إصدار تقرير حول تأثير انتهاكات الاحتلال على المرأة الفلسطينية
صدر اليوم الثلاثاء، تقريراً يتناول ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من انتهاكات على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية، وجاء التقرير تحت عنوان: "تأثير انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي على المرأة الفلسطينية". ويأتي التقرير لتتويج ثلاث سنوات من العمل المشترك بين المؤسسات الآتية: مركز الميزان لحقوق الإنسان، مؤسسة الحق، طاقم شؤون المرأة، مركز المرأة للإرشاد القانوني وجمعية الثقافة والفكر الحر. والتقرير جزء من أنشطة مشروع نفذه الشركاء الخمسة، تحت عنوان "حماية النساء في النزاعات المسلحة في المنطقة العربية".
ويتناول التقرير ثلاثة انتهاكات إسرائيلية، ويبين تأثيرها على المرأة الفلسطينية بشكل خاص، وهذه الانتهاكات هي: هدم المنازل، الجدار والتشتت الأسري. وقد تم تخصيص فصل لكل عنوان من العناوين الثلاثة. يستند التحليل القانوني في الفصول الثلاثة بشكل عام على القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرار مجلس الأمن 1325.
يتناول الفصل الأول من التقرير سياسة هدم المنازل سواء بالقصف والتدمير كما هو الحال في قطاع غزة، أم بحجة البناء دون الحصول على ترخيص كما هو الحال في الضفة الغربية. تتكئ الباحثات والباحثون في هذا الفصل الذي تم إعداده من قبل مركز الميزان لحقوق الإنسان، وطاقم شؤون المرأة، وجمعية الثقافة والفكر الحر، على معلومات ميدانية تم استقاؤها مباشرة من نساء تعرضت بيوتهن للهدم والدمار، حيث تم اعتماد منهجية قوامها شهادات قدمتها نساء، واستمارات، ومعلومات من مجموعات بؤرية عقدت في أنحاء مختلفة من الإقليم المحتل، للاستفادة منها في التحليل، كما جرى عرض لأرقام وإحصاءات حول ظاهرة هدم وتدمير المنازل السكنية وضحايا التهجير القسري، بالاستناد لرصد وتوثيق مركز الميزان ومؤسسة الحق.
وتم تخصيص الفصل الثاني للجدار وتأثيره على المرأة، وعمل عليه مركز المرأة للإرشاد القانوني، وقدم الفصل نبذة عامة عن الجدار وكيفية تأثيره على مناحي الحياة اليومية للنساء الفلسطينيات في الضفة الغربية، وخصوصاً في المنطقة المسماة "منطقة التماس". بالإضافة لتقديم تحليل قانوني حول الجدار ومدى قانونيته، ويستند التحليل المقدم للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالاستعانة بفتوى محكمة العدل الدولية بهذا الخصوص. ومن ثم يركز الفصل على تأثير الجدار على المرأة الفلسطينية من حيث الجوانب الآتية: تأثير الجدار على ظروف السكن والحق في سكن ملائم، وعلى الوصول للموارد الطبيعية والعامة، الوصول للخدمات الصحية، سبل كسب العيش، الحياة الاجتماعية والأسرية للنساء والتعليم. وفي هذا الإطار يقدم الفصل تحليلاً كيفياً لتأثير الجدار على الجوانب المبينة سابقاً، ويدعم التحليل بمقتطفات من المقابلات التي أجريت مع النساء.
أما الفصل الثالث، الذي عملت عليه مؤسسة الحق، فيتناول بالبحث والتحليل تأثير التشتت الأسري الناجم عن السياسات الإسرائيلية على المرأة الفلسطينية، حيث يقدم الفصل تحليلاً كيفياً بشكل أساسي لتبيان هذا التأثير. هذا وقسم الفصل المراحل التي وقعت فيها انتهاكات وأحداث أدت إلى تشتت الأسر الفلسطينية إلى مرحلتين، هما: المرحلة الواقعة بين عامي 1948 و1967، وهي المرحلة التي كانت النكبة أبرز أحداثها، حيث تم تشريد حوالي 800000 فلسطيني من المنطقة التي باتت تعرف باسم إسرائيل إلى خارج فلسطين الانتدابية، أو المنطقة التي أصبحت تعرف باسم الضفة الغربية وقطاع غزة. أما المرحلة الثانية فتقع منذ عام 1967 وحتى اليوم، وهي المرحلة التي شهدت احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وما نتج عنه من تشريد لمئات آلاف الفلسطينيين إلى خارج الإقليم المحتل، وعزل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وما نتج عنه من قيود على حرية التنقل واختيار مكان السكن بين المنطقتين، وخصوصاً في تسعينات القرن الماضي حتى اليوم، وضم القدس الشرقية وما نتج عنه من قيود على سكن الفلسطينيين في المدينة، وبناء الجدار، وكلها أدت إلى تعميق التشتت، وحرمان الفلسطينيين من الحق في حياة أسرية.
