مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

طفلي يمشي وقدماه معوجتان!

طفلي يمشي وقدماه معوجتان!

طفلي يمشي وقدماه معوجتان شكوى كبيرة وشائعة لدى الكثير من الآباء والأمهات يأتون إلى العيادة ليشتكوا للطبيب أن أطفالهم يمشون بوضعية غريبة وأن القدمان ملتفتان إلى الداخل عند المشي وخصوصاً في المراحل الأولية من العمر خلال الفترة الأولى في مرحلة ما بعد المشي، وهذه الظاهرة تسبب قلقاً شديداً لدى الآباء وخصوصاً الذين يكونون آباء جدد ويكون هذا الطفل الأول أو ثاني لديهم. وسوف نحاول أن نلقي الضوء على هذه الحالة وكيفية تشخيصها وما هي أسبابها وما هو المتوقع عند علاجها.
ما هي المشكلة؟
في الواقع أن الوالد أو الوالدة قد يلاحظون أن الطفل في الأشهر الأولى في ما بعد مرحلة المشي يمشي والقدمين ملتفتان إلى الداخل بحيث تتقارب الأصابع ببعضها البعض، هذا الالتفاف قد يكون شديداً وواضحاً أو قد يكون خفيفاً وغير واضحاً إلا للعين الخبيرة. كما انه عادةً ما يصيب الجانبين ولكن قد يكون أكثر في الناحية من الأخرى وبذلك فإن الوالد أو الوالدة يلتطقون الناحية التي هي أكثر ويعتقدون المشكلة فيها، وهذه الحالة قد يتم اكتشافها فيما بعد في سن الثالثة أو سن الرابعة أو السن الخامسة حسب شدتها وحسب قوة ملاحظة الوالدين، وعلى الرغم من أنها مزعجة من الناحية الشكلية إلا أنها ليست لها تأثيرات كبيرة على الناحية الوظيفية إلا إذا كانت الحالة شديدة، في بعض الحالات قد يشكتي الوالدين من أن الطفل لديه صعوبة في الجري أو المشي عند مقارنته بأقرانه وعند اللعب في المدرسة أو أن الطفل يتعثر بكثرة مقارنة بالأطفال الآخرين. ولكن في الغالبية العظمى كما ذكرنا سابقا ً فإنه ليست هناك آثار وظيفية تذكر على حركة الطفل أو على المشي.
ما هي الأسباب؟
في الواقع أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لحدوث هذه المشكلة المعروفة علمياً (intoing)، فالثلاثة أماكن التي قد تكون مسؤولة عن اعوجاج القدمين إلى الداخل هي منطقة الورك أو منطقة الركبة والساق أو منطقة القدم نفسها، وفي ما يلي سوف نفصل كيفية حدوث اعوجاج القدمين نتيجة للخلل في كلٍ من هذه المناطق، كذلك سوف نحاول استعراض كيفية التشخيص ومعرفة أي منطقة مسؤولة عن الاعوجاج وكيفية العلاج.
منطقة الورك:
في الطفل الطبيعي تكون هناك زاوية مابين التقاء عظمة العنق الفخذ مع عظمة الفخذ نفسها، هذه الزاوية تكون مسؤولة عن إعطاء مزيد من الحرية لمنطقة الورك في حركتها عند تحريك هذا المفصل، ولكن في بعض الأطفال يكون هناك خلل في الزاوية الطبيعية مما يؤدي إلى زيادة الدوران الطرف السفلي كاملاً إلى الداخل عند منطقة الورك مما يؤدي إلى أن تظهر القدمين باعوجاج نحو الداخل كما هو في الحالة التي ذكرناها سابقاً. ويكون الفحص السريري عن طريق فحص حركة دوران مفصل الورك الداخلية والخارجية. ففي الشخص الطبيعي أو الطفل الطبيعي فإن حركة دوران مفصل الورك إلى الخارج وإلى الداخل تكون قريبة من بعضها وتبلغ حوالي أربعون درجة في الناحية الداخلية والناحية الخارجية أيضاً. أما في الشخص المصاب أو الطفل المصاب باعوجاج القدمين فإن حركة الدوران إلى الداخل تكون أكبر وحركة الدوران الخارج تكون أقل.
