مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أسماء بنت عميس*

أسماء بنت عميس*

من المسلمات الأوائل، ومن اللواتي هاجرن الهجرتين، حيث أسلمت قبل دخول الرسول (ص) دار الأرقم بمكة، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، ثم هاجرت إلى المدينة المنوّرة.
وهي من المؤمنات المواليات لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه -قبل أن تتزوّج منه- ولسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
روت الحديث عن النبيّ (ص) وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين. وعَبر هذه الأسطر المتعدّدة والوريقات القليلة نُلقي الضوء على جوانبٍ من حياة هذه المرأة العظيمة، راجين من الله الأجر والثواب، ومن نساء هذه الأمة الإقتداء بسيرة هذه المرأة الصالحة.
عائلتها:
هي أسماء بنت عميس بن مَعْد بن تيم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن زيد بن مالك بن نَسْر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن أفتل وهو جماع خثعم، هكذا ساق نسبها في الطبقات الكبرى.
وفي الاستيعاب قال: (ابن الحارث بن تيم) بدل  (ابن تيم بن الحارث)، و (جماعة) بدل (جماع)، وزاد بعد خثعم: ابن أنمار، وقال: على الإختلاف في أنمار، ثم قال: وقيل أسماء بنت عميس بن مالك بن النعمان بن كعب بن قحافة بن عامر بن زيد بن بشير بن وهب الله الخثعمية من خثعم.
وفي اُسد الغابة عن ابن مندة: عميس بن مغنم بن نسيم بن مالك بن قحافة بن تمام بن ربيعة بن خثعم بن أنمار بن معد بن عدنان، قال: وقد اختلف في أنمار: منهم من جعله من معد، ومنهم من جعله من اليمن وهو أكثر، قال: ولا شك أنّ ابن مندة قد أسقط من النسب شيئاً فإنّه جعل بينها وبين معد تسعة آباء، ومن عاصرها من الصحابة بل من تزوجها بينه وبين معد عشرون أباً كجعفر و أبي بكر وعلي عليه السلام، وقد يقع في النسب تعدّد بزيادة رجل أو رجلين، أمّا إلى هذا الحد فلا.
أمها:
هند، وهي خولة بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جُرَش.
أخواتها:
في الاستيعاب: هي أخت ميمونة زوجة النبيّ (ص)، وأخت لبابه أم الفضل زوجة العباس، وأخت أخواتها، فأسماء وأختها سلمى وأختها سلامة الخثعميات هنّ أخوات ميمونة لاُم، وهنّ تسع، وقيل: عشر أخوات لاُم وست لاُم وأب.
أزواجها:
تزوّجها أوّلاً جعفر بن أبي طالب، وهاجر وهي معه إلى أرض الحبشة، فولدت له هناك عبد الله ومحمّداً وعوناً، وقَدِمَ بها جعفر المدينة عام خيبر، ثم قتل عنها بمعركة مؤتة شهيداً في جمادى الأولى سنة 8 من الهجرة، فتزوّجها أبو بكر، فولدت له محمّداً، نَفست به بذي الحليفة، وفي رواية بالبيداء، وهم يريدون حجّة الوداع، فأمرها رسول الله (ص) أن تستثفر بثوب ثم تغتسل وتحرم [...]، ثم توفّي عنها أبو بكر فتزوّجها علي بن أبي طالب سلام الله عليه، فولدت له يحيى وعوناً.
وفي الاستيعاب: ولدت له يحيى ولا خلاف في ذلك، وزعم ابن الكلبي أنّ عون بن علي أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولم يقل هذا أحد غيره فيما علمت.
قال السيّد محسن الأمين في الأعيان: وإنّما لم يتزوّجها علي عليه السلام بعد قتل أخيه جعفر رحمه الله؛ لأنّ فاطمة الزهراء كانت حيّة.
وفي أسد الغابة: قيل: إنّ أسماء تزوّجها حمزة، وليس بشيء، إنّما التي تزوّجها حمزة اُختها سلمى بنت عميس. وكان لمحمّد بن أبي بكر يوم توفّي أبوه ثلاث سنين أو نحوها، فربّاه أمير المؤمنين عليه السلام، فهو ربيبه في حجره، ومن هنا جاءه التشيع وجاءه أيضاً من قبل أمه.
