إحياء ذكرى ولادة العدل المنتظر الإمام المهدي(عج) 2014م في مبنى الجمعيّات
تحدث في الاحتفال الشيخ محمد خاتون عن ذكرى ولادة الإمام المهدي عج، وعن الاستعداد والتحضير لظهوره المقدس.
ونبّه إلى اعتقادات خاطئة منها أن لا يعتقد الشخص أنّ أي شيء يحدث في الكون أو في الأحداث الجارية له علاقة بظهور الإمام.
كذلك من الخطأ أن يربط المعتقد بالإمام كل حدث أو كل واقعة بظهور الإمام(عج)، ويجعلها في إطار الظهور والتمهيد.
وقال بأنّ الإمام الخميني(قده) لم يثبت عنه ولا مرة أنه قال أنّ هذا -[ مباشرة]- من الإمام المهدي(عج)؛ لأنه رجل دولة ورجل دين يريد أن يثبت الأمور بالعقل والمنطق.
وتحدث عن أن الإمام الخميني واجه، بحزم، ظاهرة ادعاء الارتباط مباشرة بالإمام المهدي(عج) وتلقي الأوامر منه عبر المنامات.
نعم الآية «إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» (سورة الأنفال، الآية: 43).
القرآن تحدث [عن مسألة المنامات] لكن لمن يتوجّه الله سبحانه في الآية؟ للرسول(ص)، لكنّ الرسول(ص) هو سيد الأمة وما رآه الرسول(ص) فقد رآه.
وهناك شروط يجب أن تتوفر حتى يمكن تحقّق اليقين برؤية الإمام(عج) في المنام.
هذا واعتبر الشيخ خاتون أنّه كما كانت حركة الإمام في الغياب حركة منطقيّة فإنّ حركته في الظهور حركة منطقيّة أيضاً...
وتابع بدأ الغياب التدريجي في عهد الأئمة(ع) حتى أصبح شبه غياب في عصر الإمام الحسن العسكري(ع)، ثمّ بدأ الغياب الجزئي للإمام المهدي(عج) في الغيبة الصغرى ثم الغياب الكلي في الغيبة الكبرى.
ولفت إلى أنّ هناك منطق في تسلسل الأحداث؛ فكما كان هناك منطق في الغيبة، هناك منطق في الظهور. فهذا الظهور يكون تدريجيّاً، فالأمة غير قادرة على تحمل ظهور الإمام(عج) مباشرة، فيجب أن يكون الأمر فيه تدرج [أي تحضير الأمة للظهور المقدّس].
يصلح الله أمره في يوم وليلة
هناك أمور إعجازيّة ستحدث، يهيّئنا الله لها من خلال علامات معيّنة...
«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ» (سورة الشورى، الآية: 13).
«فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (سورة الروم، الآية: 30).
ويجب أن نعرف كيف نتواصل مع معتقدات هذا الدين ومع تشريعات هذا الدين ومع مفاهيمه.
إذاً لدينا 3 أركان: الإمام(عج)، الدين، الأمة ويُضاف إلى هذا الأمر ما يُسمّى بالمناخ المؤاتي، ويتعلق به أمرين أحدهما من صنع الله، والآخر من صنع البشر، فالبشر يتفاعلون مع حكم الله سبحانه وتعالى ويحققون الانتصارات التي هي ثمرة جهاد بين يدي الله وفي سبيل الله.
هذا هو مناخ مؤاتٍ، فكيف يظهر الإمام صاحب الزمان(عج) وليس هناك مناخ مؤاتٍ يساعد في ظهوره؟
ما المطلوب منّا للتحضير لظهور الإمام(عج)؟
المطلوب منّا هو صناعة الأمة.
هناك آية في القرآن: «وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* ونمكٍّنَ لهُمْ في الأرضِ ونُرِيَ فرعونَ وهامانَ وجنودَهما منهُم ما كانوا يحذَرون» (سورة القصص، الآيتي: 5-6)؛ "نمكّن لهم" وهناك آية أخرى «الَّذِينَ إن مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ» (سورة الحج، الآية 41) تكليف هؤلاء الذين يتحدث عنهم الله في الآية هو نفسه قبل ظهور صاحب الزمان وبعد الظهور وكل خطوة يخطونها هي خطوة مؤيدة مسدّدة من قِبل الإمام(عج) لأنّ الإمام يرعى قضيتهم.
خروج الإمام(عج) لا نعرف توقيته لكن ألا يمكن أن نتلمّس شيئاً من آثار ذلك.
ما يحدث في هذا العالم، هذا القتل الذريع الذي يحدث وخاصة ما يحدث في مناطق دول الإسلام، في المنطقة التي هي مهبط الوحي ومحط الأنبياء(ع)...
