مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

النساء المذكورة أسماؤهنّ في كتاب

النساء المذكورة أسماؤهنّ في كتاب "أعيان الشيعة" للسيد محسن الأمين(9)

خطبة زينب(ع) بالشام:
روى ابن طاوس في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف أنه لما جيء برأس الحسين(ع) إلى يزيد بالشام دعا بقضيب خيزران وجعل ينكت به ثنايا الحسين(ع) ويقول من جملة أبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا  جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحــا  ثم قالوا يا يزيد لا تشل
فقامت زينب بنت علي(ع) فقالت:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله كذلك حيث يقول ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون، أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء أنّ بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة وأن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا لا تطش جهلا أنسيت قول الله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين، أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدنيء والشريف ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه بدماء الشهداء، وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنان والإحن والأضغان، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
لأهلوا واستهلوا فرحا    ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشافة بإراقتك دماء ذرية محمد(ص) ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلترون وشيكا موردهم، ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت، اللهم خذلنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا، فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله(ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ لهم بحقهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وحسبك بالله حاكما وبمحمد(ص) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وأيكم شر مكانا وأضعف جندا، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكبر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرى ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعقرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لنجدننا وشيكا مغرما، حيث لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد فإلى الله المشتكى وعليه المعول، فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح    ما أهون النوح على النوائح.
قال ابن الأثير أمر يزيد النعمان بن بشير أن يجهزهم بما يصلحهم ويسير معهم رجلا أمينا من أهل الشام ومعه خيل يسير بهم إلى المدينة، فخرج بهم، فكان يسايرهم ليلا فيكونون أمامه بحيث لا يفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحى عنهم هو وأصحابه، فكانوا حولهم كهيئة الحرس، وكان يسألهم عن حاجتهم، ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة فقالت فاطمة بنت علي لأختها زينب لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك أن نصله بشيء، فقالت والله ما معنا ما نصله به إلا حلينا فأخرجتا سوارين ودملجين لهما فبعثتا بهما إليه واعتذرتا فرد الجميع وقال لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني ولكن والله ما فعلته إلا لله ولقرابتكم من رسول الله(ص).
هذه نبذة مما جرى على أهل بيت الرسالة من الظلم والفظائع الفادحة من أمة جدهم الرسول(ص) فكانت الأمة بين مقاتل وخاذل إلا نفرا يسيرا قاتلوا فقتلوا أو عمهم الخوف فسكتوا لا يقدرون لقلتهم على كثير ولا قليل فكان هذا جزاء رسول الله(ص) من أمة هداها إلى الإسلام وطهرها من عبادة الأوثان والأصنام وأوصاها بعترته وأهل بيته وأكد الوصية فجعلها أحد الثقلين كتاب الله والعترة وجعلها بمنزلة سفينة نوح وباب حطة وجعل المتقدم عليها هالكا والمتأخر عنها مارقا، فكيف تكون بعد هذا خير أمة أخرجت للناس بجميعها لا بمجموعها، وكيف يكون خير القرون قرنه ثم الذي يليه ثم الذي يليه وإنما مهدت القرون طريق ظلم أهل البيت للذي يليها.

بعض ما نسب إليها من المواعظ والحكم:
في مجلة العرفان ج 1 ص 86: ذكر في كتاب بلاغات النساء: حدثني أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي كانت زينب بنت علي تقول من أراد أن يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده، ألم تسمع إلى قولهم سمع الله لمن حمده، فخف الله لقدرته عليك واستح منه لقربه منك اه‍.
ولم أجد هذا الكلام في كتاب بلاغات النساء تأليف أحمد بن أبي طاهر المطبوع بمصر عام 1326.

