مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

عائلة

عائلة "أبو دحروج".. وحكاية الاستهداف الثالث الذي قتل خمسةً منهم

في منتصف ليلة الأمس كانت بلدة الزوايدة على موعدٍ مع قصف إسرائيلي عنيف بصاروخين من طائرات الإف "16" لمنزل عائلة "أبو دحروج"، ليحيل البيت ركاماً ويرتقي على إثر القصف خمسة من الشهداء "هايل 28عاماً وزوجته هدى وأبناؤه هادي وعبد الله وعمته "حياة" ويُصاب اثنان هما والد الشهيد وابن شقيقه، في مجزرة تضاف إلى سجل المجازر الإسرائيلية المستمرة بحق المدنيين.

نالوا ما تمنوا
في داخل بيت عزاء الشهداء لمْ نجد سوى نساء تحلينَّ بالصبر والثبات ولم يذرفنَّ دمعةً واحدة على فراقهم، فتحدثنا إلى شقيقة الشهيد هايل "خلود" التي بينت أنَّها لم تكن هذه المرة الأولى التي يقصف فيها البيت ذاته خلال الحرب، بل هي المرة الثالثة حيث تسببَّ القصف في المرتين السابقتين بأضرارٍ مادية بالغة، ففي الثالث عشر من شهر يوليو تمَّ قصف البيت بعد الاتصال على أحد أصدقاء الشهيد "هايل" ومطالبتهم بإخلاء البيت، فقُصفَ البيت بصواريخٍ من طائرات الاستطلاع.
وفي يوم السادس عشر من شهر يوليو تمَّ الاتصال على أحد أشقاء الشهيد من قبل ضابط المخابرات وأمهلهم عشرة دقائق لإخلاء البيت" بيت العائلة المكون من أربعة طوابق" حيث أخبرَ الضابط والد الشهيد بأنه لا يريد بيت "هايل" المسقوف بالإسبست بل يريد قصف بيتٍ كبير، ومن ثمَّ تمَّ قصف بيت العائلة بثلاثة صواريخ "اف 16" قضت على الثلاثة طوابق العليا منه بينما أصيب الطابق الأول بأضرارٍ بالغة، ثم انتقل الشهيد إلى بيت شقيقته فتمَّ قصفه بصاروخ أرض –أرض.

تقول شقيقته: "لم يجدْ شقيقي أمامه بداً من العودة إلى منزلنا ومكث هو وزوجته وأبناؤه في الغرفة السليمة منه، ولم يخرجْ منه سوى يوم استشهاده لدقيقة واحدة ليعيد أبناؤه "عبد الله" و"هادي" إلى المنزل حيث كانوا يلعبون خارجه، فيبدو أنه تم رصده من قبل العملاء في تلك اللحظة".

تشرفنا باستشهادهم

وتضيف: "أرادوا حرق قلوبنا على أخي وأسرته وعلى بيتنا لكننا تشرفنا كثيراً باستشهاده وبقصف بيتنا، فنحن لا نلوم إلا العملاء فيما حدث لنا، فالبيت يتم تعويضه، والشهيد له أشقاء وأصحاب سيواصلون المسيرة، فهم لم يهدموا سوى الحجارة فالعقل موجود، فهم يعتقدون أنَّ بإمكانهم إرهابنا بطائراتهم وهذا قائمة الغباء ففي المرة القادمة قد يُفاجئون بأننا أوجدنا طريقةً لمواجهتها؟".

وتشير خلود التي كانت في بيتٍ على بعد مئة متر فقط من البيت الذي تمَّ قصفه إلى أنها لمْ تنام ليلتها تلك بعد أنْ شعرت بقلقٍ غير طبيعي، تقول: "فما أنْ حدث القصف حتى قالت أمي "هذا بيتنا"، فما هي إلا لحظات حتى جاءنا اتصال من أحد أشقائي يخبرنا بأنَّ منزلنا هو المستهدف فما كان من أمي إلا أنْ قالت "الحمد لله الذي أكرمني باستشهاد ابني" فكان تلك الكلمات كفيلة ببث العزيمة في نفوسنا".

ولفتت إلى أنَّ شقيقها التحق بحركة الجهاد الإسلامي منذ كان في السادسة عشرة من عمره ، وعمل في المجالات الدعوية والعسكرية في إطار الحركة، تقول: "كان شقيقي طيباً للغاية ويردد دائماً بأن الدنيا لا تستحق من أحدٍ أنْ يحزن لأجلها، وكان الجميع يحبونه فقد انخرط كثيرون من أهل الحي في البكاء بمجرد سماعهم خبر استشهاده".
وتتابع: "سياسة (إسرائيل) بهدم البيوت تنم عن ضعف، وأقول لهم "إذا ظننتم بأنكم بذلك ترهبوننا فقد خسئتم سنبني غيرها، والشهيد سيأتي بدلاً منه ألف، وإذا احتفلتم بقتل أبنائنا فنحن نحتفل بنيلهم للشهادة وهي أسمى أمانينا ونعلم مسبقاً بأنَّها نهاية طريق أبنائنا".

الجدير ذكره بأنه لم يعثر على أي جثث للشهداء حيث لم يتبقَ منهم سوى الأشلاء، ولم توجد سوى جثة الشهيدة "حياة" التي وجدت على فراشها الذي كانت نائمة عليه، وقد طارت بسبب شدة القصف بعيداً، تقول خلود: "كانت عمتي تتمنى الشهادة وبعد أنْ زارت قبر جدتي التي توفيت قبل أربعين يوماً أخبرتنا برغبتها في الشهادة واللحاق بأمها، وكانت زوجة أخي "هدى تشاركها الأمنية ذاتها، والحمد لله قد نالتا ما أرادتا".

أما أم يوسف أبو دحروج "والدة الشهيد فقد قابلتنا برباطة جأش تحسد عليها وعند سؤالها عن وقع الخبر على نفسها، قالت: "الله يسهل عليه، والله أنا مبسوطة لأنَّ أبنائنا شهداء، فكلنا فداء المقاومة والشعب الفلسطيني وهذا أمر الله والله رايده ومكتوب علينا، وأنا عارفة انو طريق ابني نهايتها هيك".

وبينت أنَّ اليهود لم يفلحوا في كسر معنوياتها، قائلة: "معنوياتي عالية جداً، فقد سلك درب خاله الشهيد" العبد أبو حجير استشهد عام الـ71م، ولم أفكرْ يوماً في رده عن طريق الشهادة والبطولة والشجاعة، فنحن لا نخشى اليهود حتى لو هدموا لنا عشرين بيتاً، أما ابني فقد أراد الشهادة ونالها ولم أحزن سوى على أبنائه الصغار الذين قتلوهم بدون رحمة".


المصدر: وكالة فلسطين أون لاين.

التعليقات (0)

اترك تعليق