مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

نساء جنوب فلسطين... أمهات رغم قسوة الحياة

نساء جنوب فلسطين... أمهات رغم قسوة الحياة

قبل أن يصدح ديكها بصياحه فجرا، وقبل أن تصحوا شمس نهارها بعدة ساعات، تترك السيدة خضرة الجبارين (40) عاما- من قرية المفقرة البعيدة عن مدينة يطا 30كم باتجاه الشرق دفئ فراشها المتواضع، وتنسحب بهدوء ناعم، إلى خارج مغارتها كي لا تزعج أطفالها النيام، تصلي فجرها، وتبدأ بإعداد خبز يومهم في طابونها القديم المتهالك، تطعم أغنامها، وتملأ وعاء بيتها الأصفر بالماء من بئر قريب، تعد بعدها فطور أبنائها على عجل، وتوقظهم للمدرسة البعيدة.
كما العدم، تعيش تلك القرية الصغيرة التي لا يتجاوز تعداد سكانها 40 فردا بلا كهرباء، أو شبكة مياه، بلا مساكن فوق الأرض، وكمن يسكنون القبور، يعيش هؤلاء في كهوف قديمة، قلما تدخلها الشمس، يتجذرون في أرضهم كما أشجار الزيتون، ولا يبرحون أوديتها وجبالها العالية.
السيدة جبارين لها نضالها الخاص والغريب، فهي تكافح بلا تعب إلى جانب زوجها حتى يؤمنوا قوت حياتهم، فمع بزوغ الشمس تعد فطور زوجها، وتغدو باتجاه واد مجاور كل صباح للعمل، فهناك أكثر من 20 دونم مزروعة بالقمح عليها أن تحصدها لمواشيهم. تستمر في عملها حتى الساعة الثانية عشر ظهرا ثم تعود أدراجها لكهفها، تعد غداء أطفالها، تأخذ قسطا خجولا من الراحة، وتعود بعدها لسنابل القمح المؤلفة.
تبدأ الشمس بالتعب والمغيب، تتعب معها خضرة، تخلد الشمس لنومها وتعود خضرة إلى بيتها لتعد طعام العشاء لعائلتها، تطعم أغنامها، تعلف دجاجاتها العشرة، تستحم بقليل من المياه الباردة، تطفئ مصباح غازهم القديم الذي هو شمسهم ودليل ليلهم في ظل عدم وجود الكهرباء، تغلق باب الكهف، وتنام ساعاتها السبع المعهودات، وتنتظر ذات الواجب في الصباح التالي.
هكذا باختصار، يمكن أن تروى حكاية خضرة وغيرها من نساء مسافر يطا والجنوب الفلسطيني، تعب وكد ونضال بكل المقاييس، أم وزوجه وعاملة ومربية وكل شيء، هن نساء الجنوب، حكاية اختلاف حقيقي ورواية تعب لا تنتهي.


المصدر: وكالة معا.

 

 





التعليقات (0)

اترك تعليق