محل قبرها:
يجب أن يكون قبرها في المدينة المنورة فإنه لم يثبت أنها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها وإن كان تاريخ وفاتها ومحل قبرها بالبقيع، وكم من أهل البيت أمثالها من جهل محل قبره وتاريخ وفاته خصوصا النساء، وفيما الحق برسالة نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين في النجف وكربلا المطبوعة بالهند نقلا عن رسالة تحية أهل القبور بالمأثور عند ذكر قبور أولاد الأئمة(ع) ما لفظه:
ومنهم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين(ع)، وكنيتها أم كلثوم، قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف، جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة، ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتى تنقضي المجاعة، فماتت زينب هناك ودفنت في بعض تلك القرى، هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك، وغيره غلط لا أصل له، فاغتنم فقدوهم في ذلك جماعة فخبطوا العشواء اه‍ بحروفه. وفي هذا الكلام من خبط العشواء مواضع:
أولا: إن زينب الكبرى لم يقل أحد من المؤرخين أنها تكنى بأم كلثوم، فقد ذكرها المسعودي والمفيد وابن طلحة وغيرهم، ولم يقل أحد منهم أنها تكنى أم كلثوم، بل كلهم سموها زينب الكبرى وجعلوها مقابل أم كلثوم الكبرى، وما استظهرناه من أنها تكنى أم كلثوم ظهر لنا أخيرا فساده كما مر في ترجمة زينب الصغرى.
ثانيا: قوله قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر ليس بصواب، ولم يقله أحد، فقبر عبد الله بن جعفر بالحجاز، ففي عمدة الطالب والاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وغيرها أنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع، وزاد في عمدة الطالب القول بأنه مات بالأبواء ودفن بالأبواء، ولا يوجد قرب القبر المنسوب إليها براوية قبر ينسب لعبد الله بن جعفر.
ثالثا: مجيئها مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام سنة المجاعة لم نره في كلام أحد من المؤرخين مع مزيد التفتيش والتنقيب، وإن كان ذكر في كلام أحد من أهل الأعصار الأخيرة فهو حدس واستنباط كالحدس، والاستنباط من صاحب التحية فإن هؤلاء لما توهموا أن القبر الموجود في قرية راوية خارج دمشق منسوب إلى زينب الكبرى وإن ذلك أمر مفروع منه مع عدم ذكر أحد من المؤرخين لذلك استنبطوا لتصحيحه وجوها بالحدس والتخمين لا تستند إلى مستند، فبعض قال إن يزيد عليه اللعنة طلبها من المدينة فعظم ذلك عليها، فقال لها ابن أخيها زين العابدين(ع) إنك لا تصلين دمشق فماتت قبل دخولها، وكأنه هو الذي عده صاحب التحية غلطا لا أصل له ووقع في مثله، وعده غنيمة وهو ليس بها، وعد غيره خبط العشواء وهو منه، فاغتنم فقدوهم كل من زعم أن القبر الذي في قرية راوية منسوب إلى زينب الكبرى وسبب هذا التوهم أن من سمع أن في رواية قبرا ينسب إلى السيدة زينب سبق إلى ذهنه زينب الكبرى لتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل فلما لم يجد أثرا يدل على ذلك لجا إلى استنباط العلل العليلة.
ونظير هذا أن في مصر قبرا ومشهدا يقال له مشهد السيدة زينب وهي زينب بنت يحيى وتأتي ترجمتها والناس يتوهمون أنه قبر السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين(ع) ولا سبب له إلا تبادر الذهن إلى الفرد الأكمل، وإذا كان بعض الناس اختلق سببا لمجيء زينب الكبرى إلى الشام ووفاتها فيها فما ذا يختلقون لمجيئها إلى مصر وما الذي أتى بها إليها.
لكن بعض المؤلفين من غيرنا رأيت له كتابا مطبوعا بمصر غاب عني الآن اسمه ذكر لذلك توجيها بأنه يجوز أن تكون نقلت إلى مصر بوجه خفي على الناس. مع أن زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسنية أو حسينية كما يأتي وحال زينب التي برواية حالها.
رابعا: لم يذكر مؤرخ أن عبد الله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام حتى يأتي إليها ويقوم بأمرها وإنما كان يفد على معاوية فيجيزه فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتى ينفقها بما عرف عنه من الجود المفرط فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع وفي أي كتاب ذكرت من كتب التواريخ.
خامسا: إن كان عبد الله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام كما صورته المخيلة فما الذي يدعوه للإتيان بزوجته زينب معه وهي التي أتي بها إلى الشام أسيرة بزي السبايا وبصورة فظيعة وأدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين وباقي أهل بيتها بهيئة مشجية فهل من المتصور أن ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرة ثانية وقد جرى عليها بالشام ما جرى، وإن كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز فكان يمكنه أن يحمل غلات مزارعه الموهومة إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز ما يقوتها به فجاء بها إلى الشام لإحراز قوتها فهو مما لا يقبله عاقل، فابن جعفر لم يكن معدما إلى هذا الحد مع أنه يتكلف من نفقة إحضارها وإحضار أهله أكثر من نفقة قوتها، فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى.
سادسا: لم يتحقق أن صاحبة القبر الذي في راوية تسمى زينب لو لم يتحقق عدمه فضلا عن أن تكون زينب الكبرى وإنما هي مشهورة بأم كلثوم كما مر في ترجمة زينب الصغرى لا الكبرى على أن زينب لا تكنى بأم كلثوم وهذه مشهورة بأم كلثوم.

