مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مملكة سبأ

مملكة سبأ

اشتهر السبئيون بمهارتهم في مجال التجارة كما عرفوا بالجسارة وفن القتال، وكانوا يعبدون الكواكب من دون الله، وذلك هو النبأ العظيم الذي عاد به الهدهد إلي سيدنا سليمان عندما مر بمملكة سبأ ووجد أهلها يعبدون الشمس، وتحكمهم امرأة هي الملكة بلقيس التي أرسل إليها سيدنا سليمان لتدخل في دين الله، فترددت وأمرت له بهدية علّها تكشف حقيقة مقصده وهل هو فعلاً نبي مرسل أم مجرد طامع في مملكة سبأ..
مملكة سبأ التي كانت تعيش أزهي مراحل رقيها وحضارتها في تلك الحقبة التاريخية وهي المملكة التي حكمت بالشورى وطبّقت الديمقراطية قبل آلاف السنين حيث إن الملكة بلقيس لم تقطع في أمر التصرف مع سيدنا سليمان إلاّ بعد أن شاورت قومها فقالت«قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتي تشهدون» ذلك بعد أن وصلتها رسالة سيدنا سليمان «إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين»
وقالت الملكة بلقيس كما ورد ذكره علي لسانها في القرآن الكريم «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلة وكذلك يفعلون».
لم يشأ الزمن ولا التاريخ أن يظل عرش بلقيس مجرد أسطورة وهو الموقع الأثري الأشهر بين آثار اليمن عُرف بأعمدته الخمسة وسادسها عمود مكسور كان حتي عام 1988م ينتصب وسط كثبان الرمال المحيطة به يجهل الإنسان ما تخفي تحتها باستثناء أن اليمنيين استخدموا صور تلك الأعمدة كرمز وطني مهم للبلاد اليمنية فتصدرت لوائح الإعلانات، وظهرت مرسومة في العملات الورقية وعلي طوابع البريد، وأغلفة بعض كتب التاريخ اليمني.
تغنّي الشعراء والمبدعون اليمنيون بعرش بلقيس، وظلوا يترقبون عودة ظهور معبد الشمس وسطوع شمس حضارة سبأ وحِميَر ومنذ 1888م أضحي معلوماً لدي الباحثين أن عرش بلقيس تسمية شعبية لمعبد سبئي قديم، فقد تمت الحفريات من قبل البعثات الأجنبية للكشف عن هذا الأثر العظيم.... وقد كان الرحّالة النمساوي والباحث أدورد جلازر أول من دوّن نقشاً سبئياً حفر علي أحد أعمدة المعبد في العهد السبئي الوسيط ويتحدث النقش عن المعبد السبئي المقة، رب المعبد، برآن ويحذر كل من يحاول أن ينهب كنوز المعبد الفضية، والمعبود السبئي المقة كان يرمز لعبادة القمر، أحد الكواكب السماوية أما برآن فهو الاسم السبئي القديم لقسم من الجنة اليسري في أرض مأرب، وكان معبد برآن عرش بلقيس يبعد حوالي 3كم عن أسوار المدينة وموقعه كما هو الحال تقريباً وسط حقول الجنة اليسري بعيداً عن أماكن الاستيطان البشري ويوجد علي بعد 3كم في الشمال الشرقي محرم بلقيس وهو أكبر معبد كان يحج إليه السبئيون في مواقيت محددة في السنة ويعرف باسم معبد آوام أو معبد القمر وهذا المعبد ينتظر فرق التنقيب الأثرية تأتي إليه لتستكمل ما بدأته قبل نصف قرن حتي تكشف عن تفاصيله المدفونة تحت الرماد فيزهو بعودته إلي النور كما يزهو اليوم عرش بلقيس الذي أصبح مفتوحاً أمام الزوار وحتي يكتمل ظهور أعجوبة الدنيا الثامنة يفرض عرش بلقيس علي أي زائر لأرض الجنتين أن يقف وقتاً مع التاريخ يتأمل عظمة الإنسان اليمني قبل ثلاثة آلاف سنة ومستوي تطوره الحضاري المتكامل.
ومحرم بلقيس أو معبد القمر يزيد عمره عن ثلاثة آلاف سنة وهو معلم أثري مذهل يحيط بالكثير من أسرار عظمة مملكة سبأ وهو جزء مهم من التراث الإنساني العالمي.

محرم بلقيس:
يقع محرم بلقيس (ملكة سبأ) في محافظة مأرب في شرق العاصمة صنعاء، على بعد 4 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي من قرية مأرب التراثية وهو معبد للإله المقة "إله القمر" حيث كان قدماء اليمن يعبدون الشمس والقمر ونجم الصباح ويعتقد بأنه، أي محرم بلقيس، كان المعبد الرئيسي في مأرب.
والمعبد له شكل بيضاوي وتقول الدراسات الحديثة بأنه لم يكن مسقوفا.
يقع مدخلة الرئيسي في الواجهة الشمالية وأمام الباب بهو ذي أعمدة على جوانبه وعلى بعد 10 أمتار من المدخل تنتصب ثمانية أعمدة كبيرة في صف واحد كما يوجد هيكل صغير من الحجر له أربعة أعمدة ويعتقد بأنه أقيم فوق بعض القبور على الجانب الشرقي من المحرم.
المحور الطويل للمعبد 94 متر
المحور القصير 82.1 متر
عرض السور 3.90 متر
ارتفاع السور 9 متر
يرتبط اسم محرم بلقيس بقصة الملكة بلقيس، ملكة سبأ، والنبي سليمان عليه السلام، وللمعبد سور حجري مزخرف بأفريز علوي على غرار الزخرفة السبئية المعروفة.
ويرجع تاريخ بناء المعبد إلى ما قبل القرن الثامن قبل الميلاد وتشير النقوش إلى أن المعبد قد ظل يؤدي وظيفته لفترة تقرب من ألف عام وقد أهمل المعبد كما أهملت آلهة سبأ عند أواخر القرن الرابع الميلادي بعد أن اعتنق ملوك حِميَر الديانات السماوية النصرانية واليهودية.


عرش بلقيس "معبد برّان"
يقع عرش بلقيس (ملكة سبأ) على بعد 1400 متر إلى الشمال الغربي من محرم بلقيس الآنف ذكره وهو معبد سبئي كرّس للمقة "إله القمر" ويلي معبد اوام من حيث الأهمية ويعرف محليا "بالعمايد ".
والمعبد مربع الشكل له مساحة مكشوفة تتوسطها البئر المقدسة وحوض ماء حجري يصل إليه الماء بواسطة مصب من فم الثور المقدس.
والقاعة محاطة بعدد من الجدران من الشمال والغرب والجنوب وأمام الجدار الغربي ينتصب عدد من المقاعد المرمرية ومن القاعة المكشوفة، وتوجد 12 درجة تؤدي إلى قدس الأقداس حيث الستة الأعمدة (يوجد حاليا خمسة أعمدة والسادس مكسور) ذات التيجان المزخرفة بالمكعبات ويزن العمود 17 طن و350 كجم ويبلغ طوله 12 متر وسمكه 80×60 سم.
يحيط بساحة المعبد المقدسة سور من اللِبن"الطين" وله أبراج، ويقع باب المعبد في الجهة الشمالية.
وقد مرّ بناء المعبد بمرحلتين أساسيتين, الأولى من نهاية الألف الثاني حتى بداية الألف الأول قبل الميلاد والثانية بدأت عام 850 ق.م.



 

التعليقات (0)

اترك تعليق