مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

اختلاطات الورم الليفي

اختلاطات الورم الليفي

لا يبدي الورم الليفي إذا لم يتعرقل مسيره باختلاطات أعراضًا ذات قيمة باستثناء النزف الطمثي في الأنواع الخلالية وتحت المخاط. وأهم هذه الاختلاطات هي:

أولًا- غزارة النزف:hemorrhage

قد يشتد النزف الطمثي ويزداد غزارة، ويمكن أن تزداد أيام الطمث، وهذا ما يؤدي بالمرأة إلى فقر دم شديد واضطرابات خطرة، فيبدو شحوب في الوجه والعينين والأغشية المخاطية، وخفقان معاوض في القلب بسبب فقر الدم، كما يظهر لديها دوار ضيق في التنفس، ويمكن في بعض الحالات أن يصل عدد الكريات الحمراء إلى أقل من مليونين في كل 1سم3 من الدم.

ثانيًا- الانضغاط:
ممكن للورم الليفي أن ينضغط على الأعضاء المجاورة له، تكون أعراض الانضغاط خفيفة ثم تزيد تدريجيًا مع ضخامة الورم ثم تصبح ثابتة:
أ- إذا ضغط على المسالك البولية: سبب انحباسا مزمنا في البول، بيلة آحينية أو استقساء حوضية وكلّية والتهاب كلية مزمن.
ب- إذا ضغط على الأمعاء: سبب القبض الشديد، وقد يؤدي إلى إنتان دم بالعصيات القولونية.
ج- إذا ضغط على أوردة الحوض الصغير: سبب ركوده دورانية ووذمات في الطرف السفلي أو في الطرفين، ويمكن أن تحدث الدوالي وخاصة في الحوض.
د- إذا ضغط على الأعصاب الحوضية: سبب آلامًا عصبية شديدة.

ثالثًا- الانفتال للسويقة:  Torsion of the pedicles
ويحدث الانفتال للأورام المذنبة، ويمكن أن يحدث الانفتال ببطء ويتظاهر بالألم الذي يشتد كلما زاد الانفتال، ولكن المعتاد أن يحدث الانفتال سريعًا وخاصة في الأورام تحت المصلية في جوف الحوض والبطن، وتكون الأعراض البطنية حادة تترافق بسوء الحال العامة فتحدث آلام بطنية كبيرة شديدة مع إقياء وتسرع النبض، وتتطبل البطن، ويتبدل موضع الورم، ونادرًا ما تنفتل الرحم مع الورم. وتستدعي حالة الانفتال عملية فتح بطن سريع إسعافي.
أمّا في النفتال البسيط والبطيء فلا يكشف عادةً، لذلك يمكن أن يستحيل الورم ويتموت ويصبح سطحًا خشنًا، وتحدث التصاقات للورم مع الثرب وبقية الأعضاء لتأمين وارد دموي من هذه الالتصاقات.

رابعًا- الإنتان:
يكون الورم الليفي عادة قليل العروق وهذا يهيئه لحدوث الإنتان وخاصة في الأورام الليفية المذنبة. وينتقل الإنتان إلى الورم الليفي من الجوار أو من الدم أو من العروق اللمفاوية. ويؤدي الإنتان إلى الموت أو إلى التقيح.
أ- الموات Necrosis: ويصيب الأورام الليفية المذنبة والأورام تحت المخاط، فتشتد النزوف وتصبح غير منتظمة وترافقها ضائعات وسيلانات مهبلية نتنة تحوي قطعًا متموتة من الورم الليفي.
وتسوء حالة المرأة وصحتها العامة، ويسبب الموات والتهاب الملحقات الصاعد، وقد يؤدي إلى إنتان دموي عام.
ب- التقيح Suppuration: وهو اختلاط نادر الحدوث وإن حدث التقيح فيكون القيح على حساب النسيج الخلوي الرخو الفاصل بين الورم ومحفظته الكاذبة، ويدل على حصول التقيح ما يلي:
1- آلام شديدة في منطقة الورم.
2- ارتفاع في الحرارة.
3- ضائعات قيحية.
4- بالمس المترك بالجس يلحظ أن جسم الرحم أصبح لينًا وعجينيّ القوام ومؤلمًا.
ج- التهاب باطن الرحم والتهاب الملحقات.

