مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

على طريق القادة الشهداء..

السيد حسن نصرالله: نحن بحاجة دائما أن نرجع إلى السيد عباس، إلى أم ياسر، إلى الشيخ راغب وإلى الحاج عماد كقدوة وأسوة لنا..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
في البداية أرحب بكم جميعاً في هذه المناسبة العزيزة والجليلة والكريمة، في يوم القادة الشهداء.[...]
في كل سنة، في مثل هذا اليوم، نحيي سنوياً ذكرى القادة الشهداء، العائلة القائدة، الشهيد السيد عباس الموسوي، أميننا العام وقائدنا وأستاذنا وحبيبنا وملهمنا وزوجته العالمة المجاهدة الشهيدة السيدة أم ياسر وطفله الصغير حسين، وسماحة شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشهيد الشيخ راغب حرب والقائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية، الذين هم عنوان ثباتنا وانتصارنا، ودائماً نحيي هذه الذكرى من أجلنا، من أجل أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا وليس من أجلهم هم نحيي هذه الذكرى ليبقى الماضي القريب الذي عشناه وعايشناه بل شاركنا في صنعه سوياً، هذا الماضي القريب المتصل بالحاضر والمطل على المستقبل ليبقى في وعينا نحن الذين عايشنا المرحلة كلها وليسكن ويتمكن في وعي أبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة لأن هذه الحقبة الزمنية، خصوصا منذ قيام دولة إسرائيل منذ العام 1948، وما حصل بعدها من حروب 67 و73 وأحداث لبنان والمقاومة التي أعلنها الشعب الفلسطيني ولاحقاً المقاومة التي أعلنها سماحة السيد موسى الصدر أعاده الله بخير ورفيقيه، إلى كامب ديفيد إلى انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي في مثل هذه الأيام كان انتصارها الإلهي والتاريخي المدوّي بقيادة سماحة الإمام الخميني (قدس سره الشريف)، إلى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وما بعد الاجتياح إلى اليوم من حروب ومواجهات وأحداث ومؤامرات، هذه مرحلة غنية جداً، ولا يمكن ـلا نحن ولا أبناؤنا ولا الأجيال الآتيةـ أن تقارب الحاضر وتحديات الحاضر بشكل منطقي وموضوعي وعلمي وصحيح وسليم بمعزل عن كل هذا الماضي وعن كل تلك المرحلة بما تحمل من تجارب وتحديات وإخفاقات وانتصارات وما أنتجته من معادلات وانجازات وما فيها من حقائق وأوهام وعقل وجنون ورهانات بائسة وخيارات صحيحة وما فيها من انتظار لسراب لم يأتِ ولن يأتي، ومن انتظار لنصر يصنعه الرجال والنساء بإرادتهم وتصميمهم بما فيها من معنويات وتضحيات ودموع ودماء وآمال وآلام.
هذه الحقبة الزمنية وما فيها تمثّل مدرسة إنسانية وثقافية وجهادية وإيمانية عظيمة لشعبنا وأمتنا، وقد كان هؤلاء القادة الشهداء من أبرز عناوينها وقادتها وهم شهودها الشهداء.
ثانياً لأننا نحن بحاجة دائماً وعلى مدى السنة أن نرجع إليهم، إلى السيد عباس، إلى أم ياسر، إلى الشيخ راغب وإلى الحاج عماد، كقدوة وأسوة لنا، نحتاج إلى أن نتعلم منهم الزهد عندما تُقدم الدنيا علينا بجاهها ومالها وترفها، وأن نتعلم منهم التواضع بل التذلل وخفض الجناح عندما نصبح أقوياء، ونتعلم منهم الشجاعة عندما نواجه الزلازل والأعاصير، ونتعلم منهم الحكمة عندما نقابل الفتن التي تضيع فيها العقول وتتيه البصائر، نأخذ منهم ونستلهم منهم الهمة العالية عندما يتعب من يتعب، والإقدام عندما يتردد البعض حين يجب أن يقدم، ونستلهم منهم ونتعلم منهم التضحية بلا حدود عندما يتطلب الموقف ذلك، نتعلم منهم أن نثق بالله وبأمتنا وبشعبنا وبأنفسنا وبمجاهدينا عندما يستيئس الناس وتحيط بهم الشدائد والصعوبات والتحديات من كل جانب، نأخذ منهم الأمل والثقة والبصيرة كما سمعتم قبل قليل عندما كانت "إسرائيل" تحتل أرضنا كان السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد سابقاً ولاحقاً لا يتحدثون عن رؤية تقول إن إسرائيل ستخرج من الجنوب بل عن رؤية تقول إن إسرائيل ستنتهي من الوجود وهم كانوا يحتلون أرضنا ويسجنون رجالنا ونساءنا، وكنا في ضعف وكانوا في قوة.
هكذا نستمد الرؤية والبصيرة والثقة والأمل، والأهم أن نتعلم منهم الإخلاص والصدق وأن نتحمل وأن نكون بمستوى المسؤولية، مسؤولية الحفاظ على إنجازات الشهداء والمقاومين ومسؤولية مواجهة تحديات الحاضر الصعبة ومسؤولية صنع المستقبل العزيز والكريم واللائق لشعبنا ووطننا وأمتنا، ولذلك نحرص دائماً أن نتحدث عنهم وعن سيرتهم وسلوكهم وأخلاقهم وأعمالهم، عن جهادهم وتضحياتهم، لنتعلم ويتعلم الأبناء والأحفاد والأجيال. هذا ما يجب أن نحرص عليه مع كل الشهداء، عندما نعرض يومياً وعلى مدار السنة في إعلامنا المقاوم صورهم وأسماءهم ونستعرض سيرهم ووصاياهم، لأنهم باتوا يمثّلون بحق مدرسة فكرية وجهادية كاملة يجب التعريف بها والتعرف عليها.
منذ 33 عاما وإلى اليوم تقدّم جيل من الشباب في ذلك الوقت، كانوا شباباً 18  19  20  23   25  حد أقصى من علماء ومجاهدين ورجال ونساء وحملوا المسؤولية وتقدموا، منهم من استشهد في مراحل الطريق ومنهم من كان له باع طويل في ميادين الجهاد وتحمّل المصاعب والجراح وتوفاه الله بعد معاناة المرض، [...] ومنهم من أُسر وعانى من قيود الاعتقال، ومنهم من جُرح وما زال يكابد جراحه، ومنهم ما زال يواصل الطريق ويحمل دمه على كفّه. عنوان هذا الجيل الأول الذي كان السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد رمزه وعنوانه وأم ياسر هو "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا".[...]
نحن كُتب علينا أن نقاتل دفاعاً عن لبنان والأمة منذ عام 1982، منذ أن كنا شباباً صغاراً، حتى لحانا لم تكن ظاهرة، ولكننا تحملنا هذه المسؤولية وتقدمنا وقضى منا شهداء وأكملنا الطريق من الـ82 للـ2000 وللـ2006.
اليوم على طريق القادة الشهداء، عنوان ثباتنا وانتصارنا، قوافل شهدائنا تمضي وتصنع بدمائها النصر، وبقيت المقاومة وستبقى هي الرد، وسنبقى نحمل المسؤولية ونصنع الانتصارات بثباتنا وبدمائنا وباستلهام قادتنا السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد وأم ياسر وكل الشهداء حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته.
 

المصدر: نص من كلمة سماحة السيد حسن نصرالله(حفظه الله) التي ألقاها بمناسبة يوم القادة الشهداء في 16 شباط 2015م.

التعليقات (0)

اترك تعليق