. وتعد من أهم الأعراض المرضية عند الأطفال وأكثرها شيوعاً، فليس هناك طفل لم يشك من الحمى مراراً وتكراراً. والحمى، هي إحدى آليات الجسم للدفاع عن نفسه ضد أي عدوى، وهي سلاح فعال لمقاومة الأمراض، وتدل على أنّ مناعة الطفل سليمة وأنه يقاوم المرض بكفاءة ومن ثم فهي تعد علامة صحيّة. ويعود ارتفاع درجة الحرارة إلى تأثير أمراض معينة وعوامل مختلفة على مركز تنظيم الحرارة بالمخ والذي يسمّى "الهيبوثالامس"- والذي يشبه "الثرموستات" الذي ينظم درجة الحرارة في الثلاجات الكهربائية- ما يؤدي إلى اختلال عمله ومن ثمّ يفشل في التخلص من الحرارة الزائدة.
أسباب الحمى:
يعود ارتفاع درجة حرارة الطفل إلى أسباب كثيرة أهمها:
العدوى بالبكتيريا والفيروسات مثل: التهاب اللوزتين أو الانفلونزا أو الطفيليات مثل: الملاريا أو نتيجة عوامل طبيعية مثل: ضربة الشمس أو نقص السوائل والأملاح مثل: الجفاف أو نتيجة تدخل طبي (التطعيمات).
أولاً: التأكد من ارتفاع درجة الحرارة.
لا بد أن تتأكد الأم من أنّ طفلها مصاب بالحمى، وذلك بقياس درجة الحرارة بميزان الحرارة أو الترمومتر الطبي.
ولا يجب الاعتماد على الجسّ باليد لمعرفة درجة حرارة الطفل، فهي طريقة بدائية وغير دقيقة ومحفوفة بالأخطاء.
ثانياً: قياس درجة حرارة الطفل.
من الضروري أن تتعلم الأم كيفية استعمال الترمومتر الطبي لقياس درجة حرارة طفلها، ويمكن أن يتم ذلك بواسطة طبيب الأسرة أو الصيدلي، ومعلوم أن الترمومتر مدرج عادة من درجة 35م مئوية حتى درجة 42 مئوية، مع وجود علامات مستعرضة بين كل درجتين تدل على أعشار الدرجة، وفي داخله زئبق يتمدد بالحرارة ويقف عند الخط الذي يمثل درجة حرارة الجسم.
ويمكن للأم قياس حرارة طفلها من أماكن مختلفة تشمل:
1- داخل فتحة الشرج: وذلك للأطفال أقل من خمس سنوات.
2- تحت اللسان: ويستخدم للأطفال فوق الخمس سنوات ويعد من أشهر طرق القياس وأفضلها. ويجب وضعه تحت لسان الطفل في أحد الجيوب الموجودة على أحد جانبي الفم، مع مسك الترمومتر بالشفتين وليس بالأسنان. ويجب وضع الترمومتر مدة لا تقل عن 3 دقائق.
3- تحت الإبط: ونحن لا ننصح به، لعدم دقته فضلاً عن تأثره بالمؤثرات الخارجية.
4- القياس الإلكتروني فوق جبهة الطفل.
ثالثاً: الراحة التامة للطفل في غرفة هادئة.
يجب إلزام الطفل بالراحة الجسمانية والنفسية في السرير، أو على الأقل عدم السماح له بمغادرة المنزل والبقاء فيه. هذا من شأنه مساعدة الجسم على مقاومة المرض ومن ثم انخفاض درجة الحرارة.
رابعاً: تبريد جسم الطفل بالكمادات والحمام الفاتر.
في كل حالات الحمى، يجب عمل "كمادات" الماء، خصوصاً إذا ما استمرت الحرارة مرتفعة على الرغم من إعطاء الأدوية المخفضة للحرارة. ويجب ألا يكون الماء المستعمل شديد البرودة أو مثلجاً، بل يمكن استعمال الماء العادي من الحنفية.
ويجب وضع هذه الكمادات بصفة دائمة على جسم الطفل خصوصاً منطقة الجبهة والذراعين والساقين. ويستحسن تدليك الأطراف بقطعة من الإسفنج أو فوطة مبللة بالماء، وذلك لتحسين الدورة الدموية وتبريدها بكفاءة.
