مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

"ظاهر ورائدة".. وحفل الزفاف الذي تأخر 18 عاما!

"تمام! إذن اتفقنا يا جماعة! فلنقرأ سورة الفاتحة إذن على نية التوفيق"، قالها والد ظاهر قبها بعد الاتفاق على مهر خطيبة ابنه رائدة قبها، لتبدأ شفاه الحضور بتمتمة الآيات القرآنية، لتتردد بعدها عبارات التهاني، فيما تعالت زغاريد النساء معلنة الحدث السعيد.
قال بعدها والد العروس: "سنذهب غدا بالطبع لـ"كتب الكتاب" في المحكمة الشرعية كي تكون "خطوبة رسمية" مثلما هي تقاليدنا بالطبع.
متى تنوي يا ظاهر إقامة حفل الزفاف؟"، فأجاب الشاب العشريني وقتها: "بعد عام بإذن الله يا عمي.. لأنني أريد تجهيز بيتي بالأثاث "على مهلي"! ". دون أن يدري أنه بعدها بشهور ستصبح قريته "محرمة" عليه، وأنه لن يهنأ بأثاث بيته ذاك أبدا. أما حفل الزفاف فتأخر عن موعده لعشرين عاما تقريبا..!
من"برطعة" بدأت الحكاية..
بمجرد أن تخطو بيت الأسير المحرر ظاهر قبها، ستشعر وكأنك في "الضفة الغربية" بالفعل: عبارات الترحيب تنهال عليك، والسؤال عن صحتك بـ"تشيف (كيف) حالك؟" مثلما ينطقها أهل قرى الضفة الغربية، فيما كان ظاهر ووالده السبعيني يتبادلان الحديث عن ذكريات "الماضي السعيد".
"من أين تحب أن أبدأ لك الحكاية؟ "، سألني ظاهر، لأجيبه بتلقائية: "دعنا نبدأ الحديث عن قريتك وحياتك فيها قبل الاعتقال..". ابتسم وهو يردف: "لا بأس. أنا من قرية بالضفة الغربية المحتلة اسمها "برطعة"...
لم تعد برطعة، تلك القرية الهادئة في محافظة جنين بالضفة الغربية، كما عرفها ظاهر: ازداد عدد سكانها من بضعة آلاف –جميعهم تقريبا من عشيرة قبها بالمناسبة! – إلى ما يزيد عن الخمسة عشر ألفا! إلا أنها حافظت على طبيعتها الساحرة، بحكم اقترابها من وادي عارة، ووجودها على مشارف جبلين، فيما ملأتها أشجار الزيتون والتين والخروب والتوت.
كما التهم جدار الفصل العنصري القرية بكامل مساحتها الضئيلة البالغة تسعة كيلومترات مربعة، لتصبح فعليا "جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948"، حيث أصبح فيها "سوق كبير" لبيع بضائع الضفة الغربية إلى أهالي القرى الفلسطينية الأخرى، وليصبح ملعب كرة القدم في صبا ظاهر أكبر سوق في شمال الضفة الغربية بكامله، والذي يؤمه يوم الجمعة نحو خمسين ألف شخص! كما أن بها منطقة صناعية نشطة.
رشف ظاهر من فنجان القهوة العربية الذي أمامه بصوت مسموع، قبل أن يكمل بالقول: " والدي فلاح مثل معظم سكان القرية، ولما تقدمت به السن، أصبح يعتمد على ريع إيجارات عدد من المحلات التجارية التي يمتلكها في القرية. أما أنا فكنت أدرس في كلية للشريعة بمدينة قلقيلية، وكنت أتاجر في الدواجن التي أربيها في بيتنا الكبير بالقرية، كما أنني كنت أعمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 منذ الصغر، حتى أنني أصبحت أعرفها وكأنها قريتي!".
ساهمت معرفته تلك بأن ينسق للعديد من أعمال المقاومة انطلاقا من قريته التي انطلق منها العديد من المقاومين، وليعطيهم وصاياه قبل الذهاب: " لا تهاجموا الحافلات التي تبدأ لوحات ترقيمها بالرقم 34 لأن فيها غالبا ركابا من العرب، تجنبوا مهاجمة الحافلات التي يكون ركابها مدنيين كالنساء والأطفال والتي تبدأ لوحات ترقيمها برقمي 21 و19 غالبا. ركزوا على الحافلات التي تبدأ أرقامها بـ35 لأنكم ستجدون فيها الجنود الذين يعملون بالضفة الغربية وقطاع غزة. هؤلاء هم من نريد استهدافهم بالدرجة الأولى!".
الحياة بـ"اللون الوردي"!
