مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة النائب الحاج محمد رعد في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي في 22 آذار 2017م

كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي في 22 آذار 2017م

كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي
المكان: قاعة السيدة زينب عليها السلام في مبنى الجمعيات.
الزمان: الأربعاء في 22 آذار 2017م الموافق لـ 23 جمادى الآخرة 1438هـ.
المناسبة: في رحاب ولادة السيدة الزهراء عليها السلام.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أنبيائه المرسلين لاسيما سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
السلام عليكنّ جميعاً ورحمة الله وبركاته.. 

بدايةً نبارك لكنّ ونبارك للإنسانية جمعاء، في هذا اليوم الذي هو عيدكن، عيد المرأة الأم والزوجة، عيد المرأة الإنسانة في كل مواقع مشاركتها في الحياة، وحسناً يتزامن هذا العيد مع ذكرى ولادة المثال الإنسان للمرأة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
 دعوني أعترف أولاً أنني قاصرٌ ومقصِّر عن الحديث عن هذه الإنسانة الكاملة التي هي سيدة نساء العالمين، هي بضعة رسول الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، هي روحه وريحانته، هي قلبه الذي بين جنبيه، هي التي قال عنها(ص) يرضى الله لرضاها، ويسخط لسخطها، لأن الله هو الحق المطلق، والخير المطلق والعدل المطلق، ولأنها انتمت إلى الله فسَمَت بإنسانيتها نحو هذا المطلق، فأصبحت تجسّد الخير والعدل والحقّ والمعروف والإنصاف والإحسان والفعالية.
مهما تحدثنا عن الزهراء سلام الله عليها، لن نستطيع أن نصل إلى عتبة شاطئ حقها، وقيمتها، وقدرها وأهميتها.. على مستوى الأمومة، الزهراء سلام الله عليها لم تكن أماً لأسرتها وحسب، بل كانت أماً لخاتم الأنبياء، نستشهد بكلام رسول الله(ص) حين قال -نتيجةً للسكينة التي كان يستشعرها في حضورها، للحنان الذي كانت تغدقه عليه وهو يعاني ويكابد مشاق رسالته والدعوة إليها، للخُلق العظيم الذي كانت تسلكه بين يديه، ومع زواره ومع الموالين له من الأتباع والأنصار- فقد وصفها بأنها أم أبيها، وكأنه يريد أن يقول بأن فاطمة الزهراء سلام الله عليها عوّضت عليّ حنان الأم الذي فقدته منذ طفولتي. 
في بيتها الزوجي نستشهد بقول لعلي زوجها وهو أمير المؤمنين عليه السلام إذ يقول: "فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عز وجل،  ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً..." 
دعونا نتحدث عن عقيدتنا في الزهراء، الزهراء ليست ككل إنسانة، الزهراء حوراء، حوراء من أهل الجنة، من أهل النقاء، من أهل الطهر، من أهل الصفاء، من أهل الكمال، تجلّت في الوجود الدنيوي على صورة امرأةٍ إنسانة، تحمل في جنباتها كل معاني القيم، كل معاني الأخلاق الرفيعة، كل معاني النبل والطهر، كل معاني الصبر، كل معاني الرحمة والحنان، والدفء، والعطاء، والمشاركة الفاعلة في الحياة.
إنها حوراءٌ إنسيّة، الزهراء حوراءٌ إنسيّة، هل تريدون أن تعرفوا قدْرها؟
لو لم يكن عليٌّ لما كان لها كفوء من الرجال، ولو كانت الزهراء رجلاً كما قال النبي(ص) لكانت نبيّا. حين نتحدث عن الزهراء تنتابنا -واسمحوا لي أن أتحدث بكل صراحة وبكل قناعة- مهابة خاصة، نحن أمام كائن ملكوتيّ بصورة إنسان كامل. الملائكة تغمر هذا اللقاء، ذكر الزهراء ينزّل الملائكة، أوليست الزهراء قرآناً ناطقاً؟!
