مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

بين الإدمان عليه وتكاثر الفيروسات التخريبية والأخلاقية على صفحاته: «الإنترنت» هل يتحوّل الى نقمة على المجتمعات؟

مع ازدهار عصر الانترنت، لا يكاد يخلو بيت من وسيلة الاتصال العالمية هذه، والتي باتت تشكل جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان، في البيت وفي العمل. كما أنّ استخدام الانترنت أصبح أمراً سهلا للجميع ومتاحا في أي وقت.
لكن الانترنت سلاح ذو حدين، وهو كالدواء، إن استخدمته كما وصفه لك الطبيب نفع، وإن غيرت بوقته أو تناولت جرعة مفرطة في الزيادة أصابك منه الضرر.
ولشبكة الانترنت محاسن ومساوئ، فوائد وأضرار، مثلها مثل أي منجز من منجزات العصر الصناعي، فبقدر ما تبشر به شبكة الانترنت من آمال وفرص وإمكانات، فهي محفوفة بالمخاطر والتحديات السلبيات.
فوائد الانترنت: 
للانترنت فوائد عديدة، فهو يقوم على إتاحة وفرة المعلومات في شتى حقول العلم والمعرفة، حيث تنتج العقول البشرية الآن من المعلومات والمعارف في سنوات قلائل قدرا يفوق ما كانت تنتجه سابقا في عقود زمنية طويلة. والمطلوب توظيف العلم والمعرفة لمصلحة الإبداع والتقدم العلمي وتنمية القدرات العقلية، والقدرة على التعامل مع الكم الهائل من المعلومات بشكل علمي قائم على الاستنباط والاستنتاج والتحليل.
ومن فوائد شبكة الانترنت أيضا أنها تتيح لكل واحد منا أن يفتح له موقعا عليها يبث من خلاله أفكاره وخواطره وفلسفته للأشياء والحياة. فضلا عن الخدمات الكثيرة التي تقدمها الشبكة لمستخدميها كالبريد الالكتروني والاتصالات الهاتفية، والتسوق في المتاجر والأسواق والمعارض والمتاحف والإطلاع على البحوث.
ومن محاسن الشبكة أيضا سرعة الوصول إلى المعلومات، والحصول على جوانب مختلفة في حقول العلم والمعرفة وقراءة كل ما ينتشر في الصحف والمجلات الصادرة في مختلف أنحاء العالم ومشاهدة القنوات التلفزيونية وكذلك الاستماع إلى الإذاعات، والتعرف على كل ما يحدث في أرجاء العالم في وقت الحدث مباشرة.
كما أنه في الإمكان قراءة مختلف أنواع الكتب الالكترونية، وزيادة مواقع المكتبات، والتعرف على البلدان والمدن، والشخصيات والأعلام، ومن الممكن أيضا إقامة علاقة عامة من خلال الشبكة، والتحاور مع القريب والبعيد من خلال الرسائل المكتوبة، ويمكن إضافة عنصري الصوت والصورة.
وكذلك يمكن الاستفادة من الانترنت للاستمتاع بالهوايات المختلفة والترويح عن النفس وغير ذلك كثير، وأيضا التجارة، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون في مجال التجارة، يقدمون على استخدام الانترنت من أجل تبادل الصفقات التجارية والاستثمار.
ويتم من خلال الانترنت تحميل البرامج وتحديثها بأقل تكلفة، بالإضافة إلى الخدمات الواسعة في شتى مجالات الحياة العلمية والأدبية والالكترونية، فضلاً عن اعتباره طريقة اتصال سريعة ومباشرة، سواء عن طريق برامج المحادثات أو عن طريق برامج أخرى.
والآن نحن في عصر التكنولوجيا، فأي شيء في الحياة أصبح يسير عن طريق الكمبيوتر والانترنت والتكنولوجيا. والآن، أصبحت الحكومات تدير الكثير من أعمالها عن طريق الانترنت وربط كافة المؤسسات الحكومية والوزارات بأجهزة الكمبيوتر والانترنت، وهذا ما يطلق عليه الآن في عصرنا هذا «الحكومة الالكترونية».
مساوئ الإنترنت:
هناك العديد من الأمور السيئة التي يجب أن نعرفها ونعمل على تجنبها والابتعاد عنها في تعاملنا مع الإنترنت، ومنها:
1- المواقع اللاأخلاقية التي تكثر وتتكاثر في الإنترنت والتي يتم نشرها ودسها بأساليب عديدة في محاولة لاجتذاب الأطفال والمراهقين إلى سلوكيات منحرفة ومنافية للأخلاق.
2- التعرض لعمليات احتيال ونصب وتهديد وابتزاز.
