مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

راهبات معلولا مقابل إسلاميي رومية

راهبات معلولا مقابل إسلاميي رومية

بعدما كانت المفاوضات جارية لإطلاق راهبات معلولا المحتجزات في أحد قصور يبرود، طرحت الجهة الخاطفة مطالب اعتبرت تعجيزية، ما أعاد القضية إلى المربع الأول، في حين نقل أحد المطرانين المخطوفين في حلب إلى مكان احتجاز آخر فيما بات مصير رفيقه مجهولاً.
كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» عن تعثّر جديد في المفاوضات الجارية لإطلاق راهبات معلولا المحتجزات لدى «جبهة النصرة» في مدينة يبرود السورية القريبة من الحدود مع لبنان، منذ السادس من كانون الأول الماضي. وأشارت المصادر إلى ظهور مؤشر سلبي جديد حول مصير أحد المطرانين، يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، اللذين خطفا في حلب قبل نحو ثمانية أشهر.
وأوضحت المصادر أن مسؤولاً في المجموعة التي تحتجز الراهبات، وهو غير سوري، أظهر رغبة في التوصل إلى حل سريع للأزمة، قبل أن تحصل مداخلة لافتة لمسؤول آخر في المجموعة نفسها، طالباً التريث والبحث عن مقابل إضافي. وأوضحت أن ثلاث جهات تعمل على التوصّل إلى تسوية لإطلاق الراهبات مع هذه المجموعة. الأولى -وهي الأكثر جدية- تقوم بها منظمة دولية لها نفوذها في سوريا في هذه الفترة، والثانية تتولاها مجموعة تنسيق تضم لبنان وقطر وتركيا، والثالثة يقودها رجل أعمال سوري تربطه صلات قوية بالرئيس السوري بشار الأسد، ويملك نفوذاً على الأرض في يبرود. وأفادت بأن السلطات السورية أبلغت جهات كنسية في سوريا وخارجها استعدادها لتسهيل مهمة الوسطاء، لكنها تحفظت على أي تعاون مع قطر أو تركيا، من دون أن تمانع مواصلة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم اتصالاته مع الجهات الأمنية في تركيا وقطر والسعودية للتوصل إلى حل لهذه القضية.
وبحسب المصادر، فإن رجل الأعمال السوري جورج حصواني -من منطقة يبرود وله نفوذ قوي بين أهلها، وسبق أن نجح مرات عدة في التعاون مع وجهاء في المدينة في تحييدها عن مواجهات قاسية مع الجيش السوري- توسّط لدى مسؤول المجموعة الخاطفة الذي أبلغه أنه اضطر إلى نقل الراهبات من معلولا إلى يبرود، بعد ورود معلومات عن نية الجيش السوري قصف مواقع في معلولا وقتل الراهبات لاتهام المجموعة التي يتزعمها بقتلهن. وقد حمل حصواني إلى المجموعة الخاطفة ضمانات من القيادة السورية بعدم القيام بأي عمل من شأنه تهديد حياة الراهبات. وبعد مفاوضات، وافق المسلحون على نقل الراهبات إلى أحد قصور حصواني الذي وافق ضمناً على منح المجموعة المسلحة الإذن بإدارة الوضع الأمني في القصر ومحيطه، وهو أمّن اتصالات هاتفية لإحدى الراهبات مع وسيط واحد على الأقل، ومع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يوحنا العاشر اليازجي.
أما في شأن المطالب، فقد كشفت المصادر أن المرحلة الأولى شهدت تبادلاً للمطالب تركّز جانب أساسي منها على تلقّي مبالغ مالية. وهنا تطوّع القطريون، متعهدين بالدفع لنجاح الصفقة، مع رغبة في نقل الراهبات إلى لبنان، حيث يكون القطريون في استقبالهن إلى جانب الجهات الرسمية والكنسية اللبنانية.
عقدة تبادل المعتقلين
ولكن، فجأة، وسّع الخاطفون طلباتهم لتشمل إنجاز عملية تبادل بين الراهبات وسجناء إسلاميين من لبنان وسوريا والعراق، وذلك وفقاً لجنسيات الراهبات اللواتي ينحدرن من هذه البلدان الثلاثة.
