السكتة الدماغيّة هي من أبرز أسباب الوفيات في العالم: ضرورة التنبّه إلى العوارض وسرعة التوجّه إلى المستشفى
يموت شخص واحد في العالم كلّ ست ثوان جرّاء الإصابة بسكتة دماغيّة، وفي كلّ ثانيتين، يتعرّض شخص واحد في العالم لسكتة دماغيّة. ففي كلّ عام، يقضي ستة ملايين شخص بسبب السكتة الدماغيّة التي تعد السبب الثاني للوفاة عند الأشخاص الذين تجاوزوا الستّين، والسبب الخامس للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والخمسين، ويتعرّض فرد واحد من كلّ ستة أفراد إلى سكتة دماغيّة خلال فترة حياته، حسب إحصائيات «الحملة العالميّة للوقاية من السكتة الدماغيّة».
السكتة الدماغية وأعراضها:
تنتج ثمانون في المئة من حالات السكتة أو الجلطة الدماغيّة عن انسداد في شرايين الدماغ، وعشرون في المئة منها بسبب نزيف في الدماغ، وهي تتسبّب بنقص في تغذية وتروية جزء من الدماغ، ما يؤدّي إلى تلف الخلايا العصبيّة وإلى خلل في وظيفة الجزء المتضرّر من الدماغ.
وبحسب رئيس قسم الدماغ والجهاز العصبي في مستشفى «أوتيل ديو الجامعي» البروفسور سلام كوسا، فإن أعراض السكتة الدماغيّة تختلف بحسب المنطقة المتضرّرة في الدماغ.
وتشمل الأعراض:
1- فقدان الوعي.
2- اضطراب في الحركة والتوازن وفي الإحساس.
3- صعوبة في النطق والبلع.
4- عدم استخدام التعابير اللغوية بطريقة مفهومة.
وتحدث تلك الأعراض بشكل مفاجئ وحاد. ويشدد كوسا على أنه لدى ظهورها، يجب التوّجه إلى الطوارئ بأسرع وقت ممكن لتوفير العلاج الأنسب للمريض وإنقاذه من الموت والحدّ من الأضرار الناجمة عن السكتة، مع الإشارة إلى ضرورة أن يستلقي المريض في وضعيّة جانبيّة من دون تناول الماء أو الطعام أو أدويّة معيّنة.
ويوجد نوعان من السكتة الدماغيّة، هما الجلطة المؤقّتة والجلطة الكاملة. وتنتج الجلطة العابرة عن انسداد مؤقّت في شرايين الدماغ لا يؤدّي إلى تلف في الخلايا العصبيّة.
العلاجات والمضاعفات:
ويوضّح عضو «الجمعية اللبنانيّة لأطباء الدماغ والأعصاب» الاختصاصي في السكتة الدماغية في «مستشفى حمود الجامعي» الدكتور نبيل عكاوي أن الجلطة التي تدوم لأقلّ من ساعة هي جلطة مؤقّتة عابرة تنبّه إلى إمكانيّة التعرّض إلى جلطة كاملة، أو إلى جلطات أشدّ في الساعات أو المراحل اللاحقة.
وبحسب عكاوي، يخضع المريض، عند وصوله إلى غرفة الطوارئ، إلى صورة «تصوير مقطعي محوسب «أو « CT scan» التي تبيّن إذا كانت الجلطة مرتبطة بنزيف أو انسداد في شرايين الدماغ. وفي بعض المراكز المتخصّصة، يتمّ إجراء صورة الرنين المغناطيسي و صورة Volumetric computed tomography لتحديد موقع انسداد الشريان في الدماغ.
وفي حال كانت السكتة الدماغيّة ناتجة عن نزيف في الدماغ، يشرح عكاوي أن العلاج يرتكز على عدم إعطاء المريض الأدويّة المسيّلة للدم، وعلى خفض معدّل ضغط الدم، وعلى استشارة اختصاصي في جراحة الأعصاب، وعلى المحافظة على الوظائف الحيويّة في الجسم.
وابتداء من اليوم الثاني من العلاج، يخضع المريض إلى العلاج الفيزيائي لتأمين سلامة المفاصل والحركة. ومن الممكن أن يتسبّب النزيف القوّي في الدماغ الذي يصيب منطقة حسّاسة تتحكّم بوظيفة حيّوية بغيبوبة أو ما يعرف بـ"الكوما".