كما يسلط الفصل الضوء على إجراء لم الشمل، وخصوصاً بين الفلسطينيين المقيمين في القدس وبقية مدن الإقليم الفلسطيني المحتل، وما تتعرض له المرأة من متاعب وإهانات أثناء تقدمها بطلب لم الشمل للدوائر الإسرائيلية، حيث يرى الفصل الدراسي في هذا الإجراء على أنه اختزال لحق شعب في حياة أسرية، في مشكلة أفراد يتم النظر في كل حالة على حدة.
ويخلص التقرير إلى مجموعة من الاستخلاصات أهمها:
• أن النساء الفئة الأكثر تضرراً نتيجة هدم المنازل، وأنهن يتكبدن أعباءً اجتماعية إضافية نتيجة هدم المنازل.
• أن النساء يضطررن للبحث عن عمل بعد هدم المنازل، كما أن نسبة المشاكل الزوجية ترتفع بعد هدم المنازل.
• يتأثر الفلسطينيون وخاصةً النساء، ممن يعيشون داخل منطقة التماس، من عدم الحصول على الخدمات الأساسية، ويتكبدون معاناة يومية للحصول على هذه الخدمات، نتيجة اضطراراهم للمرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية.
• تضطر العديد من الأسر لإجبار بناتهن على ترك المدارس وهن في السادسة عشر من عمرهن، نتيجة المضايقات على حواجز التفتيش الخاصة بمنطقة التماس.
• استمرار معاناة الفلسطينيين بشكل عام، وخصوصاً المرأة من التشتت الأسري.
• إجراء لم الشمل يختزل حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وحقهم في حياة أسرية طبيعية، في كونه مشكلة أفراد، والمرأة أكبر المتضررين منه.
• كل الإجراءات الإسرائيلية التي أدت للتشتيت، وعلى رأسها قانون 2003 الخاص بالمواطنة والدخول إلى "إسرائيل"، تنتهك حق الفلسطينيين في حياة أسرية، وتعبر عن سياسات عنصرية تستهدف الفلسطينيين، ويجب إلغاؤها.
كما يؤكد التقرير أن للفلسطينيين كشعب حق اختيار مكان إقامتهم داخل الإقليم المحتل دون أية مضايقات، كما أن للفلسطينيين الذين أجبروا على ترك بيوتهم جراء ما يسمى النكبة، الحق في اختيار مكان إقامتهم داخل فلسطين الانتدابية، والالتئام بأسرهم/ن أينما كانت على هذه البقعة الجغرافية، وهذا مستمد من حقهم في العودة. كما أن للفلسطينيين والفلسطينيات الذين أجبروا على ترك الضفة الغربية وقطاع غزة، حق العودة والالتئام بأسرهم إن اختاروا ذلك.
هذا ويخلص التقرير إلى مجموعة توصيات من أهمها مطالبة:
• المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية عموماً، ومن بينهم النساء والأطفال في قطاع غزة على وجه الخصوص.
• المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته، بالملاحقة والمساءلة عن الانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون الدولي، ولا سيما تلك التي تودي بحياة النساء والأطفال، أو تلحق الإصابة والإعاقة بهم، بموجب قواعد القانون الدولي ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة.
• هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالعمل على حماية النساء في فلسطين المحتلة، والعمل على تعزيز حماية النساء في النزاعات المسلحة، واتخاذ التدابير الكفيلة بفضح الممارسات والجرائم الإسرائيلية، التي ترتكب بحق النساء في قطاع غزة.
• وكيل الأمين العام المعني بشؤون المرأة، بالعمل على تفعيل دور الأمين العام للأمم المتحدة، والتحرك لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق النساء، وضمان احترام الاتفاقيات وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة.
• المجتمع الدولي بالعمل على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية، لضمان أن تتوقف إسرائيل عن بناء الجدار وتفكيك الأجزاء التي تم تشييدها.
• العمل على إثارة القضايا الواردة في هذا التقرير لدى المقررين الخاصين وأجسام وآليات الأمم المتحدة الأخرى، بما في ذلك لدى الأمين العام ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن.
• العمل على إثارة القضايا لدى الأطراف المتعاقدة السامية على اتفاقية جنيف، لإلزام إسرائيل بالامتثال لواجباتها الناشئة عن اتفاقية جنيف الرابعة.
المصدر: وكالة معا.
اترك تعليق