فيتامين الشمس: الكمية التي نحتاجها وفوائده.
المعروف عن فيتامين (د) أنّه ضروري وأساسي لبناء العظام والحفاظ على صحتها، ولوقاية الأطفال من الكساح، والبالغين من مرض هشاشة العظام.
غير أنّ فوائد هذا الفيتامين لا تتوقف عند ذلك، فقد تبين أنّه يساعد على الوقاية من عدد كبير من الأمراض والاضطرابات الصحيّة، بدءاً بالسرطان وانتهاءً بالاكتئاب، مروراً بمرض القلب والسكري والبدانة.
مصادر فيتامين (د):
فيتامين (د) هو واحد من العناصر المغذيّة موجود في كميّات صغيرة في بعض الأطعمة، خاصة مشتقات الحليب المعززة به، إضافة إلى وجوده بشكل طبيعي في الأسماك الدهنية، مثل السالمون، والسردين، والبيض واللحوم. (85 غراماً من سمك السالمون تحتوي على 360 وحدة دولية من فيتامين "د"، 75 غراماً من سمك التونة المعلّب بالزيت: 200 وحدة دولية، كوب من الحليب المقوّى بالفيتامين: 98 وحدة دولية، كوب من رقائق الحبوب المقوّاة بالفيتامين: 40 وحدة دولية، صفار بيضة: 100 وحدة دولية)، غير أنّ هذه الكمية لا تكفي حاجة الجسم الذي يحصل على ما يحتاج إليه من هذا الفيتامين عن طريق التعرض لأشعة الشمس ما فوق البنفسجية. فهذه الأشعة المشبعة تعبر الجلد وتحول الجزيئات الشبيهة بالكوليسترول الموجودة تحت الجلد إلى شكل أولي من فيتامين (د) الذي يدخل مجرى الدم، وفيتامين (د) قابل للذوبان في الدهون، ما يعني أنّه في الإمكان تخزينه في الخلايا الدهنية، ما يسمح للجسم باستخدامه مدة تصل إلى 3 أسابيع بعد تخزينه.
ما الكمية التي تحتاج إليها من الفيتامين (د)؟
يقول الاختصاصيون إنّ التعرض إلى أشعة الشمس مدة ربع ساعة يومياً، ما بين الساعة 10 صباحاً و3 بعد الظهر، يكفي لتزويدنا بالكمية التي نحتاج إليها منه. وينصح هؤلاء بحماية الوجه فقط بمرهم واقٍ من أشعة الشمس، وتعريض الذراعين والساقين لأشعة الشمس من دون استخدام أي مرهم لمدة ربع ساعة. وإذا كنا نرغب في البقاء مدة أطول في الخارج علينا وقاية كل أجزاء جسمنا المعرضة للشمس بالمراهم الواقية.
أمّا كمية فيتامين (د) التي ينصح بالحصول عليها يومياً فتتراوح بين 200 و 600 وحدة دولية، غير أن الكثير من الأبحاث الحديثة تؤكد أنّ هذه الكميّة غير كافية، وتوصي بتناول 1700 وحدة دولية.
وتجدر الإشارة إلى أنّه في الإمكان التأكد من مستوى فيتامين (د) لدينا عن طريق الخضوع لفحص دم بسيط، وإذا كان مستوى الفيتامين في الدم أقل من 20 نانوغراماً في الملليلتر الواحد (وهو الحد الأدنى المطلوب للوقاية من الكساح)، فإنّ هذا يشير إلى وجود نقص في الفيتامين. أمّا رفع هذا المستوى إلى أكثر من 30، فيساعد الجسم على امتصاص ضعف كميّة الكالسيوم.
ويُعلِّق البروفيسور جايمس دود، أستاذ الطب العيادي في جامعة ميتشيغان الأميركية، فيقول: "إنّ المستوى المطلوب للحفاظ على الصحة الجيدة، وللوقاية من الأمراض يتراوح بين 45 و65. ويمكن استشارة الطبيب أو اختصاصيِّ التغذية لتحديد الكمية التي يحتاج الفرد إلى تناولها عن طريق الأقراص المكملة في حالة معاناته في هذا الفيتامين".
فيتامين (د) والعظام:
يتجسد الدور الأساسي لفيتامين (د) في تثبيت الكالسيوم والفوسفور في الهيكل العظمي، ما يعزز نمو العظام ويزيد من قوتها وصلابتها.
تشير الإحصاءات إلى أنّ نسبة كبيرة من الناس، خاصة أولئك الذين يعيشون في البلدان الباردة، لا تحصل حتى على الحد الأدنى المطلوب من هذا الفيتامين. غير أنّ نسبة كبيرة أيضاً من سكان البلدان غير الباردة تفتقر إلى فيتامين (د) وذلك بسبب عدم تعرضها إلى أشعة الشمس للمدّة اللازمة يومياً. تشكل النساء النسبة الأكبر من الأشخاص الذين يفتقرون إلى فيتامين (د)، يليهن المراهقون الذين يمضون النسبة الأكبر من أوقاتهم في الداخل.