في ما يتعلق بالعراق، تطالب المجموعة الخاطفة التي تضم عناصر على علاقة بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة» بإطلاق الحكومة العراقية عشرات من كوادر «داعش» المعتقلين لدى السلطات العراقية، خصوصاً ممن هم من جنسيات أجنبية. ومن بين الأسماء التي طُلب إطلاق سراحها كوادر بارزة متورطة في أعمال إرهابية كبرى. وفي سوريا، طالب الخاطفون بإطلاق أكثر من ألف معتقل ممن ينتمون إلى مجموعات إسلامية متشددة، أبرزهم من جنسيات غير سورية.
وأبلغ مصدر أمني رفيع «الأخبار» أن الخاطفين طلبوا أيضاً إخلاء سجن رومية من كل المعتقلين الإسلاميين، مع تركيز على لائحة إسمية تشمل سعوديين وتونسيين وليبيين وفلسطينيين وسوريين، ممن اعتقلوا أثناء معارك نهر البارد مع الجيش اللبناني وبعدها، إضافة إلى إطلاق المتهمين في تفجير حافلتين مدنيتين في بلدة عين علق (المتن الشمالي) في 21 شباط عام 2007 وأدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.
وفيما أبلغ الوسيط الخاطفين أن هذه الطلبات تعجيزية وغير قابلة للتحقق، قررت الحكومتان العراقية واللبنانية، كل على حدة، عدم الدخول في هذا البازار، ما أتاح لرجل الأعمال السوري تركيز البحث على إطلاق معتقلين من السجون السورية. وهو نقل إلى الوسطاء استعداد القيادة السورية لتسهيل هذه المهمة إلى أقصى الحدود، مع التشديد على أن دمشق لا توافق إطلاقاً على نقل معتقلين مفرج عنهم إلى خارج الأراضي السورية، بل تترك لهم حرية القرار.
وتستند السلطات السورية في هذه الخطوة إلى التجربة الخاصة بالمعتقلات السوريات اللواتي أطلقن ضمن صفقة مخطوفي أعزاز، إذ رفضت دمشق، آنذاك، نقلهن إلى طائرة قطرية تتولى تسفيرهم إلى تركيا أولاً، وأصرّت على تأخير قرار الإفراج عنهن إلى وقت لاحق. وعندما تم الأمر، سهلت السلطات السورية مهمة قام بها اللواء إبراهيم ورئيس الاستخبارات القطرية أحمد بن ناصر بن جاسم الذي أرسل وفداً إلى نقطة الحدود اللبنانية ـــ السورية عند المصنع، وأجرى مقابلات مع المعتقلات المفرج عنهن، حيث رفضن جميعاً مغادرة سوريا.
المطرانان المخطوفان
وفي ما يتعلّق بقضية المطرانين إبراهيم ويازجي، كشفت مصادر مطلعة أنهما غير محتجزين في المكان نفسه، كما أنهما ليسا مع المجموعة نفسها. وأوضحت أن مجموعة مسلحة تمكنت قبل مدة من «خطف» أحد المطرانين من خاطفيه ونقلته إلى مركزها في ريف حلب، فيما نُقل عن هذه المجموعة أنها لم تعثر على المطران الآخر، وأن معلوماتها عنه لا تدعو إلى الارتياح. وبحسب المصادر، فإن المفاوضات كانت قد انتهت إلى توافق على تسليم المطران الموجود مع هذه المجموعة (التي بعثت بإشارات حياة عنه إلى من يهمه الأمر) إلى وسيط على الأراضي اللبنانية. لكن التطورات الميدانية على الأرض عقّدت المهمة، بعدما بات صعباً على الخاطفين تأمين طريق آمن من مكان الاحتجاز إلى الحدود مع لبنان. وقد تم، أخيراً، تجاوز هذه النقطة، عبر التفاهم على تسليم المطران إلى وسيط معني داخل منطقة غير خاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة للمعارضة، على أن يجري تأمين عملية الانتقال. وقد رفضت المصادر الحديث عن المقابل الذي طلبه الخاطفون.
أما في ما يتعلّق بالمطران الآخر، فقد تبلغت الكنيسة معلومات تؤكد أنه غير موجود مع رفيقه، وأن الخاطفين عمدوا سابقاً إلى وضعهما في مكانين منفصلين، وأن المجموعة التي حاولت «تحريرهما» لم تعثر عليهما في المكان نفسه. ونفت المصادر علمها بوجود أي دليل على وفاة أحد المطرانين، كما نفت علمها بهوية المجموعة الخاطفة. وقالت إن الأمر معقد للغاية في هذه النقطة، وإن الجانب التركي يحاول من خلال جهاز استخباراته وعبر علاقته مع المجموعات المسلحة في شمال سوريا الوصول إلى نتيجة.

المصدر: جريدة الأخبار.

التعليقات (0)

اترك تعليق