112- زينب بنت محمد رسول الله(ص):
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 1 ص 292 293: ولدت قبل النبوة وتوفيت بعد النبي(ص) بستة أشهر وصلى عليها العباس بن عبد المطلب ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل بن العباس.
وقال الطبري في ذيل المذيل ص 3: توفيت في أول سنة 8 من الهجرة وكان سبب وفاتها أنها لما أخرجت من مكة إلى رسول الله(ص) أدرجها هبار بن الأسود ورجل آخر فدفعها أحدهما فيما قيل فسقطت على صخرة فأسقطت فاهراقت الدم فلم يزل بها وجعها حتى ماتت منه اه‍.
وفي أسد الغابة ج 1 ص 321: روى الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن الحارث بن الحارث الغامدي قلت لأبي ما هذه الجماعة قال هؤلاء قوم اجتمعوا على صابئ لهم فأشرفنا فإذا رسول الله(ص) يدعو الناس إلى عبادة الله والإيمان به وهم يؤذونه حتى ارتفع النهار وانتبذ عنه الناس فأقبلت امرأة تحمل قدحا ومنديلا قد بدا نحرها تبكي فتناول القدح فشرب ثم توضأ ثم رفع رأسه إليها فقال يا بنية خمري عليك نحرك ولا تخافي على أبيك غلبة ولا ذلا فقلت من هذه فقالوا هذه ابنته زينب.
وفي ذيل المذيل ص 66: أمها خديجة وهي أكبر بنات رسول الله(ص) يزوجها ابن خالتها أبو العاص بن ربيع قبل أن يبعث النبي(ص) وأم أبي العاص هالة بنت خويلد بن أسد خالة زينب ابنة رسول الله(ص) ولدت زينب لأبي العاص عليا وأمامة فتوفي علي صغيرا وبقيت أمامة فتزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) بعد وفاة فاطمة، وكانت فاطمة(ع) أوصته بذلك في جملة ما أوصته كما مر في سيرتها، وأبو العاص اسمه مقسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي كان فيمن شهد بدرا مع المشركين فأسر فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمرو ابن الربيع وبعثت معه زينب في فداء أبي العاص بمال فيه قلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص جين بنى عليها فلما رآها رسول الله(ص) رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فأطلقوه وردوا عليها الذي لها ومر في السيرة النبوية أن النبي(ص) لما أطلق أبا العاص شرط عليه أن يبعث إليه زينب فبعث بها مع أخيه كنانة بن الربيع حميها فأسرع هبار بن الأسود فروعها وطعن هودجها برمحه وكانت حاملا فأسقطت فنثل حموها كنانته وحلف لا يدنو منها أحد إلا رماه وبلغ الخبر أبا سفيان فجاء وقال لكنانة إنك خرجت بها جهارا على أعين الناس وأقنعه أن يردها ويخرج بها ليلا وأهدر النبي(ص) دم هبار وأرسل من أحضرها من مكة إلى المدينة.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده أن رسول الله(ص) لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة أو ابن كنانة فخرجوا في أثرها فأدركها هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها وألقت ما في بطنها وأهريقت دما إلى أن قال فقال رسول الله(ص) لزيد بن حارثة ألا تنطلق تجيئني بزينب قال بلى يا رسول الله قال فخذ خاتمي فأعطاه إياه فانطلق زيد وبرك بعيره فلم يزل يتلطف حتى لقي راعيا فقال لمن ترعى فقال لأبي العاص فقال لمن هذه الأغنام قال لزينب بنت محمد فسار معه شيئا ثم قال له هل لك إن أعطيك شيئا تعطيه إياها ولا تذكره لأحد قال نعم فأعطاه الخاتم فانطلق الراعي فأدخل غنمه وأعطاها الخاتم فعرفته فقالت من أعطاك هذا قال رجل قالت فأين تركته قال بمكان كذا وكذا فسكتت حتى إذا كان الليل خرجت إليه الحديث.
قال الطبري فلما كان قبيل فتح مكة خرج أبو العاص بتجارة إلى الشام وبأموال لقريش أبضعوها معه فلما أقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله(ص) في جمادى الأولى سنة 6 من الهجرة فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال وأسروا أناسا وأعجزهم أبو العاص هربا وأقبل من الليل في طلب ماله حتى دخل على زينب فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله(ص) إلى صلاة الصبح وكبر وكبر الناس معه صرخت زينب أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله(ص) قال أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم أنه يجير على المسلمين أدناهم ثم دخل على زينب فقال إي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له وبعث إلى السرية وقال إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا فإن تحسنوا تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاءه عليكم قالوا بل نرده عليه فردوا عليه جميع ما أخذ منه فحمله إلى مكة وأدى إلى كل ذي