البــروكـلـي غذاء ودواء عجيب بفوائده الصحية
"البروكلي" هو أحد الخضار من فصيلة الملفوف، ويزرع على مدار العام في المناطق الباردة، وأفضل إنتاجه ما كان بين شهر كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس). والأجزاء المأكولة منه هي براعم زهوره الخضراء، وسيقانه التي تؤكل كلها نيئة أو مطبوخة.
وتوجد في العالم أنواع من "البروكلي" المختلف الألوان، ما بين الأخضر إلى البنفسجي الممزوج بالخضرة، وتمتاز تلك الخضار بسيقان تتفرع منها براعم متوسطة الحجم، تنتهي بتراكيب زهرية مغلقة في غالب الأحيان، وعند بقائها فترة زمنية قصيرة تظهر عليها زهور صفراء صغيرة.
وانتشر تناول خضار "البروكلي" في المناطق العربية، وبالتالي انتشرت زراعتها، وساهم عامل لذة الطعم، والحديث الطبي عن فوائد تناوله، في جعل الكثيرين هذا الخضار أحد أطباق موائدهم.
القيمة الغذائية للبروكلي:
يحتوي كوب من "البروكلي" المطبوخ بالبخار (أي بوزن 160 غراماً) على نحو 44 كالوري (سعرة حرارية)، وتناول هذه الكمية المتدنية من الطاقة يمد الجسم بنحو 20% من حاجته اليومية لفيتامين (C)، وبنسبة 45% من فيتامين (A)، وبنسبة 25%من حاجته لفيتامين الفوليت، وبنسبة 20% من حاجة الجسم اليومية من الألياف الغذائية ومعدن المنغنيز والبوتاسيوم ومادة تريبتوفان ودهون أوميغا-3، وبنسبة 8% من معدن الحديد ومعدن الكالسيوم وفيتامين B1 وB3، وبنسبة 5 %من معدن الزنك وفيتامين (E).
وأهم ما تتحدث عنه مصادر التغذية الطبية هو غناها وتنوع محتواها من المعادن والفيتامينات والمواد الكيميائية الطبيعية المفيدة، مع تدني محتواها من الطاقة الغذائية المتسببة في زيادة الوزن، لذا تعتبر "البروكلي" من الخضار الخفيفة على الجسم والمفيدة بغزارة له.
وعند التسوّق يُفضل انتقاء قطع خضار "البروكلي" المتجانسة اللون, وذات السيقان الصلبة, وذات النهايات البرعمية المتماسكة, أي غير الزهور الصفراء المتفتحة. وعند حفظها في الثلاجة, يجب عدم غسلها قبل ذلك, لأن بقايا الماء بها تتسبب بسرعة تلف قطعها, ويجب وضعها في أكياس غير محكمة الإغلاق، والأفضل وضعها في المجمدة (الفريزر) بعد غسلها وتجفيفها، حيث يمكنها البقاء لمدة سنة كذلك.
ويمكن تناول قطع "البروكلي"، إما مطبوخة، أو نيئة عند إضافتها للسلطة. وقطع خضار "البروكلي" سهلة الطهي، وتنضج سريعاً عند التعرض للحرارة. ولذا فإن الأفضل طبخ "البروكلي" سريعاً ببخار الماء، أي لبضع دقائق فقط حفاظاً على محتواها من الفيتامينات، وبخاصة فيتامين (C) ومجموعة فيتامين (B)، والمواد المهمة المضادة للأكسدة، والمضادة للأمراض السرطانية. وهو ما أيدت فعله بعض الدراسات العلمية، التي فحصت محتوى "البروكلي" المطبوخ من الفيتامينات والمعادن، وتأثير الحرارة ومدة الطهي على ذلك. وأشارت تلك الدراسات تحديداً إلى أن "البروكلي" المطبوخ بالميكروويف يفقد أكثر من 90%من بعض تلك العناصر الغذائية المفيدة، بينما الطهي السريع بالبخار لا يفقد "البروكلي" أكثر من 10% من تلك المواد المضادة للأكسدة وللسرطان. كما أن تلك المواد المفيدة سهلة الذوبان في الماء، وحينما يتم الطهي بالغلي في الماء، فإنها تذوب في مرق الطهي، وبالتالي لا يستفيد المرء إلا حينما يتناول قطع "البروكلي" ومرق طهيها، أو أن يتم غليها في كمية قليلة من الماء. ومن المهم ملاحظة أن منطقة البراعم الصغيرة والزهور المغلفة في أطرافها، وكذلك سيقانها الصلبة، نسبياً، كلها غنية بالمعادن والفيتامينات، ولذا فإن تناول قطعها كاملة هو المفيد.
ويجدر أخذ الحيطة في تناول "البروكلي" نيئاً من قبل الأشخاص، الذين لديهم اضطرابات في نشاط الغدة الدرقية، لم تتم معالجتها بشكل تام، أما لو تم طهي "البروكلي" فلا توجد دواعي لعدم تناوله، وسبب ذلك أن "البروكلي" النيئ يحتوي على مواد تتسبب في تورم الغدة الدرقية لدى من لديهم اضطرابات فيها، ويزول تأثير تلك المواد بالطهي.