خامسًا- الاستحالات: Degenerations
وتقسم إلى قسمين:
أ- الاستحالات السليمة:
تبدي معظم الأورام الليفية التي يبلغ حجمها حجم البرتقالة أو بزيد تبدلات استحالية سببها اضراب دوران الدم، وعندما يشتد هذا الاضطراب يصبح الورم الليفي مؤلمًا وطريًا وضخمًا.
1- الضمور Atrophy: يضمر الورم الليفي بعد سن اليأس.
2- الوذمة Edema: وهي عادةً مجهرية، ولكن في بعض الحالات يمكن مشاهدتها بالعين المجردة حيث يجتمع السائل بين خلايا الورم ليشكل بحيرات أو كيسات.
3- الاستحالة الهلامية  Hyaline- Degeneration: وهي استحالة كثيرة الحدوث، وتؤثر في البدء على خلايا النسيج الليفي، حيث تستبدل بمادة متجانسة تصطبغ بالدم، أو تكون عديمة اللون.
4- الاستحالة الكيسيّة Cystic-d: وهي المراحل النهائية من الاستحالة الوذميّة والهلاميّة.
5- الاستحالة الشحميّة والتكلس Fatty-d: وتترافق هذه الاستحالة عادة بتنخر جزئي. ويحتوي الورم الليفي على الشحم، وفي المراحل المتأخرة تترسب فيه أملاح الكالسيوم على شكل صابون في البدء، ثم ينتشر التكلس ضمن الورم فيتبدل قوامه إلى  قوام الحجر (Womb-Stone) الرحم الحجري، أو يصبح محيط الورم قاسياً كقشر البيضة، ويحدث الشكل الأخير عندما يصبح مركز الورم فقير التروية الدموية ويتموت وقد ينفصل الورم الليفي المتكلس تحت المصلية عن الرحم ويتوضع في الثرب أو في جوف البطن.
6- الاستحالة الحمراء Red-d: وهي تحدث غالباً خلال الحمل أو النفاس، ولكن الغالب أن تحدث في منتصف الحمل عندما يصبح الورم الليفي مؤلماً بشكل فجائي ويتضخم ويصبح ممضّاً بالجس، ويظهر لدى المرأة إقياء وعرواء وارتفاع حرارة بسيط، حيث يصبح مركز الورم الليفي متموتاً ويصطبغ بالأحمر، ويمكن أن تغزوه عضويات كولونية أو تحدث فيه خثرات دمويّة في بعض العروق تؤدي إلى الاحتشاء.
وتكون المعالجة في معظم الحالات دوائيّة بإعطاء المسكنات وخافضات الحرارة ومضادات الإنتان، واستمرار هذه الحالة عادة من 3- 10 أيام. ويجب التنبه إلى أنّ هذه الحالة قد يلتبس تشخيصها مع حالات بطن أخرى حادة مثل: انفتال سويقة ورم ليفي، أو سويقة كيسة مبيض، أو انفكاك باكر لارتكاز مشيمة معيب، أو التهاب حويضة الكلية الحاد.
ب- التبدلات الخبيثة Malignant-Changes:
 1- التبدلات العفلية: وتظهر عادة قرب سن اليأس أو بعده، حيث تشتد النزوف وتظهر ضائعات نتنة.
ويأخذ الورم بالازدياد سريعاً في الحجم ويتليّن ويلتصق بما جاوره من الأحشاء فتخف حركته وقد يترافق بالحبن (استقساء البطن) وتسوء الحالة العامة للمرأة، وتشاهد هذه الاستحالة في 2- 5% من الحالات ويكون الورم العفلي من الشكل ذي الخلايا المغزلية.
2- الاستحالة السرطانيّة البشريّة: ولا تحدث عادة لأن الورم الليفي لا يستحيل إلّا إلى ورم عضلي. ولكن من الممكن أن يترافق الورم الليفي بوجود سرطان بشري.