حق حقه ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي شيء قالوا لا وجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال فاني أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله وما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت لكل أموالكم ثم قدم على رسول الله(ص) فروى الطبري بسنده عن ابن عباس أن رسول الله(ص) رد عليه زينب بالنكاح الأول بعد ست سنين وتقدم في السيرة النبوية أن ذلك يخالف ما ثبت عن أئمة أهل البيت(ع) من انفساخ النكاح وأنه ينبغي أن يكون ردها عليه بنكاح جديد وكانت قريش قالت لأبي العاص طلق ابنة محمد ونزوجك أي امرأة شئت من قريش فأبى وحمد النبي(ص) صهره.
وروى الطبري في ذيل المذيل قال خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشام فذكر امرأته زينب فأنشأ يقول:
ذكرت زينب لما أدركت أرما  فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صـالحة  وكل بعل سيثني بالذي علمــا
وقال ابن الأثير ج 2 ص 63: كان في الأسارى يوم بدر أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس زوج زينب بنت رسول الله(ص) وكان من أكثر رجال مكة مالا وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة زوج رسول الله(ص) فسألته أن يزوجه زينب ففعل قبل أن يوحى إليه فلما أوحي إليه آمنت به زينب وكان رسول الله(ص) مغلوبا بمكة لم يقدر أن يفرق بينهما، فلما خرجت قريش إلى بدر خرج معهم فأسر فلما بعثت زينب في فداء أبي العاص زوجها بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها معها فلما رآها رسول الله(ص) رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا فأطلقوا لها أسيرها وردوا القلادة وأخذ رسول الله(ص) عليه أن يرسل زينب إليه بالمدينة وسار إلى مكة وأرسل رسول الله(ص) زيد بن حارثة مولاه ورجلا من الأنصار ليصحبا زينب من مكة فلما قدم أبو العاص أمرها باللحاق بالنبي(ص) فتجهزت سرا وأركبها كنانة بن الربيع أخو أبي العاص بعيرا وأخذ قوسه وخرج فسمعت بها قريش فخرجوا في طلبها فلحقوها بذي طوى وكانت حاملا فطرحت حملها لما رجعت لخوفها ونثر كنانة اسمه ثم قال والله لا يدنو مني أحد إلا وضعت فيه سهما فاتاه أبو سفيان بن حرب وقال خرجت بها علانية فيظن الناس أن ذلك عن ذل وضعف منا ولعمري ما لنا في حبسها حاجة فارجع بالمرأة ليتحدث الناس إنا رددناها ثم أخرجها ليلا فرجع بها ثم أخرجها ليلا وسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله(ص) فأقامت عنده فلما كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام بأمواله وأموال رجال من قريش فلما عاد لقيته سرية لرسول الله(ص) فأخذوا ما معه وهرب منهم فلما كان الليل أتى إلى المدينة فدخل على زينب فلما كان الصبح خرج رسول الله(ص) إلى الصلاة فكبر وكبر الناس فنادت زينب من صفة النساء أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص فقال النبي(ص) والذي نفسي بيده ما علمت بشيء من ذلك وإنه ليجير على المسلمين أدناهم وقال لزينب لا يخلصن إليك فلا يحل لك وقال للسرية الذين أصابوه إن رأيتم أن تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو في فيء الله الذي أفاءه عليكم وأنتم أحق به قالوا يا رسول الله بل نرده عليه فردوا عليه ماله كله حتى الشظاظ ثم عاد إلى مكة فرد على الناس ما لهم وقال لهم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا إنما أردت لكل أموالكم ثم خرج فقدم على النبي(ص) فرد عليه أهله بالنكاح الأول وقيل بنكاح جديد اه‍.
وقد عرفت أن الصواب إنه بنكاح جديد هنا يحكي ابن أبي الحديد في شرح النهج أن بعض شيوخه قال له ما معناه أترى إن زينب كانت أجل قدرا أو أحب إلى رسول الله(ص) من فاطمة الزهراء أو أن بعلها أبا العاص كان أحب إليه من علي ابن أبي طالب فقال لا، فقال أترى أن الشيخين لو قالا للمسلمين هذه فاطمة بنت نبيكم تطلب نخيلات في فدك رأيتم أن تدفعوا ذلك لها أكانوا يأبون ذلك.
وقال صاحب كتاب الاستغاثة كما مر في رقية أن زينب ورقية لم تكونا ابنتي رسول الله(ص) وإنما كانتا ابنتي أختها هالة وأبوهما رجل من بني تميم يقال له أبو هند وإنما نسبتا إلى رسول الله(ص) وخديجة لأنهما ربيتا في حجرهما وكان أبواهما قد ماتا قريبا فنسبا إلى رسول الله(ص) وإلى خديجة جريا على سنة العرب في أن من ربى صغيرا ينسب إليه مضافا إلى أن اسم خديجة كان نابها معروفا واسم هالة خاملا ومجهولا إلى آخر ما مر تفصيله هناك ولكن هذا خلاف المشهور المعروف بين العلماء.
 