الزهراء عليها السلام لها حق علينا، حق الأمومة، قد لا ننتسب إليها بالمباشر، لكننا ننتسب إلى الأمة التي هي أمها، الزهراء لم تكن أماً للحسن والحسين وزينب فحسب، الزهراء وصفها القرآن بالكوثر. أروع ما يفسّر الكوثر أنه مجمع الخيرات، الينبوع المتدفّق صفاءً ونقاءً وحياةً وحيوية وإنباتاً لكل خير في هذه الحياة، الكوثر هو الفعالية، الكوثر هو العطاء الكثير، الكوثر هو الرعاية المفعمة بالحب الغامر للبشرية كلها، يكفي الزهراء فخراً أنها أمٌ لأئمةٍ قادةٍ توالوْا منذ ما بعد رسول الله إلى آخر يوم من أيام هذه الدنيا، نحن في زمن صاحب العصر والزمان الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهو حفيدها، حفيد الزهراء سلام الله عليها، إذا نظرنا إلى سلوكيات هؤلاء القادة، نختصرها بكلمتين قالتهما الزهراء سلام الله عليها: "وجعل الله طاعتنا نظاماً للملّة، وإمامتنا أماناً من الفُرقة". يعني ذلك أنّ طاعة الزهراء، طاعة أبنائها، طاعة رسول الله(ص)، طاعة أهل الحق وأهل الخير والعدل والإنصاف تولّد نظاماً للأمة، تولّد استقراراً، تولّد تفاعلاً إيجابياً، تولّد حِفظاً للحقوق، تولّد رعايةً للمصالح، تولّد حضانةً للمستضعَفين، تولّد إرادةً للدفاع عن المقهورين والمظلومين، وإمامتنا أماناً من الفرقة، نحن حين نتمسك بإمامة هؤلاء من أبناء الزهراء(ع) إنما نتمسك بالعصب الذي يشدنا إلى بعضنا البعض، وهذا العصب ليس عصبية عمياء وإنما انتماء ولائيٌّ صادرٌ عن قناعة، وعن التزام وعن إقرار بأن هذا الطريق الذي نسلكه في طاعة هؤلاء إنما يوصلنا إلى الطريق الصحيح.
أيضاً من عقيدتنا أنّ الزهراء [عليها السلام] تشفع للمذنبين المقصرين من أبناء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وليس منّا من لا يذنب، ومن لا يقصّر ونحن أحوج ما نكون إلى شفاعة الشفعاء فكيف إذا كانت الشفاعة تصدر من فاطمة الزهراء بضعة رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلّم، والشفاعة لا تناقد العدل، لأن الإنسان الذي يسير في الطريق المستقيم، أحياناً تزلّ قدمه، ثم يستغفر فيرجع ويتابع، ثم يغفل فيخرج، ثم يعود ويتوب ويؤوب ويستغفر، المهم أنّ هناك ما يشدّه للبقاء على الصراط الحق وعلى الصراط المستقيم، الشفاعة هنا تطال الغفلة أثناء السير في الطريق المستقيم، الشفاعة تطال الذنب الصغير الذي نتوب منه ونعود إلى السير في هذا الخط المستقيم، يوم القيامة كما يقول الحديث الشريف "غضّوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد"، فتأتي الزهراء سلام الله عليها وتجوز الصراط، وتواكبها ثلّة من الملائكة المطهّرين تصل إلى عتبة باب الجنّة، تلتفت خلفها، يخاطبها المولى عزّ وجلّ يقول: "يا بنت حبيبي! ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي؟"، فتقول: "يا رب! أحببت أن يُعرف قدري في مثل هذا اليوم"، فيقول لها الله سبحانه وتعالى: "يا بنت حبيبي! ارجعي فانظري مَن كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذريتك.. خذي بيده فأدخليه الجنة".
لماذا نعتقد بهذه الأحاديث؟
لأن الحياة أيتها الأخوات، الحياة هي حب، وهل الدين إلا الحب، الذي لا يُحب لا يعرف معنى الحياة، والذي لا يُحب لا يعرف معنى النضال، والذي لا يُحب لا يعرف معنى الجهاد، ولا معنى المقاومة ولا معنى الشهادة، انظروا إلى أمهات الشهداء كيف يُحببن، أوليس الحب هو الذي يدفعهن لكي يتقبلن شهادة أبنائهن بعزّ وبفخر وبكبر، أوليس الحب هو الذي يجعلهن يحرِّضن أبناءهن للدفاع عن كل الناس في هذا الوطن على اختلاف اتجاهاتهم، ومناطقهم، ومذاهبهم، وطوائفهم ومتبنياتهم، لولا الحب لما كانت الحياة، ولذلك عندما نحب إنسانةً مثل الزهراء سلام الله عليها، وهي تمثل الحب كله، إنما نرتشف من معين هذا المخزون والرصيد الحضاري والقيمي الذي يجعلنا نشعر إزاء كل الصعوبات، مهما علت واشتدت، بهوان وسهولة، نناضل، نتعب، نكدّ. لولا الحب الذي يغمر قلوب المجاهدين لما استمر نضال من أجل الحق ومن أجل التحرير.