بمعنى آخر فإن الأطفال المصابون بهذه المشكلة عادةً ما يجلسون على الأرض وركبتيهم قريبتين من بعض والقدمين إلى الخارج في ما يعرف بوضعية حرف دبليوا أو حرف إم بالغة الأجنبية، وهذه الوضعية هي بالعكس تماماً عن وضعية القرفصاء أو التربيعة عندما يجلس الشخص والركبتين متباعدتين والقدمين والساقين فوق بعضهم البعض. ولذلك فإن هذه الفئة من الأطفال المرضى بهذه المشكلة يكون الجلوس لديهم في وضعية دبليوا أسهل بكثير من وضعية التربيعة بل أنه في الحالات الشديدة لا يتمكن الطفل من الجلوس في وضعية التربيعة. وعند فحص الورك فإن حركة الدوران إلى الداخل تكون خمسين أو ستون درجة وبينما حركة الدوران للخارج في منطقة الورك تكون عشرون أو ثلاثون درجة مما يدل على أن مشكلة في منطقة الورك. بعد الفحص السريري يمكن عمل أشعة سينية لمنطقة الحوض أو الوركين للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى غير الخلل في الزاوية الطبيعية لأعلى عظمة الفخذ مثل أورام حميدة أو مثل مشاكل في الفصل نفسه أو مثل الخلع الورك الولادي. وفي حال التأكد أن المفصل سليم وأن المشكلة فعلاً في الزاوية التي ذكرناها سابقاً فإنه يكون تشخيصاً نهائياً ودقيقاً بإذن الله.
أما بالنسبة لعلاج اعوجاج القدمين الناتج عن خلل في مفصل الورك فإنه يكون في البداية علاجاً تحفظياً عن طريق مراقبة الطفل مراقبة دقيقة وسنوية وأيضاً منع الطفل الجلوس في وضعية الدبليوا وتشجيع الطفل على الجلوس في وضعية التربيعة. وفي الغالبية العظمى أو ما يفوق التسعين في المئة من الأطفال فإن الزاوية تتعدل تدريجياً مع مرور الوقت ومع التقدم في السن. وتبقى حالات بسيطة جداً تحتاج إلى التدخل الجراحي عندما يبلغ الطفل سناً أكبر فمثلاً في البنات عندما تبلغ الطفلة ثمانية أو عشرة سنوات وفي الأولاد عندما يبلغ الطفل عشرة إلى اثني عشرة عاماً وتبقى المشكلة كبيرة ومزعجة والتشوه والالتواء واضحاً ويضايق الطفل أو الطفلة فإن التدخل الجراحي يتم اللجوء إليه لتعديل دوران الطرف السفلي وذلك عن طريق عملية جراحية بسيطة يتم إجراؤها في منطقة أعلى الفخذ لقص العظمة وإعادة الزاوية والدوران إلى الوضع الطبيعي ومن بعد ذلك يتم تثبيت العظم الذي تم تعديله باستخدام شريحة ومسامير طبية. هذه العملية الجراحية عملية آمنة بإذن الله وذات نتائج ممتازة وتعدل شكل القدمين والساقين بشكل ممتاز وتبلغ نسبة نجاحه فوق الخمسَ والتسعون في المئة بإذن الله. ويمكن بعد انقضاء عام أو عامين بعد الجراحة إزالة الشريحة والمسامير الطبية. ولكن لحسن الحظ كما ذكرنا سابقاً فإن الغالبية العظمى من الأطفال لا تحتاج إلى هذه العملية وتتحسن حالتهم مع مرور الوقت.


المصدر: وكالة شبيب للأنباء.

التعليقات (0)

اترك تعليق