مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

جلالة قدر وعظمة أم الإمام الجواد(ع) على لسان الرسول(ص)

جلالة قدر وعظمة أم الإمام الجواد(ع) على لسان الرسول(ص)

سبيكة.. والدة الإمام الجواد(ع):
وأما أمه فهي أم ولد(1) اسمها سبيكة النوبية (2)، وقيل سكن(3) المريسية، نسبة إلى مريسة وهي قرية في صعيد مصر من بلاد النوبة.
وقيل اسمها ريحانة(4)، وقيل درة(5).
ولا ضير في تعدد أسماء الجواري والإماء، وهو أمر وارد آنذاك فالسيد أو المالك الجديد قد يطلق على أمته اسما جديدا، إذا لم يعجبه اسمها الأول، أو يكون قد تزوجها فيغير اسمها بما يتناسب ووضعها الجديد، أو أنه يطلق عليها عدة أسماء في آن واحد؛ لهذا يكون للجارية عدة أسماء أحيانا كما هو الحال في والدة الإمام الجواد(ع)، فقد سماها الإمام الرضا(ع) إضافة لما لها من أسماء خيزران. وما قيل من أن اسمها كان سكينة(6) فهو تصحيف سبيكة على الأظهر.
وتكنى بأم الحسن، وهي من قبيلة مارية القبطية زوج الرسول(ص)، وعلى هذا فهي من نوبة مصر لا السودان.
والذي عليه أكثر المصادر أن اسمها سبيكة، كما أن الشيخ المفيد في الإرشاد لم يتعد إلى غيره.

أفضل نساء زمانها:
وعلى كل حال فقد كانت أفضل نساء زمانها، وإليها أشار النبي(ص) بقوله "بأبي ابن خيرة الإماء، ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم"(7).
ويدل على جلالة قدرها ومكانتها ما في الخبر المعتبر من أن الإمام موسى ابن جعفر(ع) طلب من يزيد بن سليط أن يبلغها منه السلام إذا قدر على ذلك.
فقد نقل المحدث الشيخ عباس القمي -عليه الرحمة- في الأنوار البهية ص 208 خبر يزيد بن سليط وملاقاته الإمام موسى بن جعفر(ع) في طريق مكة وهم يريدون العمرة قال: ثم قال أبو إبراهيم(ع): "إني أؤخذ في هذه السنة، والأمر إلى ابني علي سمي علي وعلي، فأما علي الأول فعلي بن أبي طالب(ع)، وأما علي الآخر فعلي بن الحسين، أعطي فهم الأول وحكمته وبصره ووده ودينه، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره، وليس له أن يتكلم إلا بعد هارون بأربع سنين"، ثم قال: "يا يزيد فإذا مررت بالموضع ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، وسيعلمك أنك لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية جارية رسول الله(ص)، وإن قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل ذلك".

طاهرة مطهرة:
وفيه أيضا عن عيون المعجزات عن كليم بن عمران قال: قلت للرضا(ع): ادع الله أن يزرقك ولدا فقال: "إنما أرزق ولدا واحدا وهو يرثني"، فلما ولد أبو جعفر(ع)، قال الرضا(ع) لأصحابه: "قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار وشبيه عيسى بن مريم، قدست أم ولدته، قد خلقت طاهرة مطهرة".



الهوامش:
(1) أم ولد: الجارية المملوكة لسيدها ولها منه ولد. وهو مصطلح فقهي له أحكامه الخاصة به.
(2) النوبة: منطقة واسعة بين مصر والسودان يطلق عليها بلاد النوبة.
(3) الظاهر أنه تصحيف سبيكة.
(4) القائل الطبري الإمامي في دلائل الإمامة: ص 205.
(5) القائل في ذلك ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب: 4/ 379.
(6) القائل في ذلك: كمال الدين بن طلحة في مطالب السول، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: ص 26، والظاهر أن سبط ابن الجوزي، وابن الصباغ المالكي قد أخذا عن مطالب السول، ولهذا تكرر عندهم اسم سكينة
(7) الأنوار البهية/ الشيخ عباس القمي: ص 207، الإرشاد/ المفيد: 2/ 276.

المصدر: موسوعة المصطفى والعترة(ع): الحاج حسين الشاكري. الطبعة الأولى، نشر الهادي، قم، إيران، 1419، ج 13.

التعليقات (0)

اترك تعليق