البصل في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
البصل من النباتات التي ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم باسمه، وقد ورد ذكره مرة واحدة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا..﴾(1).
موطن البصل:
إن الموطن الأصلي للبصل إيران ثم وصل إلى الهند وباكستان، البصل من فصيلة الزنبقيات، وهو من النباتات الحولية المعمرة، وينمو برِّيًّا على سواحل بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، وينتشر في أسبانيا وإيطاليا واليونان والجزائر والمغرب وتونس وليبيا، ومصر -على الساحل الشمال الشرقي في شبه جزيرة سيناء حتى رفح والعريش وعلى الساحل الشمال الغربي حتى ليبيا.
لم يهتم الإنسان في تاريخه على الأرض بأي من الخضراوات كاهتمامه بالبصل، ولم يثر جدل واسع على شيء من الغذاء مثل ما دار حوله، وهو من أكثر الخضراوات فائدة للإنسان على الإطلاق، ومن أقدم ما عرف الإنسان منها.
أنواع البصل:
1- بصل العنصل(2) الأبيض، يمتاز بلون قشرته الخارجية وهو اللون الأصفر.
2- بصل العنصل الأحمر، يمتاز بلون قشرته الخارجية وهو اللون الأحمر، ويرجع لونه إلى وجود صبغة «الأنتوسيانين» في العصير الخلوي للأوراق.
نوعي: البصل الأبيض والبصل الأحمر، لا فرق بينهما من الوجهة الطبية ولكنهما يختلفان في المذاق، حيث أن الأبيض يفضل للأكل لأنه أقل حدة من الأحمر في مذاقه.
البصل في عيون المفكرين:
يرى أحمد قدامة في قاموسه بأن بعض مؤرخي أمريكا يقولون بأن الهنود الحمر عرفوا البصل وأطلقوا عليه اسم شيكاغو.. ومعنى شيكاغو القوة والعظمة. وكانوا يعتقدون أيضاً أن القشرة الرفيعة للبصل تتنبأ بالطقس، فكلما كانت أرق وأكثر شفافية كان هذا دليلاً على أن الشتاء سوف يكون قاسياً.
وقال ابن سينا: «إن التدليك بالبصل حول موضع داء «الثعلبة» ينفع جدًا، وماء البصل يدر الطمث ويقوي المعدة».
وتقول الحكمة الصينية القديمة: «تناول بصلتين يومياً ليبتعد عنك الطبيب».
هل تعلم: أن ضغط الماء داخل كل خلية في البصلة كاف لتشغيل محرك بخاري.
استعمل العرب في الجاهلية الأدوية الطبيعية من البصل، والثوم والحلبة، والحبة السوداء، والعسل والأدوية الروحية من الرقي والتمائم.
المواد الفعالة في البصل:
يحتوي البصل على مواد فعَّالة شبيهة بالمواد الموجودة في الثوم، ويحتوي كذلك على جليكوسيدات وجلوكوكونين، ويحتوى البصل على عناصر غذائية هامة مثل البروتينات والكربوهيدرات، كما يحتوي على كمية من الأملاح المعدنية أهمها أملاح الحديد والفسفور والكالسيوم، وأيضاً يحتوى على فيتامينات، ب، ج، والأحماض العضوية مثل حمض الستريك، كما يحتوى أيضاً على زيوت طيارة وألياف سليلوزية منشطة للأمعاء، مواد قاتلة لبعض أنواع البكتريا والفطريات، ويحتوي البصل على أنواع من مادة «الفرمنت»، وهي عامل هاضم للغذاء في عصارات المعدة والأمعاء، وهو يعالج حالات ارتفاع الحرارة (الحمى).
وأوضح خبراء التغذية أن البصل يقلل خطر الإصابة بسرطان المعدة؛ لاحتوائه على تركيزات عالية من مادة «كويرسيتين»، وهي أحد أنواع مركبات الفلافونويد الوقائية المضادة للأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من التأثيرات الضارة والتلف الذي تسببه جزيئات الراديكالات الحرة المؤذية، لذلك يُعتقد أنه يساعد أيضا في حماية القلب والشرايين. اكتشف العلماء في جامعة هاواي الأمريكية، أن البصل يحتوي على مركبات نباتية معينة مضادة للأكسدة تساعد في تقليل فرص الإصابة بسرطان الرئة.