مع الحديث الشريف:
عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من الصحابيات، ونسب الميرزا في كتابيه إلى رجال الشيخ عدّها من أصحاب علي عليه السلام أيضاً، ولكن سائر النسخ خالية عن ذكره.
روت عن النبيّ (ص) ستين حديثاً، وقال الدارقطني: انفرد بالإخراج عنها مسلم، ولم يذكر عدد ما أخرج لها.
روى عنها أبناها عبد الله وعون ابنا جعفر بن أبي طالب، وحفيدها القاسم بن محمّد بن أبي بكر، وحفيدتها اُم عون بنت محمّد بن أبي جعفر، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن رفاع، وأبو بردة بن أبي موسى، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن شدّاد بن الهاد وهو ابن اُختها، وأبو زيد المدني، وعمر بن الخطاب، وعروة بن الزبير، وأبو موسى الأشعري[...].
مع فاطمة الزهراء عليه السلام:
اختلف المؤرّخون في وجود أسماء بنت عميس في ليلة زفاف الزهراء سلام الله عليها، فمنهم من قال بوجودها، ومنهم مَن أنكر ذلك، وقال: إنّ التي حضرت زفاف الزهراء عليها السلام هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري.
ومنهم مَن قال : إنّ سلمى بنت عميس زوجة حمزة هي التي حضرت زفاف الزهراء سلام الله عليها.
ونقل هذه الأقوال مع أدلتها السيّد محسن الأمين في الأعيان حيث قال: وروى كثير من أهل الآثار في خبر تزويج فاطمة عليها السلام أنّ رسول الله (ص) أمر النساء بالخروج فخرجْنَ مسرعات إلاّ أسماء بنت عميس، فدخل النبيّ (ص)، قالت أسماء: فلما رأى سوادي قال: "مَن أنتِ؟ ".
قلت: أسماء بنت عميس.
قال: "ألم آمرك أن تخرجي؟ ".
قلت: بلى يا رسول الله وما قصدت خلافك، ولكني كنتُ حاضرة وفاة خديجة، فبكتْ خديجة عند وفاتها، فقلت لها: أتبكين وأنت سيّدة نساء العالمين، وأنت زوجة النبيّ (ص)، ومبشّرة على لسانه بالجنة.
فقالت: ما لهذا بكيت، ولكن المرأة ليلة زفافها لابدَّ لها من امرأة تفضي إليها سرّها وتستعين بها على حوائجها، وفاطمة حديثة عهد بصبا وأخاف أن لا يكون لها من يتولّى أمرها حينئذٍ.
قالت أسماء بن عميس: فقلت لها: سيّدتي لك عهد الله عليّ إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في ذلك الأمر.
فبكى رسول الله (ص)، وقال: "أسأل الله أن يحرسك من فوقك ومن تحتك ومن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم ".
وممّن صرح بوجود أسماء بنت عميس في زفاف الزهراء عليها السلام الحاكم في المستدرك، فإنّه روى فيه بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: كنتُ في زفاف فاطمة الزهراء سلام الله عليها ـإلى أن قالت- فرجع فرأى سواداً بين يديه، فقال: "مَن هذه؟ ".
فقلت: أنا أسماء.
قال: " أسماء بنت عميس؟ ".
قلت: نعم.
قال: "جئت في زفاف ابنة رسول الله؟ ".
قلت: نعم، فدعا لي.
وفي كتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تأليف محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي المتوفى سنة 658هـ في خبر تزويج فاطمة عليها السلام في حديث قال: فأقبلا -علي وفاطمة- حتى جلسا مجلسهما ، وعندهما أمهات المؤمنين، وبينهن وبين علي حجاب، وفاطمة مع النساء، ثم أقبل النبيّ (ص) حتّى دقّ الباب، ففتحت له الباب أم أيمن فدخل، وخرجت النساء مسرعات وبقيت أسماء بنت عميس، فلمّا بصرت برسول الله (ص) مقبلاً تهيأت لتخرج، فقال لها رسول الله (ص): "على رسلك، مَن أنتِ؟".
