مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

فاطمة بنت أسد بن هاشم، القرشية الهاشمية

فاطمة بنت أسد بن هاشم، القرشية الهاشمية

هي فاطمة ابنة أسد بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله (ص) أبو طالب وهي أم ربيب النبي(ص) علي بن طالب(ع)، وأم إخوته: طالب وعقيل وجعفر، وأم هانئ وجمانة، وريطة أبناء أبي طالب بعد وفاة آمنة بنت وهب أم النبي(ص) كفله عمه أبو طالب، وقد أشرفت زوجته على تربية الطفل اليتيم، الذي توفى أبواه، فاحتضنته دون أولادها بأحسن رعاية، وحافظت عليه طيلة حياة عمه أبي طالب، حتى كانت تفضله على أبنائها في بعض الأحيان، وعاش(ص) بين أبناء عمه في ظل أكرم رعاية وأحسن معاملة.
كانت فاطمة عميقة الإيمان ذات شخصية فذة، وخلق حميد، وقد ورَّثت هذه الصفات التي تحلّت بها إلى أولادها ولا سيما الإمام علي بن أبي طالب(ع) [...].
بايعت رسول الله(ص) وهاجرت مع المهاجرين إلى المدينة، ومضت تبذل أقصى الجد في سبيل إعلاء كلمة الله وتوطين دعائم الإسلام الحنيف.
وكان رسول الله(ص) يعتبرها مثلًا للإخلاص وقدوة للوفاء بالعهد، وكان يكثر من زيارتها ويقيل في بيتها بعض الأوقات، وأقامت فاطمة بنت أسد في المدينة المنورة تحضن أولادها، تلحظهم عناية الله ورعاية مصطفاه(ص) وشاركوا رسول الله في مشاهدة غزواته. [...]. وكانت الفرحة عارمة عند فاطمة بنت أسد حين أسرَّ إليها ابنها علي(ع)، نبأ خطبته فاطمة الزهراء بنت رسول الله(ص). [...].
وحين أزفت ساعة الرحيل، جادت فاطمة بنت أسد بأنفاسها الأخيرة في المدينة المنورة ورسول الله(ص) ما زال حيًّا.
وقد روي عن علي بن الحسين(ع) أنه قال: حدثني أبي قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) يقول: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم كفنها رسول الله(ص) في قميصه وصلى عليها وكبَّر عليها سبعين تكبيرة ونزل في قبرها، فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوي عليها، وخرج من قبرها وعيناه تذرفان، وكان قد جثا في قبرها. وفي رواية أخرى أنه اضطجع معها في قبرها.
ولما ذهب، اقترب منه عمر بن الخطاب وقال له متسائلا: يا رسول الله رأيتك تفعل لهذه المرأة شيئًا لم تفعله على أحد من قبل: فقال(ص): "يا عمر، إنّ هذه المرأة كانت بمنزلة أمي التي ولدتني، إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة، وكان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فأعود به" وروي عن علي بن أبي طالب(ع) أنه قال: "إن رسول الله(ص) كفّن أمه فاطمة بنت أسد في قميصه واضطجع في قبرها وجزاها خيرا، فقالوا: يا رسول الله ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه! فقال رسول الله(ص): إنه لم يكن مع أبي طالب أبرّ بي منها، إنما ألبستها قميصي لتُكسى من حلل الجنة....." [...].
وقد هيأ قرب فاطمة بنت أسد(ع) من رسول الله(ص) لها أن تكون مصدرا صحيحا لنقل أحاديثه فقد حفظت الكثير من أحاديث المصطفى(ص) وروت عنه(ص) ستة وألابعين حديثا، وأخرج لها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه. [...]

المصدر: نساء في ظلال التربية المحمدية: د. منى برهان غزال (الرفاعي)، ط1، الإنتشار العربي، 2012 م.

التعليقات (0)

اترك تعليق