والواقع أن انخفاض مستويات فيتامين (د) في الجسم يؤدي إلى نتائج سلبيّة جداً على مستوى العظام، منها الإصابة بمرض لين العظام. وخلافاً لمرض هشاشة العظام الذي يتميز بتراجع في كثافة النسيج العظمي، فإنّ لين العظام يسبب ليونة في الهيكل العظمي، ما يؤدي إلى آلام وأوجاع في جميع أنحاء الجسم.
تشير الإحصاءات إلى أنّ 85 في المئة من النساء اللواتي يدخلن المستشفيات بسبب كسور في الوركين متعلقة بتخلخل العظم، يعانين نقصاً في فيتامين (د).
فوائد فيتامين (د) الأخرى:
1- القلب والأوعية الدموية:
أظهر العلماء الألمان أنّ هناك ارتباطاً بين الإصابة بمرض القلب وانخفاض مستويات فيتامين (د) في الجسم. فقد أظهرت الإختبارات أنّ مستويات هذا الفيتامين لدى المصابين بقصور مزمن في القلب هي أقل بنسبة 50 في المئة، مما هي عليه لدى الأصحّاء.
من جهة ثانية تقول البروفيسورة الأميركية أزي يونغ: "إنّ فيتامين (د) يساعد على الوقاية من الإلتهابات التي تلعب دوراً في الإصابة بمرض القلب، كذلك فإنّه يسهم في تنظيم ضغط الدم". وكانت الإحصاءات قد أشارت إلى أنّ الإفتقار إلى فيتامين (د) قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الشريان المحيطي.
2- الوقاية من السرطان:
في دراسة أجريت في العام الماضي وشملت عدداً كبيراً من النساء من 107 بلدان مختلفة، تبين أنّ نسبة الإصابة بسرطان الثدي كانت تزيد بمعدل 9 مرات لدى النساء اللواتي يعشن في البلدان الأفقر في أشعة الشمس، مثل أيسلندا، وإنجلترا ونيوزيلندا.
ويقول البروفيسور مايكل هوليك، مدير مركز العناية بالعظام في جامعة بوسطن الأميركية: "إنّ فيتامين (د) يعمل في الجسم على تنشيط الجينات المسؤولة عن كبح نمو الخلايا، ما يساعد على الوقاية من تشكُّل الخلايا السرطانية. ويقول: "إنّ النساء اللواتي يقضين المزيد من الوقت في الهواء الطلق، واللواتي كنّ يشربن 10 أكواب أو أكثر من الحليب أسبوعيّاً في فترة مراهقتهنّ وفي العشرينات من عمرهنّ، هنّ أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي".
كذلك يقول البحّاثة البريطانيون في مستشفى سانت جورج اللندني: "إن الإفتقار إلى فيتامين (د) يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمبيض والثدي".
وتبين في دراسة أميركية أن تناول 300 وحدة دولية أو أكثر من فيتامين (د) يومياً يخفف من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 44 في المئة، مقارنة بتناول 150 وحدة دوليّة يوميّاً فقط.
3- المفاصل والظهر:
تبين في الأبحاث الحديثة أنّ فيتامين (د) يلعب دوراً بارزاً في الوقاية من تفاقم التهاب المفاصل. ففي دراسة استغرقت 11سنة وشملت أكثر من 30 ألف امرأة في الولايات المتحدة، تبيّن أنّ نسبة الإصابة بالتهاب المفاص الرثياني تسجل أدنى مستوياتها لدى النساء اللواتي يتمتع نظامهنّ الغذائي بأعلى نسبة من الفيتامين (د).
وفي دراسة أميركية أخرى شملت 360 مصاباً بآلام الظهر المزمنة، تحسنت أعراض هؤلاء المرضى بنسبة 95 في المئة بعد أن تناولوا تحت إشراف الأطبّاء جرعات يومية من فيتامين (د) لمدة 3 أشهر.
4- الوقاية من السكري:
في دراسة أميركيّة شملت 83 ألف امرأة، تبين أنّ إمكانيّة الإصابة بالسكري من الفئة الثانيّة تسجل أدنى مستوياتها لدى النساء اللواتي يتناولن الجرعى الأكبر من فيتامين (د) والكالسيوم معاً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الأطبّاء غالباً ما ينصحون بتناول أقراص مكملة من فيتامين (د) في حالات مقاومة الجسم للأنسولين، وهي حالة مرتبطة بالبدانة والسكري من الفئة الثانية.
5- الوقاية من التصلب المتعدد في الجهاز العصبي:
يقول الإختصاصيّون في جامعة هارفرد إنّ خطر الإصابة بالتصلب المتعدد في الجهاز العصبي ينخفض بنسبة 44 في المئة، لدى النساء اللواتي يتناولن قرصاً مكملاً من فيتامين (د). وبما أنّ هذا الفيتامين يلعب دوراً في تنظيم نشاط الخلايا الدفاعيّة في الجسم، فإنّه يسهم في الوقاية من العديد من الأمراض ذاتية المناعة الأخرى مثل مرض الذئبة.
المصدر: مجلة زهرة الخليج، العدد 1562.
اترك تعليق