سادساً- الموت الظاهر:
وهو ناجم عن نقص في الإرواء الدموي -لسبب ما- عن الورم الليفي تحت الصفاق، سواء أكان لاطئًا أو مذنبًا، ولكن دون حدوث انفتال فيه ولا إنتان. وتشاهد هذه الاستحالة بنسبة 3% ويكثر حدوثها أثناء الحمل أو قرب سن اليأس، ويدل على حدوثها ما يلي:
أ- الألم ويكون عفويًا أو محدثا أو على شكل نوب اشتداديه.
ب- ارتفاع الحرارة الخفيف مع الشعور بالتعب واللون تحت اليرقاني.
ج- كبر حجم الورم وتليفه.

سابعاً- الاضطرابات القلبية:
وتحدث في الأورام الليفية الكبيرة الحجم، فيظهر لدى المرأة أعراض تدل على تأثر القلب كالخفقان وارتفاع الضغط الشرياني وأحيانا قصور القلب.
وهنا لا بد من اللجوء للمعالجة الجراحية.

ثامنًا- النزف الباطن:
ويشاهد عند تمزق وريد كبير بين الورم ومحفظته الكاذبة، وتظهر على المرأة أعراض الصدمة من شحوب وألم في البطن وتعرق وسوء الحالة العامة.

تاسعًا- انقلاب باطن الرحم إلى ظاهرها:
وتحدث هذه الحالة عندما يتدلى ورم ليفي مذنب كبير تحت المخاط من خلال عنق الرحم فيجري معه الرحم ويقلب باطنها إلى الظاهر حيث تتدلى من المهبل في معظم الحالات.

عاشرًا- تبدل مقر الورم الليفي: 
ويحدث هذا الأمر إذا ترافق الورم بحالة حملٍ، فقد يصعد الورم الليفي للأعلى أو يبقى في مكانه إن كان في القطعة السفلية قريبًا من عنق الرحم أو في العنق فيعيق ولادة الجنين.

التشخيص التفريقي:
يلتبس الورم الليفي بأمراض نسائية متعددة، ولكن تختلف عن بعضها قليلًا أو كثيرًا في بعض الأعراض مما يسهل معه بيان التشخيص الحاسم.
 ولكن هناك بعض الأعراض المتقاربة مما يصعب معها وضع تشخيص تفريقي واضح من قِبل الطبيب. لذلك يلجأ إلى التصوير الشعاعي بالأمواج فوق الصوتية، ويمكن في بعض الحالات اللجوء إلى التجريف الآلي (كورتاج) وفحص خزعة في الجرافة بالتشريح المرضي.
 وسنذكر فيما يلي التشخيص التفريقي للورم الليفي الرحمي الخلالي، وهو الشكل النموذجي.
 يلتبس الورم الليفي الرحمي الخلالي بالحمل، أو يترافق بالحمل، أو يلتبس مع أورام المبيض أو مع ورم البوق القيحي (الملحقات).

أ- التشخيص التفريقي للورم الليفي عن الحمل:
 تختلف أعراض الحمل عن الورم الليفي اختلافًا صريحًا بحيث لا يوجد مجال للخطأ. وفي الوقت الحالي يمكن للطبيب أن يجري صورة بالأمواج فوق الصوتية فيتأكد التشخيص.