3- غواية الأطفال والمراهقين حيث يتم التحرّش بهم وإغواؤهم من خلال غرف الدردشة والبريد الإلكتروني.
4- نشر مفاهيم العنصرية.
5- الدعوة إلى أفكار غريبة مناقضة لديننا و لقيمنا ومفاهيمنا، والتي تعرض بأساليب تبهر المراهقين، مثل عبادة الشيطان والعلاقات الغريبة الشاذة.
6- الدعوة للانتحار والتشجيع له من خلال بعض المواقع وغرف الدردشة.
7- جرائم القتل التي ترتكب من خلال غرف المحادثة الغريبة من قبل جماعات تدعو لممارسة طقوس معينة لفنون السحر تؤدي بالنهاية إلى قتل النفس.
8- الانغماس في استخدام برامج الاختراق (الهاكرز) والتسلل لإزعاج الآخرين وإرسال الفيروسات التخريبية والمزعجة.
9- مشكلة إدمان الإنترنت والأمراض النفسية التي تنجم عن سوء استخدام الإنترنت مثل الاكتئاب.
10- الحياة في الخيال وقصص الحب الوهمية والصداقة الخيالية مع شخصيات مجهولة وهمية أغلبها تتخفى بأقنعة وأسماء مستعارة، وما يترتب على مثل هذه القصص من عواقب خطيرة.
11- استخدام الأسماء المستعارة وتقمص شخصيات غير شخصياتهم في غرف الدردشة، وما يتبع ذلك من اعتياد ارتكاب الأخطاء والحماقات، واستخدام الألفاظ النابية.
12- ممارسة الشراء الإلكتروني من دون رقابة من خلال استخدام البطاقات الائتمانية الخاصة بأحد الوالدين.
13- ممارسة القمار والتي تنتشر مواقعها ويتم الترويج لها بكل الوسائل عبر الإنترنت.
14- التشهير بالأفراد والشركات وترويج الإشاعات المغرضة عبر نشرها بالمواقع أو من خلال غرف الدردشة أو البريد الإلكتروني.
15- الإفراط في استخدام اللهجات المحكية العامة، والابتعاد عن استخدام اللغة العربية الفصحى في غرف الدردشة والمنتديات والرسائل الإلكترونية.
16- ممارسة انتهاك حقوق الملكية بوضع نسخ للكتب والأغاني والأفلام على سبيل المثال في مواقعهم أو تداولها في ما بينهم من خلال أجهزتهم مباشرة.
17- تعرض أجهزة الكمبيوتر للتلف والخراب بتأثير الفيروسات التي تصل عبر الإيميل والمواقع وملفات التحميل.
18- تعرض خصوصية المعلومات التي في الأجهزة للاختراق من قبل المخترقين المحترفين وهواة الإختراق وبرامج التجسس.
19- التعب الجسدي والإرهاق والأضرار الصحية والتي يسببها الإستخدام الطويل للكمبيوتر والإنترنت. من ضرر للعيون والعمود الفقري والمفاصل والأعصاب وزيادة الوزن أو نقصان الوزن وغيرها من المخاطر الصحية الجسدية.
20- السقوط في حلقة الجلوس على الإنترنت لمدة طويلة، مما يؤدي إلى إدمان الجلوس أمامه لساعات طويلة، بما يعطّل الكثير من أنشطة المستخدم الأخرى: العلمية والاجتماعية والرياضية والإنتاجية.
21- العزلة عما يحدث في المجتمع والابتعاد عن الواقع المعاش، بما ينتج عن تفكك الروابط والعلاقات المباشرة، والاستعاضة عنها بلقاءات الغرف الإلكترونية.
22- الاعتقاد بأن المعلومات على الشبكة دوماً صحيحة.
الإدمان على الانترنت:
يصبح الشخص مدمنا على الانترنت عندما يبدأ بمعاناة الحالات الثماني التالية:
1- التفكير الدائم في الإنترنت حتى أثناء البعد عن الكمبيوتر.
2- الشعور بالرغبة في زيادة عدد ساعات استخدام الإنترنت.
3- البقاء على الشبكة لفترة أطول من المخطط له.
4- الفشل مرارًا في ضبط عدد ساعات استخدام الإنترنت.
5- التوتر عند عدم استخدام الإنترنت.
6- الشعور بالندم على فقد مكتسبات معينة وعلاقات، صفقات، التزامات، بسبب كثرة استخدام الإنترنت.
7- الكذب على المحيطين لأجل التفرغ للمزيد من استخدام الإنترنت.
8- اللجوء للإنترنت للهروب من مشاكل الحياة.