وعند الارتفاع المفاجئ والشديد في درجة الحرارة(أعلى من 40م)، وكذلك عند عدم انخفاضها بعد عمل الكمادات، يمكن عمل حمام فاتر للطفل بالماء العادي لمدة 5-7 دقائق، مع تدليك جسمه خلال وجوده في البانيو. ونبدأ التدليك بالأيدي ثم الرقبة والوجه وتحت الإبطين ثم الساقين. ويكرر ذلك حتى تنخفض درجة الحرارة.
ويذكر أنه لا ينصح بعمل هذا الحمام إذا كانت هناك أعراض لإصابة الطفل بنزلة شعبية أو التهاب رئوي. ولا ينصح بوضع الطفل كاملاً في البانيو مع استعمال الدش؛ لأن ذلك قد يسبب له صدمة عصبية، ويُفضل هذا الحمام عن الكمادات بالنسبة للأطفال دون سن الستة أشهر. ويجب على الأم الحذر من تيارات الهواء أثناء وبعد عمل هذا الحمام.
خامساً: إعطاء أدوية خافضة للحرارة.
تلجأ الأم إلى خفض درجة الحرارة وإراحة طفلها من أي ألم قبل عرضه على الطبيب، وذلك بإعطائه المسكنات الخفيفة ومخفضات الحرارة. وأفضل هذه المخفضات وأقلها ضرراً هو "الباراسيتامول" ومشتقاته مثل: الأبيمول والبارامول والسيتال والتايلينول، سواء بالفم على هيئة نقط أو شراب أو بالشرج على هيئة لبوس أو تحاميل. ويجب تجنب إعطاء "الأسبرين" لأي طفل دون سن 12 سنة بسبب إمكان حدوث متلازمة راي، (Syndrome Reye) خصوصاً إثر إعطائه في حالات نزلات البرد والجديري، وهو مرض عصبي يؤدي إلى الوفاة بين الأطفال المصابين بالحمى.
ومن المستحب استشارة الطبيب قبل إعطاء أي دواء خافض للحرارة إذا كان عمر الطفل يقل عن 6 أشهر.
سادساً: إعطاء السوائل وتغذية الطفل جيداً.
في حالات الحمى يتم فقدان كمية من الماء عن طريق التنفس والعرق، لذا يجب تقديم السوائل بكثرة إلى الطفل المريض.
وينصح هنا بتقديم السوائل على هيئة عصير الفاكهة والخضراوات مع الماء العادي والشوربة الباردة ومنقوع الأعشاب كالنعناع والكراوية و"الليموناده". ويمكن تقديم الفاكهة الممتلئة بالماء مثل البرتقال والبطيخ.
ويجب أن يتناول الطفل هذه السوائل بكميات قليلة وعلى فترات متقاربة، حتى لا تمتلئ معدته بها ومن ثم تسبب له القيء.
سابعاً: استشارة الطبيب.
يجب الإسراع بعرض الطفل في الحالات الآتية:
1- ارتفاع درجة حرارة طفل يقل عمره عن 4 أشهر.
2- ارتفاع درجة الحرارة فوق 41 درجة مئوية تحت أي ظرف.
3- ارتفاع درجة الحرارة فوق 40 درجة مئوية وعجز العلاج المنزلي عن خفضها.
4- استمرار الحرارة أكثر من ثلاثة أيام ولم تظهر معها أي أعراض أخرى.
5- عند شعور الطفل بألم شديد في رأسه أو تصلب في رقبته.
6- إذا كانت الحرارة مصحوبة ببكاء مستمر أو توتر، أو مصحوبة بفقدان للوعي والإدراك، أو مصحوبة بالقيء والإسهال والمغص، أو مصحوبة بصعوبة في التنفس مع نهجان وسعال حاد، أو مصحوبة بآلام في الحلق أو آلام بالأذنين.
7- إذا كانت الحرارة مصحوبة بحدوث تشنجات حرارية وهي عبارة عن تقلصات في الجهاز العصبي نتيجة للارتفاع السريع والكبير في درجة الحرارة (أعلى من 39 درجة مئوية)، وتحدث فجأة لبعض الأطفال، خصوصاً الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات.
المصدر: البيت العربي، العدد: 17.
د. محمد مصطفى السمري.
اترك تعليق