مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

العام الدراسي في المدارس الرسمية ينطلق بنسبة 90 في المئة: إقبال لافت على التسجيل

لم تنفع كل التوسلات مع أبو خالد الذي أصر على دخول ابنه إلى المدرسة، إلا بعد مجيء سوسن

تعب أبو خالد وهو يحاول إقناع ولده سامر بالدخول الى حرم مدرسة عمر فروخ الابتدائية المختلطة، وسامر يصرخ بأعلى صوته، يريد العودة الى المنزل. لم يترك سامر طريقة إلا وتوسل فيها لوالده ليعيده الى البيت، «بدي نام.. بطني عم توجعني.. رأسي عم يوجعني..». كل التوسلات لم تنفع مع أبو خالد الذي أصر على دخول أبنه الى المدرسة لأنه يريد الذهاب الى عمله. يتدخل أحد العاملين في المدرسة، بأن يحضر سامر في اليوم التالي الى المدرسة، بعد إقناعه بذلك. إلا أن أبو خالد يبرر بأنه لا يستطيع التأخر عن عمله. وبعد دقائق يحضر جاره ومعه أبنته، سوسن، فكانت المنقذ له ولإبنه، إذ تشجع سامر على الدخول الى المدرسة برفقة سوسن، مع وعد أن يحضر له والده لوحاً كبيراً من البوظة.
فقد انطلق العام الدراسي رسمياً أمس في 1300 مدرسة رسمية، وتوجه نحو 35 ألف معلم وأستاذ في الملاك والتعاقد إلى مدارسهم، ومعهم نحو ثلاثمئة ألف طالب وتلميذ، علماً أن عملية تسجيل التلامذة لم تنته بعد، وسط إقبال ملحوظ على المدرسة الرسمية في المدن الساحلية، خصوصا بعد تلويح المدارس الخاصة بزيادة مرتقبة على القسط المدرسي، في حال تمت زيادة أربع درجات ونصف الدرجة لمعلمي مرحلة التعليم الأساسي، وهي التي سبق ورفضتها، إلا ان مجرد التلويح بأي زيادة، أثار مخاوف عدد من الأهالي الذين سارعوا الى نقل أولادهم من المدرسة الخاصة الى مدرسة بقسط أقل، أو الى المدرسة الرسمية، فكان التوجه نحو التعليم الرسمي وسط ضائقة اقتصادية يعاني منها الأهل.
 وكان العام الدراسي قد بدأ في معظم المدارس الخاصة بين الخامس والثامن من الجاري، وبقي عدد قليل من المدارس، التي يتوقع أن ينتظم العمل فيها مع نهاية الشهر الجاري.
واللافت هذا العام الإقبال الملحوظ لتسجيل التلامذة السوريين في المدارس الرسمية، الذين وصل عددهم الى المئات، نتيجة الأوضاع التي تشهدها بلادهم، بطريقة سهلة وغير معقدة، تبعاً للتوجيهات التي أصدرتها وزارة التربية بقبول جميع التلامذة السوريين، تتمثل بتسجيل كل تلميذ يحمل إفادة، أو دفتر علامات يؤكد المرحلة الدراسية التي كان فيها، ومن لم يستطع تأمين مثل هذه الإفادة لأي سبب، يتم تسجيله بحسب عمره، والكفاءة التي يتمتع بها، ومن ثم يصار الى تأكيد المعلومات التي قدمها الأهل عبر إفادات مصدقة، «إذا استطاع الأهل تأمينها»، كما أكد مدير عام وزارة التربية بالإنابة ومدير التعليم الثانوي محي الدين كشلي لـ«السفير». وأوضح أن وضع هؤلاء التلامذة سيتم درسه من قبل وزير التربية والتعليم العالي د. حسان دياب والمدير العام فادي يرق، لمعالجة كل حالة على حدة، و«المهم عدم ترك أي تلميذ خارج المدرسة».
