مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

زهراء عيسى أول بحرينية تقدم عروض الرسم بالرمل

زهراء عيسى أول بحرينية تقدم عروض الرسم بالرمل

مجال نادر، محترفوه قليلون جدا، صعب الإتقان ويحتاج الكثير من الموهبة والمران، يرتبط ببيئة شبه الجزيرة العربية ويقتبس منها مكوناته، إنه الرسم بالرمل.
الشابة البحرينية وخريجة هندسة الطيران زهراء عيسى، قد تكون من القلائل إن لم تكن الوحيدة التي احترفت هذا الفن في البحرين، وقدمت عروضا أمام الجمهور في كثير من المناسبات، تقول: «اللوحة التي ترسم بالرمل لا مجال لتعديلها أو تصحيحها بل يجب انجازها دفعة واحدة ودون أخطاء وهنا تكمن الصعوبة»، وتضيف، «أجمل ما في فن الرسم بالرمال حين يستطيع الفنان أن يوصل رسالته بطريقة إبداعية مبتكرة».
الفكرة هنا هي أن زهراء تستعين بطاولة ذات سطح زجاجي تسكب عليها الرمال لترسم تلالا وأنهارا وأشجار نخيل وربما شوارع ومدن، كما تبرع في استخدام يديها بخفة لتحويل الرمال على السطح الزجاجي من شكل خارطة البحرين للتحول بعدها بحركات خفيفة إلى «بانوش» في بحر مثلا، فيما يتابع الجمهور كل ذلك عبر كاميرا فيديو مثبتة فوق الطاولة تنقل ما يجري إلى شاشة عرض كبيرة.

حديثنا أكثر عن فن الرسم بالرمل؟

- تقوم فكرة الرسم بالرمل على أسلوب غير تقليدي يعتمد على استخدام المكون الرملي نفسه لعدد لا نهائي من الأشكال واللوحات المتجددة، وذلك من خلال حركة يدوية خفيفة تعيد إنتاج وتخيل الخطوط والمشاهد مع القدرة على منحها درجات متفاوتة داخل الفلك اللوني للرمل، كما يتميز هذا الفن بإمكانية رسم ما يمكن وصفه باللوحة الدرامية التي تتابع فيها الأحداث حتى تشكل قصة كاملة.
وما يبدو غريبا في فن الرسم بالرمل هو أن الفنان يستخدم حفنة من الرمال ليرسم بها لوحات فنية رائعة، وكثير من اللوحات الجميلة ليست أكثر من مجرد حفنة من الرمال على لوح زجاجي، مضاء بمصابيح من الأسفل!
لكن المدهش في فن الرسم بالرمال ليس في صوره الثابتة التي تبدو عادية بعض الشيء، ولكن في قدرة فنانيه على صناعة عروض متحركة مبهرة.

وهل هذا الفن مرتبط ببيئة الخليج؟

- لا أبدا، هذا الفن عالمي وليس محليا، وأود هنا أن أذكر كيف استطاعت الفتاة الأوكرانية كسينيا سيمونوفا إبهار المشاهدين في أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة، عندما قامت بعمل عرض متحرك لقصة احتلال أوكرانيا أيام الحرب العالمية الثانية، بقليل من الرمال وكثير من الإبداع، وكانت كسينيا قد حصلت على المركز الأول في برنامج «Ukraine’s Got Talent» التليفزيوني الشهير في أوكرانيا العام الماضي، لتحصل على جائزة قدرها 130,000 دولار، واليوم أصبحت كسينيا واحدةً من أشهر فناني الرسم بالرمال في العالم، والذين لا يكادوا يتعدون أصابع اليد!.

حديثنا عنك وعن ظهور هذه الموهبة لديك؟
- أنا فتاة بحرينية عمري 20 عاما أتممت دراسة هندسة الطيران «رخصة هندسة إلكترونيات واتصالات طيران» بامتياز وتخرجت في عام 2013 من أكاديمية الشرق الأوسط للطيران في عمان – الأردن.
فيما بدأت منذ العام 2012 بالرسم بالرمل كهواية ونشاط جديد في حياتي وتجربة لخامة جديدة للرسم، وما لبثت أن تعلقت في هذا المجال وأعتقد أنني أبدعت فيه.
في البداية، كنت أرسم بالرمل على طاولة خشبية عادية، بعدها حاولت التطور وبحثت عن تصميم الطاولة الخاصة لهذا الفن، وبعد جهد كبير صممت طاولة زجاجية تلبي الغرض وبدأت بتطوير موهبتي.

وما الرابط بين هندسة الطائرات والرسم بالرمل؟

- لا شيء سوى أنني أحببت المجالين وسأبذل كل قوتي للنجاح والتوفيق بينهما.

