مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الأمُ فِي مُواجَهة فَقرِ الأسرَة

الأمُ فِي مُواجَهة فَقرِ الأسرَة

تأثير الفقر على الطفل:
يتأثر الطفل كثيراً بفقر الأسرة، لأنه يقارن نفسه دائماً بالآخرين من ناحية الملابس، الطعام، المصروف اليومي والإمكانات الأخرى. فيشعر بالحقارة ويستصغر نفسه، ويخاف، ويكتئب أغلب الأحيان عندما يرى أنه أضعف منهم مادياً. فيؤثر الفقر سلبياً على شخصية الطفل ويجعله دائماً في حالة من الاضطراب والحزن لعدم تمكنه من تلبية رغباته واحتياجاته الحياتية، وأقل ما يسببه الفقر هو العقد المركبة عند الطفل حيث يفقد الطراوة والبشاشة لافتقاده أبسط رغباته الخاصة. فعلى الأم -على أية حال- أن تطمئن الطفل وتشاركه في حزنه وفرحه وتصور الدنيا له جميلة. لأن الحرمان إنما ينبع من داخل الإنسان و لن يشعر الطفل بالحقارة والهزيمة إذا ما فسرت الأم له الفقر بأنه الحرمان والحاجة المادية فقط و بهذا سوف يعيش الطفل حياته بمنظار آخر.

كتمان الفقر:
تأخذ الأسر بنظر الاعتبار عمر الطفل ومدى إدراكه لمسائل الحياة ــوالذي يواجهه فيهاــ لكشف الحقائق له. فيجب أن لا يطرح موضوع فقر الأسرة على الأطفال قبل دخولهم المدرسة وعلى الوالدين أن يخفيا على الأطفال مشاكلهم ولا يسمحا بأن يفهم معنى الفقر والغنى، ولكن لا يطلب منه الإيثار والتضحية من أجل الأسرة أو الاشتراك في تأمين إيرادها. يطلب ذلك من الأطفال في السنين ما بعد الثانية عشرة أو حتى الرابعة عشرة.

عواطف الأم ثراء الطفل:
يمكن أن بشعر الطفل بالفقر والحاجة ولكن عاطفة الأم ومحبتها تكتنفه وتملأ عليه حياته بشكل تجعله يغفل عن الفقر والحاجة التي يعيشهما. ولقد أثبتت الدراسات العملية أن كثيراً من الأطفال الفقراء الذين كانت لهم أمهات واعيات ومثقفات يتمتعون بعصامية ومعنويات عالية تبعث على التقدير.

الأم ورغبات الطفل المادية:
يجب الاستجابة لرغبات الطفل بشرط أن تهذب وتحدد. فليس صحيحاً تلبية كافة رغبات الطفل في حال الفقر والغنى لأنه يؤدي إلى فساد الطفل من جانب ومن جانب آخر فإن توقعاته ورغباته ليست محدودة بل ينوء بها حتى ذوي السعة والثراء، لذا فلا خوف من خلق العقد لعدم تلبية احتياجاته في هذه الحالة ويجب أن يفهم بأن تلبية جميع رغباته ليس من مصلحته حتى ولو كنا أثرياء ونقنعه بالاستغناء بمقدار ما نعطيه ويرضى.
ليس ما تفعله بعض الأسر الثرية في تهيئة الملابس الثمينة وتزيين أطفالهم وجعلهم كالدمى مهماً، بل ما يهم الطفل هو تناسق الملابس ونظافتها. كما وتهتم الأم المثالية بفكر الطفل وهدوئه النفسي وتسعى إلى نشر السعادة في روحه أكثر من ظاهره وملابسه.

