مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الطفلتان الشقيقتان

الطفلتان الشقيقتان "مها" و"فاطمة" تصارعان الموت بإرادة الحياة

لم تشفع لها براءة طفولتها ولا سنواتها السبع، أمام قذائف وصواريخ الاحتلال الإسرائيلي، التي انهالت على منزل عائلتها الشيخ خليل 4 طوابق  بشارع البلتاجي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لتصيبها بجراح خطيرة هي وشقيقتها فاطمة (10 أعوام)، وتؤدي إلى استشهاد والدتها الحامل في الشهر الخامس، وشقيقتها هبة (15عاما) وبعض أفراد عائلتها.
الطفلة مها، التي حولت شظايا الاحتلال جسدها وأجساد عائلتها المكلومة إلى لوحة ممزقة، اختفت ألوانها وملامحها، إلا لونا واحدا وهو الأمل بالشفاء العاجل لجراحهم، ليستمروا بالحياة من جديد، وليحققوا ما كانوا يحلمون به رغم عذاباتهم وجراحاتهم الجسيمة، نموذجاً مصغراً لوحشية الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة.
وكانت مدفعية الاحتلال ارتكبت في العشرين من يوليو الجاري أبشع مجزرة في حي الشجاعية، ما أدى لاستشهاد ما يزيد عن 80 مواطنا، وإصابة أكثر من 200 آخرين بجراح مختلفة، ودمار هائل بالمنازل.
صعبة للغاية
بأنفاس يعلوها الأنين تقول عمة الطفلة، أم إبراهيم (47عاما) والتي ترقد بجانبها في إحدى غرف مستشفى الشفاء بغزة، "حالة مها الصحية صعبة للغاية، لاسيما أن إصابتها أفقدتها الحركة بشكل كامل، بسبب الشظايا التي أصابت جسدها بشكل مباشر، وأدت إلى حدوث كسر في الفقرة السادسة للرقبة، وهو ما سبب لها شلل رباعي".
وبألم شديد تضيف أم إبراهيم في حديثها لــ"الاستقلال"، "تحتاج مها لعلاج مكثف ورعاية دقيقة، نظرا لنقص الإمكانيات والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجها"، مشيرة إلى أن أكثر من دولة في العالم أعربت عن استعدادها لاستقبال حالة مها والتكفل بعلاجها، لكن هناك العديد من العراقيل التي تحول دون خروجها  خاصة قصة التنسيق مع الجانب المصري.
وبدموع أبت أن تفترش الأرض تتابع أم إبراهيم، "ما ذنب هذه الطفلة البريئة، التي تحولت طفولتها إلى مأساة كبيرة، وحرمتها صواريخ الاحتلال من ممارسة حياتها بشكل طبيعي كباقي أطفال العالم، عدا على فقدانها الكثير من أفراد عائلتها".
جروح لا تندمل
واعتبرت أن الأوقات التي عاشتها هذه العائلة المنكوبة في ساعات الفجر الأولى عندما باغتتها قذائف العدو قاسية جدا، ففي لحظة واحدة أصيب 9أفراد  لتمتزج  دمائهم بالأرض ويتغير لونها إلى الأحمر، مبينة أن المصابين تركوا ينزفون لـ7 ساعات، بسبب عدم قدرة سيارات الإسعاف للوصول إلى منزلهم نظراً لتحويل المنطقة التي يقطنون بها إلى منطقة عسكرية مغلقة من قبل قوات الاحتلال.
وتكمل أم إبراهيم والألم يعتصر قلبها، "إحدى شقيقات مها خرجت لتستنجد بسيارة إسعاف واحدة على الأقل كانت بعيدة عنهم 300متر، لكن قدر الله أن يقصف الإسعاف أثناء وصوله للبيت وتصاب ابنة  أخي بجراح متوسطة"، موضحة أن المصابين لم يتم إسعافهم إلا فترة الهدنة الإنسانية التي وافق عليها الجانب الإسرائيلي والفلسطيني بعد مجزرة الشجاعية.
بتنهيدة عالية تبين أم إبراهيم أن حالة شقيقة مها (فاطمة) سيئة جدا حيث أصيبت بعدد من الشظايا في منطقة الفم والوجه، كادت أن تحطم الفك الأسفل للفم، بالإضافة إلى شرخ كبير بالوجه أدى لفقدانها النطق والحركة، مبينة أنه تم تحويلها لمستشفيات أكثر تطوراً خارج غزة نظرا لصعوبة حالتها التي تحتاج لعلاج متواصل ورعاية مكثفه بشكل دائم.
حمم القذائف
وبعيون تلمع حزنا على مصاب عائلتها تقول: "حالة فاطمة النفسية صعبة، بسبب أثار الصدمة التي خيمت عليها، لما عاشته وشاهدته بأم عينها من سقوط حمم القذائف على منزلهم، ومحاولة احتمائها بإحدى أقاربها ومن كان متواجد بجانبها لكن القصف طالها وطال أفراد العائلة".
وبابتسامة ممزوجة بالحزن والألم  تقول أم إبراهيم: "ما أصاب عائلتي مقدر ومكتوب، ولا اعتراض على حكم الله فهو حسبنا ووكيلنا، وثقتا بالله جل علاه كبيرة بأن ينتقم لنا ولكل عائلة منكوبة، من آلة البطش الغادرة التي أغارت علينا جميعا".


المصدر: صحيفة الاستقلال.
 
 

التعليقات (0)

اترك تعليق