آثار الإدمان السلبية:
للإدمان على الانترنت آثار سلبية عديدة، أبرزها:
1- مشاكل صحية: يتسبب الإدمان في اضطراب نوم صاحبه بسبب حاجته المستمرة إلى تزايد وقت استخدامه للإنترنت، حيث يقضي أغلب المدمنين ساعات الليل كاملة على الإنترنت، ولا ينامون إلا ساعة أو ساعتين حتى يأتي موعد عملهم أو دراستهم، ويتسبب ذلك في إرهاق بالغ للمدمن مما يؤثر على أدائه في عمله أو دراسته، كما يؤثر ذلك على مناعته؛ مما يجعله أكثر قابلية للإصابة بالأمراض. كما أن قضاء المدمن ساعات طويلة من دون حركة تذكر يؤدي إلى آلام الظهر وإرهاق العينين، ويجعله أكثر قابلية لمرض النفق الرسغي (carpal tunnel syndrome).
2- مشاكل أكاديمية: كثير من طلاب المدارس المستخدمين للإنترنت اعترفوا بانخفاض مستوى درجاتهم وغيابهم عن حصصهم المقررة بالمدرسة، ومع أن الإنترنت يعتبر وسيلة بحث مثالية فإن الكثير من طلاب المدارس يستخدمونه لأسباب أخرى، كالبحث في مواقع لا تمت لدراستهم بصلة، كالثرثرة في حجرات الحوارات الحية أو كاستخدام ألعاب الإنترنت.
3- مشاكل أسرية: يتسبب انغماس المدمن في استخدام الإنترنت وقضائه أوقات أطول وأطول عليه في اضطراب حياته الأسرية حيث يقضي المدمن أوقاتًا أقل مع أسرته، كما يهمل المدمن واجباته الأسرية والمنزلية؛ مما يؤدي إلى إثارة أفراد الأسرة عليه.
وبسبب إقامة البعض علاقات غرامية غير شرعية من خلال الإنترنت، تتأثر العلاقات الزوجية حيث يحس الطرف الآخر بالخيانة، وقد أطلق على الزوجات اللاتي يعانين من مثل هؤلاء الأزواج بأنهن أرامل الإنترنت (cyberwidows).
4- مشاكل في العمل: بسبب وجود الإنترنت في مكان عمل الكثير من الناس يحدث في بعض الأحيان أن يضيع العامل بعض وقت عمله في اللعب على الإنترنت، أو استخدامه في غير موطن تخصصه، ويشكل ذلك مشكلة أكبر إذا كان العامل مدمنًا للإنترنت. كما أن سهر مدمن الإنترنت طيلة ساعات الليل يؤدي إلى انخفاض مستوى أدائه لعمله.
علاج إدمان الإنترنت:
هناك عدة طرق لعلاج إدمان الإنترنت، أول ثلاث منها تتمثل في إدارة الوقت، ولكنه -عادة- في حالة الإدمان الشديد لا تكفي إدارة الوقت؛ بل يلزم من المريض استخدام وسائل أكثر هجومية:
أ- عمل العكس: فإذا اعتاد المريض استخدام الإنترنت طيلة أيام الأسبوع، نطلب منه الانتظار حتى يستخدمه في يوم الإجازة الأسبوعية، وإذا كان يفتح البريد الإلكتروني أول شيء حين يستيقظ من النوم نطلب منه أن ينتظر حتى يفطر، ويشاهد أخبار الصباح، وإذا كان المريض يستخدم الكمبيوتر في حجرة النوم نطلب منه أن يضعه في حجرة المعيشة وهكذا.
ب- إيجاد موانع خارجية: نطلب من المريض ضبط منبه قبل بداية دخوله الإنترنت بحيث ينوي الدخول على الإنترنت ساعة واحدة قبل نزوله للعمل مثلاً، حتى لا يندمج في الإنترنت بحيث يتناسى موعد نزوله للعمل.
ج- تحديد وقت الاستخدام: يطلب من المريض تقليل وتنظيم ساعات استخدامه بحيث إذا كان -مثلاً- يدخل على الإنترنت لمدة 40 ساعة أسبوعيًّا نطلب منه التقليل إلى 20 ساعة أسبوعيًّا، وتنظيم تلك الساعات بتوزيعها على أيام الأسبوع في ساعات محددة من اليوم بحيث لا يتعدى الجدول المحدد.
د- الامتناع التام: كما ذكرنا فإن إدمان بعض المرضى يتعلق بمجال محدد من مجالات استخدام الإنترنت. فإذا كان المريض مدمنًا لحجرات الحوارات الحية نطلب منه الامتناع عن تلك الوسيلة امتناعًا تامًا في حين نترك له حرية استخدام الوسائل الأخرى الموجودة على الإنترنت.
