اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والنساء
اعتنى الإمام عناية بالغة بالنساء في الزواج والطلاق والميراث... وهي دعائم الأسرة وقوائم المجتمع. لكن اهتمامه الاجتماعي بالأسرة أو بالمرأة لا يقف عند الحكم الفقهي وإنما يتعداه إلى الترغيب والتهذيب بالنصح الدؤوب. فمرآة المجتمع العظيم الأسرة السعيدة، وزينتها وحليتها المرأة الصالحة. وهي نصف الناس. وأم الجميع.
يقول الإمام "اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والنساء". ويقول "البنات حسنات والبنون نعم. الحسنات يثاب عليها. والنعم مسؤول عنها". وإذا كان البنات حسنات يلقى بهن المرء بارئه، فيزدنه درجات، فالإمام يجعل للأمهات درجة في طاعة أوامرهن، فيأمر بالمبادرة بطاعة الأم. إذا دعا الأبوان. ويلقى على الأم في دارها واجب استثمار الزمن في خدمة الأسرة والأمة. ويفرض على المجتمع واجب إحصان أفراده بالتيسير في المهور. وعلى المرأة واجب التعاون في إنجاح الزوجية بالوفاء بحق الزوج. ويجمع بين حسن التبعل وبين حسن الجوار. فيقول: "الشؤم في المرأة كثرة صداقها وعقوق زوجها - وفي الدار ضيق ساحتها وشر جيرانها". يقول عليه الصلاة والسلام "علموا أبناءكم السباحة والرماية ونعم لهو المرأة في بيتها المغزل" فهن مطالبات ألا يفتحن الأبواب للشيطان بالفراغ. مطالبات بأن يعملن ما يجمل بهن. والمرأة التي تمسك المعزل بيد. وتهز مهد الطفل بيد. تضم بين ذراعيها أسرة سعيدة. ولقد كان النساء آخر ما أوصى به (ص).
يقول الإمام "صلاح حال التعايش على مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل" وهذه إلا ثلاث تتردد في مضامين ثلاثيات شتى. تجتمع وتفترق. لكنها كلها أركان لسعادة المجتمع الكبير الذي هو الأمة، والصغير الذي هو الأسرة. وقد سلف علينا في ثلاثية سابقة كيف قرن نكد الزوجية، بالنكد في الجيرة والسلطان الجائر. وهنا يستلفت الأنظار إلى ما يجب من إحسان العشرة، بالسلوك الرفيع والإنفاق اللازم. واحترام الذات حيث يقول "إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها، وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة. وسعة بتقدير، وغيرة بتحصن". ثم يقول ليبين أثر المرأة في سلام الأسرة "ثلاث من ابتلى بهن كان طائح العقل: نعمة مولية، وزوجة فاسدة، وفجيعة نجيب" فهو يضع فسادها في منزلة بين المنزلتين. النعمة الضائعة، والفجيعة الحالة. في حين يقدمها عند صلاح حالها على فلذة الكبد والصديق الصافي إذ يقول "الأنس في ثلاثة: الزوجة الموافقة والولد البار والصديق الصافي". والرجل رأس الأسرة، لا يلقى مقاده أو مقادها إلى الزوجة، وإلا غرقت السفينة. يقول الإمام "ثلاثة من استعملها فسد دينه ودنياه. من ساء ظنه، وأمكن من سمعه، وأعطى قياده حليلة". وفي هذه الثلاثية تجتمع سلبيات خلقية ثلاثة في دنيا الرجل. فتحل الأشباح محل الأشياء، والأصداء محل الأصوات، والنساء محل الرجال. وليس هذا عالم المسلمين. وفي ثلاثية أخرى نرى تصنيفا من نوع خاص "النساء ثلاثة: واحدة لك وواحدة عليك ولك. وواحدة عليك. أما التي لك فهي العذراء. والتي لك وعليك فهي الثيب. أما التي عليك فهي المتبع التي لها ولد من غيرك" وإنما ينبه الإمام الرجال ليزداد برهم بمن يمكن أن تكون لهم أو عليهم، كي يتكلفوا لها خصالا نص عليها: معاشرة جميلة وسعة بتقدير وغيرة بتحصن.
المصدر: الإمام جعفر الصادق(ع): عبد الحليم الجندي، إشراف : محمد توفيق عويضة. مطابع الأهرام التجارية، القاهرة، 1397- 1977م.
اترك تعليق