حركة الأنبياء منذ آدم ونوح وإبراهيم... وموسى وعيسى(ع) ونبينا محمد(ص)، حركة الأنبياء هي في هذه المنطقة التي تعيش اليوم أحداثاً هامة جداً.
الصراع اليوم لم يعد بين الإسلام والكفر وإنّما بين الإسلام والنفاق.
هناك سورة كاملة في القرآن باسم المنافقين؛ «همُ العدوُّ فاحذرْهُم قاتلَهُم الله أنّى يؤفكُونَ» (المنافقون؛ آية 4).
سورة التوبة؛ أكثر من نصف آياتها تتحدث عن المنافقين، سورة البقرة أيضاً فيها آيات تتحدث عن المنافقين... سورة آل عمران، سورة النساء أيضاً فيهما آيات تتحدث عن المنافقين؛ مئات الآيات القرآنيّة تتحدث عن المنافقين...
«هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» (سورة المنافقون، الآية: 4)...
حركة المنافقين تكون من الداخل وهي لها أثر من ناحيتين:
[منها] أنّ فيها ضرر على الأمّة الإسلاميّة لأنهم يقتلون على الشبهة...
الله عنده علم الغيب وعلم الساعة ويطلع بعض أنبياءه على علم الغيب.
كل الروايات التي تتحدث عن ظهور الإمام(عج) تتحدث عن القتل الذريع، والذريع يعني الكثير، في غاية الكثرة، مثلاً القتل على الشبهة... أو قتل الأطفال ويدّعون أنّ ذلك من وجهة نظر شرعيّة، على أي أساس يكون ذلك؟ والطفل غير مكلف شرعيّاً.
هذا القتل الذريع باسم الإسلام هو الإضرار بالرسالة، مرة نقول أنّ هناك إضرار بالمسلمين، بالمؤمنين، هنا قد يضرب الله الكافرين بالكافرين. لكن إذا كان الأمر يتعلق بالدين، بجوهر الدين فلا بدّ له من معصوم.
استدلال بسيط: قول الإمام الحسين(ع) "أفلا ترون إلى الحق لا يُعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه". في زمن الإمام الحسين(ع)، كان الدين في خطر، فقام الإمام المعصوم(ع) وتصدّى للأمر.
عن الإمام الحسن(ع): "ولو أنّ الناس بايعوا أبي بعد رسول الله(ص) لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ولكنهم تركوه وانحازوا إلى غيره وقد سمعوا رسول الله(ص) يقول: "ما ولّت أمة أمرها رجلاً وفيهم مَن هو أعلم منه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا"، هنا الأمر يتعلق بالنّاس.
لكن عندما يكون الأمر متعلقاً بالدين، مفاهيم الدين، توحيد الله في خطر، النبوّة في خطر، العقائد الإسلاميّة في خطر، عندئذٍ لا بدّ أن يتصدى لهذا الخطر إمام معصوم..، إنسان فوق الشبهات.
لكن التصدي له دوران:
- تصدي شهادة فيه دماء الحسين(ع).
- وهناك تصدي آخر هو تصدي الانتصار الذي يقوم به صاحب الزمان(عج).
الذي قام به سيد الشهداء(ع) هو التصدي لنصرة الإسلام والفداء هو الحسين(ع)، بينما ثورة صاحب الزمان(عج) هو الفداء لنصرة الأمة الإسلاميّة والمصحف والقرآن والقيم والدين والإسلام، والعاقبة هي الانتصار.
لكن كما أنّ الشهادة فيها اختيار كذلك هناك اختيار للانتصار.
الله عز وجل يقول: «وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (سورة آل عمران، الآية: 138)، يتخذ منكم مَن يستحق الشهادة، الشهادة هي خيار فردي، بينما الانتصار هو اختيار للأمّة، هذه الأمة تستحق الانتصار أم لا تستحقه.
هل نحن نستحق الانتصار؟
نحن استحققنا انتصار 2006، الله نصرنا «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ» (سورة التوبة، الآية: 25)، «وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (سورة الأنفال، الآية: 26).
صبرنا على هذه المرحلة، شكرنا الله على المرحلة التي تلت، يعني أنه -إن شاء الله- نحن مهيّؤون لأنْ ينزل علينا نصر الله.
ونشكر الله عز وجل على الانتصار، بل قد نصل إلى مرحلة نشكر الله تعالى على الدماء التي تجري منّا. المرحلة الأعظم أن يُشكر الله على المصيبة، هذا هو تكليف الأولياء.
أهل البيت(ع) يقولون لنا: المطلوب منكم الصبر على المصيبة والشكر على النعمة من الله سبحانه.