 أعراض الحمل 
أعراض الورم الليفي 
 انقطاع الطمث    نزف طمثي 
 وجود أعراض وديّة (الوحام)    لا وجود للأعراض الودية
 شكل الرحم كروي منتظم    شكل الرحم غير منتظم عادةً
 قوام الرحم لين أملس    قوام الرحم قاسٍ وفيه نتوءات قاسية 
 عنق الرحم لين أملس     عنق الرحم قاسٍ
 قبل الشهر الرابع من الحمل: تفاعل الحمل المناعي إيجابي  تفاعل الحمل المناعي سلبي
 بعد الشهر الرابع من الحمل: حركات الجنين وسماع قلبه  لا يوجد حركات ولا يسمع قلب

ب- التشخيص التفريقي لحالة ورم ليفي مع حمل:
- يكون حجم الرحم أكبر من المتوقع لسن الحمل.
- استجواب المرأة بين وجود انقطاع طمث وأعراض ودّية (وحام)
- سطح الرحم غير منتظم عليه نتوءات قاسية.
- التفاعلات المخبرية المناعية للحمل: إيجابية.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية يوضح التشخيص.

ج- التشخيص التفريقي للورم الليفي عن أورام المبيض السليمة:
ولهذا الأمر قيمة كبرى لأن خطة المعالجة تختلف في الحالتين فالمعالجة الشعاعية مفيدة في الورم الليفي وخطرة في الكيسة.
 ورم ليفي خلالي
 كيسة مبيض
 يتوضع على الخط المتوسط   تتوضع على جانب الخط المتوسط
 قوامه صلب  قوامها متموج
 يشكل مع الرحم كتلة واحدة   لا علاقة لها بجسم الرحم
 يترافق بنزوف طمثية     لا تترافق بنزوف طمثية
 صورة بالأمواج توضح التشخيص بين أنوع
الورم الليفي وكيسات المبيض
 

د- التشخيص التفريقي للورم الليفي عن أورام المبيض الخبيثة:

    

 ورم ليفي خلالي 
سرطان مبيضي
 نزوف طمثية   نزوف طمثية
 غير مؤلم بالجس     مؤلمة منذ البدء
 متحركة   ثابتة لا حركة فيها
 لا تترافق بحبن    ترافق غالبا بحبن (استسقاء البطن)

هـ- أما التشخيص التفريقي بين الورم الليفي وورم البوق القيحي، فلا يتم في معظم الحالات إلا بعد إجراء صورة بالأمواج فوق الصوتية أو التنظير  الشعاعي.

و-
التشخيص التفريقي بين الورم الليفي وسرطان الرحم.

 ورم ليفي 
سرطان الرحم 
 نزوف طمثية  نزوف رحمية لا علاقة لها بالطمث
 يظهر عند الشابات قبل وأثناء                   
سن اليأس  
 يظهر بعد سن اليأس 
 ضخامة جسم الرحم قليلة وقوام           
الرحم لين
 ضخامة رحم قاسية
 تجريف الرحم سلبي للورم السرطاني  تجريف الرحم إيجابي للورم السرطاني
 الصور الظليلة للرحم تبدي وجود فراغ ذي حدود واضحة  الصور الظليلة للرحم تبدي وجود فراغ غير منتظم ومشرشرًا

الإنذار:
الورم الليفي سليم في تكوينه، بطيء في نموه، لا خطورة على الحياة منه إلّا إذا حدث فيه اختلاط. وفي هذه الحالة تكمن الخطورة في نوعية الاختلاط، حيث يمكن أن تهدد بعض أنواع الاختلاطات حياة المرأة بشكل مباشر، مثل الانفتال لورم ليفي مذنب تحت المصلية أو الإنتان.
ويمكن أن يكون الورم الليفي أحد أسباب العقم. وإن حدث حمل في حالات قليلة تلاه الإسقاط أو الإخداج أو عسرة ولادة يلزم معها العملية القيصرية.  ويمكن إذا حدثت الولادة في بعض الحالات القليلة رغم وجود ورم ليفي أعلى من الجنين أن تصاب المرأة بغزارة نزوف الخلاص وقد يلزمها نقل دم أو تصاب بالصدمة وتستلزم حالتها الإسعاف.





المصدر: العلبي، الدكتور محيي الدين طالوا: أمراض النساء، ط1، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، 1411 هـ- 1990م. 

التعليقات (0)

اترك تعليق