فقالت: أنا أسماء بنت عميس، بأبي أنت وأمي إن الفتاة ليلة بنائها لا غنى بها عن امرأة إن حدث لها حاجة أفضت بها إليها.
فقال لها رسول الله (ص): "ما أخّرك إلاّ ذلك؟".
فقالت : إي والذي بعثك بالحق ما أكذب والروح الأمين يأتيك.
فقال لها رسول الله (ص): "فأسأل إلهي أن يحرسك من فوقك ومن تحتك ومن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم، ناوليني المخضب واملئيه ماءً".
فنهضت أسماء بنت عميس فملأت المخضب ماء ثم أتته به، فملأ فاه ثم مجّه فيه ثم قال: "اللهم انّهما منّي وأنا منهما فأذهب عنهما الرجس وطهّرهما تطهيراً ".
ثم دعا فاطمة عليها السلام فقامت إليه وعليها النقبة وأزارها، فضرب كفاً من ماء ما بين ثدييها، وأخرى بين عاتقها، وبأخرى على هامتها، ثم نضح جلدها وجسدها ثم التزمها ثم قال: "اللهم إنهما منّي وأنا منهما فكما أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطيراً فطهّرهما".
ثم أمرها أن تشرب بقية الماء، وتتمضمض، وتستنشق، وتتوضأ.
ثم دعا بمخضب آخر فصنع كما صنع بالآخر، ودعا علياً عليه السلام فصنع به كما صنع بصاحبته، ودعا له كما دعا لها، ثم أغلق عليهما الباب وانطلق.
فزعم عبد الله بن عباس عن أسماء بنت عميس أنّه لم يزل يدعو لهما خاصة حتى وارته حجرته، ما شرك معهما في دعائه أحداً.
قال محمّد بن يوسف: هكذا رواه ابن بطّة العكبري الحافظ، وهو حسن عال، وذكر أسماء في هذا الحديث ونسبتها إلى بنت عميس غير صحيح، وأسماء بنت عميس هي الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب، وهي التي تزوّجها أبو بكر فولدت له محمّد بن أبي بكر بذي الحليفة، فلما مات أبو بكر تزوّجها علي بن أبي طالب فولدت له. وما أرى نسبتها في هذا الحديث إلاّ غلطاً وقع من بعض الرواة أو من بعض الورّاقين؛ لأن أسماء التي حضرت في عرس فاطمة عليها السلام إنّما هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري، وأسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر في أرض الحبشة وهاجر بها الهجرة الثانية، وولدت لجعفر بن أبي طالب أولاده كلّهم بأرض الحبشة، وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي (ص) إلى المدينة، وكانت وقعة بدر واُحد والخندق وغيرها من المغازي، إلى أن فتح الله عزّ وجل على رسول الله (ص) قرى خيبر في سنة سبع، وقدم المدينة وقد فتح الله عزّ وجلّ على يديه، وقد قدم يومئذٍ جعفر بامرأته وأهله، فقال النبيّ (ص): "ما أدري بأيّهما أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر".
وكان زواج فاطمة عليها السلام من علي عليه السلام بعد وقعة بدر بأيام يسيرة، فيتّضح من هذا أنّ أسماء المذكورة في هذا الحديث إنّما هي أسماء بنت يزيد، ولها أحاديث عن النبيّ (ص)، وروى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس، حقّق ذلك مؤلف هذا الكتاب محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي من كتب الحفّاظ من نقلة الأخبار.
وعلّق على ذلك السيّد الأمين في الأعيان قائلاً: اشتباه أسماء بنت عميس بأسماء بنت يزيد ممكن، بأن يكون الراوي ذكر أسماء فتبادر إلى الأذهان بنت عميس، لأنّها أعرف، لكن ينافي ذلك ما مرَّ من أنّها حضرت وفاة خديجة، وأسماء بنت يزيد أنصارية من أهل المدينة لم تكن بمكة حتى تحضر وفاة خديجة، مع أنّه ورد ذكر جعفر في خبر زفاف فاطمة عليها السلام في غير موضع من سيرة الزهراء عليها السلام، فإذا كان قد وقع الاشتباه في أسماء فكيف وقع في جعفر، على أنّه من الممكن الاشتباه في ذكر جعفر أيضاً كما وقع في ذكر أسماء، فظنّ الراوي وجوده مع وجود زوجته أسماء.