القيمة العلاجية للبروكلي:
تحتوي خضار "البروكلي"، مثل بقية خضار الفصيلة الصليبية كالملفوف والزهرة (القرنبيط)، على مواد مضادات الأكسدة من نوع "سالفورافان" ونوع مواد "اندول" ذات خواص مضادة لنشاط الخلايا السرطانية.
وقاية ضد السرطان:
ودلّت الأبحاث العلمية أن مواد "إندول" لها قدرة على شلّ نشاط مادة قوية تدعى هايدروكسي إيسترون4 4hydroxyestrone وهي من المواد المنتجة بعد تحلل هرمون إستروجين estrogen. ومعلوم أن هذه المادة القوية تحفز نمو الخلايا السرطانية وخاصة تلك الخلايا السرطانية ذات الحساسية في النشاط، لتعرضها لهذه المواد الهرمونية.
وما بينته الدراسات العلمية هو ليس فقط قدرة مواد "إندول" على خفض نشاط نمو الخلايا السرطانية بل حتى العمل على خفض احتمالات انتشارها وانتقالها إلى أجزاء بعيدة في الجسم metastasis. ومعلوم أن أنواع سرطان أعضاء الجسم تصل إلى مرحلة يسهل عليها الانتشار في أرجاء الجسم ما يجعل علاجها صعباً.
وهذا العمل على المستوى الهرموني لمواد "إندول" يقابله تأثير آخر لمواد"سالفورافان" وهو عملها على خفض نشاط عمل أنزيمات ضارة ذات تأثيرات سيئة على إتاحة الفرصة لظهور اضطرابات جينية في الخلايا أي ذات محفزة لنمو خلايا سرطانية شاذة وتكاثرها. وهنا تعمل هذه المواد المفيدة في "البروكلي" كما دلّت نتائج دراسات مواد"سالفورافان" التي تمت على الحيوانات في المختبرات في سرطان الجلد، والأمعاء الغليظة، ولوكيميا ابيضاض الدم، على تعطيل عمل هذه المركبات الضارة وتخليص الجسم منها ومن تأثيراتها السيئة على الجينات.
البروكلي وفوائد أخرى:
تتحدث الدراسات الطبية، التي تم إجرائها في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، عن فوائد محتملة لتناول "البروكلي" على جرثومة المعدة "هيليكوبكتر بايلوري Helicobacter pylori. وتشير الدراسات تلك إلى جدوى تعريض تلك البكتيريا للعناصر المتوفرة في تركيبة خضار "البروكلي" في القضاء عليها أو خفض وتيرة تكاثرها.
وتعتقد أكثر الدراسات تلك أن مواد"سالفورافان" لها تأثيرات واقية من الضرر الذي تتسبب به بكتيريا المعدة على خلايا وأنسجة بطانة المعدة، وبالتالي في تخفيف حدة نشوء قرحة أو التهابات بطانة المعدة. ويتفاءل الباحثون وبخاصة من اليابان أن هذه التأثيرات الإيجابية تمتد إلى الوقاية من نشوء سرطان المعدة نظراً لدور تلك البكتيريا في التسبب بسرطان المعدة لدى البعض وعلى المدى البعيد.
وتحتاج الدراسات في هذا الجانب إلى مزيد من التجربة والمتابعة الأدق وعلى شريحة واسعة من الناس. ولكن النتائج المبدئية لها والفوائد الأخرى للبروكلي تجعل من المفيد وغير الضار أن يجعل الإنسان قطع خضار "البروكلي" جزءاً من الأطعمة التي يمكن للمصابين بمشاكل المعدة تناولها.
وتتحدث دراسات أخرى عن دور المركبات المتوفرة بغزارة في "البروكلي" كمضادات الأكسدة في وقاية جلد الإنسان من التأثيرات الضارة للأشعة فوق البنفسجية. وتحديداً تقول تلك الدراسات إن لمواد "سالفورافان" فوائد إيجابية محتملة في إصلاح الأضرار الجلدية الناجمة عن تعريضه للأشعة فوق البنفسجية.
وأجرى الباحثون الأميركيون من هاواي وغيرها دراسات أخرى حول تأثير بعض المواد الموجودة في "البروكلي" وبخاصة مواد "إندول" على نشاط خلايا الكبد في إنتاج الكولسترول الخفيف الضار، وهو ما يضيفونه إلى احتواء "البروكلي" على كمية جيدة من المعادن والفيتامينات المفيدة للقلب، وتدني محتواه من الطاقة، كأسباب لجعل "البروكلي" أحد الأطعمة التي على مرضى القلب بالعموم الحرص على تناولها.
وتتحدث جوانب أخرى من البحث العلمي عن فوائد محتملة للبروكلي لجهة حماية العين الشبكية والعدسة، ولجهة إضفاء مزيد من القوة للعظم، وفي حماية الأجنة من الاضطرابات في البنية والنمو خلال فترة الحمل.
وهذه الفوائد المحتملة للبروكلي وإن كانت لا تزال تحتاج إلى مزيد من التوثيق العلمي تشير إلى أن ثمة رأياً طبياً عاماً مفاده أن "البروكلي" أحد الأطعمة النباتية المفيدة.
المصدر: موقع الطبي.
إعداد: سعيد جودة
اترك تعليق