مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

احتفالات المولد في مصر: من الفاطميين إلى نابوليون

احتفالات المولد في مصر: من الفاطميين إلى نابوليون

بداية احتفال المصريين بذكرى المولد النبوي الشريف تزامنت مع دخول الفاطميين إلى مصر، حيث أقيم أول احتفال في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في العام 973، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري سامح الزهار، المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية. ويشير الزهار إلى أن الدولة مكتملة «الخليفة والوزراء وعامة الشعب» كانت تستقبل تلك المناسبة، لافتاً إلى أنه من أهم سمات ذلك العصر في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الإفراط في صنع الحلوى بأشكالها المختلفة.
ويوضح أنه «تم ابتكار نظام جديد يهدف إلى تخزين المواد الغذائية من سمن وسكر ودقيق حتى يتم تصنيع الحلوى التي كانت توزع بأمر الخليفة على جميع طبقات الشعب في جميع المناسبات الدينية وبصفة خاصة المولد النبوي».
ويضيف الزهار انه بالنسبة إلى العصر الأيوبي «فقد تم إلغاء جميع مظاهر الاحتفالات الدينية، وكان القائد صلاح الدين الأيوبي يستهدف من ذلك تقوية دولته عسكرياً ومواجهة ما يتهددها من أخطار ومحو جميع الظواهر الاجتماعية التي ميزت العصر الفاطمي».
ويوضح الباحث أنه في بداية الدولة المملوكية، اتخذ الاحتفال بمولد النبي الكثير من العظمة ليتناسب مع ما شهده المجتمع من رفاهية، حيث حرص السلاطين على مشاركة الشعب الاحتفال بهذه المناسبة، مشيراً إلى أن السلطان كان يقيم في الحوش السلطاني خيمة في القلعة تسمى «خيمة المولد»، وأول من أسسها كان السلطان قايتباي.
ويشير إلى أنه تم وصف تلك الخيمة بأنها زرقاء اللون على شكل قاعدة، في وسطها قبة مقامة على أربعة أعمدة، وبلغت تكلفتها حوالي 36 ألف دينار، وكان يوضع عند أبوابها أحواض تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون، وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس والمزينة بالنقوش، ويبدأ المقرئون في تلاوة آيات القرآن الكريم، وكلما انتهى مقرئ أعطاه السلطان صرة فيها 500 درهم فضة، وبعد صلاة المغرب يتم توزيع الحلوى السكرية، وفي صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا.
 ويضيف الزهار انه إبان الحملة الفرنسية على مصر، اهتم نابليون بونابرت بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي، حيث قام بإرسال 300 ريال إلى منزل الشيخ البكري، نقيب الأشراف في مصر، وأرسل الطبول الضخمة والقناديل لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية.
ويتابع أنه في عهد الأسرة العلوية أصبحت مسؤولية الاحتفال تقع على عاتق نقيب الأشراف، الذي يتلقى أموالاً من الخزانة العامة للدولة وإدارة الممتلكات الخديوية، التي تخصص كميات كبيرة من الأرز واللحوم والسكر لبيعها في الاحتفالات، لافتاً إلى أنه من مظاهر تلك الاحتفالات أن تزدان خيمة البكري بزيارة الخديوي ومعه العلماء والأعيان لسماع قصة المولد النبوي، وتوزع الحلوى وشراب الليمون.
ويذكر الباحث الأثري أنه في العصر الحديث، وتحديداً عهد الملك فؤاد، انتقلت ساحة الاحتفال إلى العباسية، وتولت وزارة الأوقاف إقامة السرادقات طوال فترة الاحتفالات.

المصدر: قناة المنار.

التعليقات (0)

اترك تعليق