"ما اسم تلك الفتاة يا أمي؟" سألها ظاهر باهتمام، فيما أجابت هي قائلة باستبشار واضح: "اسمها رائدة يا بني. ابنة عم صبحي صاحب دكان معروف بقريتنا، وهو رجل طيب كما تعلم، و"البنت ما شاء الله عنها" محترمة و"بنت أصول" كما تريدها تماما، فماذا قلت؟". خفض بصره إلى الأرض لدقائق التزم فيها الصمت، قبل أن يرفع عيناه إلى والدته مباشرة، فيما ظهرت على وجهه ابتسامة واسعة وهو: "دعيني أراها أولا، ونرجو من الله أن يجلب لنا الخير!".
كانت وما زالت تقاليد الخطبة بقرية برطعة على حالها: تبحث الأم عن عروس عبر سؤال شبكة واسعة من الجيران والأقرباء وسكان القرية، بعد استعلام الشاب الراغب بالزواج عن "المواصفات" التي يريدها بالفتاة: طويلة أم قصيرة؟ بيضاء أم قمحية؟ وغيرها من التفاصيل الأخرى. كان طلب ظاهر من أمه محددا وواضحا، عندما بدأت بالبحث عن زوجة له: "أريد فتاة من أسرة محافظة وملتزمة، وأن تكون على خلق ودين. هذا ما يهمني بالمقام الأول..".
لن ينسى ظاهر ذلك اليوم أبدا: إنه يوم أن رأى رائدة، التي قدمت له "قهوة الضيافة"، التي كانت في الثامنة عشرة من عمرها، بخجل واضح، كان باديا عليه هو الآخر. يقول ظاهر: "مجرد أن رأيتها عرفت أن هذه هي الفتاة التي أرغب بربط مصيري معها إلى الأبد. أعجبني فيها حياؤها ورقتها وأدبها الجم. ولم أتردد في قراري الذي لم ولن أندم عليه بإذن الله..".
عاش ظاهر بعدها أجمل تسعة أشهر في حياته كلها: ينتهي من أعماله ودراسته، لينطلق إلى بيت "زوجة المستقبل"، مستمتعا بألوان الطعام التي تعدها له، ويناقشان ويخططان ما يريدان تنفيذه بالمستقبل. كانت الحياة بالنسبة لظاهر وقتها مشرقة ودافئة كشمس نيسان، ويانعة كأزهار الربيع.
بدت على ملامح ظاهر ابتسامة حنين واضحة للماضي، وهو يقول: " قينا وقتها مخطوبين لما يقرب من عام كامل..". قاطعته رائدة بالقول باسمة: "بل لتسعة أشهر بالضبط يا ظاهر.."، هز رأسه موافقا وقد اتسعت ابتسامته وهو يقول مستدركا: "هذا صحيح تماما. لقد اختلطت علي الأمور بحكم معاناتي في السجن. المهم في الأمر أنه قد تبقى على موعد حفل الزفاف وقتها ثلاثة أشهر، حيث كان من المفترض أن يعقد في الصيف، "موسم الأفراح" بقريتنا" مثلما هو معروف للجميع.. إلا أن اعتقالي أفسد كل شيء".
الورطة..
"ما اسمك؟"، قالها ضابط في جيش الاحتلال لظاهر الذي أجابه بسرعة: "اسمي محمد!"
- أين بطاقة هويتك الشخصية؟
- ليست موجودة معي الآن..
كان ذلك الضابط ضمن قوة قدمت لاعتقال ظاهر من قريته عام 1994، بناء على تعليمات صارمة من قيادات جيش الاحتلال: "ظاهر
قبها: شاب في الثانية والعشرين من عمره. أحد نشطاء التنظيمات الفلسطينية ببرطعة كما أنه يعمل متطوعا كمحفظ بمسجد القرية. مطلوب القبض عليه حيا..".
يقول ظاهر: "كنت أعمل مع المقاومة في الخفاء، محاولا أثير الانتباه حولي بقدر الإمكان، وبالفعل لم يشعر أي من أهلي أو أصدقائي أو حتى خطيبتي بنشاطاتي في المقاومة..".
يوم اعتقاله، لاحظ حركة غير طبيعية لقوات جيش الاحتلال قرب بيته، فلم يكذب خبرا: علم أن الاحتلال قد كشف –بشكل أو بآخر– أنه ضمن المقاومين بالقرية، وأن عليه الهرب الآن قبل أن يتم الإمساك به.
تسلل ظاهر زحفا من خلف بيته إلى الأشجار التي تملأ باحة الدار الخلفية، مستترا بالظلام الذي بدأ ينتشر مع غروب الشمس يومها، منطلقا نحو بيت جده، ليختبئ مؤقتا بين الأشجار المحيطة به، إلا أن الإسرائيليين كانوا له بالمرصاد: إذ أنهم عندما لم
يجدوه في بيته قرروا تفتيش بيوت أقاربه بالقرية، بادئين بمنزل جده!
