مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

صبرا وشاتيلا: صور الضحايا ما زالت في خزائن الأمهات

صبرا وشاتيلا: صور الضحايا ما زالت في خزائن الأمهات

يمشي ثلاثة أطفال، ببطء، وراء نسوة ورجال يحمل عدد منهم كاميرات تصوير، متنقلين في أزقة مخيم برج البراجنة كما لو أنهم من السكان: يصافحون المارة كيفما اتفق، ويبتسمون بوجوه فلسطينيين لاجئين وآخرين نازحين من سوريا.
تستدير سيدة شقراء نحيلة إلى الخلف، فيتوقف الأطفال عن المشي فجأة. تنظر طفلة ترتدي ثياباً رثة إلى عنق السيدة الأوروبية. تحدّق في قلادة يتدلى منها «حنظلة» ناجي العلي، ذاك الفتى الذي يشبك يديه خلف ظهره.
تبتسم الشقراء وتلتقط صورة فوتوغرافية للطفلة، ثم تكمل سيرها في أزقة المخيم المتعرجة، مع لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» الدولية، التي اعتادت زيارة لبنان في ذكرى المجزرة منذ 12 عاماً.
يوم أمس، زارت اللجنة «مؤسسة بيت أطفال الصمود» في مخيم برج البراجنة، بينما كان أهالي ضحايا المجزرة يتذكرون مأساتهم ويستعيدون وقائعها أمام الوفد الأممي.
في «بيت أطفال الصمود»، توزّع الوفد على 6 مجموعات. تضم المجموعة 5 أشخاص من اللجنة، زارت كل منها عائلة واحدة تحدّث أفرادها عن همومهم المعيشية الصعبة، معربين عن آمالهم بأن ينقل الوفد «قصصنا وآلامنا إلى من يستطيع أن يغيّرها ويحسّنها».
وتوجهت بعض مجموعات اللجنة إلى «جمعية النجدة»، التي تُعنى بشؤون المرأة والطفل والشباب في المخيم، رافقها مدير «مؤسسة بيت أطفال الصمود» قاسم عينا. هناك، تعرف أفراد المجموعات إلى نشاطات الجمعية، من دورات تصوير ومونتاج ولغات وغيرها.
اجتمع أفراد المجموعات بوفد يضم ثلاثين شخصاً، وانتقلوا من البرج إلى مخيم شاتيلا، حيث استكملوا برنامجهم والتقوا أعضاء آخرين من «مؤسسة بيت أطفال الصمود». ومن الترحيب والشكر وأحاديث «الودّ» في إحدى قاعات المؤسسة، انتقل أفراد الوفد الدولي إلى منازل أشخاص نجوا من المجزرة وآخرين فقدوا أقاربهم، في ذلك اليوم من أيلول، قبل 32 عاماً.
تروي أم علي، وهي سيدة سبعينية، قصة عائلتها أمام 5 إيطاليين من الوفد، بينما تقف إلى جانبهم مترجمة فلسطينية من «بيت أطفال الصمود». يستمع الإيطاليون إلى أم علي وهي تقول باكية: «فقدتُ ابني علي وابنتي زينب دفعة واحدة. زينب كانت متزوجة حديثاً، قُتلت مع شقيقها، وقُتل زوجها وعائلته. وجدتهم جميعاً في مكان واحد، ودفنتهم، كلهم، في نفس المكان».
تمسح أم علي دموعها. تفتح إحدى الخزائن الموجودة في الغرفة، تحمل صوراً وتوزعها على الحاضرين مرددة: «هذه ابنتي زينب وزوجها فهد في عرسهما. خلفهما علي».
تهدأ أم علي. تخبئ دموعها. تشكر الإيطاليين، يصافحونها، ويغادرون..

المصدر: جريدة السفير.

التعليقات (0)

اترك تعليق