لقد قدمت لنا الزهراء سلام الله عليها -التي نعتبرها مثلاً أعلى للإنسانة المرأة- نموذجاً في العمل النسائي، الزهراء سلام الله عليها كانت ترعى أبناءها في بيتها وتعاون زوجها على رعاية أبنائها لأن مسألة الرعاية ليست حصراً بالمرأة الزوجة، الزوج والزوجة مسؤولان عن رعاية أبنائهما داخل الأسرة، لكن للأسف بعض عاداتنا الشرقية، بعض تقاليدنا البالية، إنو "المرا للبيت والرجال يروح مطرح ما بدو".
كلا، مسؤولية تكوين الأسرة ورعاية الأسرة هي مسؤولية مشتركة، للزوج والزوجة، لقد أدت الزهراء سلام الله عليها هذا الدور خير أداء، وفي السيرة تفاصيل لا تنضب عن كيفية تعامل الزهراء مع ابنها الأكبر ثم مع ابنها الثاني ثم مع ابنتها، كيفية تعاملها معهم في حضور زوجها، في غياب زوجها، كيف تتبع خروجهم من المنزل، كيف تنشئهم، كيف تثقفهم، كيف تنمي بذور الخير في نفوسهم، هذه مسؤولية كبيرة.
نعم، إذا كنت هذه مسؤولية تقوم بها الزوجة في البيت، فإن ذلك لا يعفيها من أن تقوم بمسؤولياتها في متابعة الشأن العام، وحين يقتضي الشأن العام أن تقود المرأة حركة تمرد أو عصيان أو مواجهةٍ، علمتنا الزهراء سلام الله عليها كيف نتصدّى، ولعلّ التاريخ لا يذكر خطبةً مقاومةً منطقيةً مقنعةً تنطوي على الحجج الكاملة والأدلة الساطعة، التي تسخِّف من يعتدي على الحقوق ومن يمارس ما ليس من حقه أن يمارسه، ليس في التاريخ خطبة بنفس الأهمية كخطبة الزهراء سلام الله عليها حين تصدت للشأن العام.
حسناً، إذا كنا ننتمي إلى الزهراء سلام الله عليها ونعتزّ بدورها، فكما نعتزّ بدورها في تربية الأسرة علينا أن نعتز بدورها في التصدي للشأن العام، نعم إذا تزاحمت الأولويات واضطرت المرأة أن تعطي الأولوية للشأن العام على حساب عملها في بيتها فلها أن تؤمّن البديل الذي يرعى شؤون بيتها خلال غيابها وخلال اهتمامها بالشأن العام، لماذا؟!
بكل صراحة، في معتقدنا وفي قناعتنا أن أساس مكانة بناء المجتمع يكمن في أن تكون خلاياه الصغرى متينة ومتماسكة وصلبة، العقيدة تُبنى في المنزل، في الأسرة، والأخلاق تُبنى في الأسرة، وحسن التعامل يُبنى في الأسرة، والقدوة التي يقتدي بها أبناء الأسرة تبدأ من الأسرة، من الزوج، من طريقة تعامله مع زوجته، من الزوجة، من طريقة تعاملها مع زوجها.. عادةً في سن الطفولة تتأسس قواعد القيم وتنمو مع بناء الشخصية، إذا كان للأسرة هذا الدور المهم في تحقيق تماسك المجتمع فيعني ذلك أن الاهتمام بها يجب أن يكون قائماً. ما نشهده اليوم بكل وضوح أن هناك توجهاً لتدمير الأسر، للتعامل مع الفرد كفرد، لفصل الناس عن بعضهم البعض حتى في منابتهم وفي معاقلهم، وهذا لا يعبّر عن ثقافةٍ أجنبيةٍ فحسب، وإنما يعبّر عن توجهٍ أجنبيّ لتدمير ثقافتنا ولتدمير بنيتنا الحضارية.