البصل في الطب الحديث:
يندرج البصل تحت مجموعة المضادات الحيوية الطبيعية القاتلة للميكروبات والمعالجة للعديد من الأمراض، مطهر ممتاز وطارد للغازات وفاتح للشهية قاتل للجراثيم، فمضغ البصل لمدة أربع دقائق كافٍ لقتل جميع الميكروبات التي توجد في الفم لدرجة التعقيم، يستخدم لطرد بعض الديدان المعدية، يستخدم عصير البصل مع العسل بنسب متساوية في علاج الماء الأبيض الذي يصيب العين، يستعمل عصير البصل في دهان الأطراف المبتورة؛ لتسكين الآلام، منقوع شرائح البصل يستعمل لطرد الديدان عند الأطفال، علاج منزلي مشهور لحب الشباب، يستعمل مغلي البذور كذلك لإدرار البول، والبصل مقو للطاقة الجنسية.
ويقال أن أكل البصل: يزيد في قوة البصر، يوجب صفاء البشرة وحسن الوجه، يزيد في نمو الشعر، يقوي اللثة وتشد الأسنان، يدفع الحمى.
أثبت أحد باحثي دراسات الدم أهمية البصل في رفع معدل مادة الـ (HDL) في الدم، ولهذه المادة أهمية خاصة في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، كما أثبتت الدراسات أن تناول بصلة متوسطة يوميا يرفع معدل الـ (HDL) بمقدار 30% هذا إلى جانب المواد الأخرى ذات القدرة على إذابة تخثر الدم وخفض ضغط الدم، كما أثبتت التجارب العلمية الحديثة في كلية «فكتوريا» جامعة «نيوكاس» بإنجلترا أن البصل من الأدوية الوقائية المهمة للحفاظ على سلامة القلب ومنع حدوث الأزمات والذبحة الصدرية، حيث إنه يمنع تجلط الدم في شرايين القلب وانسدادها، وهو ما يمنع دخول الأكسجين والغذاء إلى عضلة القلب، وتبين أن العامل الموجود في تركيبة البصل الذي يمنع التجلط لا يتأثر بالحرارة ولا يذوب في الماء.
ويعالج نبات البصل مرضى السكر، حيث يحتوي على مادة «الجلوكينين»، وهي شبيهة بالأنسولين، ولها مفعول مماثل لمفعوله، فتساعد مادة الجلوكينين الجلوكوز للدخول في الخلايا للاحتراق. وينصح الباحثون في الدراسة التي نشرتها المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، بتناول البصل في الشوربات والسلطات والسندويتشات وغيرها من أنواع الطعام المختلفة بانتظام بصرف النظر عما قد يسببه من رائحة كريهة ينفر منها الناس.
فوائد صحية أخرى للبصل:
• البصل يقوي المعدة، ويحسن اللون، ويقطع البلغم، ويجلو المعدة.
• وبزره يذهب البهق، ويدلك به حول داء الثعلب فينفع جداً، وهو بالملح يقلع الثآليل.
• وإذا شمه من شرب دواء مسهلا: منعه من القيء والغثيان وأذهب رائحة ذلك الدواء.
• وإذا تسعط بمائه: نقي الرأس.
• والمطبوخ منه كثير الغذاء: ينفع من اليرقان والسعال وخشونة الصدر، ويدر البول، ويلين الطبع.
• والبصل المطبوخ يعالج الاكتئاب.
• إن مركب (الكويريتين) الموجود في البصل يفيد في منع أمراض الدورة الدموية وتنشيط الدم وتنقيته من الترسبات والسموم الناجمة عن حركة الدم العادية.
• ويستعمل البصل إذا دق وأغلي في زيت الزيتون في علاج تشقق الثدي والخراجات والبواسير.
• شراب البصل والعسل أفضل طريقة لمكافحة أمراض البرد والربو وطرد السعال.
• ولعلاج نوبات الربو يتناول المريض ملعقة صغيرة كل ثلاث ساعات من عصير البصل الممزوج بالعسل بأجزاء متساوية.
• ويستعمل طبياً في علاج أمراض القلب لاحتوائه على السيليكرين والسيللتوكسين وهذا علاج يشبه استعمال الديجتيال.
• والمشوي منه ينفع من وجع الظهر والورك.
• وماؤه إذا اكتحل به مع العسل نفع من ضعف البصر، والماء النازل في العين، وإذا قطر في الأذن نفع من الثقل السمع والطنين وسيلان القيح.
• وقد أثبت دراسات أن تناول البصل النيء اللاذع على وجه الخصوص يرفع من مستوى الكوليسترول النافع، ويرجع هذا إلى وجود المواد الكيماوية التي أكتشفها الباحثون وتقدر بحوالي 150 مادة فعالة.
• للبصل مفعولا واضحا في قتل الجراثيم التيفوس.
• إن الأبخرة المتصاعدة من البصل قادرة على قتل البكتيريا الضارة وخاصة في الجروح الملوثة.
• ويحتوي البصل على الكالسيوم بمقدار يزيد على عشرين ضعفاً عما في التفاح، ومن الفوسفور ضعف ما فيه، ومن الحديد وفيتامين A ثلاثة أضعاف ما فيه.