هـ- إعداد بطاقات من أجل التذكير: نطلب من المريض إعداد بطاقات يكتب عليها خمسًا من أهم المشاكل الناجمة عن إسرافه في استخدام الإنترنت، كإهماله لأسرته، وتقصيره في أداء عمله مثلاً، ويكتب عليها أيضًا خمسًا من الفوائد التي ستنتج عن إقلاعه عن إدمانه، مثل: إصلاحه لمشاكله الأسرية، وزيادة اهتمامه بعمله، ويضع المريض تلك البطاقات في جيبه أو حقيبته حيثما يذهب، بحيث إذا وجد نفسه مندمجًا في استخدام الإنترنت يخرج البطاقات، ليذكّر نفسه بالمشاكل الناجمة عن ذلك الاندماج.
و- إعادة توزيع الوقت: نطلب من المريض أن يفكر في الأنشطة التي كان يقوم بها قبل إدمانه للإنترنت؛ ليعرف ماذا خسر بإدمانه مثل: قراءة القرآن، والرياضة، وقضاء الوقت بالنادي مع الأسرة، والقيام بزيارات اجتماعية وهكذا.. نطلب من المريض أن يعاود ممارسة تلك الأنشطة لعله يتذكر طعم الحياة الحقيقية وحلاوتها.
ز- الانضمام إلى مجموعات التأييد: نطلب من المريض زيادة رقعة حياته الاجتماعية الحقيقية بالانضمام إلى فريق الكرة بالنادي مثلاً أو إلى درس لتعليم الخياطة أو الذهاب إلى دروس المسجد؛ ليكوّن حوله مجموعة من الأصدقاء الحقيقيين.
ح- المعالجة الأســرية: في بعــض الأحـيان تحتاج الأسرة بأكمــلها إلى تلقي عـلاج أسري بســبب المشاكل الأسرية التي يحدثها إدمان الإنترنت، بحــيث يــساعد الطبيب الأسرة على استعادة النقاش والحوار فيما بينها، ولتقتنع الأسرة بمدى أهميتها في إعانة المريض؛ ليقلع عن إدمانه.
من يستخدم الإنترنت في البلدان العربية؟
جاء في دراسة نشرت مطلع العام 2012 أنّ أكبر عدد من المشاركين في الاستبيان لاستخدام الشبكة العريضة من المملكة العربية السعودية بنسبة 34 %، تلتها مصر بنسبة 18 %، ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة 12 %، فالأردن بنسبة 8 %، فالبحرين 7 %، ثم الكويت 6 %. وكانت النسبة متساوية لتونس وعمان 4 %، لتنخفض في لبنان إلى 3 %، واليمن إلى 2 %، فسوريا 1 %، وتلتها ليبيا بنسبة 0.8 %. واحتلت السودان آخر القائمة بنسبة 0.2 %.
وكشفت الدراسة عن أن متوسط أعمار المشاركين يبلغ 29.9 سنة. ويشير هذا إلى أن تردد متوسطي العمر في الالتحاق بالشبكة بدأ يتلاشى. لكن، يبدو أن الأجيال المتقدمة في العمر لازالت مترددة في الانضمام إلى مجتمع الشبكة، بدلالة أن متوسط أعمار مستخدمي إنترنت في البلدان العربية لا زال يقل عن المتوسط العالمي البالغ 33 عاماً. بلغ عمر أصغر المشاركين في الاستبيان 13 عاماً، وأكبرهم 68 عاماً. وبتقسيم أعمار المشاركين إلى فئات عمرية، تمركزت النسبة الأكبر عند الفئة العمرية 21 -35 سنة، حيث بلغت حوالي 70% من أعداد المشاركين، لم تتجاوز نسبة المشاركات من الجنس اللطيف في الدراسة 6 %، في حين بلغت نسبة الذكور 94%. ونلمس بمقارنة هذه النسبة مع تلك التي رصدناها قبل عام ونصف والبالغة 4.2 %، زيادة طفيفة في مستوى التحاق النساء العرب بإنترنت، لكن هذه النسبة لا تزال منخفضة جداً، إذا قارناها بنسبة 46%، في الولايات المتحدة الأميركية، حالياً، ونسبة 32% على المستوى العالمي.
وأظهرت الدراسة ارتفاع المستوى التعليمي لمستخدمي إنترنت العرب. حيث يشكل الجامعيون نسبة 46%، والحاصلون على ماجستير ودكتوراه 16.5%، ومعاهد متوسطة 8%.

المصدر: جريدة الديار.

التعليقات (0)

اترك تعليق