113- زينب بنت أحمد بن يحيى: ذكرها الشيخ في رجاله في أصحاب الجواد(ع).

114- زينب بنت موسى المبرقع ابن الإمام محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر(ع):
توفيت في قم ودفنت في مشهد أخيها محمد بن موسى.
قال الشيخ البهائي في كشكوله: أول من ورد من السادات الرضوية إلى قم أبو جعفر محمد بن موسى بن محمد بن علي الرضا(ع) وكان وروده إليها من الكوفة سنة 256 ثم ورد إليها بعده زينب وأم محمد وميمونة بنات موسى بن محمد بن علي الرضا اه‍.

115- زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب(ع):
صاحبة المشهد المعروف بمصر هكذا نسبها صاحب الطراز المذهب في أحوال زينب وهو أحد أجزاء ناسخ التواريخ، تأليف ميرزا عباس قلي خان طبع بمبئي صفحة 65، فقال ما تعريبه في كتاب تحفة الأحباب: في مصر في المشهد المعروف بالسيدة زينب بنت يحيى الأبلج بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب(ع) جماعة من ذرية السيدة أم كلثوم يعرفون بالكلئومين وبالطيارة أيضا اه‍.
ولكن ابن جبير قال في نسبها ما يخالف ذلك فذكر في رحلته عند الكلام على مصر ما صورته.

مشاهد الشريفات العلويات رضي الله عنهن:
مشهد السيدة أم كلثوم ابنة القاسم بن محمد بن جعفر رضي الله عنهم، ومشهد السيدة زينب ابنة يحيى بن زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم، ومشهد أم كلثوم ابنة محمد بن جعفر الصادق رضي الله عنهم ومشهد السيدة أم عبد الله بن القاسم بن محمد رضي الله عنهم، وهذا ذكر ما حصله العيان من هذه المشاهد العلوية المكرمة وهي أكثر من ذلك وأخبرنا أن من جملتها مشهدا مباركا لمريم ابنة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو مشهور لكنا لم نعاينه.
وأسماء أصحاب هذه المشاهد المباركة إنما تلقيناها من التواريخ الثابتة عليها مع تواتر الأخبار بصحة ذلك والله أعلم بها، وعلى كل واحد منها بناء حفيل فهي بأسرها روضات بديعة الإتقان، عجيبة البنيان، قد وكل بها قومه يسكنون فيها ويحفظونها، ومنظرها عجيب والجرايات متصلة لقوامها في كل شهر اهـ‍.
فصاحب التحفة جعلها حسنية وابن جبير حسينية وهو غريب.
وهذا المشهد مزور معظم مشيد البناء بناؤه في غاية الإتقان فسيح الأرجاء دخلته وزرته في سفري إلى الحجاز بطريق مصر عام 1340 ويعرف بمشهد السيدة زينب، وأهل مصر يتوافدون لزيارته زرافات ووحدانا، وتلقى فيه الدروس وهم يعتقدون أن صاحبته زينب بنت علي بن أبي طالب، حتى إني رأيت كتابا مطبوعا في مصر لا أتذكر الآن اسمه ولا اسم مؤلفه وفيه أن صاحبة هذا المشهد هي زينب بنت علي بن أبي طالبـ، ثم يسأل أنها كيف جاءت إلى مصر ولم يذكر ذلك أحد، ويجيب بأنه يمكن أن تكون نقلت جثتها جاءت بطريق غير مألوف ولا معروف أو نحوا من ذلك فتأمل وأعجب.

المصدر: أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، ج7.

 

التعليقات (0)

اترك تعليق