طبعاً حين نتحدّث قد تتصوّر الواحدة منكنّ أن وضعنا الأسري ليس على ما يرام وأنا أوافقها الرأي، لكن هذا الوضع الأسري في شرقنا، في لبنانا، في منطقتنا -الذي هو على غير ما يرام- يبقى أحسن حالاً على مستوى التماسك الاجتماعي من كل المجتمعات الغربية. حين نعطي الاهتمام للأسرة لا يعني على الإطلاق أن تنعزل المرأة عن نهوضها وعن مشاركتها في الشأن العام، لكن عليها أن تحذر أن تُغفل أسرتها، وهذا المطلوب، لا أحد يقول للأم أو للزوجة ليس لديك عمل خارج إطار البيت، على العكس قد يصبح عمل المرأة خارج المنزل أوجب في بعض الأحيان من العمل داخل المنزل؛ لكن الأمر يحتاج إلى تشخيص دقيق للأولويات، وإلى تشخيص دقيق للمصلحة في كل مرحلة من المرحل التي تخوض الأمة فيها وضعاً معيناً، أحياناً الأمة تكون في حالة استقرار، ويكون هناك من يتصدى للشأن العام، يكون هناك اكتفاء في التصدي للشأن العام، وأحياناً لا، حتى مع الاكتفاء في الشأن العام قد تكون هناك مصلحة أن يكون هناك صوت امرأةٍ يصدح في المجتمع  ليطالب بالحق، وهذا يعكس روح التكامل الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وروح الشراكة الحقيقية الذي أراده الله سبحانه وتعالى في تحمّل المسؤولية من قبل الرجل والمرأة على السواء.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لاستلهام كل مضامين سيرة الزهراء [عليها السلام]، إذا كنا نعتقد أن الزهراء هي الإنسانة الكاملة، فمعنى ذلك أن النموذج الذي تقدمه يكفي لأن نقتدي به من أجل أن نبني حياة، نبني قيمنا، نبني أخلاقنا، نبني سلوكياتنا، نبني أسرنا، نبني مجتمعنا، نتصدى لقضايانا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لما يمليه عليه انتماؤنا لها سلام الله عليها.
كلمة أخيرة لا بد منها وهي أننا في الوقت الذي نحتاج إلى كل صوت ذكوري أو أنثوي من أجل نصرة الحق، من أجل التصدي للباطل، من أجل مواجهة الاعتداءات والمؤامرات. على مستوى وضعنا الداخلي نحن نطالب بأن يكون للإنسان اللبناني، للمواطن اللبناني، أن يكون له حق في اختيار ممثليه الحقيقيين الذين يعبّرون عن تطلعاته وعن حقوقه وعن مطالبه.
وبرأينا المتواضع وبعد دراسة كل الصيغ المطروحة لقانون الانتخاب، ليس هناك صيغة تؤمّن صحة التمثيل، وفعالية التمثيل، وشمولية التمثيل مثل صيغة النسبية مع اعتماد لبنان دائرة واحدة، وأضيف على ذلك بنداً كدنا أن ننساه في زحمة الضغوط وهو أنّه من حق مَن يبلغ 18 عاماً أن يقترع وأن ينتخب ممثلين، ونحن لا نعرف كيف يكون ابن هذا العمر ناضجاً من أجل أن يبذل دمه دفاعاً عن وطنه ولا يحق له أن ينتخب في وطنه؟!
أما بالنسبة للمرأة فقناعتنا الحقيقيّة والمبدئيّة أنّ الشأن العام يحتاج إلى من يتصدى له ولا يحتاج إلى من يُدفع للتصدي، ولذلك من حيث المبدأ، نحن نرى أنّ الأحزاب والقوى السياسيّة مقصِّرة في أن تتيح المناخات الملائمة داخليّاً في صفوفها وفي أنشطتها من أجل أن تتصدى الأخوات للشأن العام وتشارك الرجال في أن تتصدى في هذا الشأن. حالياً موضوع الكوتا نحن من حيث المبدأ بناءً على رؤيتنا المبدئية؛ أن التصدي يجب أن ينطلق من داخل المرأة للشأن العام، لكن إذا كان المطلوب تشجيع المرأة على التصدي فالأمر يُبحث بمقداره حتى لا تتحول -واسمحوا لي إنني أتكلم بكل صراحة وبكل وضوح- المطالبة بالكوتا مطالبة فلكلورية بمشاركة نماذج من النساء المسميّات مُسبقاً قبل أن يحصل الانتخاب. نحن منفتحون على دراسة هذا الموضوع بمقداره الذي يتيح تشجيعاً حقيقيّاً لمن تملك قدرة التصدي على أن تتصدى وتلقى منّا كل الدعم.
ختاماً أيضاً لا بدّ من الإشارة إلى ما كنّا فيه من مناقشات حول سلسلة الرتب والرواتب والضرائب والرسوم التي تُفرض. بكل صراحة وبكل اختصار رغم ملاحظاتنا على القصور الذي ورد في سلسلة الرتب والرواتب من أجل إعطاء العمال والموظفين والمستخدمين والأُجراء حقوقهم التي يستحقونها وهي حقوق مكتسبة ومكرّسة لهم إنسانيّاً ووطنيّاً وقانونيّاً وسياديّاً أيضاً. يوجد قصور، يوجد تقاعس عن أداء هذه الحقوق، هناك تذرع بكثير من الأمور المالية والاقتصادية والأوضاع المأزومة في البلد رغم كل ذلك نحن نقول أنّ السلسلة قاصرة عن أن ُتلبي حقوق الموظفين والمستضعفين وكل أصحاب الحقوق الواردة فيها، لكن إذا كان الخيار بين أن تطير السلسلة وأن نقبل بهذا الأمر، فنحن مع إقرار السلسلة، مع محاولتنا لتحسين شروطنا ولتحقيق بعض الزيادات الممكنة من خلال نضالنا لتحقيقها.
