مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

فدائيات فلسطينيات

فدائيات فلسطينيات

لعبت المرأة، دورا كبيرا ومؤثرا في الصراع العربي الإسرائيلي، وسجلت صفحات التاريخ سطورا مضيئة للمرأة الفلسطينية والعربية، فمنذ النكبة عام 1948 والنساء تقاوم برفقة الرجال، وتعتبر دلال المغربي وسناء محيدلي وليلى خالد، أبرز النساء اللاتي قمن بعمليات ضد قوات الاحتلال.
تعتبر دلال المغربي، عضوة حركة فتح الفلسطينية، أبرز وجوه النساء المقاومات، ولدت عام 1958، في إحدى مخيمات بيروت، لأسرة من يافا، لجأت إلى لبنان في أعقاب النكبة، وتلقت دراستها الابتدائية في مدرسة يعبد، والإعدادية في مدرسة حيفا، وكلتا المدرستين تابعتين لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينين في بيروت.
وعقب فشل الثورة الفلسطينية المسلحة، في عام 1978 في تحقيق عدة ضربات وعمليات، وتعرضت مخيمات لبنان إلى مذابح، فتم وضع خطة لشل الاحتلال الإسرائيلي وضربه في عقر داره، وسميت العملية باسم القيادي في فتح، الشهيد كمال عدوان، واختيرت دلال كقائدة لفرقة تتكون من عشرة مقاتلين.
ووضع خطة العملية أبو جهاد، وتعتمد بشكل أساسي على إنزال مقاتلين على الشاطئ الفلسطيني، والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب، لمهاجمة مبنى الكنيست الإسرائيلي، وفي صباح يوم 11 مارس 1978 نزلت دلال مع فرقتها الفدائية من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني، واستقلت مع مجموعتها قاربين مطاطيين ليوصلهم إلى الشاطئ، في منطقة غير مأهولة، ونجحت عملية التسلل والوصول إلى الشاطئ.
ونجحت دلال المغربي، وفرقتها في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل أبيب، واستولت الفرقة على باص إسرائيلي بجميع ركابه، حيث أخذتهم كرهائن، واتجهت نحو تل أبيب وأطلقت النيران خلال الرحلة مع فرقتها على جميع السيارات الإسرائيلية، المارة بالقرب من الباص ما أوقع مئات الإصابات.
ولاحقت وحدات كبيرة من الدبابات وطائرات الهيلوكوبتر، برئاسة إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الباص إلى أنه تم توقيفه وتعطيله قرب مستعمرة هرتسليا.
واندلعت حرب حقيقية بين المقاتلين الفلسطينيين بقيادة دلال المغربي وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وسقط في العملية عشرات الجنود من الاحتلال ولما فرغت الذخيرة من دلال وفرقتها أمر باراك بحصد الجميع بالرشاشات فاستشهدوا على الفور، تركت دلال المغربي التي صورت وباراك يشدها من شعرها أمام الكاميرات، وصية تطلب من رفاقها المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.
في صباح الثلاثاء 9 أبريل 1985، اقتحمت سيارة بيجو 504 بيضاء اللون، مفخخة بأكثر من 200 كيلو جرام، من "التي إن تى"، تقودها الفتاة اللبنانية سناء محيدلي، [...] تجمعاً لقوات الاحتلال، حيث كانت تتجمع أعداد كبيرة من الشاحنات والدبابات والآليات المجنزرة، والعديد من المشاة المنسحبين من تلال الباروك ونيحا، وأصابت وقتلت أكثر من خمسين جندي إسرائيلي، فيما استشهدت الفتاة التي لم تكمل ربيعها السابع عشر.