وفي حال كانت السكتة الدماغيّة ناجمة عن انسداد في شرايين الدماغ، يختلف العلاج نسبّة إلى توقيت وصول المصاب إلى المستشفى؛ فإذا وصل المريض إلى المستشفى خلال أربع ساعات ونصف ساعة من ظهور العوارض، يعطى دواء مسيّلا للدم Tissue plasminogen activator يخفّف بنسبة اثنين وأربعين في المائة من احتمال حدوث إعاقة.
وفي المراكز المتخصّصة، يخضع المريض إلى عملية قسطرة أو تمييل للشريان المسدود.
وإذا وصل المريض إلى المستشفى بعد مرور أربع ساعات ونصف ساعة من بدء ظهور العوارض، يلحظ عكاوي عدم وجوب إعطاء الدواء المسيّل" TPA"، وضرورة إنقاذ الخلايا العصبيّة التي تحيط بالجزء المتضرّر في الدماغ، والمحافظة على معدّل ضغط الدم مرتفعا، وضبط مستوى السكّر في الدم وحرارة الجسم.
ويشدّد عكاوي أن علاج السكتة الدماغيّة يختلف عن علاج النوبة القلبيّة، إذ يتعين استخدام الأدويّة المسيّلة للدم ضمن معايير وشروط محدّدة وبإشراف اختصاصي أعصاب الدماغ، حيث من الممكن أن يؤدّي الاستخدام المفرط للأدويّة المسيّلة للدم إلى حدوث نزيف في الدماغ.
وتعود نسبة عشرة في المئة من حالات السكتة الدماغيّة إلى انسداد في شرايين الرقبة، ما يستدعي إجراء عمليّة قسطرة وغرس ما يعرف بـ"الراسور" لفتح شرايين الرقبة.
أما بالنسبة إلى العلاج الوقائي للحماية من التعرّض لسكتة دماغيّة ثانيّة، فيتم وصف الأدويّة المسيّلة للدم، والأدوية المضادة للصفيحات.
وتختلف مضاعفات السكتة الدماغيّة نسبة إلى الجزء المتضرّر في الدماغ، ويشير كوسا إلى أن نسبة خمسة وعشرين في المائة من الأشخاص الذين يتعرّضون لسكتة دماغيّة يموتون، ونسبة خمسين في المائة يعانون من إعاقة جسديّة معيّنة، ونسبة خمسة وعشرين في المائة يتمكّنون من متابعة حياة عادية مع مضاعفات خفيفة.
ويذكر كوسا بأنّ نسبة ثلاثين إلى أربعين في المائة من الأشخاص الذين تعرّضوا لسكتة دماغيّة يعانون من الاكتئاب بعد مرور ستة أشهر على الحادث، وبأنّ تكرار الجلطات يؤثّر سلبا على وظائف الدماغ العليا وعلى القدرات العقليّة.
أسباب السكتة الدماغية:
تعد الإصابة بارتفاع ضغط الدمّ، أو بداء السكّري، أو بارتفاع معدّل الكولسترول في الدمّ، أو باضطراب الرجفان الأذيني في القلب أو بالسمنة من الأسباب التي تسهّل التعرّض إلى سكتة دماغيّة.
كما يعتبر التقدّم في العمر وتناول حبوب منع الحمل والعلاجات الهرمونيّة البديلة، وشرب الكحول بكميّات كبيرة، بالإضافة إلى التدخين، وقلّة الحركة ووجود سوابق عائليّة، والتعرّض السابق إلى نوبة قلبيّة، من العوامل التي تزيد من خطر التعرّض إلى سكتة دماغيّة.
ويلفت كوسا إلى أن الرجال هم أكثر عرضة لسكتة دماغيّة من النساء، وإلى أن الأشخاص من العرق الأسود يتعرّضون للإصابة بسكتة دماغيّة بنسب أكبر من الأفراد من العرق الأبيض.
وبحسب منظّمي الحملة العالميّة للسكتة الدماغيّة، فإن نسبة أربعين في المائة من حالات السكتة الدماغيّة عند الأشخاص الذين لم يتجاوزوا الخامسة والستّين مرتبطة بمضار التدخين، وأن نسبة أربعين في المائة من حالات السكتّة يمكن تفاديها بضبط ارتفاع معدّل ضغط الدمّ في الجسم الذي يشكّل العامل الأخطر للإصابة بسكتة دماغيّة.
المصدر: جريدة السفير.
إعداد: ملاك مكي.
اترك تعليق