مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

هنا أرض كنعان.. التاريخ بأيدٍ فنية فلسطينية

هنا أرض كنعان.. التاريخ بأيدٍ فنية فلسطينية

تضع الفنانة شروق حمدان لمساتها على صورة لامرأة فلسطينية مناضلة تحمل سنابل قمح بيدها، وتنثر الرصاص، ضمن الجدارية الأكبر في العالم العربي التي تنفذها مجموعة من الفنانين الشباب على حائط ملعب البلدية الاستنادي في نابلس، وتقول "هنا أرض كنعان".
25 فناناً وفنانة معظمهم من الإناث من مختلف المدن الفلسطينية يشاركون في جدارية "هنا أرض كنعان" على مساحة حوالي ألف متر، تقع في 130 مترا طوليا، وعرض 8 أمتار، تنفذها مجموعة 'أثينا' كما يطلقون على أنفسهم.
حمدان تعمل على مدار ثماني ساعات يومياً في جميع أيام الأسبوع لانجاز العمل الذي بدأ التخطيط له مطلع تموز الماضي، والعمل به فعلياً بدأ في الثالث عشر من تشرين الأول الماضي، حيث تصف شعورها بالرائع وهي تشارك بالجدارية التي تختصر التاريخ بالفن، وتصور الفترات التي مرت بها فلسطين.
وبينما تنهي حمدان اللمسات الأخيرة للمرأة، يكمل طاهر مصطفى الطالب في كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنية الذي التحق بالعمل لاحقاً ما بدأه زملاؤه من صورة لعجوز فلسطيني لاجئ يحمل مفتاح منزله على أمل العودة لأرضه ومنزله حيث هجر.
مصطفى شارك بالعمل لنيل المزيد من الخبرة وتفريغ مواهبه، لكن سرعان ما شعر بوطنية ما يقوم به، "فتلك بمثابة رسالة للعالم أجمع، وتأكيداً لهم بأن هذه الأرض فلسطينية حتى النخاع، وفي جميع الفترات".
ومن ينظر إلى اللوحة يمكنه أن يمر على التاريخ بالألوان، والرسومات، والصور المختلفة، فالصورة تختصر الزمن هنا، يقول وائل دويكات، منسق مجموعة 'أثينا'.
ويضيف: بدأنا نلمس التوجه الايجابي لدى المواطنين من خلال مجيئهم اليومي إلى هنا وأخذ الصور التذكارية، وشرح ما يمكن شرحه لأطفالهم عن الجدارية ومضمونها، ما يزيد الوعي لدى الأجيال القادمة لقضيتهم، إضافة إلى تحول الجدارية إلى معلم من معالم نابلس.
فالجدارية كما يقول تتحدث عن أحداث وتواريخ هامة في حياة الشعب الفلسطيني، سعيا لسرد تاريخ وحاضر ومستقبل فلسطين في أحداث ورموز ومواقف تعزز الوحدة والأصالة، والقوة المكنونة في إرادة الشعب الفلسطيني للتحرير والخلاص من الاحتلال، وإظهار أحقية هذا الشعب بهذه الارض.
ويتابع دويكات: رسالتنا وطنية بالدرجة الأولى، وهدفها نشر الثقافة في المجتمع العربي والأجنبي عن القضية الفلسطينية، فأكثر الطرق نجاعة للوصول إلى العالم هو الفن من خلال مجموعتنا 'أثينا'.
وتعقيبا على مسمى الجدارية بهذا الاسم  يشير إلى أنه جاء تيمناً بمدرسة الفن الايطالي، ولوحة 'أثينا' التي رسمها الفنان الايطالي رفائيل، ورسم فيها علماء يتناقشون الفلسفة ومن بينهم العالم الاسلامي ابن رشد.
ويتابع: سننتهي من الجدارية خلال الأسبوعين المقبلين، برسم تحطم جدار الفصل العنصري وخروج شاب فلسطيني من خلاله يحمل العلم الفلسطيني في إشارة إلى حتمية زوال الاحتلال، وتطاير الريش من عصفور صغير ليكون الصقر الفلسطيني الذي يمثل القوة والثبات.
وتطمح المجموعة بتنفيذ أعمال مماثلة في جميع المدن الفلسطينية، وأن تكون هذه الجدارية نقطة البداية ليكون فن الرسم على الجدار هو أحد أساليب الأعمال الوطنية.
اللافت هنا أن عددا من الشخصيات بالمدينة شاركت بوضع اللمسات الأولى للجدارية، بالإضافة إلى عدد من عناصر الشرطة وممثلين عن المؤسسات المدنية، في خطوة تأتي تشجيعاً للفن والفنانين، ووضع بصمات على الجدارية الرابعة في العالم من حيث المساحة.
وتبدأ الجدارية بمقولة محمود درويش 'على هذه الأرض ما يستحق الحياة' ويعلوها الكنعاني الأول الذي سكن فلسطين قبل خمسة آلاف عام.
يليها صور ممزوجة تحاكي 21 حضارة، ومن ثم صورة كبيرة تمثل المرأة الفلسطينية ونضالها في كافة المراحل وكتب على وشاحها "تقدموا تقدموا.. يموت منا الطفل والشيخ ولا نستسلم.. تقدموا"[...] وتحوي الجدارية صورة للمسجد الأقصى وحقول القمح وشجر الزيتون، وعددا من المقاومين من خلال إدخال أشكال عدة من الفنون في عمل واحد، ومنها: التجريدي والتكعيبي، والتعبيري، والجرافيك، فجميعها مزجت في لوحة واحدة.

المصدر: وكالة وفا.

التعليقات (0)

اترك تعليق