للأسف -وأيضاً بكل صدق- أن يشترط البعض إقرار السلسلة بإقرار الضرائب هذا هو عين الظلم،  السلسلة حق مشروع، وحق مكرّس، وحق مكتسب وواجب على الحكومة أن تؤدي هذا الحق، على الحكومة  أن تموّل هذا الحق من مورد آخر، لا أن تقول لا أعطي هذا الحق إلا إذا أمّنت التمويل، نحن نعرف أنّ الحكومة قادرة على أن تؤمّن التمويل الكافي لأكثر من هذه السلسلة إذا صدقت نيتها، وإذا أحسنت اتخاذ القرار السياسي، ولا تحتاج أن تزيد رسماً ولو ليرة واحدة على الفقراء أو المستضعفين وذوي الدخل المحدود. بكل بساطة وبكل صراحة نحن لدينا لائحة بالموارد التي يمكن أن تفرض عليها ضرائب لا تطال ذوي الدخل المحدود ولا تطال الفقراء لكن ليس هناك إرادة سياسيّة.
الأسوأ من ذلك أنّ بعض الذين يدافعون عن امتيازات مَن لا يريدون أن تُفرض ضرائب عليهم يقولون بأننا لا نريد ضرائب على الناس ويعنون في ما يقولون أنهم لا يريدون فرض الضرائب على أصحاب الرساميل حتى يطيّروا السلسلة بالواقع الذي هي فيه. هذا موقفنا بكل بساطة، وهذا الموقف أيضاً نحاول أن نتابعه مع ذوي الحقوق المستفيدين من هذه السلسلة وأصحاب المصلحة في هذه السلسلة. البعض يتذرع ويمنعنا من المطالبة بمكافحة الفساد والهدر لأنّ الهدر والفساد في هذا البلد مُزمن، وإذا استمرينا بالمطالبة -حسب رأيهم- سنبقى عشر سنين وقد لا نصل لنتيجة مرضيّة بهذا الشأن فمعنى ذلك أننا نؤخر إقرار السلسلة بمطالبتنا مكافحة الفساد والهدر. نحن لا نطالب بكل صراحة، نحن نعرف أنّ هذا الفساد جزء من هذا النظام السياسي ولا يمكن إزاحة هذا الفساد بين ليلة وضحاها وخلال أشهر وسنة. أبداً، نحن واقعيّون في هذا الموضوع، ولكن مَثل بسيط؛ لا تعنيني الأرباح التي حصّلتها المصارف من خلال الهندسة المالية التي حدثت أخيراً، والتي قيل أن أرباحها للمصارف تتجاوز أو تتراوح بين 3 مليار وبين 5 مليار، ما يعنيني هو أخذ ما أقرّت به جمعية المصارف حينما أعلنت أنّ أرباحها للعام 2016 هي مليار وسبعماية مليون دولار، ماذا تخسر المصارف إذا قلنا لها أنّ من هذه الأرباح بحسب إقرار بيانكم الرسمي والتي هي مليار وسبعماية مليون دولار أنه لو أخذنا منهم 300 أو 350 مليون دولار لتمويل السلسلة ماذا تخسرون!؟
لا يخسرون شيئاً، تنقص أرباحهم وقِس على ذلك الكثير من الأمور التي من الممكن أن تموّل السلسلة ولا تطال الفقير ولا ذوي الدخل المحدود. ولكن للأسف هناك من يحمل وكالات حماية ودفاع عن أصحاب الرساميل والشركات العملاقة من أجل أن لا تقوم بأداء واجبها لتحقيق التضامن الاجتماعي والتماسك الاجتماعي والاستقرار الفردي الاجتماعي.

السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء.
السلام عليك وعلى الأبناء وعلى الأئمة المعصومين من ذريتك.
السلام عليك وعلى صاحب العصر والزمان بقية الله المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وأعاننا الله بلطفه وبعنايته لكي نقوى على مواجهة أعدائنا، أعداء البشرية، أعداء الإنسانية، الغزاة، الصهاينة أو التكفيريين الذين خرجوا عن كل قيمة بشرية وإنسانيّة.

وكل عام وأنتن بخير والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
 

التعليقات (0)

اترك تعليق