الورم العضلي الليفي: Myomectomy- fibrous
ويسمى أيضًا الورم الليفي Fibroid، والورم العضلي Myomectomy- والورم الليفي العضلي الأملس، والورم الرحمي uterine tumor.
ومع أن تسميته بالورم العضلي الليفي هي المناسبة لواقع هذا الورم، ولكن شاعت تسميته بالورم الليفي، لذلك سنأخذ ذلك بعين الاعتبار ونورد هذه التسمية خلال البحث.
يعتبر الورم الليفي أكثر أورام الحوض حدوثًا عند المرأة. وهو ورم سليم تشبه عناصره المكونة له العناصر المكونة لرحم الطبيعي، وهي ألياف عضلية ملساء وألياف ضامة. وتبدو الأورام الليفية على شكل نوى مبعثرة بين الألياف العضلية للرحم، ويختلف عدد هذه الاورام من 5 – 200 ورم ولكن المعتاد أن تكون بحدود 5- 30. ويقال إن الرحم مصابة بالورم الليفي إذا كبرت إحدى هذه الأورام بحيث جعلت الرحم تشكل ورمًا حوضيًا أو بطنيًا يمكن كشفه.
أمّا إذا بقيت هذه الأورام صغيرة ومنطمرة ولم تبدل شكل الرحم فلا أهمية لها. ويمكن في بعض الحالات أن تصاب ألياف الرحم بالضخامة والتكاثر مما يسبب كبر حجم الرحم ويقال في هذه الحالة أن الرحم متليفة.
أسباب الورم الليفي:
تكثر مصادفة الأورام الليفية بين الثلاثين والخمسين من عمر المرأة، ولكن بدء ظهور هذا الورم يرجع إلى عدة سنوات مضت قبل ضهور الأعراض الدالة عليه.
وتشير أحدث النظريات إلى أن الورم الليفي يتكون على حساب بعض خلايا جنينية مطمرة في نسيج الرحم منذ كانت المرأة جنينا في بطن أمها. ولا بد لهذه الخلايا لتنمو وتؤلف أوراما ليفية من وجود عامل محرّض، ويعتقد أن هذا العامل المحرّض هو وجود اضطراب في التوازن الهرموني بين الأستروجين والبروجسترون لمدة طويلة (عشرات السنين). ومما يؤيد هذه النظرية أنه لا وجود للأورام الليفية قبل البلوغ، وهي نادرة جدًا قبل سن العشرين، وقليلة المصادفة بين العشرين والثلاثين من العمر، وتبدأ بالظهور بين الثلاثين والأربعين، حيث تصادف 25% من الأورام الليفية عامة، أمّا بين عمر الأربعين والخمسين وهي المرحلة التي تحدث فيها الاضطرابات الوظيفية عند المرأة، وتدعى المرحلة السابقة لسن اليأس، فيصادف فيها 75% من الأورام الليفية حيث تتعرض الأورام الليفية إلى هجمات من التطور فيكبر حجمها ويكثر حدوث النزف وتزداد نسبة الاختلاطات فيها. أما بعد حدوث سن اليأس وانقطاع إفراز هرمون الأستروجين فلا تعود الأورام الليفية تنزف وتبدأ بالضمور تدريجيًا.
وقد تبين أن هرمون الأستروجين عامل محرض على حدوث الورم الليفي. وقد أمكن إحداث ذلك تجريبيا في بعض حيوانات التجربة، وذلك بحقنها بمقادير كبيرة من الأستروجينات. كما تبين أن هرمون البروجسترون وهرمونات الذكورة عوامل مثبطة لنمو الأورام الليفية.
لذلك في الحالات الطبيعية يكون هناك توازن هرموني بين الأستروجين والبروجسترون، وإنّ اضراب هذا التوازن لمدة طويلة يؤدي إلى نشوء الأورام الليفية. وهذا ما يعلل كثرة الأورام الليفية عند العوانس الكبيرات في السن وعند العقيمات بسبب حدوث الدورات اللاإباضية في معظم الحالات، وهنالك مثل يقول إذا كانت الأطفال ثمار الرذيلة فإن الأورام الليفية مكافأة الفضيلة. وقد اتّهم العرق وتأثيره في زيادة الورم الليفي عند الزنوج، وقيل أن للوراثة أثرًا كبيرًا في ذلك، وكذلك الداء السكري، ولكن لم يقم دليل قاطع على هذه الفرضيات.