ودعا الشيخ خاتون إلى الاهتمام بالجيل الصاعد الذي يتخرج منه اليوم شهداء فعلى الرغم من المظهر العصري لهؤلاء الشباب واهتماماتهم والتي قد تبدو للآخرين أنها قد لا تكون التزاماً دقيقاً بالدين، إلّا أنّ جوهرهم يعبّر عن التزام كبير بالدين...
البعض منهم، قبل شهر من شهادتهم، "يتجوهرون"، وهؤلاء الشباب هم من أهل اليقين والبصائر. هؤلاء هم الجنود المجهولون... هذا الجيل هو جيل الخير لكن علينا أن نحسن الظن به.
ثم ذكر سماحته قصة معبرة حدثت مع السيد عبد الحسين شرف الدين حيث كان مرة يجلس في ديوانيته وحوله علماء الدين ثم يأتي الشهيد أدهم خنجر، يقف له السيد شرف الدين ويجلسه بقربه مع أن أحداً من العلماء لم يكن يتجرأ أن يجلس قرب السيد –وكان أدهم خنجر معروف عند البعض أنه من قطّاع الطرق رغم أنه كان قائداً للمقاومة- ويبدأ السيد في التناجي مع أدهم، ويطلب منه الأخير أمراً ثمّ يخرج السيد ويودّعه، فاعترض عليه البعض [ممن لم يدرك حقيقة الدور الذي يقوم به أدهم خنجر] فقال لهم السيد عبد الحسين: "لولا هذا لما بقيت هذه" –في إشارة إلى عمامته-... أنتم تصنفونه كقاطع طريق أنتم أحرار، لكن اذهبوا وقاتلوا الفرنسيين كما قاتل، أنا أريد جوهره وليس الظاهر...
وأدهم خنجر كان من عائلة ثريّة، ولم يكن قاطع طريق، إنّما كان بعض الناس يصفونه بقاطع طريق؛ لأنّ الفرنسيين (المحتلين) كانوا يصفونه بذلك.
نحن في زمن مختلف، وأدهم خنجر وأمثاله أبطال بكل معنى الكلمة... ونصروا الله في أعظم قضيّة يحبها الله عز وجل ما هي هذه القضيّة؟ أن يكون الإنسان عزيزاً.
الله عز وجل فوّض للإنسان كل أموره ولكن لم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً.
العزة أمانة من الله عز وجل، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين...
وصف أمير المؤمنين(ع) أصحاب المهدي(عج) قال: "يبيتون على أطرافهم".. لماذا؟ حتى إذا نادى المنادي يكون متأهباً "ويصبحون على خيولهم"...
ما نراه الآن في الساحة هو هذا: هم هؤلاء الأبطال، لكل شهيد منهم قصة، لكل جريح منهم قصة، لكل أهل شهيد قصة، لكل أهل جريح قصة...
وبالتالي هذه القصص ليست صُدَف، بل هذه ظاهرة، ظاهرة الذين يقاتلون في سبيل الله، هذه الظاهرة لم تكون موجودة حتى في زمن الإمام الخميني(قده)، حتى في فترة مقاومة العدو الإسرائيلي. علينا أن نفكّر أننا في الزمن الذي يمهّد للمهدي(عج)، ويجب أن لا نحدّد الوقت فقد يكون قريباً وقد يكون بعيداً، وإنّ مَن يؤكد أنّ الظهور بعيد هو تحديد وقت الظهور وقد نُهينا عنه، وظهور الإمام(عج) بأيدينا.. وكل عمل نقوم به في الحياة قربة إلى الله هو جهاد.
علينا أن نؤدّي تكليفنا ونترك الباقي على الله سبحانه وقد يطوي الله الـ 20 سنة في يوم واحد.
فتاريخنا وقرآننا مليء بهذه الأمثلة، فإذا أراد الله أن يُصلح الأمر [كما في قصة النبي سليمان(ع)] «قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ»، ثم يقول آصف بن برخيا «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ».
جاء عرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين بأقل من طرفة عين. كأنه قال له كن فكان.
ونحن نتحدث عن مشروع صاحب الزمان(عج) وليس عن مملكة سليمان التي هي محدودة بمكان معين أو ملك داوود.
عن مملكة إلهيّة كاملة على وجه هذه الأرض، هذه المقدرة التي كانت لآصف بن برخيا وغيره من الأولياء سرُّها عند أهل البيت(ع) وعند الأولياء الصالحين، ونحن يجب أن نكتسب هذه القدرة، لكن هذا الأمر يحتاج إلى جهاد النفس وترويض النفس والتديّن والتزام وانقياد وتربية ولَوْذ بأهل البيت(ع) ولَوْذ بالإمام صاحب الزمان(عج).
تخلل الاحتفال موشحات دينية من وحي المناسبة.
اترك تعليق