شبك ظاهر أصابع يديه وهو يستعيد ذكريات تلك اللحظات العصيبة: " نت مستلقيا على الأرض في منطقة تملؤها الأشجار المثمرة، ومجاورة لبيت جدي، عندما شعرت بحركة غير عادية لأبادر فورا بالتحرك والفرار. وجدت أمامي سورا لم أتردد من القفز من فوقه، فهل تعلم ماذا حدث ساعتها؟"، عاد بظهره إلى الوراء وهو يقول مبتسما: "وجدت نفسي بين ثلة من الجنود الإسرائيليين! إذ كانوا يعتزمون هم أيضا اقتحام المكان عبر تسلق السور! ولولا لطف الرحمن لأطلقوا النار علي فورا بسبب مفاجأتي لهم، لكن الله سلم..".
سأله الضابط الإسرائيلي ساعتها عن اسمه وطلب منه إظهار هويته، وكاد ظاهر أن يخدعهم لولا أمر واحد: كان مع القوة ضابط مخابرات إسرائيلي يشرف على العمليات الاستخبارية لأجهزة الاحتلال الأمنية بالقرية، وقد سبق وأن اعتقل ظاهر في وقت سابق لكتابته الشعارات الوطنية على الجدران، مما يعني أنه يعرف هويته جيدا، فصرخ بزملائه: "هذا هو ظاهر.. أمسكوه!"، لينقل بعدها إلى أروقة التحقيق الإسرائيلي بكل عذاباته.
فوجئ أهل القرية بأن ظاهر لم يكن مجرد "ناشط صغير" يقوم بأعمال بسيطة كرفع العلم الفلسطيني والرايات الوطنية على أعمدة الكهرباء، وكتابة الشعارات على الحوائط، بل هو أيضا أحد أهم المنسقين لها بالقرية، وكان النصيب الأكبر من هذه "المفاجأة" من نصيب "نصفه الآخر".. رائدة بالطبع!
لكن الكارثة حلت: نجح الإسرائيليون في "انتزاع" اعترافات أحد أفراد المجموعة التي يعمل معها تحت التعذيب، وحاكموا ظاهر بناء عليها، حيث يتابع هو سرد قصته: "بعد أخذ و رد في المحاكم الإسرائيلية، حكم علي بالسجن لثلاثين عاما. كان هذا الحكم كافيا بالنسبة لأصهاري بـ"نسف" مشروع زواجي من رائدة".
رائدة و"المشوار الصعب":
تحدث والدها معها مرارا فرفضت الاستماع إليه، تجاهلت نصائح أقربائها. تحدث إليها وجهاء أسرتها بلهجة شديدة لـ"تليين رأسها اليابس"، ففشلوا. تقدم إليها الكثير من الشبان لطلب يدها للزواج فرفضتهم جميعا، قائلة لهم: "أنا لا زلت متمسكة بخطيبي ظاهر، وسأنتظره حتى يخرج!". كان قرارها مفاجأة من "العيار الثقيل"، وظنوا أن "مسا من الجنون" أصابها: هي "خطيبته" وليست "زوجته".
والفارق بين الصفتين كبير! ثم إن "الرجال لم ينتهوا من الدنيا"، مثلما قالوا لها! إن المجتمع يستطيع أن يستوعب انتظار امرأة لديها أطفال لزوجها الأسير لسنوات طوال، ولكن ما الذي يدعو فتاة في مقتبل العمر إلى التمسك بخطيبها الذي لن يخرج من السجن إلا بعد ثلاثين عاما، ستصبح بعدها غالبا غير قادرة على الإنجاب بفعل كبر سنها؟!
بدت ابتسامة حياء واضحة على وجه رائدة وهي تقول، قبل أن تخفض بصرها إلى الأرض: "لقد أعجبت بظاهر منذ أن رأيته في المرة الأولى: كان شابا رائعا، متدينا وخلوقاً من أفضل شباب قريتي. ولما سجنه الاحتلال قررت ألا أتخلى عنه: أن أكون "بصيص الأمل" الذي يلوح له في السجن، وألا أتخلى عنه في محنته هذه أبدا، لكن هذا لم يكن سهلا على الإطلاق.. كما أنه كان متمسكا بي أيضا، وقد قرر كلانا ألا يخضع لأية ضغوط وأن نصمد أمامها سوية، موكلين أمرنا لله".