التشريح المرضي والإمراض:
نادرا ما يلاحظ ورم ليفي واحد، وإنما المعتاد أن يلاحظ من 3-20 ورم ليفي، وأحيانا يصل العدد إلى 200، وقد تكون الرحم محشوة بالأورام الليفية ولكن الفحص الطبي لا يكشف عادة إلّا الأورام الكبيرة الحجم. أما الأورام الصغيرة الحجم فكثير من الحالات لا تكشف إلا بعد العملية الجراحية.
يختلف حجم الورم الليفي بين حجم العدسة أو الحمّصة وعندها لا يكون له قيمة مرضية. ولكن في بعض الحالات ينمو الورم الليفي إلى حجوم كبيرة جدًا، وقد يصل وزنه إلى 20-30 كلغ. ولكن التطور العلمي وازدياد التقنيات الحديثة جعلت من وجود هذه الأورام الكبيرة أمرا نادر الحدوث في الوقت الحالي.
وأكثر حالات الأورام الليفية التي تراجع فيها المرأة طبيبها يكون حجم الورم قريبا من حجم البيضة أو حجم البرتقالة، ونادرا حجم رأس الجنين أو أكثر من ذلك. ويستغرق الورم الليفي حتى يصل لحجم البرتقالة من 3-4 سنوات نظرًا لنموه البطيء.
تستقر معظم الأورام الليفية في جسم الرحم، ولكنها قد تنمو أحيانا على القسم السفلي لجسم الرحم أو على عنق الرحم. وتنشأ هذه الأورام دومًا في سماكة عضلة الرحم، وهي إما أن تبقى في موقعها أو أن تتجه تحت الطبقة المصلية إلى الخارج أو إلى تحت الطبقة المخاطية إلى الداخل، لذلك تصنف الأورام الليفية إلى ثلاثة أنواع:
1- الأورام الليفية الخلالية: وهي الأورام التي تتوضع في سماكة جدار الرحم.
2- الأورام الليفية تحت المصلية: وهي الأورام التي تتوضع تحت الطبقة المصلية الساترة لعضلة الرحم.
3- الأورام الليفية تحت المخاطية: وهي الأورام التي تتوضع تحت الطبقة المخاطية المبطنة لعضلة الرحم.
ويمكن للأورام تحت المصلية أو تحت المخاطية أن تكون ذات قاعدة عريضة لاحقة بجدار الرحم فيقال عنها الأورام اللاطئة، أو أن يكون اتصالها مع الرحم بواسطة سويقة أو ذنب ضيق فيقال عنها الأورام المذنبة، وتدعى الأورام المذنبة تحت المخاطية التي تتوضع في جوف الرحم بالمرجلات.
ويكون قوام الورم الليفي عادة صلبًا مرنًا قليلًا، ولكن في بعض الحالات تترسب فيه أملاح كلسية فيقسو قوامه حتى يصبح كالحجر، وأحيانا يصاب بالتنكس الوذمي فيلين قوامه.
يحاط الورم الليفي بمحفظة كاذبة، وهي عبارة عن النسيج الرحمي الذي انضغط بالورم فرقّ، وتسير العروق الدموية في النسيج الكائن بين هذه المحفظة وكتلة الورم نفسه، لذلك يسهل تسليخ الورم واستئصاله.
ولكن في بعض الحالات يلتصق الورم الليفي بعضلة الرحم مما يصعب سلخه واستئصاله.
يؤدي الورم الليفي إلى ضخامة الرحم وتغير شكله واتساع جوفه إذا برز داخل هذا الجوف. كما يصاب غشاء باطن الرحم بفرط تصنع الناجم عن ازدياد الأستروجين وبالتالي ازدياد النزف.
أعراض الأورام الليفية:
يمكن أن توجد الأورام الليفية لسنين طويلة في رحم المرأة دون أن تبدي أعراضًا، حيث تكشف صدفة عند تصوير البطن والحوض بالأمواج فوق الصوتية أو بالتصوير الطبقي المحوري لأسباب أخرى. ولكن المألوف أن تترافق الأورام الليفية بإضرابات وظيفية وأعراض سريرية.