• يحتوي البصل على مواد مدرة للصفراء، فهو مهم لمتناولي اللحوم.
• في البصل مواد مقوية للأعصاب حيث يفيد الذين يعانون من التوتر العصبي.
• إن للبصل قوة شفائية عالية في حالة تضخم البروستاتا واشتداد أعراضها.
• ومن فوائده أيضا أنه يبعد المرض عن أسنا وللبصل خاصية مضادة للالتهاب كالثوم.
تحذيرات:
1– الإفراط في تناول البصل قد يسبب فقر دم؛ ولذلك ينبغي ألا تزيد كمية البصل التي يتناولها الفرد في اليوم عن بصلتين صغيرتين.
2– يحذر من تقطيع البصل وتخزينه وذلك لتكون مادة سامة فيه نتيجة للتأكسد لذا يجب استعمال البصل طازجاً.
3ـ طبخ البصل يقلل كثيراً من فوائده الغذائية.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أكل البصل أو الثوم أو الكراث فلا يقربنا ولا يقرب مسجدنا…»(3). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أكل هذه البقلة المنتنة الثوم والبصل فلا يغشانا في مجالسنا فإن الملائكة تتأذى بما يتأذى به المسلم»(4).
إذن البصل نافع ولكن يجب اختيار الطريقة المناسبة لأكله منعا لإيذاء الناس برائحته. وقد أشارت الدراسات إلى أن رائحة الثوم أو البصل في التنفس تنجم بشكل رئيسي من امتصاصها في الأنبوب المعوي وعبورهما البطيء إلى الرئتين، وقد وجد أن الرائحة الوصفية لهذه المواد تظهر في التنفس.
لإزالة رائحة البصل عن اليدين فينصح:
بغسل اليد بماء فاتر فيه كمية من الملح، أو بفركهما بورق البقدونس، أما رائحته النفاذة من الفم فيزيلها مضغ النعناع أو البقدونس أو أكل تفاحة أو شرب ملعقة من العسل النقي.
حتى لا تدمع العين من البصل:
وضع البصل في قدر فيه ماء قبل تنظيفه لمدة نصف ساعة حتى لا تدمع عيناك.
وأما ضرره:
«فإنه يورث الشقيقة، ويصدع الرأس، ويولد أرياحاً، ويظلم البصر، وكثرة أكله: تورث النسيان، ويفسد العقل، ويغير رائحة الفم والنكهة، ويؤذي الجليس والملائكة، وإماتته طبخاً تذهب بهذه المضرات منه»(5).
منافع البصل في الروايات:
عن الصّادق (عليه السلام) قال: "البصل يذهب بالحمّى".
وعنه قال: "إذا دخلتم أرضاً فكلوا من بصلها فإنّه يذهب عنكم وباءها".
روى الشهيد أنّه شكى رجل إلى أبي الحسن (عليه السلام) قلّة الولد، فقال: "استغفر الله وكل البيض بالبصل".
وقال: "والبصل يزيد في (القوة)، ويذهب البلغم، ويشدّ القلب، ويذهب الحمّى، ويطرد الوباء".
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا دخلتم بلداً فكلوا من بقله وبصله يطرد عنكم داءه، ويذهب بالنصب، ويشدّ العضد، ويزيد في الماء، ويذهب بالحمّى".
وقال الصّادق (عليه السلام): "البصل يطيب النكهة، ويذهب بالبلغم، ويزيد في (القوة)".
وقال(ع): "البصل يذهب بالنصب، ويشدّ العصب، ويزيد في الخطا (جمع خطوة أي يزيد في قوّة المشي) ويزيد في الماء، ويذهب بالحمّى".
وقال(ع): "كلوا البصل فإنّ فيه ثلاث خصال: يطيب النكهة، ويشدّ اللّثة، ويزيد في الماء و(القوة)".
وقال(ع): "البصل يطيب النكهة، ويشدّ الظهر، ويرقّ البشرة". إلى غير ذلك من الروايات الّتي بمضمون ما سبق(6).
الهوامش
(1) سورة البقرة، الآية: 61.
(2) العُنْصُلُ: البصلُ البريُّ، وهو الذي تسمِّيه الأطباء الإسْقالُ، ويتخذ منه خَلٌّ (لسان العرب –عصل– ج 11 ص 54.
(3) عوالي اللآلي: ح1، ص31- 103.
(4) الدعوات، قطب الدين الراوندي: 74.
(5) الطب النبوي: ص 223.
(6) مستدرك سفينة البحار: ج1، ص365.
المصدر: شبكة نور الإسلام الثقافيّة.
اترك تعليق