واحتمل في كشف الغمة أن تكون التي شهدت الزفاف هي سلمى بنت عميس زوجة حمزة، وأنّ بعض الرواة اشتبه بأسماء لشهرتها، وتبعه الباقون، وسلمى يمكن شهودها وفاة خديجة، والله العالم.
وممّا لا يختلف فيه المؤرخون أنّ أسماء بنت عميس حضرت وفاة الزهراء سلام الله عليها، وصنعت لها نعشاً، وهو أوّل نعش صنع في الإسلام، وحضرت تغسيلها أيضاً.
[...].
ما يدلّ على مكانتها:
فبالإضافة إلى ما مرّ من أحاديث ومواقف، هناك أحاديث ووقائع أخرى تدل على رفعة منزلة هذه المرأة وعلوّ مكانتها في الإسلام، نذكر منها:
روى الصدوق في الخصال، باب الأخوات من أهل الجنة: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول: « رحم الله الأخوات من أهل الجنة، فسمّاهن: أسماء بنت عميس الخثعمية وكانت تحت جعفر بن أبي طالب، وسلمى بنت عميس الخثعمية وكانت تحت حمزة، وخمس من بني هلال: ميمونة بنت الحارث كانت تحت النبي (ص)، و أم الفضل عند العباس اسمها هند، والغميصاء أم خالد بن الوليد، وعزّة كانت في ثقيف عند الحجّاج بن غلاّط، وحميدة ولم يكن لها عقب".
وفي الاستيعاب: كان عمر بن الخطاب يسألها عن تعبير المنام، ونقل عنها أشياء من ذلك ومن غيره.
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى: أنّه لما قدمت أسماء من أرض الحبشة قال لها عمر: يا حبشية سبقناكم بالهجرة.
فقالت: إي لعمري لقد صدقتَ، كُنتم مع رسول الله (ص) يُطعم جائعكم ويعلّم جاهلكم، وكنّا البعداء الطرداء، أمّا والله لآتين رسول الله (ص) فلأذكرن له ذلك.
فأتت النبيّ (ص) فذكرت له ذلك فقال: "للناس هجرة واحدة، ولكم هجرتان".
وفي رواية أخرى لابن سعد أنّه (ص) قال: "كذب مَن يقول ذلك، لكم الهجرة مرتين: هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إليّ".
وروى ابن سعد في الطبقات أيضاً عن أسماء أنها قالت: أصبحتُ في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه، فأتاني رسول الله (ص) ولقد هنأت -يعني دبغت- أربعين إهاباً من ادم، وعجنت عجينتي، وأخذت بنيَّ فغسلت وجوههم ودهنتهم، فدخل عليَّ رسول الله (ص) فقال: "يا أسماء أين بنو جعفر؟" .
فجئت بهم إليه، فضمّهم وشمّهم، ثم ذرفت عيناه فبكى.
قفلت: يا رسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء؟
قال: "نعم، قتل اليوم"، فقمتُ أصيح، فاجتمع إلي النساء، فجعل رسول الله (ص) يقول: "يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً"، ودخل على ابنته فاطمة وهي تقول: "واعمّاه"، فقال (ص): "على مثل جعفر فلتبكِ الباكية"، ثم قال: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شُغلوا عن أنفسهم اليوم".
وفي الاصابة: لمّا بلغها قتل ولدها محمّد بمصر، قامت إلى مسجد بيتها وكظمت غيظها [...].
وقال الكشي في رجاله: حدّثني محمّد بن قولويه والحسين بن الحسن بن بندار القمّيّان، قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمّيّ، قال: حدّثني الحسن بن موسى الخشّاب ومحمّد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من قريش خمسة نفر، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية، فأما الخمسة: محمّد بن أبي بكر رحمة الله عليه أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس، وكان معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال و...".
وروي أيضاً عن محمّد بن مسعود قال: حدّثني علي بن محمّد القمّي، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى، عن زحل عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن درّاج، عن حمزة بن محمّد الطيّار، قال: ذكرنا محمّد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام، فقال أبو عبد الله عليه السلام: "رحمه الله، وصلّى عليه، قال لأمير المؤمنين عليه السلام يوماً من الأيام: أبسط يدك أبايعك.