أولًا- الاضرابات الوظيفية التي تشير إلى وجود ورم ليفي في الرحم:
1- النزف الطمثي:
وهو أهم الاضرابات الوظيفية، وبحدث عندما يتوضع الورم الليفي في جسم الرحم او تحت مخاطية الرحم. أما عندما يتوضع تحت المصلية فلا يحدث نزف طمثي. يتصف النزف الطمثي بغزارة الدم في فترة الطمث، أو بتطاول مدة النزف، فتزيد فترة أيام الطمث. ويظهر هذا النزف عادة قبل الانتباه إلى وجود الورم بمدة طويلة فيكون الطمث في البدء غزيرًا يحوي علقات دموية، وتمتد فترة الطمث أكثر من الزمن المألوف بقليل. أما بعد ذلك فقد يدوم النزف من ثمانية إلى خمسة عشر يومًا، ويكون مقداره غزيرًا جدًا بحيث يؤثر في صحة المرأة وقد يؤدي إلى فقر دم شديد.
وفي حالات قليلة يتحول النزف الطمثي إلى نزف رحمي أي نزف مستمر بين الطمثين.
أسباب النزف الطمثي:
اقترحت فرضيات عديدة في تعليل حدوث النزف الطمثي ولكن أقرب هذه الفرضيات إلى الواقع ما يلي:
1- ازدياد سطح بطانة الرحم بسبب وجود الورم الليفي ومن المعلوم أن الطمث ينشأ من بطانة الرحم، إذا زاد سطحها زادت كمية الدم النازفة.
2- ازدياد العروق الدموية للرحم بسبب وجود الورم.
3- ترافق الورم الليفي بفرط تصنع الرحم.
4- انضغاط الأوردة الدموية بالورم الليفي واتساع الضفائر الوريدية لبطانة الرحم وعضلة الرحم.
5- رد فعل الرحم على وجود الورم الليفي ولذلك يحتقن الرحم.
أما عندما يستمر حدوث النزف أو يصبح غير منتظم فسببه إحدى الحالات التالية:
1- تقرح سطح الورم الليفي أو المرجل تحت المخاط.
2- استحالة سرطانية في الورم الليفي وهي نادرة جدًا.
3- ترافق الورم الليفي بالحمل.
4- ترافق الورم بمراحل بطانة الرحم أو سرطان الرحم.
2- المفرزات أو السيلانات:
وتشاهد السيلانات المائعة جدًا أو المائية في الفاصل بين الطموث، وهي تزداد قبل الطمث وبعده، وتسيل من الأعضاء التناسلية صباحًا عندما تنهض المرأة من سريرها، وقد تسيل بشكل مستمر طيلة ساعات النهار. وتنجم عن التهاب باطن الرحم الذي يرافق الأورام الليفية. وتزداد هذه السيلانات كلما كان الورم الليفي مذنبًا وحرًا تحت المخاط داخل جوف الرحم.
3- الألم:
لا تسبب الأورام الليفية في الحالات الطبيعية ألمًا حتى يحدث فيها اختلاطً. ويمكن أن تسبب ألمًا في حالاتٍ خاصة وهي:
1- عندما تبرز على شكل مرجلات داخل جوف الرحم. وفي هذه الحالات يحدث عند المرأة قولنج رحمي ناجم عن محاولة الرحم لطرد الورم.
2- انفتال سويقة الورم الليفي المذنب داخل جوف الرحم.
3- استحالة الورم الليفي.
4- التصاق الورم الليفي بالأعضاء المجاورة إذا كان تحت المصليّة.
الأعراض السريريّة:
تختلف الأعراض السريريّة باختلاف موقع الأورام الليفيّة بالنسبة للرحم، لذلك سنأخذ نماذج متعددة منها ونتحدث عن الأعراض السريريّة لكل منها:
أ- الورم الليفي في جسم الرحم وذو حجم متوسط:
يشعر بجس البطن في الناحية تحت السرة وفوق العانة بوجود ورم على الخط المتوسط تقع حدوده العلوية قريبة من وصل العانة أو بعيدة عنه حسب حجمه. ويكون هذا الورم متحركًا وأملس أو مفصصًا حسب شكل الورم.
