مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

عائلة صيام.. روايات الموت ما زالت تقطر دما

عائلة صيام.. روايات الموت ما زالت تقطر دما

قذائف تنهمر على المنزل ورائحة البارود تغطى المكان دماء وأشلاء مبعثرة على كل الجدران هذا هو صباح عائلة صيام التي تقطن في منطقة "عريبة" شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة الذي ارتكبت قوات جيش الاحتلال بحقهم مجزرة جديدة أدت لارتقاء أربعة عشر شهيدا وما يزيد عن عشرون جريحا، لتبقي هذه الجريمة وصمة عار على جبين الاحتلال ولعنة تطارد كل المؤسسات الدولية والحقوقية وكل من يدعي الإنسانية.
بعيون يملأها الألم قالت الحاجة الستينية أم أيمن جدة العائلة والناجية من المجزرة "في ليله عصيبة وبعد صلاتي للفجر حاضر، وإذا بصاروخ من طائرة استطلاع نزل على بيت جيراننا الملاصق لمنزلنا دون سابق إنذار، أدى لتساقط زجاج النوافذ علينا، وانهيار بعض من أجزاء البيت فوق رؤوسنا، نتيجة شدة القصف".
وتضيف الحاجة الستينية في حديثها لـــ"الاستقلال": "بعد قصف البيت بالصاروخ، وقعت علينا القذائف بشكل عشوائي وعلى البيوت المجاورة، مما أصابنا بحالة إرباك وخوف شديدين حيث بدأت الطائرات والدبابات باستهداف كل شي متحرك في هذه المنطقة، لافته إلى أنها في تلك اللحظات تجمع كل أفراد العائلة في ديوانهم المتواجد في الطابق الأرضي من المنزل لاعتقادهم أنه أكثر أمنا وتمهيدا لانتقالهم إلى مكان آخر.
بحرقة شديدة  تتابع  الجدة المكلومة: "في تمام الساعة السادسة والنصف صباحا خرجنا من الديوان، هربا من شدة القصف في المنطقة، وخاصة أن أغلبها أراضي زراعية، وعند فتحنا للباب، إذا بصاروخ من طائرة استطلاع يسقط على الباب ولم يكن أمامنا غير الخروج بشكل سريع مجموعة مجموعة لأن المنزل مكتظ بالسكان، فبدأت بعدها القذائف المدفعية تتساقط علينا من كل مكان فأستشهد 11 فردا، وأصيب 20 آخرين منهم، أثناء محاولتهم الهرب من نار القذائف وشظاياها.

لحظات لن تنسى 
وبصوت متنهد تكمل الأم الحديث عن المشهد الذي عاشته قائلة: "من شدة القذائف لم تستطع طواقم الإسعاف الوصول لإنقاذ المصابين بسبب الاستهداف المباشر للمنطقة، ولكنها بعد مرور نصف ساعة استطاعت الدخول وانتشال الجرحى والشهداء"، مشيرة إلى أنها لن تنسى تلك اللحظات الصعبة في حياتها التي فقدت بها درة أعينها، وسالت وقتها دماء أحبتها التي ستبقي لعنه على جبين  كل  متخاذل.
ملامح الوجع والحزن بدأت تخيم على وجه هذه العجوز المكلومه التي فقدت اثنين من أبنائها وزوجاتهم وعدد كبير من أحفادها الصغار والكبار، لتروي لنا حادثة إصابتها قائلة: "رغم عجزي وعدم قدرتي على الهرب إلا أنني حاولت الخلاص من غدر العدو، لكن شاء الله أن أصيب بقدمي وعيني اليمني التي لم يستطع الأطباء حتى الآن إخراج الشظايا منها والتي أصابت كل مكان من جسدي.

فقدان للوعي
وتبين أم أيمن أنها بقيت تنزف بعد إصابتها ولم يستطع أحد إنقاذها فجميع عائلتها ملقون على الأرض بين الشهداء والجرحى، ولم يبقى أمامها سوى الزحف على الأرض حتى أنهكها التعب، لتفقد الوعي حينها، ولا تدري كيف وصلت إلى المستشفي وما الذي جري لها.
وتشير إلى أن العديد من أحفادها وأبنائها مصابين بإصابات مختلفة، فمنهم ما بتر قدمه وساقه، ومنهم من يرقد في العناية المركزة بالمستشفيات الخارجية، لأفته رغم حالتها الصحية الصعبة ورقودها بالمستشفي خرجت لبضعه من الوقت لتودع أبنائها وزوجاتهم وأحفادها، ولتعود مره أخرى إليها  في حالة أشد صعوبة مما كانت عليها.
لم تتواني لحظه عن تكفيف دموعها التي انهمرت، لحظه سؤالنا لها عن شعورها عند وداعها لأحد عشر فردا من أفراد عائلتها قد استشهدوا في وقت واحد لتبدأ بآهات حزينة قائلة: "حتى هذا الوقت لم أصدق ما رأيته من مشهدهم وهما مكفنين، ومصطفين إلى جانب بعضهم البعض، الله يرحمهم ويجعل مثواهم الجنة، فقط هذا ما أستطيع قوله".
هي لحظات فارقة في حياتها لتبقي بين مأساة فقدانهم وذكرياتهم الخالدة في قلبها قبل عقلها لتضيف: "أشتاق لهم بجانبي يلعبون في زوايا المنزل، يجتمعون حولي جميعهم لأقص عليهم أجمل القصص، أفقدتهم ولكن عزائنا أنهم شهداء".
في نهاية حديثها قالت الحاجة أم أيمن: "ما ذنب عائلتي التي افتقدتها في لحظة واحدة وحرمت منهم فيما جري معهم، حسبي الله ونعمه الوكيل على كل حكام العرب وكل الدول العربية والإسلامية، التي تقف مكتوفة الأيدي اتجاه ما يجري في غزة".
لم تكن عائلة صيام وحدها في هذا المصاب، فهناك الكثير من العائلات التي أبيدت وقصفت بيوتها على رؤوسهم ودون سابق إنذار.
 

المصدر: صحيفة الاستقلال.
 
 
 
 
 
 

التعليقات (0)

اترك تعليق