كيف تتعامل الأم مع الفقر:
قيل: (تعرف الأمور بأضدادها) فلا معنى للسعادة بدون أن يكون هناك بؤس وشقاء، فيتطلب الحصول على السعادة، الهمم العالية والصبر ويحتاج إلى التضحية والإيثار. نريد القول بأن موفقية الطفل في تحمل فقر الأسرة منوط بانتصار الأم على أحاسيسها وتحملها للمشاكل بوعي وسعة صدر.
لا شك في أن أفراد المجتمع يتفاوتون في طاقاتهم على تحمل الفقر والحرمان. فالبعض يستصعب ويستسهل البعض الآخر. على آية حال يكره التأفف والضجر وإظهار العجز بالأخص على مرأى ومسمع الطفل.
ولا يبعث على الخجل إذا أخبر الطفل بأننا نسعى ونكد ولكن دخلنا لا يسد حاجاتنا. ويجب أن تسعى الأم إلى عدم حرمان الطفل من احتياجاته الأساسية والجذرية لأن لذلك عواقب ونتائج خطيرة على الطفل. وبعبارة أخرى ليس من الضروري أن تكون ملابس الطفل ثمينة ولكن الفاجعة عندما يقل الغذاء الطفل اليومي.
واجبات الأم الذاتية: على الأم التي تريد حفظ كرامتها وشرفها في حال فقر الأسرة أن ترتب ظواهر أمورها فقط. فارتداء الملابس العادية والزهيدة بعيداً عن الزينة أفضل بكثير من ارتداء الفساتين الغالية الثمن على حساب الطفل وحرمانه. فمن الأنانية أن تلبس الأم فاخر الثياب للمباهاة والغرور وترفل بالعطور والكماليات التجميلية في حين يعاني طفلها من البؤس والشقاء، أو يتأوه حسرة للحصول على دراجة في حين تغفو على صدرها ما غلى من القلادات الذهبية.

الأم والمصروف البيتي:
تتبع الأم، بالقناعة والتقشف عند الضيق والعسرة، إدارة البيت بشكل لا تفوح منه رائحة الفقر والحاجة وبذلك تحفظ ماء وجه الأسرة عند الطفل.
يمكن للأم أن توفر مقداراً من دخل الأسرة حتى لو كان يسيراً لسد بعض احتياجات الأسرة الأساسية والغير منظورة. على الأ سرة التي تعاني من الفقر الأمتناع عن الإسراف والكماليات والإعتدال في المخارج والمصاريف والإهتمام بما يحتاجه الطفل أكثر. وتخطئ بعض الأمهات في ملء البيت بالوسائل والأثاث الغالية الثمن وفي نفس الوقت كمالية ولاحاجة بها. فعليها أن تدرك أن مهمة الأم هي رعاية المنزل والأمومة وليس جعل البيت مخزناً للكماليات التجميلية.

عمل الأم:
نقول أن على الأم رفض الأعمال خارج المنزل من أجل سعادة الطفل، ولكن لابأس بالقيام ببعض الأعمال المفيدة داخل المنزل، تدر دخلاً لتلبية قسم من رغبات الطفل وإحتياجاته، كخياطة الملابس، والحياكة، والأعمال الفنية، مما يشكل رافداً مالياً يحسن وضع الأسرة والطفل مادياً ويخفف العبئ المالي لها.

المصروف الجيبي للطفل:
 يجب على الأسرة ومهما كانت درجة فقرها أن تعطي الطفل ولو مقداراً يسيراً من النقود أسبوعنياً أو يومياً لمصروفه الجيبي كي لايتصرف بها بحرية وفي حدود إرشادات الأم ويقتنع بها. لاشك أن نقول للطفل بأنه كان بودنا أن نعطيك أكثر من ذلك لكن ميزانية الأسرة لا تسمح بأكثر مما أخذت. ولابأس بتوضيح ذلك له.

التوفير للطفل:
 نعلم أن لدى الطفل رغبات كثيرة مثل دراجة، لعب الأطفال و... إلخ فألأفضل للأسرة التي لايمكن لها شراؤها أن تقول للطفل بأن عليه توفير قسم من مصروفه الجيبي وسنضيف عليه كمية من عندنا وعندما يبلغ حده فسنشتري لك ما تريد. أن تأميل الطفل بشراء حاجة ما بعد أن يوفر من مصروفه الجيبي وهو مطمئن وإنجاز الوعد على المدى البعيد افضل من مواجهته بفقر الأسرة وعازتها.

ملاحظة مهمة:
يعتبر الأب مسنداً للأسرة والطفل. فليس للأم أن تعيّره بالفقر والفاقة أمام الطفل ولا تستهزئ بشغله،  ولا تتطرق إلى كلالته ولا تبحث معه القضايا المالية ولا ترجّح زملاؤه عليه بالأخص عند حضور الأطفال لأن الأب يعتبر صنماً بالنسبة للطفل يؤدي تحطيمه إلى عواقب وخيمة.


المصدر: شبكة كربلاء المقدسة نقلاً عن دور الأم في التربية- للدكتور علي القائمي

التعليقات (0)

اترك تعليق