فقال: أوما فعلت؟
قال: بلى، فبسط يده فقال: أشهد أنّك إمام مفترض الطاعة وأنّ أبي في النار. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان انجابه [النجابة] من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها، لا من قبل أبيه".
وفي إعلام الورى: وفي مسند الرضا عليه السلام: عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: "حدّثتني أسماء بنت عميس، قالت : لمّا كان بعد الحول من مولد الحسن عليه السلام ولد الحسين عليه السلام، فجاء النبيّ (ص) فقال: يا أسماء هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ووضعه في حجره وبكى، قالت أسماء: فداك أبي و أمي ممّ بكاؤك؟
قال: من ابني هذا.
فقلت: إنّه ولد الساعة.
قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي.
ثم قال: يا أسماء لا تخبرين فاطمة فإنّها حديث عهد بولادته، ثم قال لعلي: أي شيء سمّيت ابني هذا؟
قال : ما كنتُ لأسبقك باسمه يا رسول الله، وقد كنت أحب أن أسمّيه حرباً.
فقال رسول الله: ما كنتُ لأسبق باسمه ربي، فأتاه جبرائيل فقال: الجبار يُقرئك السّلام ويقول: سمّه باسم ابن هارون.
فقال: ما اسم ابن هارون؟
قال: شبير.
قال: لسان عربي.
قال: سمّه الحسين، فسمّاه الحسين، ثم عقّ عنه يوم سابعه بكبشين أملحين، وحلق رأسه وتصدّق بوزن شعره ورقاً، وطلا رأسه بالخلوق وقال: الدم فعل الجاهلية، وأعطى القابلة فخذ كبش.
قبرها:
وفي معارف الرجال قال الشيخ حرز الدين: يُنسب لها مرقد في العراق بضواحي "الهاشميّة" على نهر "الجربوعية" بعد نهري "السفاح" و "القاسم" في أراضي قبيلة "الجوازرية"، وقفنا عليه سنة 1315هـ بعد زيارتنا لمرقد القاسم ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، فكان القبر المنسوب لها عليه قبة متوسطة الحجم والارتفاع، موشاة ببعض الحجارة الملوّنة بالقاشي الأزرق، وكان عليها آثار القِدم، وفي نفس الوقت كانت محكمة البناء سميكة الجدران (1).

الهوامش:
1 ـ البداية والنهاية 8: 198. وانظر: مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 2: 76، مقتل الحسين عليه السلام للسيّد ابن طاووس: 71، أعيان الشيعة 3: 305، رياحين الشريعة 3: 346.
انظر ترجمتها في: إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): 63 رقم 111، و 113، اُسد الغابة 5: 395، إعلام الورى: 217، أعلام النساء 1: 57، أعيان الشيعة 3: 300، أعيان النساء: 36، التهذيب: 469، الخصال: 363، الأعلام للزِرِكِلي 1: 306، الدر المنثور: 35، السيرة النبوية لابن هشام 1: 275 و 346، السيرة النبوية لابن كثير 2: 5، الإصابة 4: 231 رقم51، الطبقات الكبرى 8: 280، العقد الفريد 3: 337 و 5: 17 و 7: 300، الكامل في التأريخ 2: 78، الكاشف 3: 420، المناقب لابن شهرآشوب 3: 364، تأريخ الطبري 2: 331، تقريب التهذيب 2: 586، تنقيح المقال 3: 400، جامع الرواة 2: 455، رجال أبوعلي: 368، رجال الشيخ: 34، رياحين الشريعة 3: 346، كشف الغمة 1: 351، لسان الميزان 7: 522، مجمع الرجال 7: 170، مستدرك الحاكم النيسابوري 3: 159، مشيخة الصدوق (من لا يحضره الفقيه) 4: 28، معجم رجال الحديث 14: 230 و 23: 171، من لا يحضره الفقيه 1: 116 و130، منهج المقال: 400، نقد الرجال: 412.


المصدر:الحسون، محمد؛ أم علي مشكور: أعلام النساء المسلمات. ط1، 1411هـ.ق، ص1110-119.


 

التعليقات (0)

اترك تعليق