مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

هكذا التقى أهالي الشهداء بأبنائهم في جرود فليطة وعرسال المحررة

هكذا التقى أهالي الشهداء بأبنائهم في جرود فليطة وعرسال المحررة

صباح الجمعة الرابع من آب 2017، من بيروت إلى جرود فليطة السورية وجرود عرسال اللبنانية توزع أهالي الشهداء على سيارات الدفع الرباعي التي أقلتهم إلى حيث عروج وارتقاء أبنائهم شهداء في سبيل صون الوطن وتطهيره من الإرهاب التكفيري.
كنا كفريق موقع "العهد" الإخباري نتشارك سيارة مؤسسة الشهيد؛ حيث قادنا الشيخ محمد نصار؛ مدير منطقة بيروت في مؤسسة الشهيد؛ وإلى يمينه والد الشهيد فضل عباس بزي..
على طول الطريق من بيروت إلى البقاع أخذت السيارات تتسابق للوصول سريعا إلى الجرود وكانت العيون ترتقب رويدا رويدا اقترابنا من مقصدنا.
استطعت لبرهة أن أرى خلفي السيارة التي تقل عائلة الشهيد مهران الطقش حيث كان والده يرمقني بنظرة عز وسرور وترقب وفخر. فحزب الله بالنسبة للمضحين شريان حياتهم، وفي خطه بذلوا أرواح أبنائهم.
مع اقترابنا من بلدة رياق المعروفة بهوائها البارد حتى في فصل الصيف بدت السلسلة الشرقية ماثلة أمامنا من وسط سهل البقاع المبرقع كالسجاد بزراعات القمح والبطاطس، والزاخر بالعمل والعرق وبالناس الطيبين الذين قطنوا منذ زمن بعيد هذه الديار قبل أن يؤرق أمنهم وأمانهم الإرهابيون حين قبعوا في الجرود المشرفة على بيوتهم وأرزاقهم كما فعل الاحتلال الاسرائيلي في قرى جنوب لبنان قبل العام 2000م.
دقت الساعة الحادية عشرة في دورس حيث كثرت رايات المقاومة والجيش اللبناني على جانبي الطريق، طُلب منا الانتظار قليلا في استراحة قريبة ريثما يكتمل الموكب المتسلسل صعودا من بيروت على أن نعاود السير على خط الهرمل باتجاه قرية يونين.
بوصولنا إلى يونين وعند مفرق فرعي سلكنا يمينا باتجاه الشرق إلى أولى محطاتنا في الجرود، فاخترقنا الكثير من التلال وسرنا في طريق طويل وغير معبّد لما يقرب الساعتين.
ولم يكن ما يدل على وجود ماء في المنطقة سوى أعشاب شوكية وحجارة صخرية ولا شجر في المكان إلا في الوديان التي استفاد منها المجاهدون في استراحاتهم.
شيئا فشيئا وبابتعادنا عن ضوضاء المدن تغير كل شي حيث ساد الهدوء في القرى الوادعة على كتف السلسلة الشرقية، وبمجرد أن تطأ قدمك الجرود تنتابك هيبة المكان وهيبة التضحيات وهيبة الجهاد والشهادة.
اقتربت الثانية عشرة ظهرا وغبار العجلات خلفنا على الطريق الترابية يشق صفاء الجو. لقد صمت كل من معنا تهيبا لمشهد الصخور التي داستها أقدام المجاهدين والشهداء في معركة تطهير التراب وصون العرض من دنس التكفير.
وصلنا بعد جهد كبير إلى إحدى نقاط المقاومة حيث استقبلنا بعض المجاهدين وتحدث أحد قادة الهجوم على مواقع النصرة عن سير العمليات وذلك بعد أداء صلاة الظهر واستقباله عوائل الشهداء، مبينا أهمية ما جرى وموضحاً الروحية التي تمتع بها الشهداء من علاقة وارتباط بالله عز وجل وقدم عرضا بسيطا عن تضحياتهم وبسالتهم.
بعد استراحة بسيطة انفصل فريق موقع العهد الإخباري ليتجه قسم إلى محور معارك فليطة وآخر إلى محاور جرود عرسال بمواكبة المقاومين لإطلاع عوائل الشهداء عن كثب على مكان استشهاد أبنائهم.
قطعنا طريقا صعبة إلى فليطة مرورا بقلعة الشروق بعد دخولنا في الأراض السورية باتجاه الدشمة الشرقية وجبل الكرة وغيرها من التلال التي طهرتها المقاومة وتمركزت فيها وكان يحدثنا أحد المجاهدين أثناء المسير عن الطبيعة القاسية لهذه الجرود وعن تاريخ المعارك في هذه النقاط منذ عام مضى إلى اليوم.
وبعد وصولنا إلى أماكن شهادة عدد من الشهداء توزع الأهالي وكل أخذ بدوره صورة ابنه الشهيد وزرعها مكان استشهاده، بعد تقبيل التراب الذي احتضنه لساعات قبل سحب الجثامين.
أما من ناحية عرسال، حيث غالبية الشهداء، مر الموكب بالعديد من المقالع والكسارات ومغاور كانت جبهة النصرة تسيطر عليها قبل أن يدحر إرهابييها المقاومون ودماء الشهداء. انتشر الأهل على أماكن استشهاد أبنائهم بين من وقف على ساتر وبين من جمع الحجارة ليصنع من مكان شهادة ولده معلماً حيث زرعت الرايات الصفراء وصور الشهداء وأعلام لبنان.
ومن تلك الجرود بدت مواقع داعش ماثلة عن بعد للمقاومين والعوائل حيث قساوة المنطقة ووعورتها وبسالة المجاهدين وتضحياتهم.
مع اقتراب المساء كانت عوائل الشهداء تعود أدراجها إلى المدن اللبنانية وخصوصا بيروت حيث التقى موكبهم بتعزيزات للجيش اللبناني تخترق سهل البقاع صعودا إلى الجبال وجرود رأس بعلبك والقاع تمهيدا لاقتلاع "داعش" من تلك المناطق بعد اجتثاث النصرة منها.



المصدر: موقع العهد الإلكتروني.

التعليقات (0)

اترك تعليق