كيف تنشرين أعمالك؟

- أهم نافذة أمامي لإطلاع الجمهور على أعمالي الفـنية هو حـسابي على أنستغرام
zoza_art@، وقد كان في بادئ الأمر حساب شخصي عادي، لكن يبدو أن كثيرا من الناس بدأوا يعجبون برسوماتي وزاد عدد متابعي بشكل كبير حتى أن الحساب أصبح وكأنه معرضا دائما. وأنشر أعمالي على شكل صورة أو على شكل فيديو يروي قصة ما أرويها عبر تشكيل الرمال على الطاولة الزجاجية.

وكيف يتقبلها الناس؟

- أنا ألاحظ أنه بدأت موهبة الرسم على الرمل خلال الآونة الأخيرة تخط لنفسها مكانا في ذائقة المهتمين بالفنون، بل المشاهدين العاديين، فبعد أن عرفها الناس أولا عبر برامج التنافس الإبداعي بالتلفاز، ومن خلال مقاطع اليوتيوب، أصبحت هذه الموهبة جزءا ثابتا في المهرجانات الفنية والترفيهية وافتتاح بعض المؤتمرات الرسمية، وهو ما يعد توجها ثقافيا نحو الاهتمام بفنون يمكن وصفها بغير التقليدية، على الأقل من حيث أدواتها ووسائلها وطريقة إنتاجها.

هل هذا النوع من اللوحات قابل للبيع؟ صورة اللوحة مثلا؟
- لا، حتى الآن ليس هناك آلية لبيع لوحة مرسومة بالرمل، لكن يمكن جني بعض النقود عبر إقامة فعاليات، حيث تكون هناك كاميرا معلقة فوق رأسي تصور ما يجري على الطاولة وأنا عادة أروي قصة أمام الجمهور الذي يشاهد ما يجري عبر شاشة عرض كبيرة «بروجكتر».

لديك موهبة غير تقليدية لكن بشكل عام.. هل تعتقدين أن الموهوبين في البحرين يحصلون على الدعم الكافي؟
- لا مع الأسف، ليس في البحرين فقط وإنما على امتداد الوطن العربي، فليس هناك تقدير للفن وجهود الفنانين.

ماذا تعملين الآن؟
- لا شيء، عاطلة عن العمل، ومدخولي الوحيد هو الرسم، وتمر عليَّ فترات طويلة من دون مدخول ثابت.

وهل لديك نشاطات وهوايات أخرى تطوعية أو رياضية أو غيرها؟
- أحب ممارسة رياضة المشي والقفز بالحبل حيث أحاول جاهدة التخلص من زيادة الوزن، كما أحب كتابة الخواطر وما أكتبه أقرأه وحدي.

ما خططك المستقبلية؟
- أنوي إن شاء الله تأليف أول كتاب تعليمي يضم مبادئ وأسس الرسم بالرمل، كما أطمح إلى تقديم برنامج تعليمي للرسم بالرمل على إحدى قنوات التلفزيون.
وأطمح أن أصمم «فيديو إعلاني» بالرمل أرسم فيه كل أجزاء الطائرة، كما أرغب في أن أوصل فكرة للناس بأن بإمكانهم تنمية مهاراتهم وهواياتهم حتى وإن كان مجال تخصصهم يختلف عن ذلك، وبإمكانك التفوق والتميز في المجالين في الوقت نفسه، وطبعاً أكبر طموح لدي هو المشاركة في برنامج المواهب Arabs Got Talent وأصل للعالمية.

وكيف ستواجهين هذا التحدي؟

- حياتي لم تكن سهلة أبدا، وأحيانا كثيرة أصل لمرحلة أقول فيها لنفسي إنني لا أريد إكمال مسيرتي الفنية، وكانت هذه الحالة تنتابني أيام الدراسة في الأردن وأفكر بالانسحاب والعودة إلى البحرين، لكن بمشيئة الله وعونه استطعت أن أكمل هذا الطريق. فأنا حتى اليوم لم أحصل على وظيفة تتناسب تخصصي، وجميع الأبواب أغلقت أمامي ولم أجد أية جهة تحتضن التخصص الذي بذلت فيه الكثير وحصلت على امتياز، وعندما قررت التنازل والعمل بغير مجال شهادتي أيضاً لم أحصل على أية وظيفة. لكن أؤكد أنني مستمرة في المحاولة المرة تلو الأخرى، وأنا أنصح كل مبدع أن يتمسك بإبداعه بكل ما أوتي من قوة حتى يصل إلى الهدف المنشود، لا أن يستسلم في منتصف الطريق، فالصعوبات مجرد اختبارات في الحياة نصل بعدها إلى النجاح المنشود.


المصدر: وكالة سما.

التعليقات (0)

اترك تعليق