ولدت سناء يوسف محيدلي، في قرية عنقون، بقضاء صيدا في 14 أغسطس 1968، وعملت في منطقة "المصيطبة" في متجر لأشرطة الفيديو، حيث سجلت لاحقاً وصيتها، وانضمت إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي العامل مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية مطلع العام 1985، متأثرة بسيرة الشهيد وجدي الصايغ، الذي نفذ عملية استشهادية على معبر جزين- كفرحونة، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وحقق استشهاد سناء إنجازات عسكرية، حيث صدر عن قوات الاحتلال اعتراف صريح بالعملية فى نشرات وسائله الإعلامية، وحذر جنوده من عمليات أخرى قد تستهدفهم، كما أن جبهة المقاومة الوطنية أصدرت بياناً تبنت فيه عملية محيدلى الاستشهادية منوهة بنضال الشهيدة.
وطلبت سناء في وصيتها الأخيرة، قبل تنفيذ عمليتها أن يسموها "عروس الجنوب"، وشاع فيما بعد استعمال اللقب، وصارت أحد رموز المقاومة الشعبية اللبنانية والعربية، وسميت باسمها الشوارع والساحات والمدارس، وكُتبت العديد من القصائد بالعربية لتمجيدها ومدحها الكثير من السياسيين العرب بعد استشهادها، [...].
واحتفظت إسرائيل بأشلائها حتى يوليو 2008، حين تمت إعادة رفاتها بعد مفاوضات جرت بين حزب الله، لتبادل الأسرى وجثث المقاتلين بين الطرفين، واستلمت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي رفاتها في 21 يوليو 2008، وسلمتها لذويها ليتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون.
يذكر العالم، إلى اليوم الشابة السمراء التي نالت إعجاب الحلفاء، وأثارت قلق ومخاوف الأعداء، بعملية جريئة في 28 أغسطس 1969، حيث خطفت خلالها طائرة أمريكية، لتحلق بها فوق سماء تل أبيب، وتتجول على علو منخفض فوق مسقط رأسها مدينة "حيفا" التي طردت منها، وهي في الرابعة من عمرها، ما جعل قضية ليلى خالد المولودة في مدينة حيفا عام 1944، حيث كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني، وأثناء حرب 48 لجأ غالبية سكان العرب بما فيهم عائلة ليلى إلى مخيمات في لبنان، وفي الـ15 من عمرها انضمت مع أخيها إلى حركة القوميين العرب، بقيادة القطب اليساري العربي والفلسطيني، الحكيم جورج حبش، وأصبحت فيما بعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتحولت "ليلى" إلى أسطورة راسخة في الأذهان أكثر من غيرها من الرموز الفدائية؛ لأن جرأتها لم تقتصر فقط على العملية الأولى، فبعد عام واحد عاودت الكرة، وحاولت خطف طائرة أخرى تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية.
لم تأبه ليلى خالد، بعد ذلك كونها أصبحت معروفة شكلاً واسماً لدى كافة أجهزة الأمن عبر العالم، في أن تنفذ المزيد من عمليات خطف الطائرات لكنها أقدمت على التخطيط لخطف الطائرة الإسرائيلية "العال" بعد أن غيرت ملامح وجهها، وتزودت بجواز سفر هندوراسي، واستطاعت أن تغالط الأمن الإسرائيلي بمطار "أمستردام"، وتمكنت من الصعود إلى طائرة "العال" وتخطفها، إلا أن النجاح لم يحالف العملية الثانية، حيث قتل رفيقها في العملية، وأصيبت هي بجراح، وسُجنت في لندن، لكن شابا فلسطينيا في دبي علم بالخبر، فسافر على متن طائرة بريطانية، وارتدى "مايوه" سباحة منتفخا، موهما طاقم الطائرة بأنه حزام ناسف، فتمكن من خطف الطائرة نحو بيروت، ثم إلى الأردن؛ ما منح رفاق ليلى خالد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورقة ضغط ثمينة مكنتهم من مفاوضة البريطانيين، وإخراجها من سجنها في لندن بعد 28 يوما فقط.
واتخذت ليلى خالد الشخصية الفلسطينية المناضلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، الاسم الحركي شادية أبو غزالة تيمناً بأول مناضلة فلسطينية سقطت شهيدة بعد حرب 1967.

المصدر: وكالة أخبار المرأة.

التعليقات (0)

اترك تعليق