كان الفتيات بعمر رائدة يتمتعن بـ"لحظات رومانسية" مع خاطبيهن من الشبان بالمطاعم والمتنزهات، فيما لم تحظ هي بأكثر من رؤيته مرة واحدة فقط كل شهرين، في مختلف السجون الإسرائيلية: مجدو، الجلمة، هشارون، وغيرها من السجون التي تنقل ظاهر بينها. كانت تتحمل بصبر نادر الانتظار لساعات طويلة أمام الحواجز الإسرائيلية المختلفة، قبل أن تصل إلى السجن، فترى "خطيبها"، عبر الزجاج، محاطا بعشرات السجانين، ولأربعين دقيقة فحسب، تعود بعدها وقد استمدت قوة "غير عادية" من لقائها به! فيما استهجن أقرباؤها والمحيطون بها ما تقوم، ثم اعتادوا شيئا فشيئا على الأمر على مدى سنوات انتظارها المتلاحقة.
.. وجاء الفرج!
"هل تذكرين يا رائدة جلساتنا سوية ببيتكم؟ هل تذكرين أيضا تمتعنا بالوجبات الرائعة التي كنت تعدينها بنفسك خصيصا لي؟ إيه يا رائدة. لقد مضى العمر سريعا..!".
سكت بعدها ظاهر، فيما شرعت رائدة بـ"البكاء الصامت"، وقد أهاج مشاعرها تذكر تلك الأيام بكل ذكرياتها الحلوة: كانت الفتاة ابنة الثامنة عشرة قد نضجت، وأصبحت في السادسة والثلاثين ولم تيأس من انتظار خروجه من السجن. تحملت رائدة أن ترى رفيقات الصبا يتزوجن وينجبن، فيما تتوالى السنوات عليها دونما أمل يلوح في الأفق يبشر بقرب خروج ظاهر من السجن، لكن أملها بالله سبحانه وتعالى، الذي استمرت في ابتهالها إليه طيلة تلك السنوات لم يتزحزح مطلقا. قالت له، وقد احمرت عيناها من البكاء وتهدج صوتها: "لا تقلق يا ظاهر! لقد دعوت الله أن تكون هذه زيارتي الأخيرة لك! وأشعر هذه المرة أن الله سيستجيب لدعائي! أسأل الله أن يتمم صفقة شاليط على خير، وأن تخرج قريبا..".
لكنها لم تتوقع أن يكون هذا "الفرج القريب" بعد أسبوع واحد فقط من زيارتها له! أخيرا استجاب الله لدعواتها المتواصلة بعد ثمانية عشر عاما: ها هو ظاهر يخرج من السجون الإسرائيلية، ضمن الدفعة الأولى لصفقة "وفاء الأحرار"، لكنه يصل غزة "مبعدا محروما من الانتقال إلى قريته بالضفة الغربية"، فكان عليها أن تنتقل إليه هناك. تكمل هي باسمة: "لم يكن خروج ظاهر فرحاً لي وحدي، بل ولكل أهالي برطعة، حيث انهال علي المهنئون يباركون لي قائلين: " والله صبرت ونلت يا رائدة!"، أحسست بأن تعب كل تلك السنوات قد تهاوى عن كتفي. أما من اتهموني بـ"الجنون"، قبل ثمانية عشر عاما، فقد أدركوا أخيرا خطأهم وهذا يكفيني..".
قبل أن تنتقل رائدة إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح، بعد خروجها من الضفة الغربية إلى الأردن، وانتقالها منه إلى مصر، أقام أهل برطعة حفل زفاف أسطورياً، كان حدثاً لن تنساه هذه القرية الصغيرة أبد: "كانت هنالك ساحة تتسع لأكثر من خمسة وعشرين ألفا بوسط القرية، امتلأت عن آخرها خلال حفلة زفافي بالقرية، فيما عمت الزينات ومظاهر الفرح كل شبر ببرطعة. كان يوما مشهودا في حياتي، حيث عوضني الله عن زفافي الذي تأخر لعقدين تقريبا بزفافين كليهما أقرب إلى "حدث تاريخي"، أولهما ببرطعة والثاني بقطاع غزة..".
هناك بغزة، كانت ينتظرها بلهفة، شعر معها بأنه سيحلق إلى السماء من الفرح: لأول مرة يراها دون أن يكون مقيدا بإذلال السجون الإسرائيلية. دون أن يحاول "إمدادها" بالصبر لسنين أخرى. دون أن تحدد مدة رؤيته لها لأقل من ساعة كل شهرين، يعود بعدها منتظرا لـ"جرعة الأمل الجديدة" التي ستمنحه إياها بعد ستين يوما على الأقل! وكان زفاف ظاهر قبها حدثا عظيما في غزة، بحكم أنه أول أسير محرر في صفقة "وفاء الأحرار" يتمم إجراءات زواجه على أرض غزة، لتبقى قصة صبره ورائدة من أكبر مثال على أن الأمل في الحياة أقوى سلاح يمكن أن يمتلكه الإنسان في مواجهة الاحتلال.

المصدر: صحيفة فلسطين.

التعليقات (0)

اترك تعليق