وفي المسّ المهبلي المرافق لجس البطن نشعر أن الورم الكائن في جسم الرحم وقوامه صلب مرن غالبًا. ومن الميزات الهامة أن هذا الورم يؤلف مع جسم الرحم كتلة واحدة تتحرك بحركة عنق الرحم، كما تنتقل حركة الورم بواسطة اليد الجاسة على البطن إلى عنق الرحم.
ب- الورم الليفي الحوضي:
وهو الورم الليفي الذي ينمو على منطقة مضيق الرحم تقريبًا من عنق الرحم ويتجه أثناء نموه إما نحو الأمام أو الخلف أو أحد الجانبين.
فإذا اتجه نحو الأمام ظهرت أعراض انضغاط في المثانة البولية على شكل تعدد بيلات أو بيلة ليلية، ويشعر بالمس المهبلي أن عنق الرحم مندفع نحو الخلف وجسم الرحم نحو الأمام ضاغطًا على المثانة.
أمّا إذا اتجه الورم الليفي نحو الخلف فتظهر اضرابات في المستقيم على شكل صعوبة في التبرز وقبض شديد سببه ضغط الورم على المستقيم، كما يظهر انحباس بول وتعدد بيلات سببه ضغط عنق الرحم على القسم السفلي من المثانة. وبالمس المهبلي يلاحظ الورم في الرتج خلف الرحم (رتج دوغلاس). وقد يحدث انقلاب رحم خلفي.
وأما إن كان الورم على أحد جانبي الرحم فإنه يتوضع غالبًا بين وريقتي الرباط العريض (الورم المستبطن للرباط العريض).
وقد يحدث أعراض انضغاط في الحالب وانحباس بول واستقساء كلية. وبالمس المهبلي يلاحظ الورم كما يلاحظ أن جسم الرحم وعنقه مندفعين إلى الجهة المقابلة.
ج- الورم الليفي الخلالي في عنق الرحم:
وهو يتوضع في إحدى شفتي عنق الرحم الأمامية أو الخلفية، فيتبدل شكل شفة عنق الرحم ويبرز الورم الليفي من خلال قناة عنق الرحم وإن شفتيه غير متساويين حجمًا.
أما جسم الرحم فيكون طبيعيًا في الحالات العادية، ويمكن أن توجد فيه بعض الأورام الليفية.
د- مرجلات الرحم الليفي:
وهي عبارة عن أورام تحت الغشاء المخاطي للرحم تتصل مع الرحم بواسطة سويفة أو ذنب.
1- إذا كان ذنب الورم الليفي قصيرًا، فإن الورم لا يبلغ قناة عنق الرحم، لذلك يشعر بالمس المهبلي المشرك بجس البطن ضخامة في الرحم تتناسب مع حجم الورم الكائن في جوف الرحم. أما المرأة فتشتكي من نزوف طمثية غزيرة مع آلام قولنجية سببها محاولة الرحم لطرد الورم، كما تشتكي من ضائعات وسيلانات مصلية مستمرة.
2- إذا كان ذنب الورم الليفي طويلًا، فإن الورم الليفي يوسع قناة عنق الرحم ويبرز في المهبل، ويمكن أن يختنق ذنبه من خلال مروره من عنق الرحم. لذلك يصبح النزف النسائي غير منتظم لاحتقان المرجّل، كما يترافق بضائعات وسخة ونتنة لأن سطحه يتعرض للتقرح والأنتان، ويمكن أن ينزف بعد المناسبة الزوجية. وبالمس المهبلي يشعر بالمرجّل وحوله عنق الرحم وهو يتدلى من فوهة العنق.
هـ- الورم الليفي المذنب تحت الصفاق:
وهو بروز الورم داخل الحوض واتصاله مع عضلة الرحم بذنب. يتصف هذا النوع من الأورام الليفية بفقدان النزف الطمثي، وتحرك الورم في البطن منفصل عن الرحم ولا يتحرك بحركة الرحم بواسطة المس المشترك بالجس البطني، وهنا يجب وضع تشخيص تفريقي بين الورم الليفي وكيسات المبيض، وهذا صعب جدًا إلا بواسطة الوسائل الحديثة.
المصدر: العلبي، الدكتور محيي الدين طالوا: أمراض النساء، ط1، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، 1411 هـ- 1990م.
اترك تعليق