مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

بناتنا.. وهوس الريجيم

بناتنا.. وهوس الريجيم

الرشاقة والقوام الرشيق..كلمات ترمز للخفة والنشاط والحركة، وللصحة أيضًا، وهى لم تعد حلمًا يصعب تحقيقه، خاصة بعدما تبارت في هذا الأمر مؤسسات علاج طبيعي، وشركات أدوية ومراكز صحية للعلاج بالأعشاب، والطب التكميلي.
ويرجع الدور الأكبر في تضخيم هذا الأمر في عقل المرأة لوسائل الإعلام من خلال الضجة الكبيرة والهالة التي أحدثتها حول قوام المرأة، وتقديمها لنموذج عارضات الأزياء، وفتيات الإعلان على أنه النموذج الأمثل للقوام، فنتج عن ذلك ظاهرة أقرب إلى المرضية، ولم يعد الأمر قاصرًا على المرأة التي تخشى على جسدها من الترهل، بل امتد إلى البراعم الصغيرة، فتيات في مرحلة التكوين الجسدي، ويا ليت من تقوم بعمل الرجيم بدينة وسمينة؛ لأن الحمية في هذه الحالة مطلوبة، بل منهن من لا يتجاوز وزنها 48 كجم>
فلماذا انتاب بناتنا هوس الريجيم؟
تقول "رقية محمد" أولى إعدادي: أنا لست سمينة، ولكني وجدت أن هذا الأمر أصبح مثل الحديث عن الموضة، فالبنات في المدرسة لا يكففن عن الحديث عن الريجيم وعن تداول برامج للحمية، فانجرفت معهن في هذا خشية أن أصبح سمينة، وألزمت نفسي بأطعمة محددة وبكميات محددة، رغم تحذير والدتي الدائم لي، وتشاجرها معي أحيانًا خوفًا منها على صحتي، إلا أنني مستمرة في برامج للحمية.
وتقول يمنى عوض "أولى ثانوي": منذ ثلاثة أعوام كنت نحيفة، وكنت أتمنى أن يزيد وزنى، ولكن مع معالجة هذه النحافة ازداد وزنى بطريقة أصبحت بعدها أبغض نفسي، وبدأت أعمل ريجيم كي أعود رشيقة، خاصة وأن الموضة الآن هو الجسم النحيف.
وتذكر أروى سلامة "ثانية إعدادي" سبب لجوئها للريجيم، فتقول: أخواتي في البيت نحيفات، وأنا خارج نطاق السمنة (وزنى 48 كجم)، ولكن لأني لست بنحافة أخواتي؛ فإنهن ينظرن إليّ على أنني  "دبة"، كما يروق لهن إغاظتي أحيانًا، فقررت أن أقوم بعمل ريجيم، خاصة وأن البنات في المدرسة على نفس المنوال، فكنت لا أفطر رغم إلحاح أمي الشديد، وعند الغداء أتناول كمية من الطعام قليلة جدًا لا تكاد تكفى طفلاً رضيعاً، وبعد فترة بدأت أشعر بدوار شديد، ودوخة تصاحبني في المدرسة، وفى البيت، ولا أستطيع بذل أي مجهود، كما كنت سابقًا، ورغم ذلك لم أستطع التراجع عن الريجيم.
أما إسراء السيد "ثالثة ثانوي": فتنتقد البنات اللواتي يلجأن للريجيم بدون ضرورة، ولكن فقط لركب الموجة فتقول: نحن الآن نهتم بسفاسف الأمور، وهذه موضة غربية، وبدلاً من أن نهتم بتغذية العقول وتحديد أهدافنا في الحياة أصبح شغل البنات الشاغل هو الاهتمام بوزنهن ومظهرهن، والدليل على ذلك الكم الهائل من الكلام في المنتديات عندما يتعلق الموضوع بالمظهر والتخسيس، وما إلى ذلك.
دور الأمهات:
والسؤال الآن: هل للأمهات دور في تدعيم هذه الظاهرة عند البنات؟
المكوث في المنزل وعدم الحركة هما السبب، هكذا ترجع أم ياسين سبب سمنتها، وتقول: بدأت أتبع ريجيمًا وأفشل مرة وأعود، وأصبح هذا شغلي الشاغل، وبعد فترة لاحظت أن ابنتي بدأت تعمل ريجيمًا هى الأخرى، رغم أن وزنها طبيعي جدًا، وعندما أتحدث معها تقول لي: لماذا أنت تقومين بعمل الريجيم وتمنعيني منه ؟!.
وترى "أم مريم": أنها هي المسئولة عن تسمين أبنائها منذ الصغر حتى صرن محل استهزاء زملائهم في المدرسة، وبأنها كانت تظن أنه كلما كان الطفل سمينًا كلما كان ذلك مؤشرًا طيبًا ومطمئنًا لوضعهم الصحي، وتحاول هي بنفسها الآن إرغامهم على عمل الريجيم.
أسباب انتشار هذه الظاهرة:
ويرى د. محمد الشوبكى -استشارى الأمراض النفسية والعصبية- أن ظاهرة الهوس بالريجيم بدأت بعد بدايات الاتصال بالعالم الغربي، فهي برأيه لم تكن موجودة منذ عشرات السنوات، يقول: "بالرغم من أن هوس الريجيم لا يخص عمرًا أو جنسًا معينًا، إلا أن الفتيات والمراهقات منهن هن الفئة الأكثر تأثرًا به، فعروض الأزياء للإناث خصوصًا، والملابس العصرية للجنسين عمومًا تحتاج إلى جسم نحيل لتظهر جمالها".
ويضيف: "الرجل الغربي يفضل المرأة النحيلة، وهذه العدوى انتقلت لشعوب الشرق الأوسط من باب التقليد حالها حال العديد من الطبائع الغربية التي انتقلت لنا، وأرى أن المشكلة تكمن في محاولة الفتيات المراهقات الحصول على الجسم النحيل، وفى الأساليب المتبعة من قبلهن، كتعمد التقيؤ وتناول الملينات والأعشاب، أو لعب الرياضة العنيفة، وهو قلق غير مبرر عند معظم الحالات إذا أخذنا بعين الاعتبار الجنس، والطول، والعمر".
ويؤكد د. الشوبكى أن هذا القلق غير المبرر للكثيرين يتطور حتى يمسى نوعًا من الرهاب (fat phobia) ليصبح في النهاية ممارسة سلوكية مرضية وقلق متمحور حول الوزن.
ويشير الدكتور "أمير صالح" -استشاري الطب البديل، ورئيس الجمعية الأمريكية للعلوم التقليدية- إلى أن: هوس الريجيم مشكلة عصرية ظهرت مع:
- انتشار الفضائيات، حيث إن الفتاة تظن أنها لو قللت هذا الوزن يكون أفضل.
- عدم وجود وعي صحي عند الفتيات.
- عدم وجود أنماط غذائية سليمة واستيراد أنماط غذائية غربية>
- الوجبات السريعة ومكوناتها غير المعروفة.
ويضيف الدكتور أمير صالح: إن لكل مرحلة عمرية وزنا مثاليا يختلف من شخص لآخر، ومن الأخطاء الشائعة أنه أصبح هناك من يدلى بدلوه  ممن ليس له علم؛ فينصح بأخذ عقاقير ضد الشهية، وهذا أمر خطير، حيث إن هذه العقاقير تصيب بالاكتئاب ولا يجب تناولها بدون استشارة طبية متخصصة، وكذلك الأدوية التي تنقص من حجم المياه المختزنة في جسم الإنسان، وهذه المياه تحتوى على العناصر المهمة مثل البوتاسيوم الذي إذا انخفضت نسبته عن معدل معين سبب العديد من الأمراض.
ويمكن التغلب على ظاهرة هوس الريجيم بعدة طرق منها:
-
زيادة الوعي الصحي الغذائي.
- التمسك بالأنماط الغذائية التقليدية لكل شعب فهي وجبات غذائية متكاملة.
- التمسك بالأنماط الغذائية الموجودة في الكتاب والسنة كمًا وكيفًا.
- عدم تعويد الأطفال منذ الصغر على الوجبات السريعة، وغرس حب تناول الغذاء المنزلي، والجلوس على الطعام، فبالإضافة إلى الفوائد الصحية هناك فوائد اجتماعية.
- الانشغال عن تناول الطعام بالتفكير في المسائل المهمة.
- ممارسة الرياضة بصورة مستمرة بدلاً من اتباع طرق ريجيم ضارة ومردودها سيئ.
- الإكثار من الخضروات والفاكهة.
- مضغ الطعام جيدًا.
- عدم تناول الطعام قبل النوم مباشرة، ولكن قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.
أما الدكتور خالد الطيب -استشاري الطب البديل- فيذكرنا بأنه إذا اتبعنا هذا الأثر "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع"، سوف نتمتع برشاقة عالية، وأيضًا هي وسيلة آمنة لتقليل الوزن بدلاً من هوس الريجيم، والجري وراء كل زاعق وناعق في هذا الأمر، ولكني أنبه على ضرورة:
    مراقبة السعرات الحرارية، بحيث لا تقل عن 700 سعر حراري في اليوم؛ لأن انخفاضه يجعل البروتينات تتكسر، وبالتالي يشعر الشخص بالإرهاق الشديد، حيث إن مع فقد جزئ بروتين يُفقد معه خمسة جزئ ماء، وهذا يدمر الصحة.
  •   البعض يتبع نظام تخسيس الوزن بدون طبيب، وأحذر من ذلك، فمن الممكن أن ينزل الجسم في أول الريجيم بسرعة، ثم بعد ذلك يتوقف، ويعود للأكل بشراهة أكثر من ذي قبل.


المصدر: موقع إسلام ويب.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

التعليقات (0)

اترك تعليق