وأكد كشلي أن العام الدراسي بدأ في يومه الأول في الثانويات الرسمية، بنسبة تسعين في المئة، على أن تنتظم الدراسة بنسبة مئة في المئة، بعد بضعة أيام، وفور الانتهاء من تسجيل بعض التلامذة الذين تأخروا في التسجيل، وبعد توزيع الأساتذة الثانويين الذين خضعوا لدورة إعداد في كلية التربية على الثانويات الرسمية وعددهم 349 أستاذاً. وتوقع أن يرتفع عدد طلاب المرحلة الثانوية من 68 ألفا الى أكثر من سبعين ألفا، مشيرا الى أن «التسجيل لم ينته ونتوقع إقبالا جيدا، ولن نترك أي تلميذ من دون مقعد دراسي».
وأكد مدير إحدى المدارس الرسمية لـ«السفير»، الذي استقبل 22 تلميذا سوريا، أن التسهيلات التي أعطيت للتلامذة السوريين لم تعط للتلامذة اللبنانيين، بحيث تم قبول جميع التلامذة السوريين أحيانا بدفتر علامات، وحتى بشهادة عن سنة سابقة، ومن دون أن تكون مصدقة حسب الأصول، وبإفادة صحية، بينما التلميذ اللبناني المنتقل من مدرسة رسمية إلى أخرى أو من مدرسة خاصة الى مدرسة رسمية، يحتاج إلى إفادة مصدّقة من المنطقة التربوية المعنية، علماً أن التلامذة السوريين توجد لديهم مشكلة في اللغات الأجنبية، لا سيما أن المناهج السورية تعتمد في معظمها على اللغة العربية، بعكس واقع المناهج اللبنانية، التي تركز على اللغات الأجنبية.
وتوقع أن يعاني التلامذة السوريون من مشاكل في الدراسة في بداية العام الدراسي، لأن دروسهم ستكون مضاعفة، إن لجهة ما هو مطلوب منهم في المدرسة، أو مع معلمي اللغة الأجنبية. وقال: «سنراعي وضعهم ونساعدهم قدر الإمكان حتى لا يشعروا أنهم في مكان غريب عليهم.. هكذا هي التعليمات».
وأوضح مدير التعليم الإبتدائي جورج داوود لـ«السفير» ان تعليمات وزير التربية تقضي باستقبال أي تلميذ سوري، أسوة بالوافدين من الخارج الذين تعرضوا لأحداث أمنية في أبيدجان وأفريقيا.
ووصف بداية العام الدراسي بالجيدة، والخالية من المشاكل «حضرنا بشكل جيد لانطلاقة العام الدراسي، وأمنت الوزارة الحاجيات إن لجهة توزيع مدرّسي الملاك أو المتعاقدين، وأبلغنا المدارس باستقبال جميع التلامذة الوافدين، وفتح شعب جديدة، وأن الوزارة ستؤمن أي نقص في الهيئة التعليمية».
ولفت الى ان الإقبال يتفاوت بين منطقة وأخرى، بحيث سجل إقبال في المدن، مثل بيروت وصيدا وصور وطرابلس، أكثر من المناطق الجبلية لأن عدد التلامذة لم يتغير، وإن حصلت زيادة فهي بسيطة.
واعتبر أن الزيادة التي طرأت على عدد التلامذة، ليس سببها فقط الوضع الاقتصادي، بل مردها إلى أن الأهل لمسوا اهتمام وزارة التربية، من خلال تدريس المواد الإجرائية، التي كانت ملغية، وتأمين الهيئة التعليمية للمواد الإجرائية مع مختبراتها، فضلا عن تحضير مديري المدارس، بحيث نال عدد منهم كتب تنويه من الوزارة على النتائج الجيدة التي حصدتها مدارسهم في الامتحانات الرسمية، والتي تجاوزت السبعين في المئة، إضافة الى أن جميع الأهالي باتوا يعلمون أن غالبية أساتذة التعليم خضعوا لدورات إعداد في كلية التربية.
وأشار الى أن الوزارة تلقت في اليوم الأول لبدء الدراسة عشرات الاتصالات تشكو من عدم وجود أماكن لأولادهم، فكانت التعليمات بقبول جميع الوافدين.
 

موقع جريدة السفير

إعداد: عماد الزغبي 

التعليقات (0)

اترك تعليق